إطلالة مختصرة على حياة الإمام الكاظم(عليه السلام)
(موقع سماحة الشاهرودي)
اسمه: موسى
لقبه: الكاظم، الصابر، الزاهر، العالم، العبد، الصالح، السيد، باب الحوائج.
كنية: ابوالحسن و أبو ابراهيم
والده: الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)
والدته: السيدة حميدة المصفاة
جدّه: الإمام الباقر (عليه السلام)
ولادته: ولد بين مكّة و المدينة فى منطقة تسمى الأبواء عام 128 هـ ايام عبدالملك بن مروان فى السابع عشر من صفر.
مدّة إمامته: خمسة و ثلاثين عاماً، استلم مهام الإمامة و له من العمر عشرين سنة عام 148 هـ
معاصريه من بنى العباس: عاصر بقية ملك المنصور، و ملك المهدى لمدة 10 سنوات، و الهادى لمدة سنة واحدة، و هارون الرشيد لمدة 15 سنة.
أولاده: له سبعة و ثلاثون، ثمانية عشر ابناً، و سبعة عشر بنتاً اشهرهم: الإمام الرضـا (عليه السلام) و القاسم، و أحمد و محمد العابد، و حكيمة التي توّلت ولادة الإمام الجواد (عليه السلام)، و فاطمة المعصومة، التى من زارها عارفاً بحقها فله الجنّة أن شاء الله.
من زوجاته: أشهرهنّ السيدة الجليلة (تكتم) أمّ الإمام الرضــا (عليه السلام).
استشهاده: استشهد (عليه السلام) فى سجن السندى بن شاهك، ببغداد المصادف 25 رجب عام 183 هـ متأثراً بسمّ دسّه إليه هارون الرشيد، و كان عمره خمسة و خمسون عاماً.
صفته: كان أسمراً، شديد السمرة، معتدل القامة، كثّ اللحية، حسن الوجه، نحيف الجسم، له هيبة و جلال.
محلّ دفنه: مدينة الكاظمية فى العراق.
الإمام الكاظم (عليه السلام) يواجه خطر الانقسامات:
لقد علم الإمام الصادق(عليه السلام) أنّ بعض أصحابه سوف يميلون عن إمامة ولده الكاظم إلى إسماعيل، و هو اكبر من الكاظم (عليه السلام) و شاءت القدرة الإلهية أن يموت إسماعيل فى حياة أبيه الصادق، فلمّا توفى أحضر الإمام جماعة من أصحابه و أشهدهم على موت اسماعيل فى بيته، ثمّ أشهدهم على موته أثناء التشييع، فكان الصادق يكشف عن وجه.ابنه إسماعيل و يسألهم فيقولون له أنّه ميّت، و مع كلّ هذه التأكيدات، ظهر فيما بعد وفاة الصادق (عليه السلام) اتجاه جديد فى الأمّة الإسلامية أطلق عليه (الإسماعيلية) و هم القائلون بإمامة إسماعيل، و أنّه لم يمت، و إنّما هرب من المدينة، و مثل هذه الفرقة كانت هناك فرقة اخرى يعتقدون أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) لم يمت، و إنّما هو القائم المهدى(عجّل الله تعالى فرجه) فاعرضوا عن إمامة الكاظم أيضاً، و إلى جانب هذا ظهرت فرقة أخيرة اطلق عليها اسم (الفطحية) الذين قالوا بإمامة عبدالله الأفطح، و هو أخو إسماعيل لأمّه و أبيه، و أعرضوا عن الكاظم (عليه السلام)، و بالإضافة إلى فرق اخرى انحرفت عن خطّ التشيع من قبل، مثل الزيدية، و الكيسانية، و الخطابية، و غيرها.
فقد واجه الإمام الكاظم (عليه السلام) كلّ هؤلاء، و كان اللازم عليه أن يبرز فضائله، و مؤهلاته، و قدراته العلمية، و الروحية، لكى تتوجه إليه الناس دون اؤلئك المضلين، و لكنّ من جهة اخرى لم يكن الوضع السياسى محموداً كثيراً، حتى يستطيع الإمام أن يقوم بذلك، لأنّ العباسيين كانوا من أكبر المجرمين فى حقّ أهل البيت، اذ يطاردون الشيعة فى كلّ مكان و يقضون عليهم.
بمختلف الوسائل و بأبشع الصور، فكان أغلبهم أن لم يكن كلهم بما فيهم الإمام الكاظم (عليه السلام) يعملون بالتقية اذن يتضح لنا أنّ الفترة التى عاشها الكاظم (عليه السلام) تمثل منعطفاً صعباً و خطيراً ألمّت بالمسلمين، و كانت تلك الفترة اقسى فترة، اذ حكمها مجموعة طواغيت بكلّ معنى الكلمة، ممّا سبب كثرة الضغط السياسى القاهر الذى كان أحد أسباب كثرة الإنقسامات فى العقائد و الفرق.
و لكنّ الإمام لم يجلس مكتوف الأيدى، بل عمل على عدة محاور:
أولاً : واصل عى إدامة الدروس و المحاضرات التى كان يلقيها الإمام الصادق (عليه السلام)، فعمل الإمام الكاظم (عليه السلام) على إحتواء هذه المدرسة الفذّة، و احتواء رجالها المخلصين، و كان يأمرهم بتدوين العلم، و بثّه فى الناس لأنّ العلم هو الاداة الوحيدة لمحاربة الجهل، و سياسة التجهيل، التى يشنها بنو العباس
ثانياً : انقاذ العوائل الهاشمية، و الشيعية المتضررة من سياسة العباسيين، فكان الإمام يرسل الاموال اليهم لكيلا يفقدوا دينهم تحت ضغط الظالمين. و كان (عليه السلام) يحمل الطعام إلى الفقراء ليلاً.
ثالثاً :تصحيح المسار العقائدى فى الاسلام، فكان (عليه السلام) يناظر الملحدين، والمنحرفين، كالمجسمة، الذين يعتقدون أنّ الله جسم، و بقية الفرق المنحرفة، فى موضوع الامامة، و غيرها من الانحرافات التى خلقها بعض علماء السوء ووعاظ السلاطين، مثل أنّ القرآن غير مخلوق.
موجز عن ملوك بني العباس:
لقد واجه الكاظم (عليه السلام) أعتى الظلمة و الجبابرة فى عهدهم:
أبو جعفر المنصور الدوانيقى: و هو الملك الثانى للدولة العباسية بعد أخيه، أبا العباس السفاح، و كان المنصور السبب الأوّل لسمّ الإمام الصادق (عليه السلام) و استشهاده، و يروي لنا التاريخ عن هذه الشخصية أنّها كانت مشهوره بالبخل حتى لقبّ بالدوانيقى، و مشهور بالخيانة، و اللئم و عدم الوفاء، حتى عدّ ابرز مظاهر شخصيته الغدر و الفتك، حتى بأقرب المقربين إليه، و كان المنصور بنى الاسطوانات الدائرية على شيعة أهل البيت و هم أحياء فعرف بحقده للشيعه.
محمد المهدى العباسى: أمتاز هذا الملك الجديد بميوله نحو اللهو و الخلاعة، و المجون و النساء، فانتشر على اثر ذلك الفساد و المجون فى البلاد، و التحلل الخلقى بين الناس، و هو الذى قرّب المغنين، و جعل لهم أياماً خاصة، حتى صار أبنه (إبراهيم) شيخ المغنين، و بنته (عليّة) فى طليعة المغنيات، و العازفات، و الراقصات، فى بغداد.
و كان من صفاته البذخ و الإسراف من أموال المسلمين، و راح هو نحو الخمر و السكر، فصار فى ظلّ ملكه للمرأه نفوذ واسع كالخيزران أمّ هارون الرشيد، و زوجة المهدى، حيث كانت تعيّن، و تفصل، و تقرّب، و تبعد من تشاء، و بذلك انتشرت الميوعة والرشوه و من أقبح افعال المهدى أنّه سجن الإمام الكاظم (عليه السلام) ذات مرة ثمّ اطلقه على أثر رؤيا رأى فيها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)و قد هدده.
ولكنّ الإمام (عليه السلام) مع كلّ هذه الإنحرافات التى تصدر من هؤلاء و جبروتهم و جراتهم على الله، لم تكن شخصياتهم الواهية تخفيف الإمام الكاظم (عليه السلام) أبداً، بل كان يواجههم بالكلمات اللاذعة، و العبارات المؤثرة، و يذكّرهم الله ،و حقوق الناس، لاسيّما حقوق أهل البيت (عليه السلام).
و لمّا ورد أبوالحسن الكاظم (عليه السلام) على المهديّ العبّاسي رآه يردّ المظالم.
فقال الإمام:(( ما بال مظلمتنا لا تردّ؟
المهدى العباسى: و ماذاك يا أباالحسن؟
الإمام: أنّ الله تبارك و تعالى لمّا فتح على نبيه فدك و ما والاها لم يوجب عليها بخيل ولاركاب، (أي فتحت بلا حرب) فأنزل الله على نبيه أن إدفع فدك إلى فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) ، فلم يزل وكلاء فاطمة فيها فى حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلمّا ولى أبوبكر أخرج عنها وكلاءها فأخذها منها غصباً.
المهدى: يا أباالحسن حدها لى ؟
الإمام: حدّ منها جبل أحد، و حدّ منها عريش مصر، و حدّ منها سيف البحر، و حدّ منها دومة الجندل... المهدى: كلّ هذا؟
الإمام: نعم هذا كلّه ممّا لم يوجف أهله على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بخيل و لاركاب)).
المهدى: كثير هذا سأنظر فيه!!
موسى الهادى العباسى: كان شاباً يا فعاً له من العمر 25 سنة ذو نزعات شريرة تظهر على سلوكه و أعماله الفاسدة و تميّز بغروره و طيشه، فلقد كانت فترة حكمه من الفترات القاسية الرهيبة فى تاريخ أهل البيت و شيعتهم، فقد أستمرّ فى سياسة آبائه المجرمين، المتميزه باضطهاد الأئمة، و شيعتهم، و قد وصفه المؤرخ المسعودى فى مروح الذهب قائلاً: كان قاسى القلب، شرس الأخلاق، صعب المرام.
وأهتمّ الهادى فى الغناء، و الطرب، و الإعتناء بالسهرات الماجنة، و الإغداق على أهل الطرب و اللهو، ممّا أدّى إلى اندلاع أكبر ثورة قادها العلويون، و شيعتهم ضده، و هى واقعة فخ، التى قادها الحسين بن على قائد الثورة آنذاك، و كان موقف الإمام الكاظم (عليه السلام) من ثورة فخ أيجابى فإنّه بشّر صاحب الثورة بالشهادة، و أوصاه بالقوة، والصبر قائلاً ليه:(( إنّك مقتول فاحدّ الضراب فإنّّ القوم فسّاق....))
هارون الرشيد: ولكنّه لم يكن رشيداً بمعنى الكلمه، و لكن مجرد لقب أضفاه على نفسه، فسوف نعرض صورة موجزة عن عهده المشئوم، ليتضح لك المشهد كلّه: لقد دبّرت الخيزران (أمّ هارون) مع يحيى البرمكى (رئيس وزراء هارون فيما بعد) عملية اغتيال موسى الهادى (اخو هارون)
فاستولى هارون على الملك، و لكن كان نفوذ الخيزران لا يخفى اذ هى صاحبة الفضل، و هكذا يحيى البرمكى، و من العلامات المميزة فى شخصية هارون، هو الترف المالى الفظيع، و بذخ المال على الجوارى، و المغنيات، و الراقصات، و ما يصاحب ذلك من شرب الخمور، و بقية المفردات الفاسدة، و لكنّ هارون ضرب الرقم القياسى فى قتل العلويين، و استئصالهم فكان يوصى عماله
بذلك بلاذنب أو خطأ، بل لمجرد الحقد الدفين لأهل البيت (عليه السلام)، و كان أوّل مافعله عند ما استلم الملك بأن أمر بإخراج جميع الطالبين من بغداد إلى المدينة، كرهاً لهم و مقتاً.
أقبح اعمال هارون: بالإضافة إلى قتل هارون الكثير من العلويين، و محبين أهل البيت (عليه السلام)، و تلاعبه بأموال المسليمن، و الفقراء، ولكنّا نذكر أقبح اعماله و أشهرها وهى:
1- نبش قبر الإمام الحسين (عليه السلام)، و منع زيارته.
2- سجن الإمام الكاظم (عليه السلام) عدّة مرات.
3- قتل الإمام الكاظم بأن دسّ إليه السمّ.
و كان سبب نبش و تهديم قبر الإمام الحسين (عليه السلام) لأنّه تحوّل إلى قبلة الثائرين، و محطة الرساليين، و كان سبب سجن الإمام و ذلك لإلتفاف الناس الشرفاء حوله، و العلماء، و طلاب الحق، و المضطهدين، و المتضررين من سياسة هارون، فخاف هارون من اتساع رقعة الإمام (عليه السلام)، و احتوائه قلوب الناس، و كان سبب قتله (عليه السلام) لأنّ الإمام واصل اتصاله، و عمله مع الشرفاء من داخل السجن.
موقف الإمام(عليه السلام) من هارون:
هارون... يعنى الظلم، هارون.... يعنى القتل و الإرهاب و الاضطهاد. هذه هى الهوية الشخصية لهارون الرشيد، الذى صار عند القوم ملك الظلم و الطغيان و الاستهتار، و عند المرتزقة و أهل الفجور ملك الأدب، و الإزدهار، و التقدم!!، و لكنّ أيّ تقدم مع إراقة دماء الأبرياء و نبش قبور الأولياء؟
لقد عمل إمامنا الكاظم (عليه السلام) على إشاعة مفهوم مهم فى حياة كلّ انسان ألا و هو (عدم الركون للظالمين) لأنّ الطاغوت لايكون كذلك إلاّ أذا وجد اتباعاً له، ولا يستفحل أمره إلاّ أذا وجد ممن يطيعه، فإذا جرّدناه من اتباعه، و تابعيه يسقط فى لحظات ي
source : alhassanain