عربي
Thursday 21st of November 2024
0
نفر 0

الإعجاز في ولادة الإمام المهدي (عج)

الإعجاز في ولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه الشريف)(*) لا ريب أنّ الإعجاز لم يكن هو الطريق الطبيعي لتحقيق ما يريده الله تعالى ، وإنما هو سبيل وطريق يختاره الله تعالى في حالة تعذّر الوسائل والطرق الطبيعية . فالحكمة الإلهية اقتضت أن تسير الاُمور على ما هي عليه إلاّ في بعضها ؛ فإثبات النبي نبوته للناس مثلاً , حيث لا يمكن بالطرق الطبيعية ؛ كإخبارهم بأنه نبي مبعوث ونحوه ، فلا يمكن إث
الإعجاز في ولادة الإمام المهدي (عج)



الإعجاز في ولادة الإمام المهدي

(عجّل الله فرجه الشريف)(*)

 

لا ريب أنّ الإعجاز لم يكن هو الطريق الطبيعي لتحقيق ما يريده الله تعالى ، وإنما هو سبيل وطريق يختاره الله تعالى في حالة تعذّر الوسائل والطرق الطبيعية . فالحكمة الإلهية اقتضت أن تسير الاُمور على ما هي عليه إلاّ في بعضها ؛ فإثبات النبي نبوته للناس مثلاً , حيث لا يمكن بالطرق الطبيعية ؛ كإخبارهم بأنه نبي مبعوث ونحوه ، فلا يمكن إثبات نبوته إلاّ عن طريق المعجزة التي لا يمكن التشكيك فيها أبداً إلاّ عناداً واستكباراً ؛ لأنها خارجة عن قدراتهم العادية , فيضطرون إلى التصديق بها .

إذاً قانون المعجزة يأتي في الحالات التي يعجز القانون الطبيعي ـ الأسباب والمسببات الطبيعية ـ من تحقيق ما يريده الله تعالى .

يستفاد من الروايات الواردة بشأن كيفية ولادة الإمام المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه) أنّ والده الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام) اتخذ إجراءات أمنية دقيقة لأجل إخفاء ولادته ؛ فقد ذكرت الروايات أنه طلب من عمّته السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد أن تبقى في داره ليلة الخامس عشر من شعبان , وأخبرها بأنه سيولد فيها ابنه وحجّة الله في أرضه ، فسألته عن اُمّه فأخبرها أنها نرجس .

فذهبت إليها وفحصتها فلم تجد فيها أثراً للحمل ، فعادت للإمام (عليه السّلام) فأخبرته ، فابتسم وبيّن لها أنّ مَثَلَها كمثل اُمِّ موسى لم يظهر بها الحمل ، ولم يعلم بها أحد إلى وقت ولادتها ؛ لأنّ فرعون كان يشقّ بطون الحبالى خشية من ظهور موسى المبشّر به . وهذا الأمر جرى مع الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) .

وحينما صار وقت طلوع الفجر وثَبَتْ نرجس من نومها فزعة ، فضمّتها حكيمة إلى صدرها ، وقالت لها : اسم الله عليك ، هل تحسين بشيء ؟ قالت : نعم يا عمة . وهنا أمر الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام) حكيمة بأن تقرأ عليها سورة الدخان التي تبدأ بقوله تعالى : (حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) .

وحينما حان وقت الولادة حدث نوع من الانفصال بين المرأتين ؛ بحيث لا تطّلع حكيمة على نرجس ، وقد عبّر عن ذلك في بعض الروايات بالفترة ؛ وهي نوع من الغفلة أو النعاس أصابتهما معاً , وعبّرت عنه حكيمة بقولها : حتّى غُيّبت عنّي نرجس فلم أرها , كأنه ضرب بيني وبينها حجاب .

والغرض منه عدم الاطلاع على نرجس حين ولادة الإمام (عليه السّلام) .

فرجعت حكيمة مسرعة إلى الإمام العسكري (عليه السّلام) وهي صارخة , فبادرها الإمام (عليه السّلام) بقوله : (( ارجعي يا عمّة ؛ فإنك ستجدينها في مكانها )) .

قالت : فرجعت فلم ألبث أن كشف الحجاب بيني وبينها , وإذا أنا بها , وعليها أثر من النور ما غشي بصري , وإذا أنا بالصبي ساجداً على وجهه ، جاثياً على ركبتيه ، رافعاً سبّابتيه نحو السماء وهو يقول : (( أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له , وأنّ جدّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) , وأنّ أبي أمير المؤمنين ... )) , ثم عدّ إماماً إماماً إلى أن بلغ إلى نفسه ، فقال : (( اللهم أنجز لي وعدي , وأتمم لي أمري , وثبّت وطأتي , واملأ الأرض بي عدلاً وقسطاً )) .

 

الأسباب في خفاء الولادة

لأجل الوقوف على الأسباب الأساسيّة في خرق القانون الطبيعي وسلك قانون المعجزة في ولادة الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) يتوقّف على بيان مقدّمة , وحاصلها :

إنّ الله تعالى خلق البشرية لغاية وهدف ؛ الهدف هو الوصول بالإنسان إلى التكامل , ووعد بأن تكون الهداية من خلال إخراجه من الظلمات إلى النور . وهذا الإخراج التام والكامل سوف يتحقّق في ظل دولة الحقّ التي يقام فيها العدل والقسط في كلِّ أرجاء المعمورة حتّى يتمكّن الإنسان من أداء عبادته على أكمل وجه , وعندئذ تتم له المعرفة , وبها يصل إلى كماله المطلوب منه كما قال تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) . وقال : (وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإنِسَ إلا لِيَعْبُدُونِ) .

 اللهمَّ كن لوليك الحجة ابن الحسن , صلواتك عليه وعلى آبائه , في هذه الساعة وفي كل ساعة , ولياً وحافظاً , وناصراً ودليلاً وعيناً حتّى تسكنه أرضك طوعاً , وتمتعه فيها طويلاً

 (*) تجدر الإشارة إلى أنّ هذا المقال قد اُخذ من منتدى الخالدون ـ بتصرّف من موقع معهد الإمامين الحسنين (عليهما السّلام)

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

عشق الشهادة في سبيل الله في حياة الإمام علي (ع)
آداب العبادة العامة
الاسراف فی العطاء عند الحصاد
نسختان من القرآن عند علي عليه السلام
السيدة أم كلثوم بنت الإمام علي عليهما السلام
كيف تقضي وقتك في المدينة المنورة
أهـل البيت (عليهم السلام) العصمـة من الضـلالة
مِن معاجز الإمام الحسن العسكري عليه السّلام
حركة الموت والحياة عند الأمة من منظور قرآني
ظلامات فاطمة الزهراء عليها السلام

 
user comment