عربي
Wednesday 24th of July 2024
0
نفر 0

الطمأنينة في الصلاة

من الآداب العامة المهمّة القلبية للعبادات – وخصوصا كالصلاة – الطمأنينة؛ وهي تعني الإتيان بالعبادة مع سكون القلب، واطمئنان الخاطر
الطمأنينة في الصلاة

من الآداب العامة المهمّة القلبية للعبادات – وخصوصا كالصلاة – الطمأنينة؛ وهي تعني الإتيان بالعبادة مع سكون القلب، واطمئنان الخاطر، لأن العبادة إذا أتي بها في حال اضطراب القلب وتزلزله فالقلب لا ينفعل بمثل هذه العبادة ولا يحصل أثر من العبادة، والحال إن من إحدى جهات تكرار العبادات وتكثير الأذكار والأوراد أن يتأثر القلب منها وينفعل، حتى يتشكّل الإنسان العابد شيئا فشيئا من حقيقة الذكر والعبادة، ويتحد قلبه بروح العبادة. وتذكر لذلك مثالاً، وهو أن الذكر والعبادة ويتحد قلبه بروح العبادة، ونذكر لذلك مثالا، وهو أن الذكر الشريف: "لا إله إلا الله محمد رسول الله" إذا قاله أحد من قلبه وباطمئنان من لبّه وراح يعلّم القلب هذا الذكر الشريف، حينئذ يتعلّم القلب الذكر ويتكلّم به شيئا فشيئا حتى يتبع لسان القلب اللسان الظاهر.
وإلى هذا المعنى أشار الإمام الصادق عليه السلام: "فاجعل قلبك قبلة للسانك لا تحركه إلا بأشارة القلب وموافقة العقل ورضى الإيمان".
والأحاديث الشريفة في هذا النحو من الطمأنينة وآثارها، كثيرة، ومن هذه الجهة أمر بترتيل القرآن الشريف.
وفي الحديث قال: "من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن اختلط القرآن بدمه ولحمه".
والسر في ذلك أن اشتغال القلب وتكدّره في أيام الشباب أقل ؛ لذا يتأثر القلب من القرآن أكثر وأسرع ويكون أثره أيضا أبقى.
وفي الحديث الشريف: "ما من شيء أحب إلى الله عزّ وجلّ من عمل يداوم عليه وإن قلّ" ولعل السر أنه مع المداومة يكون العمل صورة باطنية للقلب.

* مكافحة الوساوس والتصرفات الشيطانية:

من الآداب المهمة لصلاح القلب والتي لها دور مهم في العبادات بشكل عام والصلاة بشكل خاص، الحفاظ على القلب والعبادة من التصرفات والوساوس النفسية والشيطانية.
ولعل الآية الشريفة التي تصف المؤمنين بأنهم يحافظون على صلواتهم تنطبق أيضا على الحفاظ عليها من تصرفات الشيطان، بل إن ذلك أهم مصاديق الحفظ.
إن الإنسان كما هو معروف له جنبتان، الأولى: الجسد، الثانية: الروح وكما أن للجسد غذاءه المناسب لينمو بشكل صحيح، ولا بد أن يكون الغذاء خاليا مما ينافي صحة الجسم، كذلك أن للروح والقلب غذاءه المناسب لكي يكون في صفاء وصحة.
وغذاء الروح والقلب هو المعارف والفضائل والعبادات الإلهية، وما ينافي صحة الروح والقلب ويخرج الغذاء الروحي والقبي عن تأثيره، هي الوساوس والتصرفات الشيطانية.

* غذاء الروح لم يفيدهم:

ومما يشير إلى أن غذاء الروح بنفسه لا يكفي إذا لم يخلص من الوساوس النفسية والشيطانية أن هناك بعض أهل العرفان الاصطلاحي أشخاصاً انتهت بهم هذه الاصطلاحات والغور فيها إلى الضلالة وجعلت قلوبهم منكوسة وبواطنهم مظلمة وصدرت منهم الدعاوى غير اللائقة والشطحات غير المناسبة.
كذلك هناك بعض الأفراد الذين سعوا في تصفية أنفسهم نراهم على غير صفاء.
كما أن هناك أفراداً من طلاب العلوم الدينية لم يستفيدوا من غذاء العلم الإلهي وازدادوا في المفاسد الأخلاقية.
وفي أهل العبادة أيضا أفراد لم يستفيدوا من غذاء العبادة ونرى فيهم تكبّراً وسوء ظن في عباد الله إلى غير ذلك من الظلمات النفسية.

* ما يساعد على الخلاص من الوساوس والتصرفات الشيطانية:

(أو متى يفيد الغذاء وكيف) من الأمور المهمّة في المساعدة على إفادة الغذاء الروحي من حيث الحدّ من التصرفات الشيطانية في القلب ما يلي:
1- ينبغي أن يكون الغذاء الروحي مأخوذا من النبع الصافي للإسلام وهذا النبع هو: الرسول محمد وآل بيته (صلوات الله عليه وعليهم).
2- ولا يحصل الخلاص من تصرف الشيطان الذي هو مقدّمة للإخلاص بحقيقته إلا أن يكون السالك في سلوكه طالبا لله، ويضع حب النفس وعبادتها الذي هو المنشأ للمفاسد كلها وأمّ الأمراض الباطنية تحت قدميه.
3- عليك أن لا تيأس من القضاء على تصرفات الشيطان، فاليأس من روح الله رأس كل برودة وفتور ومن الكبائر.
4- واظب بكمال المواظبة والدقة على حالك كطبيب رفيق ورقيب شفيق وفتّش بالدقّة عن عيوب مسيرك وسلوكك إلى الله تعالى، ولا تخلّي نفسك على رسلها آنا ما، فربما تسقط نفسك في الهاوية في لحظة غفلة.
5- عليك باللجوء إلى الربّ الرحيم في خلواتك والتضرع والاستكانة إليه، فإن في سلوكك إليه بحاجة إليه وإلى توفيقه.

* النشاط والبهجة في العبادة:

ومن الآداب القلبية للصلاة وسائر العبادات وله نتائج حسنة في التقدّم الروحي، أن يجتهد السالك إلى الله في أن تكون عبادته عن نشاط وبهجة في قلبه وفرح وانبساط في خاطره، ويحترز احترازاً شديداً أن يأتي بالعبادة مع الكسل وإدبار النفس، فلا يكون لها تعب وفتور، لأنه إذا حمل على النفس العبادة في حين الكسل والتعب، يمكن أن تترتب عليها آثار سلبية خطيرة عكس المرجو من العبادة، ومن هذه الأثار السلبية أن ينفر الإنسان من العبادة بل أكثر من هذا، يمكن أن يبتعد عن ذكر الحق تعالى بالكلية.
وكما أن الأطباء يعتقدون بأن الطعام إذا أكل في حال السرور والبهجة يكون أسرع في الهضم، كذلك يقتضي الطب الروحي بأن الإنسان إذا تغذى بالأغذية الروحانية بالبهجة والاشتياق محترزاً عن الكسل والتكلف يكون ظهور آثارها في القلب وتصفية باطن القلب بها أسرع.
وفي القرآن الكريم إشارات إلى هذا الأدب، فقد قال في وصف المنافقين: "وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَ وَهُمْ كُسَالَى"(1).
وقد فسرت الآية: "لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى"(2) في حديث بأن المراد من سكارى كسالى.
وفي الروايات إشارة أيضا إلى هذا الأدب، وهذه بعضها:
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "لا تكرهوا إلى أنفسكم العبادة".
وعنه عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولا تبغّض إلى نفسك عبادة ربّك".
وهنا حديث مهم عن العسكري عليه السلام: "إذا نشطت القلوب فأودعوها وإذا نفرت فودّعوها".
فهذا الحديث يرشد الإنسان السالك إلى الله أن يراعي نفسه وحاله من الفتور والنشاط، فإذا فترت نفسه عن العبادة فلا يكرهها وينفّرها من العبادة وإذا نشطت فليقبل عليها.
وهنا نصيحة مهمة للشباب – خصوصاً – لأنهم إذا لم يعاملوا أنفسهم بالرفق والمداراة ولم يعطوا أنفسهم حقوقها، فربّما تصير أنفسهم بسبب الضغط عليها بأكثر من العادة مطلقة العنان في شهواتها.
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "اجتهدت في العبادة وأنا شاب فقال لي أبي يا بني دون ما أراك تصنع فإن الله عزّ وجلّ إذا أحب عبدا رضي منه اليسير".
هذا ومن الأمور التي تساعد الشاب على العبادى بنشاط وعلى السلوك إلى الله تعالى والقرب منه، الزواج؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من تزوج فقد أحرز نصف دينه".
وليس صحيحاً كبت الإنسان والشاب بالخصوص نفسه، فعن علي عليه السلام قال: "إن جماعة من الصحابة كانوا حرّموا على أنفسهم النساء والافطار بالنهار والنوم والليل فأخبرت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخرج إلى أصحابه فقال: أترغبون عن النساء؟ إني آتي النساء، وآكل بالنهار، وأنام بالليل، فمن رغب عن سنّتي فليس مني، وأنزل الله: "لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلاَلاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ".

من فقه الاسلام

س: هل يجب استقرار البدن بصورة كاملة عند قراءة الأذكار المستحبة للصلاة أم لا؟
ج: في وجوب الاستقرار والطمأنينة أثناء الصلاة لا فرق بين الأذكار الواجبة والمستحبة، نعم لا إشكال في الإتيان بالذكر حال الحركة بقصد مطلق الذكر(3).
س: لو وقع خطأ – بسبب التهاون، أو بسبب اللهجة التي يتكلّم بها الإنسان – في قراءة الحمد والسورة، أو في إعراب وحركات الكلمات في الصلاة، كأن يقرأ كلمة "يولد" بكسر اللام بدلا من فتحها، فما هو حكم الصلاة؟
ج: إذا كان متعمدا أو جاهلا مقصّرا – قادرا على التعلم – فالصلاة باطلة، وإلا فصحيحة، ونعم بالنسبة لصلواته الماضية إذا كان يعتقد صحة القراءة بالنحو المذكور فلا يجب قضاؤها.
س: شخص عمره 35 أو 40 عاماً، وفي سن الطفولة لم يعلّمه أبواه الصلاة، وذلك الشخص أميّ وقد سعى لتعلم الصلاة على الصورة الصحيحة، ولكنه لا يتمكن من آداء كلمات وأذكار الصلاة بصورة صحيحة، كما أنه لا يأتي ببعض كلماتها أصلا، فهل صلاته صحيحة؟
ج: صلاته محكومة بالصحة إذا أتى بما يتمكن عليه منها.
س: هل تصح الصلاة بالإشارة من المريض المصاب بالخرس إذا كان لا يقدر على التكلم ولكنه سليم الحواس؟
ج: صلاته صحيحة ومجزية في الفرض المذكور(4).

خلاصة

- من الآداب العامة للعبادات: الطمأنينة، وهي تعني إتيان العبادة مع سكون القلب
- مرحلة الشباب أقرب إلى الشعور بالطمأنينة
- مما يشير إلى عدم كفاية العبادات – دون كبح الخواطر الشيطانية – جماعات منهم بعض مدّعي العرفان، وبعض أهل العبادة
- ما يساعد على الحدّ من الوساوس الشيطانية، أخذ الغذاء الروحي من النبع الصافي للإسلام، طلب الله وعدم عبادة هوى النفس، لا تيأس، وتضرّع إلى الله تعالى، ولا تترك نفسك دون رياضة وتدريب ومراقبة
- ومن الآداب العامة: النشاط والبهجة في العبادة
* عن عروة بن الزبير، قال: كنا نتذاكر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعمال أهل بدر وبيعة أهل الرضوان، فقال أبو الدرداء: ألا أخبركم بأقل القوم مالا وأكثرهم ورعاً واجتهاداً في العبادة؟
قالوا: من؟
قال: علي بن أبي طالب عليه السلام، رأيته في حائط بني النجار يدعو، ثم انغمر في الدعاء، فلم أسمع له حسّاً وحركة، فقلت: غلب عليه النوم لطول السهر، فذهبت لكي أوقظه لصلاة الفجر فأتيته، فإذا هو كالخشبة الملقاة، فلم يتحرك، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ما والله علي بن أبي طالب عليه السلام.
فأتيت منزله مبادرا أنعاه إليهم، فقالت فاطمة عليها السلام، يا أبا الدرداء، ما كان من شأنه وقصته، فأخبرتها الخبر.
فقالت عليها السلام: هي والله يا أبا الدرداء الغشوة التي تأخذه من خشية الله.
ثم أتوه بماء فنضحوا على وجهه فأفاق، ونظر إليّ وأنا أبكي.
فقال عليه السلام: ما بكاؤك يا أبا الدرداء؟
فقلت: بما أراه تنزله بنفسك.
فقال عليه السلام: "كيف بك إذا رأيتني أدعى إلى الحساب, وأيقن أهل الجرائم بالعذاب، واحتوشتني ملائكة غلاظ شداد وزبانية فظاط، فوقفت بين يدي الملك الجبار وأسلمتني الأحباب، ورفضني أهل الدنيا لكنت أشد رحمة بي بين يدي من لا تخفى عليه خافية".
* طلب أحد العلماء من ابنه أن يستيقظ ليلا حتى يخرج معه لأداء صلاة الليل في أحد الأماكن المقدسة فتكاسل هذا الشاب في البداية ولكنه قام بعد ذلك امتثالاً لأمر أبيه وقبل أن يصلوا إلى مكان العبادة التفت الأب إلى ابنه وهو يشير إلى فقير في الشارع يطلب من الناس الصدقة .
فقال: يا بني إن هذا الفقير قد ترك لذة النوم والراحة وجاء هنا في هذا المكان غيرالمريح يستعطي الناس بذلّة والله (عزّ وجلّ) وعدك في قيام الليل بالثواب العظيم فلا تعلم أي نفس ما أعد الله من النعيم لمن يقوم الليل بالعبادة وأنت تنام عن هذا الثواب.
يا بني هذا الفقير قد يحصل على درهم بعد التعب الشديد والتذلل للناس ولكنك إن أتعبت نفسك في العبادة سوف تحصل على جنات تجري من تحتها الأنهار وغير ذلك من النعيم، ورضوان من الله أكبر، فاليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل استفاد الابن من نصيحة والده ولم يترك صلاة الليل أبداً.
المصادر :
1- التوبة:45
2- النساء:43
3- م.س، ص99
4- م.س، ص138-


source : rasekhoon
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

هل نحن وحدنا في الكون؟
القهوة و الشاي ليس لهما علاقة بسرطان الثدي
ماهي علامات الحب..؟
الرجل والمرأة في المجتمع
لعبة الغيرة والشك .. أسبابها وآثارها المدمرة
وصول ضيوف المؤتمر السادس للمجمع العالمي لأهل ...
النساء في العاصمة الجزائرية ارتدين الحجاب بهدف ...
الانسان وباقي المخلوقات
الكربلائي يؤكد ضرورة توضيح لمعنى شعيرة "زيارة ...
صلة الوالدین

 
user comment