عربي
Friday 22nd of November 2024
0
نفر 0

الهجوم على دار فاطمة الزهراء ( عليها السلام )

الهجوم على دار فاطمة الزهراء ( عليها السلام )

رفض الإمام علي ( عليه السلام ) البيعة لأبي بكر ، و أعلن سخطه على النظام الحاكم ، ليتّضح للعالم أنّ هذه الحكومة التي أعرض عنها الرجل الأوّل في الإسلام بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لا تمثّل الخلافة الواقعية لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، و كذلك فعلت الزهراء فاطمة ( عليها السلام ) ليعلم الناس ، أنّ ابنة نبيّهم ساخطة عليهم ، و هي تدينها فلا شرعية لهذا الحكم .

و بدأ الإمام علي ( عليه السلام ) من جانب آخر جهاداً سلبياً ضد الغاصبين للحقّ الشرعي ، و وقف مع الإمام علي ( عليه السلام ) عدد من أجلاّء الصحابة من المهاجرين و الأنصار و خيارهم ، و ممّن أشاد النبي ( صلى الله عليه وآله ) بفضلهم ، مع إدراكهم لحقائق الأُمور مثل ، العباس بن عبد المطلب ، و عمار بن ياسر ، و أبي ذر الغفاري ، و سلمان الفارسي ، و المقداد بن الأسود ، و خزيمة ذي الشهادتين ، و عبادة بن الصامت ، و حذيفة بن اليمان ، و سهل بن حنيف ، و عثمان بن حنيف ، و أبي أيوب الأنصاري ، و غيرهم ، من الذين لم تستطع أن تسيطر عليهم الغوغائية ، و لم ترهبهم تهديدات الجماعة التي مسكت بزمام الخلافة ، و في مقدّمتهم عمر بن الخطّاب .

و قد قام عدد من الصحابة المعارضين لبيعة أبي بكر بالاحتجاج عليه ، و جرت عدّة محاورات عليه في مسجد النبي ( صلى الله عليه وآله ) و في أماكن عديدة ، و لم يهابوا من إرهاب السلطة ، ممّا ألهب مشاعر الكثيرين الذين أنجرفوا مع التيار ، فعاد إلى بعضهم رشده ، و ندموا على ما ظهر منهم من تسرّعهم ، و اندفاعهم لعقد البيعة بصورة ارتجالية لأبي بكر ، بالإضافة إلى ما ظهر منهم من العداء السافر تجاه أهل بيت النبوّة ( عليهم السلام ) .

و كانت هناك بعض العشائر المؤمنة المحيطة بالمدينة مثل ، أسد ، و فزارة ، و بني حنيفة و غيرهم ، ممّن شاهد بيعة يوم الغدير ، التي عقدها النبي ( صلى الله عليه وآله ) لعلي ( عليه السلام ) بإمرة المؤمنين من بعده ، و لم يطل بهم المقام، حتّى سمعوا بالتحاق النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى الرفيق الأعلى ، و البيعة لأبي بكر و تربّعه على منصّة الخلافة ، فاندهشوا لهذا الحادث ، و رفضوا البيعة لأبي بكر جملةً و تفصيلاً ، و امتنعوا عن أداء الزكاة للحكومة الجديدة باعتبارها غير شرعية ، حتّى ينجلي ضباب الموقف ، و كانوا على إسلامهم ، يقيمون الصلاة ، و يؤدّون جميع الشعائر .

ولكنّ السلطة الحاكمة ، رأت أنّ من مصلحتها ، أن تجعل حدّاً لمثل هؤلاء ، الذين يشكّلون خطراً للحكم القائم ، ما دامت معارضة الإمام علي ( عليه السلام ) و صحابته ، تمثّل خطراً داخلياً للدولة الإسلامية ، عند ذلك أحسّ أبو بكر و أنصاره بالخطر المحيط بهم ، و بحكمهم من خلال تصاعد المعارضة ، إن لم يبادروا فوراً إلى ايقاف هذا التيار المعارض ، و ذلك بإجبار رأس المعارضة ـ الإمام علي ( عليه السلام ) ـ على بيعة أبي بكر .

ذكر بعض المؤرّخين ، أنّ عمر بن الخطّاب أتى أبا بكر فقال له : ألا تأخذ هذا المتخلّف عنك بالبيعة ؟، يا هذا لم تصنع شيئاً ما لم يبايعك علي ! ، فابعث إليه حتّى يبايعك ، فبعث أبو بكر قنفذاً ، فقال قنفذ لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أجب خليفة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .

قال علي ( عليه السلام ) : ( لَسريع ما كذبتم على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ) ، فرجع فأبلغ الرسالة ، فبكى أبو بكر ، فقال عمر ثانيةً : لا تمهل هذا المتخلّف عنك بالبيعة ، فقال أبو بكر لقنفذ : عُد إليه ، فقل له : خليفة رسول الله يدعوك لتبايع ، فجاءهُ قنفذ ، فأدّى ما أمر به .

فرفع علي ( عليه السلام ) صوته ، و قال : ( سبحان الله ! لقد إدّعى ما ليس له ) ، فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة ، فبكى أبو بكر ، فقال عمر : قم إلى الرجل ، فقام أبو بكر و عمر وع ثمان و خالد بن الوليد و المغيرة بن شعبة و أبو عبيدة بن الجرّاح و سالم مولى أبي حذيفة .

و ظنّت فاطمة ( عليها السلام ) ، أنّه لا يدخل بيتها أحدٌ إلاّ بإذنها ، فلمّا أتوا باب فاطمة ( عليها السلام ) ، و دقّوا الباب ، و سمعت أصواتهم ، نادت بأعلى صوتها : ( يا أبتِ يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب و ابن أبي قحافة ، لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم ، تركتم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) جنازة بأيدينا ، و قطعتم أمركم بينكم ، لم تستأمرونا ، و لم تردّوا لنا حقّاً ) .

فلمّا سمع القوم صوتها و بكاءها انصرفوا باكين ، و كادت قلوبهم تتصدّع ، و أكبادهم تنفطر ، و بقي عمر و معه قوم ، و دعا عمر بالحطب ، و نادى بأعلى صوته : و الذي نفس عمر بيده ، لتخرجنَّ أو لأحرقنّها على من فيها ، فقيل له : يا أبا حفص ، إنّ فيها فاطمة ، فقال : و إن .

فوقفت فاطمة ( عليها السلام ) خلف الباب، و خاطبت القوم : ( ويحك يا عمر ، ما هذه الجرأة على الله و على رسوله ؟ ، تريد أن تقطع نسله من الدنيا ، و تفنيه ، و تطفئ نور الله ؟ ، و الله متّم نوره ) .

فركل عمر الباب برجله ، فاختبأت فاطمة ( عليها السلام ) بين الباب و الحائط رعاية للحجاب ، فدخل القوم إلى داخل الدار ، ممّا سبّب عصرها ( عليها السلام ) ، و كان ذلك سبباً في إسقاط جنينها محسن .

و تواثبوا على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، و هو جالس على فراشه ، و اجتمعوا عليه حتّى أخرجوه ملبّباً بثوبه ، يجرّونه إلى السقيفة ، فحالت فاطمة ( عليها السلام ) بينهم و بين بعلها ، و قالت : ( و الله لا أدعكم ، تجرّون ابن عمّي ظلماً ، و يلكم ما أسرع ما خُنتم الله و رسوله فينا أهل البيت ، و قد أوصاكم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) باتّباعنا و مودّتنا و التمسّك بنا ) ، فأمر عمر قنفذاً بضربها ، فضربها قنفذ بالسوط ، فصار بعضدها مثل الدملج .

فأخرجوا الإمام ( عليه السلام ) ، يسحبونه إلى السقيفة ، حيث مجلس أبي بكر ، و هو ينظر يميناً و شمالاً ، و ينادي : ( وا حمزتاه ، ولا حمزة لي اليوم ، وا جعفراه ، ولا جعفر لي اليوم ) !! ، و قد مرّوا به على قبر أخيه ، و ابن عمّه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فنادى : ( يا ابن أُم ، إنّ القوم استضعفوني ، و كادوا يقتلونني ) .

و روي عن عدي بن حاتم أنّه قال : ( و الله ما رحمت أحداً قطّ رحمتي علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، حين أُتي به ملبّباً بثوبه ، يقودونه إلى أبي بكر ، و قالوا له : بايع ! ، قال : ( فإن لم أفعل فَمَه ) ؟ ، قال له عمر : إذاً و الله أضرب عنقك ، قال علي ( عليه السلام ) : ( إذاً والله تقتلون عبد الله وأخا رسوله ) .

فقال عمر : أمّا عبد الله فنعم ، و أمّا أخو رسول الله فلا ، فقال : ( أتجحدون أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) آخى بيني و بينه ) ؟! ، و جرى حوار شديد بين الإمام ( عليه السلام ) و بين الحزب الحاكم .

و عند ذلك وصلت السيّدة فاطمة ( عليها السلام ) ريال و قد أخذت بيد ولديها الحسن و الحسين ( عليهما السلام ) ، و ما بقيت هاشمية إلاّ و خرجت معها ، يصحن و يوَلوِلن ، فقالت فاطمة ( عليها السلام ) : ( خلّوا عن ابن عمّي !! ، خلّوا عن علي !! و الله لأكشفن رأسي ، و لأضعنّ قميص أبي على رأسي ، و لأدعوَنَّ عليكم ، فما ناقة صالح بأكرم على الله منّي ، و لا فصيلها بأكرم على الله من ولدي ) .

و جاء في رواية العياشي أنّها قالت : ( يا أبا بكر ، أتريد أن ترملني عن زوجي ، و تيتّم أولادي ؟ ، و الله لئن لم تكفّ عنه لأنشرنّ شعري ، و لأشقّنّ جيبي ، و لآتينَّ قبر أبي ، و لأصرخنَّ إلى ربّي ) ، فأخذت بيد الحسن و الحسين تريد قبر أبيها ، عند ذلك تصايح الناس من هنا و هناك بأبي بكر : ما تريد إلى هذا ؟ ، أتريد أن تنزل العذاب على هذه الأُمّة ؟

و راحت الزهراء ( عليها السلام ) ، و هي تستقبل المثوى الطاهر لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، تستنجد بهذا الغائب الحاضر : ( يا أبتِ يا رسول الله ! ( صلى الله عليه وآله ) ، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب و ابن أبي قحافة ) ؟، فما تركت كلمتها إلاّ قلوباً صدعها الحزن و عيوناً جرت دمعاً .

 


source : www.tebyan.net
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

مفاتيح الجنان(1_200)
مفهوم الدعاء والتضرع الى الله
الإعجاز في ولادة الإمام المهدي (عج)
الإعجاز العلمی فی القرآن
هل المهديّ المنتظر هو المسيح عليهما السلام
أسرار الحج
العلم الحديث ونشاة الكون
بعض كنى وألقاب العباس بن علي عليه السلام
حِوار.. حول الصلاة
القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام )

 
user comment