إن من أعظم حقوق الله سبحانه على عباده تعظيمه وتعظيم أوليائه الصالحين فقد أوجب الله على عباده كثيراً من الحقوق والآداب التي ينبغي لهم أن يحفظوها وأن يلتزموا بها تجاه أولياء الله عليهم السلام وقد ذكر لنا الشرع الشريف تلك الآداب وعرفنا بتلك الحقوق
و هذه بعض الحقوق التي ذكرها الأئمة عليهم السلام للإمام الحجة الغائب ( عجل الله تعالى فرجه الشريف) والتي ينبغي لعامة الشيعة أن يحفظوها وأن يقوموا بها تجاهه:
1- وضع اليد على الراس والقيام عند ذكره:
الإمام الرضا (عليه السلام) حينما كان يستمع لقصيدة دعبل الخزاعي وذلك حينما أنشده قصيدته التائية وحينما وصل لهذا البيت:
خروج إمام لا محالة خارج يقوم على اسم الله والبركات
قام الإمام الرضا (عليه السلام) على قدميه وأطرق رأسه الشريف إلى الأرض ثم وضع يده اليمنى على رأسه وقال: (اللهم عجل فرجه وسهل مخرجه وانصرنا به نصراً عزيزاً)
2- عدم ذكره باسمه
داود بن القاسم الجعفري قال: سمعت أبا الحسن العسكري عليه السلام يقول: الخلف من بعدي الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت: ولم جعلني الله فداك؟ قال: إنكم لا ترون شخصه , ولا يحل لكم ذكره باسمه، فقلت: فكيف نذكره؟ فقال: قولوا: الحجة من آل محمد صلوات الله عليه وسلامه.
وعن علي بن محمد، عن أبي عبد الله الصالحي قال: سألني أصحابنا بعد مضي أبي محمد عليه السلام أن أسأل عن الاسم والمكان، فخرج الجواب: إن دللتهم على الاسم أذاعوه وإن عرفوا المكان دلوا عليه.
وعن الريان بن الصلت قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول - وسئل عن القائم - فقال: لا يرى جسمه، ولا يسمى اسمه.
وعن ابن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صاحب هذا الامر لا يسميه باسمه إلا كافر.
3- التوسل والاستغاثة به عجل الله تعالى فرجه
فعن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: (إذا نزلت بكم شديدة فاستعينوا بنا على الله عز وجل وهو قوله عز وجل ) ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (إذا حضرت أحدكم الحاجة فليصم يوم الأربعاء ويوم الخميس ويوم الجمعة، فإذا كان يوم الجمعة اغتسل ولبس ثوباً نظيفاً ثم يصعد إلى أعلى موضع في داره فيصلي ركعتين ثم يمد يده إلى السماء ويقول: اللهم إني حللت بساحتك... اللهم إني أتقرب إليك بنبيك... إلى أن قال (عليه السلام): وأتقرب إليك بالبقية الباقي المقيم بين أوليائه الذي رضيته لنفسك، الطيب الطاهر الفاضل الخير، نور الأرض وعمادها، ورجاء هذه الأمة وسيدها، الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر، الناصح الأمين، المؤدي عن النبيين، وخاتم الأوصياء النجباء الطاهرين، صلوات الله عليهم أجمعين...
ودعاء التوسّل بامام العصر عليه السلام هو: " اللهم انّي اسئلك بحقّ وليك وحجتك صاحب الزمان الّا اعنتني به على جميع أموري، وكفيتني به مؤنة كلّ مؤذ، وطاغ، وباغ، واعنتني به، فقد بلغ مجهودي، وكفيتني كلّ عدو، وهم، [ وغمّ ]، ودين، وولدي، وجميع أهلي، واخواني، ومن يعنيني أمره، وخاصّتي، آمين ربّ العالمين "
4- انتظار الفرج
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (أفضل العبادة انتظار الفرج)
وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً قال: (أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج)
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (من مات منكم وهو منتظرا لهذا الأمر كان كمن هو مع القائم في فسطاطه، ثم قال: لا بل كان كالضارب بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالسيف - وفي رواية أخرى كمن استشهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)-
عن الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: ) يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا قال: (اصبروا على أداء الفرائض وصابروا على أذية عدوكم ورابطوا إمامكم المنتظر)
وروى الشيخ النعماني في كتاب (الغيبة) عن العلاء بن سيابة، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام انّه قال:
" من مات منكم على هذا الأمر منتظراً كان كمن هو في الفسطاط الذي للقائم عليه السلام "
وروى أيضاً عن أبي بصير عنه عليه السلام انّه قال ذات يوم:
" ألا أخبركم بما لا يقبل الله عزوجل من العباد عملا إلّا به؟
فقلت: بلى.
فقال: شهادة أن لا إلـه الّا الله، وانّ محمداً عبده ورسوله، والاقرار بما أمر الله، والولاية لنا، والبراءة من أعدائنا ـ يعني الائمة خاصة ـ والتسليم لهم، والورع، والاجتهاد، والطمأنينة، والانتظار للقائم عليه السلام.
ثمّ قال: انّ لنا دولة يجيء الله بها إذا شاء.
ثمّ قال: مَنْ سرّه أن يكون من اصحاب القائم فلينتظر، وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر
من أدركه. فجدّوا وانتظروا، هنيئاً لكم ايّتها العصابة المرحومة "
5- الدعاء له
ومن ذلك الدعاء المعروف (اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى آبائه في هذه الساعة وفي كل ساعة ولياً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعينا حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طويلا)
عن يونس بن عبد الرحمن قال: أن الإمام الرضا (عليه السلام) كان يأمر بالدعاء لصاحب الأمر بهذا الدعاء: (اللهم ادفع عن وليك وخليفتك وحجتك على خلقك ولسانك المعبر عنك بإذنك الناطق بحكمتك وعينك الناظرة في بريتك وشاهدك على عبادك الجحجاح المجاهد العائذ بك العابد عندك،...الخ)
جاء في التوقيع الشريف للإمام المهدي (عليه السلام) الذي خرج على يد محمد بن عثمان العمري: (وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن ذلك فرجكم)
وروي عن الإمام الحسن العسكري (ع) أنّه قال:
«والله ليغيبنّ غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلاّ من ثبّته الله عز وجل على القول بإمامته ووفّقه للدعاء بتعجيل فرجه»
6- الدعاء بالثبات
فعن زرارة بن أعين أنه سأل الإمام الصادق (عليه السلام) عن زمان الغيبة حيث قال: (جعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أي شيء أعمل؟ قال (عليه السلام): يا زرارة إذا أدركت هذا الزمان فادع بهذا الدعاء (اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني)
وعن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يُرى ولا إمام هدى، ولا ينجو منها إلا من دعا بدعاء الغريق، قلت: كيف دعاء الغريق؟ قال: يقول (يا الله يا رحمان يا رحيم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)
6- البكاء على فراقه ومصيبته (ع):
فقد ورد في (كمال الدين) عن الصادق (ع) أنه قال:
«والله ليغيبنّ إمامكم سنيناً من دهركم، ولتمحصنّ حتى يقال: مات أو هلك، بأيّ واد سلك، ولتدمعنّ عليه عيون المؤمنين».
من ذلك ما نقله الصقر بن أبي دلف عن الإمام الجواد (عليه السلام) أنه قال: (إن الإمام بعدي ابني علي أمره أمري وقوله قولي وطاعته طاعتي، والإمام بعده ابنه الحسن أمره أمر أبيه وقوله قول أبيه وطاعته طاعة أبيه ثم سكت، فقلت له: يا بن رسول الله فمن الإمام بعد الحسن؟ فبكى (عليه السلام) بكاءً شديداً، ثم قال: إن من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر)
وروى عن سدير الصيرفي انّه قال:
دخلت أنا والمفضل بن عمر، وأبو بصير، وأبان بن تغلب على مولانا أبي عبد الله الصادق عليه السلام فرأيناه جالساً على التراب وعليه مسح خيبريّ مطوّق بلا جيب، مقصّر الكمّين، وهو يبكي بكاء الواله الثكلى، ذات الكبد الحرّى، قد نال الحزن من وجنتيه، وشاع التغيير في عارضيه، وأبلى الدّموع محجريه، وهو يقول: سيدي غيبتُكَ نفتْ رقادي، وضيّقت عليّ مهادي، وابتزّت منّي راحة فؤادي، سيدي غيبتك أوصلت مصابي بفجايع الأبد وفقد الواحد بعد الواحد يفنى الجمع والعدد، فما اُحسّ بدمعة ترقى من عيني وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرّزايا وسوالف البلايا الّا مثّل بعيني عن غوابر أعظمها وأفظعها، وبواقي أشدّها وأنكرها ونوائب مخلوطة بغضبك، ونوازل معجونة بسخطك.
قال سدير: فاستطارت عقولنا ولهاً، وتصدّعت قلوبنا جزعاً من ذلك الخطب الهائل، والحادث الغائل، وظننّا انّه سمت لمكروهة قارعة، أو حلّت به من الدّهر بائقة، فقلنا: لا أبكى الله يا ابن خير الورى عينيك، من أيّة حادثة تستنزف دمعتك وتستمطر عبرتك؟ وأيّة حالة حتمت عليك هذا المأتم؟
قال: فزفر الصادق عليه السلام زفرة انتفخ منها جوفه، واشتدّ عنها خوفه، وقال: ويلكم نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرّزايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الذي خصّ الله به محمداً والائمة من بعده عليهم السلام، وتأمّلت منه مولد قائمنا وغيبته وإبطائه وطول عمره وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان، وتولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته وارتداد أكثرهم عن دينهم، وخلعهم ربقة الاسلام من اعناقهم التي قال الله تقدّس ذكره: { وَكُلّ اِنْسَان اَلْزَمْنَاهُ طَائِرهُ فِى عُنُقِهِ } ـ يعني الولاية ـ فأخذتني الرقة، واستولت عليّ الأحزان...