من محاضرات: سماحة آیة الله الشیخ مجتبی الطهراني
ترجمة: الأستاذ علي فاضل السعدي
علائم المرتبطين بالمعصومين(ع) (القسم الاول)
إن لكل خصلة علائم إن أُحرزت أمكن التعرُّف على تلك الخصلة لدى الفرد. وهذه العلائم قد تكون نتائج حادثة عن هذه الخصلة، وقد تكون أموراً لها دور في ظهور هذه الخصلة. ولا يختلف الأمر بالنسبة للارتباط بالمعصومين (عليهم السلام) فهناك آثار إن شوهدت أمكن التعرف عليها ومن هنا فإن الارتباط وباعتبارات مختلفة يمتاز بأنواع وأشكال متعددة فكل نوع أو شكل تتأتى له نتيجة أو نتائج، وفي هذا القسم سنشير فقط إلى آثار بعض أقسامه.
لقد مرّ أنّ الارتباط بالمعصومين (عليهم السلام) له مرتبتان "المحبة" و"التشيّع" ومرتبة التشيع تفوق كثيرا مرتبة "المحبة"؛ لذلك فعلائم "المحبة" تكون موجودة في التشيّع"؛ فأي فضيلة وخصوصية إيجابية توجد في محبّة المعصومين (عليهم السلام)، فلابّد أن تكون موجودة لدى شيعتهم (عليهم السلام)؛ لكن الكثير من خصائص الشيعي لا تجدها عند "المحبّ".
علائم التشيّع
ينبغي الإشارة هنا إلى بعض علائم شيعة المعصومين (عليهم السلام). فمن الطبيعي إنّ بعض هذه الخصائص لا تكون منحصرة بالشيعة وقد تجدها عند غير الشيعة أيضا؛ وسنتناولها هنا لأنّ ذكرها ذا فائدةٍ لضرورة أن يتصف بها شيعة أهل البيت (عليهم السلام)، فالتطرق لهذا النوع من الارتباط يكون لمناسبة أن التشيّع هو أعلى ارتباط يمكن أن يقيمه الإنسان بالأئمة المعصومين (عليهم السلام)، هذا رغم أنّ الوصول إلى هذه المرتبة الرفيعة من الارتباط هي من أصعب الأمور، ولذا تجد أن الشيعة الصادقين لا يمثلون إلّا أقلية بحيث لا يمكنك أن تجدهم إلّا بعد أن تتحمل عناء البحث في البلدان.
فقد ورد أن بعض أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) قال للإمام (عليه السلام): يا سيدي ما أكثر شيعتكم؟ فقال له (عليه السلام): اذكرهم فقال: كثير، فقال: تحصيهم؟ فقال: هم أكثر من ذلك، عند ذلك بدا الإمام يذكر خصالهم فقال الرجل: جعلت فداك فأين أطلب هؤلاء الموصوفين بهذه الصفة؟ فقال: اطلبهم في أطراف الأرض أولئك الخشن عيشهم، المنتقلة دارهم، الذين إن شهدوا لم يعرفوا وإن غابوا لم يفتقدوا"(1).
إن تشريد الشيعة وتواريهم عن الأنظار خوفا من حكّام الجور وأذى الجهّال إنّما يكمن في ما لهم من مقام ومرتبة؛ فلكي نجدهم لابدّ أن نبحث عن علائمهم ومنها:
1ـ معرفة الله والعلم بمعارف دينه
إنّ معرفة الله ووعي دينه من أهم علائم الشيعي الأصيل، لأنّه ومن دون هذين العنصرين لا يمكن إتباع أولياء الله. فالشيعي هو العارف بأحكام الله وشريعته، وحينما يجهل شيئاً تجده سائلاً ومستفسراً عمّا يجهله من أئمة دينه؛ كما أشار الله لذلك في محكم كتابه. قال تعالى:
" فَاسْأَلُوا أهل الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"(2)
إن اهتمام الشيعي بهذا الوصية تدفعه إلى البحث للوصول إلى العلم والمعرفة بالله تعالى وبمعالم دينه. فشيعة المعصومين (عليهم السلام) ظمأى للسؤال والبحث عن الأجوبة ولا يقصّروا في تعلّم معارف دينهم. فقد ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) انّه قال:
لو وجدت شاباً من شبان الشيعة لا يتفقه لضربته ضربة بالسيف (عشرين سوطا)(3).
فالتهديد دليل على أهمية تعلّم الشيعي معالم دينه عند المعصوم (عليه السلام) وهذا الحثّ والتشجيع على تعلم معالم الدين هو من يجعل الشيعي إنسانا عارفاً بدينه؛ كما ورد عن نوف بن عبد الله البكالي قال: قلت لأمير المؤمنين (عليه السلام) صف لي شيعتك، فبكى لذكر شيعته وقال:
"يا نوف شيعتي والله الحلماء، العلماء بالله ودينه..."(4)
فما أكثر المحبين الذين يمنعهم جهلهم بدين الله من أن يسلكوا سلوكا يتطابق وما يريده تعالى ويصمموا على العمل خلافاً لإرادته؛ هذا في حين يسعى الشيعيّ في البحث عمّا يريد الله من أحكام ثم يصمم بعد ذلك ويعمل. فالهمّة هذه هي التي تصنع منه عارفاً إلهيا وعالما بمعالم الدين.
2- إطاعة الله والمعصومين (عليهم السلام)
إنّ لله أوامر ونواهي كثيرة أبلغها رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم). فقد أراد الله لعباده أن يطيعوه وأن يكونوا متّبعين للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وولاة الأمر المعصومين (عليهم السلام) حيث يقول:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ..."(5)
فمصطلح الشيعي الأصيل لا يطلق إلّا على من أطاع الله تعالى، كما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام):
إنّما شيعتنا من أطاع الله عزّ وجل(6)
فالشيعي الأصيل يرى أن إطاعة الله تكون من خلال إطاعة الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وأنّ العبد الحقيقي لله هو من يكون متّبعاً للمعصومين (عليهم السلام).
قال الإمام الصادق (عليه السلام):
"ليس من شيعتنا من قال بلسانه وخالفنا في أعمالنا وآثارنا، ولكن شيعتنا من وافقنا بلسانه وقلبه واتّبع آثارنا وعمل بأعمالنا أولئك شيعتنا".(7)
ويتضح من هذا إنّ المحبة القلبية والإدعاء باللسان لا يكفي لأن يكون الإنسان شيعياً أصيلاً بل يلزم العمل والطاعة. فالشيعي هو من يصدّق بقلبه ويحبّ المعصومين (عليهم السلام) ويكون اللسان الناطق لولايتهم (عليهم السلام) وتابعاً ومطيعاً لهم في سلوكه، كما أن من الضروري أن تكون هذه الطاعة وهذا الانقياد دائمياً، ولا يحدّ بمكان كما وان هذا الدوام والاستمرارية في الطاعة هو ما يميّز شيعة المعصومين (عليهم السلام) ومحبيهم (عليهم السلام) ؛ الأمر الذي نجده متجليا في جواب الإمام الحسن العسكري قائد الحرس [الوالي] في سامراء حيث سأل عن الفرق بين المحبّ وبين الشيعي فأجاب (عليه السلام):
الفرق أن شيعتنا هم الذين يتبعون آثارنا، ويطيعونا في جميع أوامرنا ونواهينا، فأولئك شيعتنا، فأما من خالفنا في كثير مما فرضه الله عليه فليسوا من شيعتنا.(8)
إن الشيعي الأصيل هو الذي لا يخالف أئمته في ما أوصوه ولا يرتكب ما لا يرتضوه، كما ورد عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنّه قال لجمع كانوا يطلقون على أنفسهم شيعة علي (عليه السلام):
ويحكم إنّما شيعته الحسن والحسين وأبو ذر وسلمان والمقداد وعمار ومحمد بن أبي بكر الذين لم يخالفوا شيئا من أوامره، ولم يركبوا شيئا من فنون زواجره، فأما أنتم إذا قلتم إنكم شيعته، وأنتم في أكثر أعمالكم له مخالفون مقصرون في كثير من الفرائض، متهاونون بعظيم حقوق إخوانكم في الله، وتتقون حيث لا يجب التقية، وتتركون التقية حيث لابد من التقية، فلو قلتم إنّكم موالوه ومحبوه، والموالون لأوليائه، والمعادون لأعدائه، لم أنكره من قولكم ولكن هذه مرتبة شريفة ادّعيتموها إن لم تصدقوا قولكم بفعلكم هلكتم إلّا أن تتدارككم رحمة من ربكم. (9)
3ـ طهارة النفس من الغلّ والغش والانحراف
ليس شيعة المعصومين (عليهم السلام) من هو مطيع لهم ومتّبع إياهم وحسب بل لابُدّ وأن يكون ممن له قلب سليم من الغل. فقلب شيعة المعصومين (عليهم السلام) طاهر من كل دنس. فحين تتعمق محبة المعصومين (عليهم السلام) بشكل يملأ لبّ المحبّ، فإنّ الغلّ والخداع والخيانة والفساد والمباهاة ستزول من قلبه فشيعة المعصومين (عليهم السلام) من كان قلبه سليما فقد ورد أن رجلا قال للحسين بن علي (عليه السلام): يا ابن رسول الله أنا من شيعتكم، قال: اتق الله ولا تدعين شيئا يقول الله لك كذبت وفجرت في دعواك، إن شيعتنا من سلمت قلوبهم من كل غش وغل ودغل، ولكن قل أنا من مواليكم ومحبيكم...(10)
وورد أيضاً أنّ رجلاً ادّعى أنّه من خالص شيعته فقال الإمام (عليه السلام):
يا عبد الله فإذاً أنت كإبراهيم الخليل (عليه السلام) الذي قال الله "وإن من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم"(11) فان كان قلبك كقلبه فأنت من شيعتنا، وإن لم يكن قلبك كقلبه وهو طاهر من الغش والغل، فأنت من محبينا وإلّا فانك إن عرفت أنك بقولك كاذب فيه، إنه لمبتلى بفالج لا يفارقك إلى الموت أو جذام ليكون كفارة لكذبك هذا... (12)
4ـ المحافظة على الصلاة في أوّل وقتها وأداء نوافلها والتهجد والذكر
يهتم شيعة الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وتبعا لأئمتهم بشكل كبير بالعبادة. فيؤدّوا صلواتهم اليومية في أوّل وقت فضيلتها ولا يتهاونوا في أداء العبادات. فحينما يكون الأئمة المعصومين سبّاقين لعبادة الله تعالى فإنّ إتباعهم الحقيقي يجعل المرء من أهل العبادة والابتهال فإن لم يكن كذلك فعليه أن يعيد النظر في زعمه أنه شيعياً. يقول الإمام الصادق (عليه السلام):
امتحنوا شيعتنا عند مواقيت الصلوات كيف محافظتهم عليها؟...(13)
إنّ كلام الإمام يستبطن ميزانا مهما لاختبار أدعياء التشيع. إنّ أدعياء التشيع الصادقين هم من يهتموا ويتحسّسوا بشكل كبير وكأئمتهم بأداء الصلاة في وقت فضيلتها ويأبون أن تكون صلاتهم خارج هذا الوقت. فهؤلاء يقدّمون الصلاة على أمورهم الدنيويّة ولا يؤخروا صلاتهم إلا إذا اقتضت الضرورات الإلهية كما يقول تعالى:
"رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ...(14)
فالشيعي الأصيل يراقب نفسه في أداء صلاته حتى في الظروف الصعبة؛ لأنّه تعلم من أئمته الحفاظ على الصلاة حتى في أحلك الظروف كالحرب والجهاد. فقد روي عن عقيل الخزاعي أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان إذا حضر الحرب يوصي المسلمين بكلمات فيقول:
تعاهدوا الصلاة وحافظوا عليها واستكثروا منها وتقربوا بها فإنها "كانت على المؤمنين كتابا موقوتا (15)وقد علم ذلك الكفار حين سئلوا "ما سلككم في سقر؟ قالوا: لم نك من المصلين"(16). وقد عرف حقها من طرقها وأكرم بها من المؤمنين الذين لا يشغلهم عنها زين متاع ولا قرّة عين من مال ولا ولد يقول الله عزّ وجل: "رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلوة"(17)
إن هذه التربية هي التي دعت أبا ثمامة الصيداوي في أن يخاطب الإمام الحسين (عليه السلام) في خضمّ الحرب يوم عاشوراء ليقول له (عليه السلام):
يا أبا عبد الله نفسي لنفسك الفداء هؤلاء اقتربوا منك، ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك وأحبّ أن ألقى الله ربي وقد صليت هذه الصلاة، فرفع الحسين رأسه إلى السماء وقال: ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين، نعم هذا أول وقتها...(18)
إن شيعة الأئمة المعصومين (عليهم السلام) لا يكتفون فقط بالصلوات اليومية؛ بل يكون حالهم بدرجة من الحبّ له بحيث يعشقوا الابتهال إليه وعبادته. فالشيعة من المواظبين على النوافل. يقول الإمام الصادق (عليه السلام):
شيعتنا أهل... العبادة، أصحاب الإحدى وخمسين ركعة في اليوم والليلة القائمون بالليل...(19)
فكلمة "أهل" تحكي بشكل جيد عن استمرار العبادة المذكورة سلفا في الرواية الأمر الذي يصل إلى مستوى تكون هذه الحالة أمرا طبيعيّا بالنسبة إليهم فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام):
أن أصحاب علي (عليه السلام) كانوا... سهّار الّليل. (20)
فاستخدام عبارة "سهّار" الدالة على المبالغة تظهر أن شيعة علي (عليه السلام) كانوا يقضون وقتهم بالعبادة في أغلب الليالي. وقد عرّف الإمام الباقر (عليه السلام) الشيعة لميسّر بما يلي:
إنهم (شيعتنا) رهبان بالليل(21)
فأثر العبادة واضح على ملامح الشيعة؛ فسيماهم يدلّ على سهرهم الليل بشكل دائم. وفي ذلك يقول الإمام الصادق (عليه السلام):
كان علي بن الحسين (عليه السلام) قاعدا في بيته إذ قرع قوم عليهم الباب فقال: يا جارية انظري من بالباب؟ فقالوا: قوم من شيعتك، فوثب عجلا حتى كاد أن يقع فلما فتح الباب ونظر إليهم رجع فقال: كذبوا فأين السمت في الوجوه؟ أين أثر العبادة؟ أين سيماء السجود؟ إنّما شيعتنا يعرفون بعبادتهم وشعثهم، قد قرحت العبادة منهم الأناف، ودثرت الجباه والمساجد خمص البطون، ذبل الشفاه، قد هيجت العبادة وجوههم، وأخلق سهر الليالي وقطع الهواجر جثثهم، المسبّحون إذا سكت الناس، والمصلون إذا نام الناس...(22)
وروي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) خرج ذات ليلة من المسجد_ وكانت ليلة قمراء_ فأم الجبانة، ولحقه جماعة يقفون أثره فوقف عليهم، ثم قال: من أنتم؟ قالوا: شيعتك يا أمير المؤمنين، فتفرس في وجوههم، ثم قال: فمالي لا أرى عليكم سيماء الشيعة؟! قالوا: وما سيماء الشيعة يا أمير المؤمنين؟! قال: صفر الوجوه من السهر، عمش العيون من البكاء، حدب الظهور من القيام، خمص البطون من الصيام، ذبل الشفاه من الدعاء...(23)
5ـ الزهد والقناعة والصيام
إن شيعة المعصومين (عليهم السلام) لم يعقدوا قلوبهم على أتباع الدنيا ولم يأخذوا منها إلّا لتحصيل الضرورات فهم قد منحوا قلوبهم للحقائق المتعالية وانقطعوا عن الدنيا. فمتاعهم من المطعم والملبس الزهيد، ويقنعون بالأقلّ من مستلزمات الحياة. فمساكنهم بسيطة. فعن الإمام الصادق (عليه السلام):
شيعتنا... أهل الزهد...(24)
فالدنيا تقبل إليهم فيما هم معرضون عنها؛ لأنهم لم يوطّنوا في قلوبهم آمالها ولذلك فالزهد لا ينفصل عنهم. يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصف الشيعة:
شيعتي... أحلاس زهادة... والرهبانية في سمتهم... وحوائجهم خفيفة، أنفسهم منهم في عناء(25)
فانزواء الشيعة عن الدنيا، يمثل امتداداً لزهد أئمتهم وخصوصاً أمير المؤمنين علي (عليه السلام) والذي كان بحقّ أزهد الناس ولم يكن له مثيل في الزهد؛ فرغم تسنّمه أعلى المناصب الدنيوية إلّا أنّ طعامه لم يتجاوز القرصين وملبسه الطمرين؛ وقد ذكر هذا لعثمان بن حنيف حين نصّبه على ولاية البصرة قائلاً:
ألا وإنّ لكل مأموم إماما يقتدى به ويستضئ بنور علمه، ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه.(26)
فقد وصف شيعته بقوله:
خمص البطون من الصيام(27)
وقد عرّفهم الإمام الصادق (عليه السلام):
شيعتنا... الصائمون بالنهار(28)
"إنّ خلو البطن من الطعام للصيام" و"صيام النهار" يمثل سلوكاً شيعياً ؛ بمعنى أن صيامهم لا ينحصر في شهر رمضان المبارك وبعض الأوقات الخاصّة؛ كما يتصف بهذا أغلب المسلمين؛ يعنى أنّهم يصومون في شهر رمضان وفي بعض الأيّام الخاصة؛ هذا في حين أنّ الصيام المذكور في الروايات هو من خصائص الشيعة الحقيقيين وذلك بمعنى أنّ الشيعة خمص البطون بسبب صيامهم المتتالي والكثير، وهذا يحكي عن شدّة ابتعادهم عن الدنيا.
فهذا الصيام وهذه العبادة الكثيرة هو ما يجعلهم نحيفي الأجساد ومصفرّي الألوان؛ كما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في وصفه الشيعة:
شيعتنا الشاحبون الذابلون الناحلون الذين إذا جنّهم الليل استقبلوه بحزن(29)
6ـ الشموخ والمودة
إن كلّ من يكون زاهداً في الدنيا وقانعا بها، سيكون شامخا وعزيزاً عند حدوث الهفوات المادية، فالشيعي الأصيل الذي يودّ الاتصاف بهذه المواصفات لا ينصاع للمذلة، ولا ينحني للآخرين ولا ينطق بالسؤال للغير ويكون عزيزاً.
يقول الإمام الصادق (عليه السلام):
إنّما الشيعة... يخرجون من الدنيا وحوائجهم في صدورهم(30)
فهو لا يقنع بما يهبه الله وحسب بل ينفع الآخرين من ذلك؛ إذاً فالشيعي لا يستجدي الآخرين ولا يذلّ نفسه يقول الإمام الصادق (عليه السلام):
شيعة علي (عليه السلام)... لا يسأل الناس وإن مات جوعاً(31)
فعدم السؤال من الآخرين وإجابة طلباتهم هو من يجعل الناس تحب الشيعي حباً جماً وتكون سببا لشموخه بين الناس.
فالناس تنفر ممن لا يقضي حوائجها أو أن يظهر السؤال والطلب منها وتميل لمن يداوي جروحها ولا يثقل عليها يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام):
شيعتي... ريحان كل قبيل.(32)
(أي هم أعزة وكرماء ومحبوبون من قبل كل قوم)
source : www.islamquest.net