عربي
Sunday 1st of December 2024
0
نفر 0

حركة السفياني:

حركة السفياني:

السفياني من الشخصيات البارزة في حركة ظهور المهدي عليه السلام.

فهو العدو اللدود المباشر للإمام المهدي عليه السلام، وإن كان بالحقيقة واجهة للقوى المعادية التي تقف وراءه كما ستعرف.

وقد نصت الأحاديث الشريفة على أن خروجه من الوعد الإلهي المحتوم، فعن الإمام زين العابدين عليه السلام: (إن أمر القائم حتم من الله، وأمر السفياني حتم من الله، ولا يكون قائم إلا بسفياني). (البحار:53/182).

وأحاديث السفياني متواترة بالمعنى، وقد يكون بعضها متواتراً بلفظه. وفيما يلي جملة من ملامح شخصيته وحركته وأخباره.

اسمه ونسبه:

المتفق عليه بين العلماء أن تسميته بالسفياني نسبة إلى أبي سفيان لأنه من ذريته. كما يسمى ابن آكلة الأكباد نسبة إلى جدته هند زوجة أبي سفيان التي سميت بذلك لأنها حاولت أن تأكل كبد الحمزة سيد الشهداء رضي الله عنه بعد شهادته في أحد. فعن أمير المؤمنين علي عليه السلام  قال:

(يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس. وهو رجل ربعة (أي مربوع)  وحش الوجه، ضخم الهامة، بوجهه أثر الجدري، إذا رأيته حسبته أعور. اسمه عثمان وأبوه عيينة (عنبسة)، وهو من ولد أبي سفيان، حتى يأتي أرض قرار ومعين فيستوي على منبرها)  (البحار:52/205).

وفي حديث آخر أنه من ولد عتبة بن أبي سفيان (البحار: 52/213) وأولاد أبي سفيان خمسة: عتبة ومعاوية ويزيد وعنبسة وحنظلة.

ولكن ورد في إحدى رسائل أمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية النص على أنه من أبناء معاوية، جاء فيها: (وإن رجلاً من ولدك مشومٌ ملعون، جلفٌ جاف، منكوسُ القلب، فظٌّ غليظ، قد نزع الله من قلبه الرحمة والرأفة، أخواله كلب، كأني أنظر إليه، ولو شيءت لسميته ووصفته وابن كم هو، يبعث جيشاً إلى المدينة فيدخلونها فيسرفون في القتل والفواحش، ويهرب منهم رجل زكي نقي، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كماملئت ظلماً وجوراً. وإني لأعرف اسمه وابن كم هو يومئذ وعلامته).

وفي مخطوطة ابن حماد ص75 عن الإمام الباقر عليه السلام  أنه: (من ولد خالد بن يزيد بن أبي سفيان).

وقد يكون جده الذي ذكرت روايات أنه عنبسة أو عتبة أو عيينة أو يزيد، من ذرية معاوية بن أبي سفيان، فيرتفع الإلتباس.

والمشهور عند علماء السنة أن اسمه عبد الله، وفي مخطوطة ابن حماد ص 74 أن اسمه (عبد الله بن يزيد) وقد ورد أن اسمه عبد الله في رواية في مصادرنا أيضاً (البحار:53/208)، ولكن المشهور أن اسمه عثمان كما ذكرنا.

خبثه وطغيانه وحقده على أهل البيت وشيعتهم:

يتفق رواة الأحاديث على نفاقه وسوء سيرته، ومعاداته لله تعالى ورسوله  صلى الله عليه وآله وسلم  وللمهدي عليه السلام.

والأحاديث التي رواها الجميع عن شخصيته وأعماله واحدة أو متقاربة. كما في مخطوطة ابن حماد ص76 عن أبي قبيل قال: (السفياني شر ملك، يقتل العلماء وأهل الفضل ويفنيهم. يستعين بهم، فمن أبى عليه قتله)، وفي ص80 قال: ( يقتل السفياني من عصاه، وينشرهم بالمناشير، ويطبخهم بالقدور، ستة أشهر)!

وفي ص84 عن ابن عباس قال: (يخرج السفياني فيقاتل، حتى يبقر بطون النساء ويغلي الأطفال في المراجل)  أي القدور الكبيرة!

وعن الإمام الباقر عليه السلام  قال: (إنك لو رأيت السفياني لرأيت أخبث الناس. أشقر أحمر أزرق، لم يعبد الله قط، لم ير مكة ولا المدينة. يقول يا رب ثاري والنار)  (البحار:52/354).

ومن أبرز صفاته التي تذكرها أحاديثه، حقده على اهل البيت عليهم السلام. بل يظهر منها أن دوره السياسي هو إثارة الفتنة المذهبية بين المسلمين وتحريك السنة على الشيعة تحت شعار نصرة التسنن. في نفس الوقت الذي يكون عميلاً لأئمة الكفر الغربيين واليهود.

فعن الإمام الصادق عليه السلام  قال: (إنا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله. قلنا صدق الله وقالوا كذب الله. قاتل أبو سفيان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  وقاتل معاوية بن أبي سفيان علياً بن أبي طالب عليه السلام  وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي عليه السلام  والسفياني يقاتل القائم عليه السلام)  ( البحار:52/90).

وعنه عليه السلام  قال: (كأني بالسفياني- أو بصاحب السفياني- قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة فنادى مناديه: من جاء برأس(من)  شيعة علي فله ألف درهم، فيثب الجار على جاره ويقول هذا منهم، فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم! أما إن إمارتكم يومئذ لاتكون إلا لأولاد البغايا، وكأني أنظر إلى صاحب البرقع! قلت: من صاحب البرقع؟ قال: رجل منكم يقول بقولكم، يلبس البرقع فيحوشكم فيعرفكم ولا تعرفونه، فيغمز بكم رجلاً رجلاً أما إنه لايكون إلا ابن بغي)! (البحار:52 /215).

وقد رأينا في عصرنا بعض أصحاب البراقع المقنعين من عملاء اليهود يدخلون معهم إلى مناطق المسلمين التي يسيطرون عليها، وقد أخفوا وجوههم السوداء ببراقع سوداء أو غيرها يدلونهم على المؤمنين ويحوشونهم لهم، فيأخذونهم إلى السجن أو يقتلونهم!

والسفياني من تلامذة هؤلاء، وملثموه من نوع ملثميهم.

وفي مخطوطة ابن حماد ص82: (وتقبل خيل السفياني في طلب أهل خراسان، فيقتلون شيعة آل محمد بالكوفة، ثم يخرج أهل خراسان في طلب المهدي).

وقد ذكرت بعض الأحاديث أن رايته حمراء، وهي ترمز إلى سياسته الدموية، كمافي البحار:52/273، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: (ولذلك آيات وعلامات.. وخروج السفياني براية حمراء، أميرها رجل من بني كلب).

ثقافته وولاؤه السياسي:

وتدل الأحاديث على أنه غربي الثقافة والتعليم، وربما تكون نشأته هناك أيضاً، ففي غيبة الطوسي ص278 عن بشر بن غالب مرسلاً قال: (يقبل السفياني من بلاد الروم متنصراً في عنقه صليب. وهو صاحب القوم)، أي مسيحياً بعد أن كان أصله مسلماً. وتعبير: (يقبل من بلاد الروم)  يعني أنه يأتي من هناك إلى بلاد الشام ثم يقوم بحركته.

ويدل أيضاً على أن ولاءه السياسي للغربيين واليهود، أنه يقاتل المهدي عليه السلام   الذي هو عدو الروم أي الغربيين، ويقاتل الترك أو إخوان الترك الذين يحتمل أن يكونوا الروس.

وأنه يلجأ أثناء الحرب أمام زحف جيش المهدي عليه السلام  من دمشق إلى الرملة بفلسطين التي ورد أنه تنزل فيها مارقة الروم.

بل يظهر أنه يخوض المعركة مع المهدي عليه السلام  باعتباره خط الدفاع الأمامي عن اليهود والروم، لأن الأحاديث الشريفة تتحدث عن انهزام اليهود بهزيمته.

كما يدل على ولائه للغربيين أن جماعته بعد هزيمته وقتله، يهربون إلى الروم ثم يسترجعهم أصحاب المهدي عليه السلام ويقتلونهم.

فعن ابن خليل الأزدي قال: (سمعت أبا جعفر يقول في قوله تعالى: (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ * لاتَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ)  (سورة الأنبياء: 12-13)  قال: إذا قام القائم وبعث إلى بني أمية بالشام هربوا إلى الروم، فيقول لهم الروم لا ندخلكم حتى تنصَّروا، فيعلقون في أعناقهم الصلبان ويدخلونهم. فإذا بحضرتهم أصحاب القائم طلبوا الأمان والصلح، فيقول أصحاب القائم: لا نفعل حتى تدفعوا إلينا من قبلكم منا. قال فيدفعونهم إليهم. فذلك قوله تعالى: (لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُون). قال: يسألهم عن الكنوز وهو أعلم بها، قال: فيقولون: (يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ). بالسيف). (البحار:52/377).

ومعنى: (إذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم طلبوا الأمان): أن أصحاب المهدي  عليه السلام  يحشدون قواتهم في مواجهة الروم ويهددونهم. والمقصود ببني أمية أصحاب السفياني كما نصت على ذلك أحاديث أخرى.

ويبدو أنهم وزراؤه وقادة جيشه، وأن لهم أهمية سياسية كبيرة، ولذلك تصل قضيتهم إلى حد تهديد المهدي عليه السلام  وأصحابه للروم بالحرب إذا لم يسلموهم إياهم.

محاولته إعطاء حركته الطابع الديني:

وهو أمر طبيعي بملاحظة المد الإسلامي الذي يتعاظم قرب ظهور المهدي  عليه السلام. وبملاحظة أن حركته خطة رومية يهودية لمواجهة المد الإسلامي.

والمتتبع لأخبار السفياني يجد الأدلة والإشارات على محاولته هذه.

منها، ما في مخطوطة ابن حماد ص75 أن السفياني: (شديد الصفرة به أثر العبادة)، مما يعني أنه يظهر بمظهر المتدين، ولكن ذلك يكون أول أمره فقط كما يذكر حديث آخر.

وقد يستشكل في وجه الجمع بين ذلك وبين كونه متنصراً يعلق صليباً في عنقه عندما يأتي من بلاد الروم، ولكن ما نراه من حالة السياسيين العملاء للغرب يرفع الإشكال حيث يعيش بعضهم مع النصارى حتى لايكاد يتميز عنهم، وقد يتقرب إليهم بلبس الصليب الذهبي في عنقه أو في ساعته وحضور مراسمهم في الكنائس. حتى إذا زعَّموه على المسلمين تظاهر بالصلاة والتدين، لكي يخدع المسلمين بأنه منهم!

بل يدك الحديث المتقدم عن مخطوطة ابن حماد ص76: (يقتل العلماء وأهل الفضل ويفنيهم، ويستعين بهم، فمن أبى عليه قتله)، على أنه يحرص على إعطاء الطابع الإسلامي لحركته والشرعية لحكمه، ويجبر العلماء على ذلك. ولعل تعبير يفنيهم مصحف عن: (يفتنهم).

مراحل حركته:

تدل الظروف المذكورة في الأحاديث على أن حركة السفياني عنيفة وسريعة، فالوضع العالمي الذي تصل فيه درجة الصراع بين الدول إلى حد الحرب، ووضع بلاد الشام الذي تمخضه فتنة فلسطين مخض (الماء في القربة)  ويعاني من الضعف والإنقسام والتوتر.

لذلك يبادرون إلى اختيار زعيم قوي يستطيع أن يخضع المنطقة المحيطة بإسرائيل لسيطرته إخضاعا كاملاً، ويقوم بدوره في تقوية خط الدفاع عن إسرائيل والغرب، ويطلقون يده في غزو العراق واحتلاله من أجل إيقاف الخطر عليهم.

كما يطلقون يده في إسناد حكومة الحجاز الضعيفة والقضاء على الحركة الأصولية الجديدة حركة الإمام المهدي عليه السلام  في مكة المكرمة.

هذه الإعتبارات التي تذكرها الأحاديث صراحة أو تشير إليها، تساعد على فهم السرعة والعنف اللذين تتحدث عنهما روايات السفياني.

فعن الإمام الصادق عليه السلام  قال: (السفياني من المحتوم، وخروجه من أوله إلى آخره خمسة عشر شهراً. ستة أشهر يقاتل فيها. فإذا ملك الكور الخمس، ملك تسعة أشهر ولم يزد عليها يوماً). (البحار:52/ 248).

والكور الخمس هي دمشق والأردن وحمص وحلب وقنسرين، التي كانت مراكز لحكم منطقة سوريا. وقد نصت الأحاديث على دخول الأردن فيها.

أما لبنان فقد كان جزءً من بلاد الشام وتابعاً لكورها الخمس، فلا يبعد شمول حكم السفياني له.

ولكن بعض الروايات تستثني من حكم السفياني طوائف من المقيمين على الحق يعصمهم الله من الخروج معه، كما سيأتي، قد يكون أهل لبنان منهم.

وتحدد الأحاديث وقت حركته بأنه يكون في شهر رجب، فعن الإمام الصادق عليه السلام  قال: (ومن المحتوم خروج السفياني في رجب). (البحار:52/ 249).

وهذا يعني أن خروجه يكون قبل ظهور المهدي عليه السلام  بنحو ستة أشهر، لأنه  عليه السلام  يظهر في مكة في ليلة العاشر أو يوم العاشر من محرم من تلك (السنة). ويعني أيضاً أن سيطرة السفياني على منطقة بلاد الشام تتم قبل ظهور المهدي  عليه السلام، الأمر الذي يمكنه من إرسال جيشه إلى العراق، ثم إلى الحجاز للقضاء بزعمه على أنصار المهدي وحركته.

وعلى هذا، تكون مراحل حركة السفياني ثلاثة:

مرحلة تثبيت سلطته في الستة أشهره الأولى.

ثم مرحلة غزوه ومعاركه في العراق والحجاز.

ثم مرحلة تراجعه عن التوسع في العراق والحجاز، ودفاعه أمام زحف جيش المهدي عما يبقى في يده من بلاد الشام، وعن إسرائيل والقدس.

ومما يلاحظ في أحاديث السفياني أنها تذكر معاركه بالإجمال في الستة أشهر الأولى، وهي معارك داخلية مع الأصهب والأبقع أولاً، ثم مع القوى الإسلامية وغير الإسلامية المعارضة له، حتى تتم له السيطرة على بلاد الشام. ولكن الطبيعي بالنظر إلى نوع حركته أن تكون هذه الأشهر الستة مليئة بأعمال عسكرية مكثفة، حتى يحكم سيطرته ويستطيع تجنيد قوات كبيرة لمهامه ومعاركه الواسعة في التسعة أشهر التالية.

وقد تكون أطراف معاركه في الستة أشهر الأولى مضافاً إلى الأبقع والأصهب حاكم الأردن ولبنان، وغيرهما من القوى المعارضة.

وتشير رواية إلى عنف معاركه مع الأبقع والأصهب وأنها تسبب دمار الشام، فعن الإمام الباقر عليه السلام  قال: (وخسف قرية من قرى الشام تسمىالجابية، ونزول الترك الجزيرة، ونزول الروم الرملة. واختلاف كثير عند ذلك فيكل أرض، حتى تخرب الشام (وفي رواية وأول أرض تخرب الشام)  ويكون سبب خرابها اجتماع ثلاث رايات فيها: راية الأصهب، وراية الأبقع، وراية السفياني). (الإرشاد للمفيد ص359).

أما خراب دمشق المقصود بقول أمير المؤمنين عليه السلام: (ولأنقضن دمشق حجراً حجراً. يفعله رجل مني)، فالظاهر أنه التدمير الذي يكون في معركة فتح القدس الكبرى التي يخوضها الإمام المهدي عليه السلام  مع السفياني واليهود والروم.

أما في التسعة أشهر الأخيرة من حكم السفياني فيخوض حروباً كبيرة، أهمها حربه مع الترك وأعوانهم في قرقيسيا، ثم معاركه مع الإيرانيين في العراق، ومعهم اليماني كما في بعض الأحاديث.

وقد تكون للسفياني أيضاً قوات في المدينة المنورة تحارب المهدي عليه السلام   إلى جانب قوات سلطة الحجاز، في المعركة التي يحتمل أن يخوضها الإمام المهدي عليه السلام  لتحرير المدينة المنورة.

وبعد هزيمة السفياني في العراق والحجاز ينكفئ إلى الشام حتى تكون له مع المهدي عليه السلام  أكبر معاركه على الاطلاق: معركة فتح القدس الكبرى.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الأجل والأجل المسمى
استنتاج العبر من ثورة الحسين (ع)
الامام الحسین علیه السلام وأصحاب الکهف
محاولة اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ...
الأدلّة على إسلام أبي طالب؟
شخصية الرسول السياسية
في تقدم الشيعة في علوم القرآن ، وفيه صحائف
التشيع العقيدي .
أحاديث أخر دالة على اتباع أهل البيت عليهم السلام
الموالي و مشاركتهم في ثورة المختار

 
user comment