قم جدد الحزن في العشرين من صفر
ففيه ردت رؤوس الآل للحفرِ
آل النبي التي حلت دماؤهم
في دين قوم جميع الكفر منه بري
يا مؤمنون احزنوا فالنار شاعلة
ترمى على عروة الإيمان بالشررِ
ضجوا لسفرتهم وابكوا لرجعتهم
لا طبتِ من رجعةٍ كانت ومن سفرِ
تذكروا مبتدأ أيام رجعتهم
وأعقبوا سوء ما لاقوا بذا الخبرِ
فسلهم هل رجعتم للجسوم وقد
تركتموها مزار الذئب والنسرِ
وسلهم عن رؤوس الآل هل نشفت
دماؤها أم لها التقطير كالمطرِ
وسل أراس حسينٌ غاب رونقه
أم نوره مخجلٌ للشمسٍ والقمرِ
وسل عن اللؤلؤ المنظوم في فمه
لعله بعد قرع غير منتشرِ
وسلهم عن جبين كان منتجعاً
من الرسول بتقبيل الرسول حري
واستحكِ عن شعرات في كريمته
فديت طلعة ذاك الشيب في الشعرِ
هل الطرواة في الوجه الوجيه له
أم غيرتها ليالي السود بالغيرِ
وقد رووا أنه لما يزيد قضى
مآرباً من بني المختار بالضررِ
دعا يزيد علي أبن الحسين إلى
مقامه في علوٍ أي مفتخرِ
وقال معتذراً يا أبن الحسين لقد
كان الذي كان أمراً صار في القدرِ
أبوك قاومني في الملك مفتخراً
يقول أني بتقديمٍ عليك حري
وكان يعلم أني لا أطيع له
لا أترك الملك لو خلدت في سقرِ
والآن إذ كان ما قد كان وازدهرت
لآل سفيان دور الفتح والظفرِ
أن كنت تهوى ديار الشام تسكنها
فانزل بها مستقراً غير محتقرِ
وأن أردت رجوعاً للمدينة سر
مؤيداً سالماً من بعد مزدجرِ
وخذ المال ما تختاره ديةً
عن الحسين وعن أخوانك الغررِ
فعند ذاك بكى السجاد منتحباً
وقال لازلتُ في ذل وفي ضررِ
لقد قتلت أبي ظلماً على ظمأً
وأخوتي وبني عمي ومفتخري
والآن تطعمني في الحال من دمهم
فيالك الويل لا بوركت من بشرِ
لقد صنعت بنا ما شئت من نكدٍ
فاعطنا رخصة من هذه الحجرِ
لعل أمضي بأهلي والحريم إلى
ديار طيبة نقضي العمر بالكدرِ
ومطلبي منك أن مر لي برأس أبي
ورؤؤس قومي أهديها إلى الحفرِ
ومر بأن يسلكوا بي في الطريق على
سمت الطفوف لأقضي بالبكا وطري
فقال إنا وهبالك الرؤوس فسر
بها لما شئت أن تدفن وأن تذرِ
هناك نادى بنعمان وقال له
أنت الأمير على تسييرهم فسرِ
واستخرج السيد السجاد نسوته
من بلدة الشام بالإكرام والسررِ
ورأس والده كانت بضاعته
من شامهم ورؤوس العزوة الغررِ
لهفي على النسوة الحزنا محملً
على النياق تشيع النعي في السفرِ
يا واردي كربلا من بعد رحلتهم
عنها إلى بقع التهتيك والشهرِ
يا زائري بقعة أطفالهم ذبحت
فيها خذوا تربها كحلا الى البصرِ
والهفتا لبنات الطهر يوم رنت
الى مصارع قتلاهن والحفرِ
رمين بالنفس من فوق النياق على
تلك القبور بصوت هائل ذعرِ
فتلك تدعو حسينا وهي لاطمة
منها الخدود ودمع العين كالمطرِ
وتلك تصرخ واجداه واأبتاه
وتلك تصرخ وايتماه في الصغرِ
فلو تروا أم كلثوم مناشدة
ولهى وتلثم ترب الطف كالعطرِ
يا دافني الرأس عند الجثة أحتفظوا
بالله لا تنثروا تربا على قمرِ
لا تدفنوا الرأس الا عند مرقده
فأنه جنّة الفردوس والزهرِ
لا تغسلوا الدم عن أطراف لحيته
خلوا عليها خضاب الشيب والكبرِ
رشوا على قبره ماء فصاحبه
معّطش بللوا احشاه بالقطرِ
لا تدفنوا الطفل الاّ عند والده
فأنه لا يطيق اليتم في الصغرِ
لا تدفنوا عنهم العباس مبتعدا
فالرأس عن جسمه حتى اليدين بري
لا تحسبوا كربلا قفراء موحشةً
أضحت تفوق رياض الخلد بالزهرِ
يا راجعين السبايا قاصدين إلى
ارض المينة ذاك المربع الخضرِ
خذوا لكم من دم الأحباب تحفتكم
وخاطبوا الجد هذي تحفة السفرِ
يا أم كلثوم قدي الجيب صارخةً
على أخيك وفوق المرقد أعتفري
قولوا لعابده ان لا يفارقه
فكربلا منزل الأحزان والضجرِ
يا كربلا أي جسم في ثراك ثوى
لو تعلمين لنلت العرش في القدرِ
لآلىء كعبة الهادي لهم صدف
لديك ما بين مكسور ومنفطرِ
شككتِ من نقط المرجان من دمهم
قلائداً نورها يعلو على الدررِ
ضممتِ أشباح أنوار فوا عجباً
عن ساحة الأرض فوق العرش لم تصرِ
وطتكِ أقدامهم فأرتاح من شرف
ثراك يعطي حياة الجن والبشرِ
زاروكِ يوماً فأمسى زائروك لهم
شأن تفوق من حاج ومعتمرِ
يا مؤمنون أكثروا للحزن وانتحبوا
عليهم مدة الآصال والسحرِ
حطوا عزاه وقولوا رأس سيدنا
قد رد في العشرين من صفرِ
وابكوه يرنو شطوط الماء ومهجته
في حرة لم يطقها طاقة البشرِ
وابكوه يلثم أطفالاً ويرشفها
مودعاً ودموع العين كالمطرِ
وابكوه إذ صار مأوى النبل جثته
وصدره مركز الخطية السمرِ
وابكوه أذبل وجه الأرض من دمه
وخرَّ عن متن برج السرج كالقمرِ
وابكوه والشمر جاثٍ فوق منكبه
يخز رأساً سما عن كل مفتخرِ
قد مكن السيف في نحرٍ يهبرهُ
والسبط يفحص رجلاً حال محتضرِ
يصيح في شمر أواه واعطشا
هل شربة التقيها آخر العمرِ
وابكوه والذابل الخطى محتملاً
رأس الجلال ورأس المجد والخطرِ
وافدوا نتيجة واطي العرش تحطمه
الجياد لم يبق عضو غير منكسرِ
لا يفجع الدهر إلا من يحس به
ملجاً مرجى لدفع الضيم والضررِ
كل الثمار على الأشجار باقيةً
وليس يقطع إلا طيب الثمرِ
كل الكواكب في الأفلاك آمنةً
والكسف والخسف حظ الشمس والقمرِ
يا عترة المصطفى المختار يا عددي
ومن بدولتهم عزي ومفتخري
أنتم أولوا الفضل إذ جئتم على قدرٍ
كما أتى ربه موسى على قدرِ
يا سادتي أرتجيكم دائماً لأبي
والأم والأهل أمناً من لظى سقرِ
صلى عليكم إلهي حيث خصكم
بعصمةٍ من جميع الأثم والكدرِ
للسيد هاشم الستري البحراني
source : sibtayn