عربي
Saturday 23rd of November 2024
0
نفر 0

الوحی الرسالی

الوحی الرسالی

الوحی الرسالی، معنى استعمله القرآن فی أکثر من سبعین موضعاً، معبراً عن القرآن أیضاً بأنه وحی أُلقی على النبیّ (صلى الله علیه وآله وسلم): (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَیْکَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَیْنَا إِلَیْکَ هَـذَا الْقُرْآنَ). (وَکَذَلِکَ أَوْحَیْنَا إِلَیْکَ قُرْآناً عَرَبِیّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا). (مَا أُوحِیَ إِلَیْکَ مِنَ الْکِتَابِ). (1)
وظاهرة الوحی بشأن رسالة الله، هی أولى سمات الأنبیاء، امتازوا بها على سائر الزعماء والمصلحین أصحاب العبقریّات الملهّمین. ولم یکن النبیّ محمد صلى الله علیه وآله) بدعاً من الرسل فی هذا الاختصاص النبویّ، ولا أوّل من خاطب الناس باسم الوحی السماویّ، ومن ثم فلا عجب فی هذا الاصطفاء ما دام رکب البشریّة منذ بدایة سیرها لم تزل یرافقها رجال اصلاحیّون یهتفون بهذا النداء الروحیّ، ویدعون إلى الله باسم الوحی وتبلیغ رسالة الله. (أَکَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَیْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِینَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ الْکَافِرُونَ إِنَّ هَـذَا لَسَاحِرٌ مُّبِینٌ).(2)
ودفعاً لهذا الاستنکار الغریب قال: (إِنَّا أَوْحَیْنَا إِلَیْکَ کَمَا أَوْحَیْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِیِّینَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَیْنَا إِلَى إِبْرَاهِیمَ وَإِسْمَاعِیلَ وَإِسْحَاقَ وَیَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِیسَى وَأَیُّوبَ وَیُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَیْمَانَ وَآتَیْنَا دَاوُودَ زَبُوراً. وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَیْکَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَیْکَ وَکَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَکْلِیماً. رُّسُلاً مُّبَشِّرِینَ وَمُنذِرِینَ لِئَلاَّ یَکُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَکَانَ اللّهُ عَزِیزاً حَکِیماً. لَّـکِنِ اللّهُ یَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَیْکَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ والملائکة یَشْهَدُونَ وَکَفَى بِاللّهِ شَهِیداً. إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِیلِ اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ ضَلاَلاً بَعِیداً).(3)
والوحی الرسالی لا یعدو مفهومه اللغویّ بکثیر، بعد أن کان إعلاماً خفیّاً، وهو اتصال غیبیّ بین الله ورسوله، یتحقّق على أنحاء ثلاثة، کما جاءت فی الآیة الکریمة: (وَمَا کَانَ لِبَشَرٍ أَن یُکَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْیاً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ یُرْسِلَ رَسُولاً فَیُوحِیَ بِإِذْنِهِ مَا یَشَاءُ إِنَّهُ عَلِیٌّ حَکِیمٌ). (4)
فالصورة الأُولى: إلقاء فی القلب ونفث فی الروع. والثانیة: تکلیم من وراء حجاب، بخلق الصوت فی الهواء بما یقرع مسامع النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم) ولا یرى شخص المتکّلم. والثالثة: إرسال ملک الوحی فیبلّغه إلى النبیّ، إمّا عیانا یراه، أو لا یراه ولکن یستمع إلى رسالته.
إذن فالفارق بین الوحی الرسالی وسائر الإیحاءات المعروفة، هو جانب مصدره الغیبی اتصالاً بما وراءّ المادة. فهو إیحاء من عالم فوق، الأمر الذی دعى بأُولئک الذین لا یروقهم الاعتراف بما سوى هذا الإحساس المادی، أن یجعلوا من الوحی الرسالی سبیله إلى الإنکار، أو تأویله إلى وجدان باطنیّ ینتشی من عبقریّة واجده وسنبحث عن ذلک فی فصل قادم.
ملحوظة :
بما أنّ الوحی ظاهرة روحیّة، فإنّه بأیّ أقسامه إنّما کان مهبطه قلبه الشریف شخصیّته الباطنة: (الروح) سواءٌ أکان وحیاً مباشریاً من الله أم بواسطة جبرائیل. قال تعالى: (فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِکَ). (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِینُ عَلَى قَلْبِکَ لِتَکُونَ مِنَ الْمُنذِرِینَ) والقلب هو لبّ الشیئ وحقیقته الأصلیة...
قال سیَّدنا الطباطبائی: وهذا إشارة على کیفیّة تلقّیه صلى الله علیه وآله (القرآن النازل علیه، وأنّ الذی کان یتلقاه من الروح هی نفسه الکریمة من غیر مشارکة الحواسّ الظاهرة التی هی أدوات لإدراکات جزئیة خارجیّة.. فکان صلى الله علیه وآله) یری شخص الملک ویسمع صوت الوحی، لکن لا بهذه السمع والبصر المادیّتین، وإلاّ لکان أمراً مشترکاً بینه وبین غیره، ولم یکن یسمع أو یبصر هو دون غیره. فکان یأخذه برحاء الوحی وهو بین الناس فیوحى إلیه ولا یشعر الآخرون الحاضرون...).
اللّهم سوی ماورد بشأن مولانا أمیر المؤمنین (علیه السلام)، کان یرى ما یراه النبیّ ویسمع ما یسمعه إلاّ أنّه لیس بنبیّ کما قال له الرسول (صلى الله علیه وآله وسلم) .

المصادر :
1- یوسف:3 / الشوری:7 / العنکبوت :45
2- یونس :2
3- النساء : 163 - 166
4- الشوری : 51

 

 


source : .www.rasekhoon.net
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

اهل البیت فی کلام النبی (ص)
إمامة الإمام الكاظم ( عليه السلام )
في ذکرى رحيل بضعة الرسول، فاطمة البتول (س)
أقرب الناس لرسول الله
نشاطات فاطمة الزهراء علیها السلام
فاطمة الزهراء (عليها السلام) السرّ المستودع
إحياء الموتى بدعائه عليه السلام
الامام موسی بن جعفر عليه السلام
الاستماتة‌ و الجزع‌ من‌ الموت في ساحة‌ عاشوراء
الرسول القائد

 
user comment