عربي
Sunday 28th of April 2024
0
نفر 0

الفصل الثاني / فوائد وأضرار ضرب الأبناء

 الفصل الثاني / فوائد وأضرار ضرب الأبناء

تؤدي القسوة والتربية الصارمة تولد الكراهية للسلطة الأبوية، وكل ما يشبهها فيتخذ الطفل من الكبار موقفاً عدائياً قد يدفعه إلی الجنوح، وقد يستسلم الطفل ويستكين للقسوة ويطيع، ولكنها طاعة مشوبة بالحقد والنقمة، ولعله يتحين الفرصة لارتكاب العمل المحظور انتقاماً لنفسه، وهذا ما دل عليه قول النبي (ص): "يا علي، لعن الله والدين حملا ولدهما علی عقوقهما".

بقلم: قاسم خزعل الخزعل

الفصل الثاني / فوائد وأضرار ضرب الأبناء

لا يخلو أي فعل من وجود الفوائد والأضرار، الإيجابيات والسلبيات، ونحن هنا نسلط الضوء علی إيجابيات الضرب المبرح وسلبياته وأضراره بل عموم الضرب.

فوائد الضرب المبرح

لا يمكن لنا أن نقول بأن الضرب المبرح ليس له أية فائدة أصلاً؛ لأن الوجدان يشهد بكذبه ولكن ما هي هذه الفوائد؟

يمكن لنا أن نقسم الفوائد من الضرب إلی قسمين:

الأول: فوائد الضرب الذاتية

إن أهم فائدة للضرب بل لم أجد غيرها وهي تأديب الابن وردعه عن ارتكاب السلوك السيء، ولكن هذه الفائدة تكون فقط في الضرب المتعقل لا المبرح كما سيبين في الأضرار، بل إذا لم يكن هناك سبيل لم يبذله المربي في تأديب الابن وردعه.

الثاني: الفوائد المختلقة

1-إثبات الشخصية

يزعم كثير من الآباء والمربين أنه إذا لم يستخدم أسلوب الضرب والشدة فإن هيبته وشخصيته لن تكون محترمة عند الأبناء.

2- لا يوجد بديل

إذا فقدت البدائل فكيف يمكن لنا تأديب أبنائنا؟ ليس إلا الضرب هو المفيد والحل الوحيد من أجل تربية الأبناء المشاغبين والمشاكسين، ولكل شخص فائدة بحسب ما يراه ولا يمكن لنا في هذا المختصر إحصاؤها.

أضرار الضرب

والتي تتصور علی قسمين:

الأول: أضرار علی الفرد.

الثاني: أضرار علی المجتمع.

القسم الأول: أضرار علی الفرد

1-الخوف من المربين:

يشكل الضرب المبرح وغير التأديبي إلی حالة من الخوف الرهيب في نفوس الأبناء من آبائهم نتيجة الضعف الذي يشعرون به أمام المربين مما يؤدي إلی الجدارية بين الأبناء والآباء، والتي تؤدي إلی عدم السيطرة ومتابعة الأبناء؛ لأنه عندما يكون الجدار بينهما معناه أن المربين لا يرون الأبناء والعكس صحيح، أو متی وجد المربون فإن الأبناء يسارعون بالاختفاء عن نظرهم خوف المحاسبة وغيرها.

2- العقوق:

تؤدي القسوة والتربية الصارمة تولد الكراهية للسلطة الأبوية، وكل ما يشبهها فيتخذ الطفل من الكبار موقفاً عدائياً قد يدفعه إلی الجنوح، وقد يستسلم الطفل ويستكين للقسوة ويطيع، ولكنها طاعة مشوبة بالحقد والنقمة، ولعله يتحين الفرصة لارتكاب العمل المحظور انتقاماً لنفسه، وهذا ما دل عليه قول النبي (ص): "يا علي، لعن الله والدين حملا ولدهما علی عقوقهما".

3- الانحراف والضياع:

كل فرد يحب أن يكون محتوی من قبل والديه بل الأقرب إليهم من غيره، وللاحتواء أشكال عدة منها الكلمة الطيبة والفعل الحسن، ولذا تری كثيراً من الأبناء الذين يتعرضون للضرب من قبل آبائهم تكون علاقتهم ضعيفة؛ لأنهم يرون الضرب ليس احتواء، ومن المؤكد أن الأبناء يذهبون إلی من يحتويهم، فتارة يحتويهم الخيرون فبها ونعمت وتارة السيئون فيصبح الآبناء علی شاكلة من احتواهم.

4- إنسان عدائي:

عادة ما يلجأ الشخص للانتقام لأية إهانة أو جرح بنفس الطريقة إما لمن أهانه وجرحه، أو لمن هو أدنی منه كي يعوض النقص الذي يحس به، بل قد يزيد علی الإهانة أضعافاً مضاعفة وكأنه يلتذ.

5- العقد النفسية:

العقدة هي مجموعة من ذكريات وأحداث مكبوتة بسبب انفعالية قوية من الذعر أو الكراهية أو التربية القاسية الرعناء في عهد الطفولة، تلك التربية تخلق في نفس الفرد مشاعر بغيضة بالنقص والذنب.

ويذكر العلماء بأن أشد العقد خطورة وتمهيداً للاضطرابات الشخصية هي العقد التي تتكون في مرحلة الطفولة المبكرة خاصة صلة الطفل بوالديه.

ونحن نذكر بعض العقد النفسية مراعاة للاختصار:

أ.عقدة النقص:

يجب التمييز بين عقدة النقص وبين الشعور بالنقص.

فالشعور بالنقص حالة نفسية يدركها الفرد إدراكاً مباشراً ويعترف بها، وينشأ من نقص جسمي أو عقلي أو اجتماعي أو اقتصادي متوهم أو حقيقي، وهو شعور غير شاذ، بل قد يكون دافعاً قوياً للصغار علی محاكاة الكبار، كما قد يحفز الكبار علی إصلاح ما لديهم من نقص وعيوب.

وتبدو مظاهر هذا الشعور في خجل وخوف من المواقف الاجتماعية خاصة التي تتضمن المنافسة أو النقد.

وأما عقدة النقص فاستعداد لا يفطن الفرد إلی وجوده ونوعه ولا يعرف منشأه، بل يحمله علی عدم الاعتراف بنقصه بل يسوقه إلی أنواع من السلوك لا يفهم دلالتها، ولا يدرك الصلة بينها وبين شعوره الغامض الدفين بالنقص؛ كالميل الشديد إلی السيطرة والعدوان والاستعلاء، وغيرها من مظاهر التعويض المسرف.

ب. عقدة الذنب:

وهي استعداد لا شعوري يقسر الفرد علی القيام بمختلف الأعمال لإيذاء النفس وعقابها، أو إذلالها والتنقيص من شأنها؛ للتكفير عن ذنوب يتوهم أنه ارتكابها.

وتنشأ هذه العقدة من أيام الطفولة المبكرة من جراء تربية تسرف في لوم الطفل وتأنيبه وعقابه، وإشعاره بالذنب من كل ما يفعل، وهذا دارج عادة عندما يريد الطفل أن يقوم بعمل ما تری من هم حوله إما يصرخون عليه بأن لا تفعل هذا لأنه عيب وحرام وغيرها من العبارات، أو تهويل أخطائه، وتقليل حسناته مما يؤدي إلی تضخيم الضمير من ذلك، والضمير هو السلطة النفسية التي تنقذنا وتعاقبنا إن انحرافنا.

ج. الانطوائية:

حالت نفسية وحدانية تجعل الإنسان يأنس بالجلوس لوحده بعيداً عن الآخرين إما خوف من اللوم والعتاب أو الخطأ أمامهم، وهذه توجد نتيجة لتربية خاطئة من خلال القسوة علی الابن في أيام طفولته مما تجعله يهاب من المواجهة والانخراط في الأوساط الاجتماعية، وهذه تجعل منه إنساناً غير قيادي في أي مجال يوضع فيه؛ لأنه متردد في تصرفاته بشكل عجيب، بل لا يتخذ قرار من دون مساعدة الغير؛ لأنه يخاف من العواقب، خصوصاً إذا كان هذا الأمر له سابقة سيئة معه.

القسم الثاني: أضرار علی المجتمع

سنذكر أبرز الأضرار علی المجتمع الناتجة عن الضرب لا كلها رعاية للاختصار:

1-إضافة خلية فاسدة في المجتمع:

إذا وصل الابن إلی مرحلة الانحراف والضياع فمعنی ذلك إضافة خلية فاسدة قد ولدت جديداً في المجتمع، فكلما زادت ظاهرة الضرب زادة لدينا الخلايا الفاسدة في المجتمع إلی درجة يصل مجتمعنا بأكمله فاسد.

2- الجناية علی أفراد آخرين:

من المؤكد أن من يعيش الانحطاط والدونية لا يريد أن يكون لوحده، فيبذل قصاری؛ جهده لكي يجر الآخرين لما هو فيه وبالخصوص الأفراد الذين لا حول ولا قوة لهم، أو كما نقول: بسطاء أو سذج فإنهم عندها سيكونون لقمة سائغة لأنيابه المملوءة بالكراهية والحقد.

3- مجتمع يفقد لغة الحوار:

تقدم في أسباب ضرب الآباء للأبناء في سبب أرث الآباء الذي كان يمنع لغة الحوار مع الأبناء، وعدم مشاركتهم في بعض الأمور وبالخصوص إذا كان الابن طفلاً، هذا كله يولد عند الابن شعور بالنقص والضعف، في حين أنه يری تصرف والده نابع من القوة والكمال، فلذا ما أن يستلزم زمام الأمر تراه يطبق أسلوب والده، وهذا غالباً ما ندركه إذا ما سافر الأب وجعل ابنه ولي علی الأسرة، وأنه هو رجل البيت، ولابد أن يكون في البيت من يضبطه حتی في غياب الأب، عندها تقع الكارثة؛ لأن الابن يريد أن يعوض نقصه وضعفه ويشتد الأمر إذا ما كانت الأم تهان أو تضرب من قبل الأب أمام أبنائها.

4- تخلف المجتمع:

من الطبيعي إذا فقد المجتمع لغة الحوار مع الآخرين، فإنه لن يستفيد من خبرات وتجارب ونصائح الآخرين، وعليه سيبقی مكانه ولن يتحرك، هذا إذا ما رجع إلی الخلف بسبب النزاعات وفرض الرأي علی الأطراف الأخری ومن هنا نعرف مدی قول أمير المؤمنين (ع): "من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها"، بل إذا شاورت الابن والأهل أعطيته إحساس بقيمته عندك فيجلك أكثر مما كان.

 


source : www.abna.ir
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

فيما يعمل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس
حج في احادیث الامام الخامنئي
أصحاب الجمل
الارض في القرآن
من علي إلى معاوية بن صخر
ضریبة الخمس
محاصرة الحسين (عليه السلام) في كربلاء
ألقاب الإمام الرضا عليه السلام
وقال الحافظ بن حجر العسقلاني
وحدة الامة الإسلامية في سنة الرسول الاعظم

 
user comment