اقترن الحدث التاريخي المؤلم ، الذي فرضت فصول مأساته على الإمام الحسين و أهل بيته النبوي ( عليه السلام ) بأن المبدئية فيه كانت طاغية و التحدي عنه ضد الظلم الأموي كان فاعلاً.
و لا يخفى أن حدثاً جللاً كواقعة كربلاء حين يفكر المرء .. بالكتابة عنه ينبغي ، أن يكون حيادياً في تثبيت ما جرى دون أي تحيز سوى التمييز للحقيقة التاريخية ، التي يعتقدها صحيحة كون المؤرخ المعاصر يستنبط تحليلاته من خلال ما دوّن في المخطوطات و الكتب المطبوعة ، إلا أن ما يتوجب عدم إهماله بهذا الصدد ، هو الركون السمح لما زالت تتناقله الأجيال عبر تراثها الشفوي الممتد من يوم وقوع الحدث سنة 61 هجرية ، و حتى اليوم ففي التراث الشفوي الكثير الذي مازالت معلوماته غير مدونة.
و لا بأس من الإشارة أن ما دوّن في الكتابة التقليدية فيها من التوثيقات ، بما لا يمكن إهمالها أو تجاهلها على الرغم من أن بعضها قد كتب تحت التأثير العاطفي ، و بصراحة أكثر فإن الأخذ بعين الاعتبار التحولات التاريخية و دور السلطات القديمة ، التي كانت تقمع قائلي الحقيقة ، يفضل أخذ ظروفها بعقلية ، تركز منهجية البحث في القضية الحسينية ، حتى لا يضاف ظلماً جديداً لمظلمة الإمام الحسين (عليه السلام).
إن المتصفح بصورة عامة للمؤلفات التي طبعت حتى الآن حول الإمام الحسين (عليه السلام) على أهميتها ، لكنها تكاد تكون في مستوى واحد ، حتى ليخيل إلى القارئ الحيادي ، و كأن كل المؤلفين يكتبون عن واقعة كربلاء بمستوى واحد أو يقترب من ذلك . فإذا ما اعتبر أن التاريخ هو علم من علوم الفروع الإنسانية ، فإن مهمة إنجاز كتابة متكاملة عن معركة كربلاء ، تستوجب خوضاً لا يخرج عن إطار أن معسكر الإمام الحسين (عليه السلام) ، كان يمثل الجانب الديني الإسلامي بكل ما فيه من عنفوان و حرص على إعلاء كلمة الله سبحانه و تعالى في الأرض في حين كان معسكر الأموي عبيد بن زياد بن أبيه لا يمثل سوى قشراً إسلامياً يخفي كفره المبطن.
و بذا فالصراع لم يكن يمثل صراعاً على السلطة ، كما يحلو للبعض من المؤلفين أن يصوّر ذلك ، إذ أن لمعركة كربلاء أبعد بكثير ، مما يحاول مثل هذا النموذج الجهول من المؤلفين ، أن يثبتوه على حساب الحقيقة و التاريخ . و حيثما يبقى الكلام المدوّن أي المكتوب ، يمثل أحد أهم أركان علم الكلام ذاته الذي ينبغي أن لا يخرج عن الإطار الحقيقي للأحداث.
إن حكم المؤلف يبقى دوماً ذا أهمية ، تتجلى منه فيما يسطره قلمه ، و طبيعي فهذه ليست فيها دعوة لأن يُلغى كل ما كتب عن حدث عاشوراء ، لكن إعادة بنائية ما كُتب حتى الآن يفضل أن يرافقه ما تناقلته سير الأشخاص أيضاً ، فبذاك سيمكن فرز الخطط و المبادئ و المدعيات ، التي كان يتقوّل بها معسكر عبيد الله بن زياد أمام المطالب العقلانية التي يتمسك بإشراقاتها الإسلامية معسكر الإمام الحسين (عليه السلام) ، الذي كان يمثل جوهر الإسلام في أحلك مرحلة تمر به.
source : www.tebyan.net