من يتأمل نضال السيدة زينب وأدوارها الرسالية العظيمة يكاد يغفل عن أن لها ابناءً كانت تتحمل مسؤولية رعايتهم وتربيتهم، لتكون العقيلة زينب (ع) قدوة كاملة متكاملة للمرأة المسلمة الطموحة، والتي تقوم بكل الأعباء والمهام العائلية المنزلية والدينية الأجتماعية، ولنتعرف الآن على ثمرات فؤادها وفلذات كبدها:
1 - عون بن عبدالله بن جعفر:
كان مع أمه زينب في صحبة خاله الإمام الحسين، وقد نال شرف الشهادة في كربلاء، وفجعت به أمه زينب الى جنب فجائعها الأخرى.
وقد برز الى ساحة الجهاد، فجعل يقاتل قتال الأبطال وهو يرتجز:
ان تنكروني فأنا ابن جعفر* شهيد صدق في الجنان أزهر
يطير فيها بجناح أخضر* كفى بهذا شرفاً في المحشر
وتمكن الشاب البطل من قتل ثلاثة فوارس، وثمانية عشر راجلاً. ثم ضربه عبدالله بن قطنة الطائي النبهاني بسيفه فقتله.
وقد ورد ذكر عون في الزيارة الواردة في الناحية المقدسة أي عن الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر (ع) حيث قال: (السلام على عون بن عبدالله بن جعفر الطيار في الجنان، حليف الإيمان، ومنازل الأقران، الناصح للرحمن، التالي للمثان، لعن الله قاتله عبدالله بن قطنة النبهاني)([1]).
2 - محمد:
وقد ذكره العديد من الباحثين في حياة السيدة زينب، كالسبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص) (ص 110) ([2]) وذكره السيد الهاشمي في كتابه (عقيلة بني هاشم) (ص 36) والدكتورة بنت الشاطي في (السيدة زينب) (ص 50) والشيخ محمد جواد مغنية (مع بطلة الطف) (ص 36) و م. صادق (زينب وليدة النبوة والإمامة) (ص 62) وكتاب آخرون.
ولكن يبدو أن لعبدالله بن جعفر ولداً آخر اسمه محمد من زوجة اخرى هي الخوصاء من بني بكر بن وائل، وقد استشهد مع الإمام الحسين (ع) في كربلاء، مما سبب الأشتباه عند بعض الباحثين فاعتبروا ولدّي عبدالله بن جعفر الشهيدين بكربلاء اعتبروهما ولدي السيدة زينب (ع) لكن التحقيق يثبت أن عوناً فقط هو ابن السيدة زينب، أما أخوه محمد فهو ابن ضرتها (الخوصاء) كما نص على ذلك الباحثون حول شهداء كربلاء([3]).
3 - عباس:
ذكر المؤرخون اسمه دون الأشارة الى شيء من حياته وسيرته.
4 - علي:
المعروف بالزينبي، وفي نسله الكثرة والعدد، وفي ذريته الذيل الطويل والسلالة الباقية، وهو كما في (عمدة الطالب) أحد ارجاء آل أبي طالب الثلاثة.
وفي (تاج العروس) مادة (زينب): (والزينبون بطن من ولد علي الزينبي بن عبدالله الجواد بن جعفر الطيار، نسبة الى أمه زينب بنت سيدنا علي (رضي الله عنه) وأمها فاطمة (رض) وولد علي هذا أحد أرجاء آل أبي طالب الثلاثة) ([4]).
ويقول عنه السيد الهاشمي: وأما علي بن عبدالله فهو المعروف بالزينبي، نسبة الى أمه زينب بنت علي (عليهما السلام) ذكروا([5]) أنه كان ثلاثة في عصر واحد بني عم، يرجعون الى أصل قريب، كلهم يسمى علياً، وكلهم يصلح للخلافة، وهم: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (السجاد)، وعلي بن عبدالله بن العباس، وعلي بن عبدالله بن جعفر الطيار، ولكن إمام المسلمين وقتئذٍ كان السجاد زين العابدين، يعظمه القريب والبعيد، وتعنوا له كبار المسلمين، وقد تزوج علي بن عبدالله بن جعفر، لبابة بنت عبدالله بن عباس حبر الأمة، وكان نسل عبدالله بن جعفر منه، والسادة الزينبية كثيرون في العراق وفارس ومصر والحجاز والأفغان والهند، وقد جعل الله البركة في نسل هذه السيدة الطاهرة وطيب سلالتها([6]).
وقال ابن عنبة: كان علي الزينبي يكنى أبا الحسن وكان سيداً كريماً([7]).
وقد ألف الحافظ جلال الدين السيوطي (849 - 911 هـ) رسالة حول ذرية السيدة زينب سماها (العجاجة الزرنبية في السلالة الزينبية).
5 - أم كلثوم:
أم كلثوم: وهي البنت الوحيدة كما يبدوا للسيدة زينب، ولابد وأنها قد ورثت شمائل أمها، وتحلت بمكارم أخلاق أبيها، ولذلك تسابق الخاطبون لطلب يدها وكان من جملتهم معاوية بن أبي سفيان خطبها أيام سلطته لولده يزيد، وكلف واليه على المدينة مروان بن الحكم أن يخطبها من أبيها ليزيد بن معاوية، فقال أبوها عبدالله بن جعفر.
إن أمرها ليس اليّ إنما هو الى سيدنا الحسين وهو خالها.
فأخبر الحسين بذلك، فقال: أستخير الله (تعالى) اللهم وفق لهذه الجارية رضاك من آل محمد.
فلما اجتمع الناس في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أقبل مروان حتى جلس الى الحسين (ع) وقال: إن أمير المؤمنين معاوية أمرني بذلك، وأن أجعل مهرها حكم أبيها بالغاً ما بلغ، مع صلح ما بين هذين الحيين، مع قضاء دينه، واعلم ان من يغبطكم بيزيد أكثر ممن يغبطه بكم، والعجب كيف يستمهر يزيد وهو كفؤ من لا كفؤ له، وبوجهه يستسقي الغمام، فردّ خيراً يا أبا عبدالله.
فقال الحسين: الحمد لله الذي اختارنا لنفسه، وارتضانا لدينه، واصطفانا على خلقه.
ثم قال: يا مروان قد قلت فسمعنا.
أما قولك: مهرها حكم أبيها بالغاً ما بلغ، فلعمري لو أردنا ذلك ما عدونا سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بناته ونسائه وأهل بيته، وهو اثنتا عشرة أوقية يكون اربعمائة وثمانين درهماً.
وأما قولك: مع قضاء دين أبيها، فمتى كنّ نساؤنا يقضين عنّا ديوننا؟. وأما صلح ما بين هذين الحيّين، فإنا قوم عاديناكم في الله، ولم نكن نصالحكم للدنيا، فلعمري لقد اعيا النسب فكيف السبب؟.
وأما قولك: والعجب كيف يستمهر يزيد؟ فقد استمهر من هو خير من يزيد، ومن أبي زيد، ومن جدّ يزيد!.
وأما قولك: إن يزيد كفؤ من لا كفؤ له، فمن كان كفوه قبل اليوم فهو كفوه اليوم ما زادته امارته في الكفاءة شيئاً.
وأما قولك: وجهه يستسقى به الغمام: فإنما كان ذلك وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وأما قولك: من يغبطنا به أكثر ممن يغبطه بنا، فإنما يغبطنا به أهل الجهل ويغبطه بنا أهل العقل.
ثم قال (ع): فاشهدوا جميعاً إني قد زوجت أم كلثوم بنت عبدالله بن جعفر من ابن عمها القاسم بن محمد بن جعفر على اربعمائة وثمانين درهماً وقد نحلتها ضيعتين بالمدينة - أو قال أرضي العقيق - وإن غلتها بالسنة ثمانية آلاف دينار ففيهما لهما غنى إن شاء الله تعالى. فتغير وجه مروان، وقال:
أردنا صهركم لنجد وداً* قد أخلقه به حدث الزمان
فلما جئتكم فجبهتموني* وبحتم بالضمير من الشنان
فأجابه ذكوان مولى بني هاشم:
أماط الله عنهم كل رجس* وطهرهم بذلك في المثاني
فمالهم سواهم من نظير* ولا كفو هناك ولا مداني
أتجعل كل جبار عنيد* الى الأخيار من أهل الجنان([8]
source : alhassanain