نشأ الإمام الحسن عليه السلام في بيت النبوّة تحت رعاية جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، كان يدعوه بولدي، ويصرّح امام الملأ العام من المسلمين بأنّ الحسن والحسين عليهما السلام ولداه، وكذلك كان يفعل أمير المؤمنين عليه السلام في مناسبات عديدة ويعرّفهما لجماهير المسلمين بأنّهما ولدا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، بل أن الله تبارك وتعالى قد سمّاهما كذلك في آية المباهلة { فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ } [1] .
وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يداعبه في صغره، فعن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يدلع لسانه للحسن بن علي، فإذا رأى الصبيّ حمرة اللسان يهشُّ إليه [2] .
وعن عمير بن اسحاق قال: رأيت أبا هريرة لقي الحسن بن علي فقال له: اكشف لي بطنك حتى اُقبِّل حيث رأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يقبِّل منه، قال: فكشف عن بطنه فقبّله [3]. ولكن هل علم أبو هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم إنّما كان يُقـّبل تلك الأحشاء التي سوف يلفظها الحسن عليه السلام بسبب السمّ الذي يدسّه إليه معاوية؟!
وعن ابن عباس: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم كان حاملاً الحسن بن علي على عاتقه، فقال رجل: نِعمَ المركب ركبت يا غلام: فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم: ونِعمَ الراكب هو [4] .
وعن أبي هريرة أيضاً: بينما رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم جالس في المسجد فجاء الحسن يشتدّ فوقع في حجره، ثم أدخل يده في لحيته، ثم جعل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يكفح فمه فيدخل فاه في فيه ثم يقول: اللهمّ إنّي أحبّه فأحبّه، وأحبب مَن يحبّه [5] .
وعن أبي سعيد الخدري، قال: جاء الحسن إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم وهو ساجد فركب على ظهره، فأخذه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم بيده وهو على ظهره ثم ركع ثم أرسله فذهب [6] .
وعن أبي بكرة: انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم كان يصلّي فإذا سجد وثب الحسن على ظهره - أو قال: على عنقه - فيرفع رأسه رفعاً رفيقاً لئلاّ يصرع، فعل ذلك غير مرّة، فلمّا قضى صلاته قالوا: يا رسول الله رأيناك صنعت بالحسن شيئاً ما رأيناك صنعته بأحد؟ فقال: إنّه ريحانتي من الدنيا، وإنّ ابني هذا سيّد، وعسى الله أن يُصلح به بين فئتين من المسلمين [7] .
وعن البهيّ مولى الزبير، قال: تذاكرنا مَن أشبه النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم من أهله؟ فدخل علينا عبد الله بن الزبير فقال: أنا اُحدّثكم بأشبه أهله وأحبّهم إليه، الحسن بن علي، رأيته يجيء وهو ساجد فيركب رقبته - أو قال ظهره - فما ينزله حتى يكون هو الذي ينزل، ولقد رأيته يجيء وهو راكع فيفرج له بين رجليه حتى يخرج من الجانب الآخر [8].
وعن زيد بن أرقم قال: خرج الحسن بن علي وعليه بُردة ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يخطب، فعثر الحسن فسقط، فنزل رسول الله (ص) من المنبر وابتدره الناس فحملوه، وتلقّاه
رسول الله (ص) فحمله ووضعه في حجره وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: إن الولد لفتنة، ولقد نزلتُ إليه وما أدري أين هو؟! [9].
[1] آل عمران: 61.
[2] ترجمة الامام الحسن من الطبقات الكبير لابن سعد: 39 ح 37.
[3] المصدر السابق: 39 / ح 38، مسند أحمد بن حنبل 2 / 427 و 488.
[4] المصدر السابق: 40 / ح 39، سنن الترمذي 5: 661 ح 3784، اُسد الغابة 2: 13.
[5] المصدر السابق: 40 / ح 40، مسند أحمد 2: 532، وكفحه: استوفى تقبيله _لسان العرب 12: 118).
[6] المصدر السابق: 45 / ح 47.
[7] المصدر السابق: 43 / ح 44، مسند أحمد 5: 51، المعجم الكبير للطبراني 3: 22 ح 2591.
[8] المصدر السابق: 38 / ح 36، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 189، تذكرة الخواص: 195.
[9] المصدر السابق: 65 / ح 102، تاريخ ابن كثير 8: 35.
source : www.sibtayn.com