طاعة الله و رسوله ‏( للعلامة انصاریان )

طاعة الله ورسوله‌


يصرح القرآن بأن طاعة الله والرسول ستقود الإنسان إلى الفوز فى الدنيا والآخرة:
وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً «6».
كما أن القرآن يعلن بأن طاعة الله والرسول ستؤدى بالإنسان‌
______________________________
 (1) سورة آل عمران: الآية 7.
 (2) الكافى: 1/ 213، باب أن الراسخين فى العلم هم الأئمة: ح 1؛ وسائل الشيعة: 27/ 178، باب 13، ح 36، 33؛ بحار الأنوار: 23/ 198، باب 10، ح 31؛ تفسير الصافى: 1/ 247.
 (3) سورة الأحزاب: الآية 56.
 (4) تفسير الصافى: 4/ 201.
 (5) سورة الفتح: الآية 10.
 (6) سورة الأحزاب: الآية 71.


اهل البيت (ع) ملائكةالارض، للعلامة انصاریان، ص: 195


إلى أن يكون رفيقاً للأنبياء يوم القيامة، وإن الله عزّ وجلّ سوف
‌
يحشره مع الصديقين والشهداء.
وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً «1».
كما أن طاعة النبى (ص) تعدّ طاعة لله، وفى هذا دلالة واضحة على أفضلية النبى (ص) على سائر المخلوقات وأن طاعته سبب فى دخول الجنة و الخلاص من النار والعذاب الأليم:
وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ مَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً «2».
كما أن طاعة النبى (ص) سبب فى شمول الرحمة الإلهية للإنسان:
وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ‌ «3».
عن بشر بن شريح البصرى، قال: ما يقول فيها قومك قال: قل: يقولون يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله‌ «4».
قال: لكنّا أهل البيت لا نقول ذلك، قال: قلت: فأى شى‌ء تقولون فيها؟
قال: نقول: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى‌ «5» الشفاعة والله الشفاعة والله الشفاعة والله‌ «6».
______________________________
 (1) سورة النساء: الآية 69.
 (2) سورة الفتح: الآية 17.
 (3) سورة النور: الآية 56.
 (4) سورة الزمر: الآية 53.
 (5) سورة الضحى: الآية 5.
 (6) تفسير القرآن: 570، ح 734؛ بحار الأنوار: 8/ 57، باب 21، ح 72.


اهل البيت (ع) ملائكة الارض، للعلامة انصاریان، ص: 196


وجاء فى رواية أخرى أن زيد الشهيد نجل الإمام السجاد سئل‌
عن قوله تعالى: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى‌ قال: إن رضا رسول الله (ص) إدخال الله أهل بيته وشيعتهم الجنّة «1».
أهل البيت فى القرآن الكريم‌
إن آية التطهير «2» فى القرآن الكريم تعلن بشكل صريح نقاء أهل البيت وطهرهم، وهناك من الآيات ما يعزز كون هذه الآية إنما تخصّ أهل البيت وحدهم دون غيرهم.
ويروى عن عبدالله بن جعفر أنه قال: كنت عند معاوية ومعنا الحسن والحسين صلوات الله عليهما، وعنده عبدالله بن عباس فالتفت إلىَّ معاوية، فقال: يا عبدالله ما أشدّ تعظيمك للحسن والحسين، وما هما بخير منك ولا أبوهما بخير من أبيك، ولولا أن فاطمة بنت رسول الله (ص) لقلت ما أمّك أسماء بنت عميس بدونها.
وجاء فى جواب عبدالله وهو طويل ما يهمنا فى هذا الموضوع: يا معاوية أن عمر بن الخطاب أرسلنى فى إمرته إلى على بن أبى طالب (ع) إنى أريد أن أكتب القرآن فى مصحف فابعث إلينا ما كتبت من القرآن، فقال: تضرب والله عنقى قبل أن تصل إليه قلت: ولم؟ قال: إن الله يقول: لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ‌ «3» يعنى لا يناله كلّه إلا المطهرون أيّانا نحن عنى الذين أذهب الله عنّا الرجس وطهرنا تطهيرا، وقال: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا «4».
______________________________
 (1) بحار الأنوار: ج 16/ 143 باب 7 ح 10.
 (2) قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراًسورة الأحزاب: الآية 33.
 (3) سورة الواقعة: الآية 79.
 (4) سورة فاطر: الآية 32.


اهل البيت (ع) ملائكةالارض، للعلامة انصاریان ص: 197

فنحن الذين اصطفانا الله من عباده ونحن صفوة الله ولنا ضرب‌

الأمثال وعلينا نزل الوحى‌ «1».
وعن المنقرى عن يحيى بن سعيد العطار، قال: سمعت أبا عبدالله (ع) يقول فى قول الله تبارك وتعالى: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ‌ «2» قال: على وفاطمة (عليهما السلام) بحران عميقان لا يبغى أحدهما على صاحبه‌ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ‌ «3» قال الحسن والحسين (عليهما السلام) «4».
وجاء فى تفسير مجمع البيان عن سلمان الفارسى، وسعيد بن جبير وسفيان الثورى، إن البحرين على وفاطمة والبرزخ هو محمد (ص) واللؤلؤ والمرجان هما الحسن والحسين‌ «5».
وجاء فى رواية حول تفسير الشفع فى سورة الفجر المباركة هما الحسن والحسين، وأن الوتر أمير المؤمنين على (ع) «6».
وجاء عن الكلينى فى كتابه الشريف الكافى، وهو من أبرز كتب الشيعة الحديثية المعتبرة وفى القسم المتعلق بكتاب الحجّة أن أهل البيت (ع) هم مصداق أولى الأمر والأئمة الذين يهدون بأمر الله، وهم أهل الذكر والراسخون فى العلم، وأهل العهد الذى جاء فى قوله تعالى: لا ينال عهدى الظالمين.
وهناك ما يربوا على الثلاثمئة مورد ورواية تفيد بأن المراد من القربى هم أهل البيت (ع) والأئمة الأطهار ولا يقتصر الأمر على كتب‌
______________________________
 (1) كتاب سليم بن قيس الهلالى: 834 ح 42؛ بحار الأنوار: 23/ 265 باب 202.
 (2) سورة الرحمن: الآيتان: 20 19.
 (3) تفسير القمى: 2/ 344؛ بحار الأنوار: ج 39/ 95 باب 50 ح 61؛ تفسير الصافى: 6412.
 (4) مجمع البيان: 9/ 256؛ تأويل الآيات الظاهرة: 615.
 (5) كتاب سليم بن قيس الهلالى: 834 ح 42؛ بحار الأنوار: 33/ 265 باب 202.
 (6) تفسير القمى: 2/ 419؛ بحار الأنوار: 24/ 349 باب 67 ح 61؛ الصافى: 8152.


اهل البيت (ع) ملائكةالارض، للعلامة انصاریان، ص: 198


الشيعة وإنما توجد أيضاً روايات فى كتب السنة تفيد بذلك‌ «1».
وجاء فى السورة المباركة النور قوله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ‌ «2».
حيث تتضمن إشارة واضحة إلى أهل البيت (ع) الذين إذن الله عزّ وجلّ أن يرفعوا ويكونوا أهل الذكر.
وفى بيوت أهل البيت (ع) يرتفع ذكر الله عزّ وجلّ وتختلف الملائكة ويسطع نور الله الذى هو نور السموات والأرض.
وجاء عن أنس بن مالك وبريدة قالا: قرأ رسول الله (ص) قوله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ‌ إلى قوله‌ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ فقام رجل فقال: أى بيوت هذه يا رسول الله قال (ص): بيوت الأنبياء فقال أبو بكر: يا رسول الله هذا البيت منها لبيت على وفاطمة (عليهما السلام) (أى مشيراً إلى بيت على وفاطمة قال (ص): نعم من أفاضلها «3»، وعلى هذا فإن أهل البيت (ع) هم أهل الذكر وأهل التسبيح وأهل العبادة الخالصة وأهل الخدمة الخالصة لعباد الله وهم أهل المناجاة بالأسحار وأهل الصلاة فى الليل والنهار.
 
وسكر الفؤاد من كأس حبك‌         يا من بدأ وجودى باسمك‌       
ذكرك أضاء فؤادى وروحى‌         وأساس روحى وإيمانى‌    

______________________________
 (1) انظر: مستدرك الحاكم: 2/ 172؛ ذخائر العقبى: 25/ 138؛ مجمع الزوائد: 7/ 101؛ الصواعق المحرقة: 258/ 272؛ أسد الغابة: 5/ 367؛ نور الأبصار: 112؛ فضائل الصحابة: 2/ 669؛ تفسير الدر المنثور: 6/ 7؛ تفسير ابن كثير: 4/ 169؛ تفسير القرطبى: 5841؛ تفسير الكشاف: 2/ 331.
 (2) سورة النور: الآية 361.
 (3) شواهد التنزيل: 1/ 533، ح 567؛ بحار الأنوار: 36/ 117، باب 39 ح 64.


اهل البيت (ع) ملائكةالارض، للعلامة انصاریان ص: 199


 
وينير ذكرك قلبى‌         وبلقعى من ذكرك يستحيل إلى روض‌       
يا من هو بدء العالم ومنتهاه‌         ويا من هو الظاهر والباطن الخفى‌       
ويا إيها الكريم والغفور والودود         مالك الملك وكل الغيب والشهود       
ويا من برحمته قام العالم‌         ويا أيها الرحيم والحكيم و الحاكم‌    
 
وأطرق بابك كالشحاذ         وكالبائس المسكين أقف عند بابك‌       
أملى ورجائى بكرمك‌         دائم الذكر فى الدرب إليك‌       
إن مجدى فى العالمين عبوديتى‌         أجل عبوديتى هى رمز وجودى‌ «1»    

إن أهل البيت هم المصداق الواضح والساطع للحقائق العالية فى قوله تعالى: رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَ لا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ إِقامِ الصَّلاةِ وَ إِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ «2»
أجل أن هواجسهم تنصبّ فى ذلك اليوم مع أنهم فى المرتبة العليا من حيث العبادة والتقوى والإيمان الراسخ إلى حدّ اليقين والدرجة الرفيعة فى الأخلاق وفى الصفات الإنسانية.
______________________________
 (1) المؤلف.
 (2) سورة النور: الآية 371.

اهل البيت (ع) ملائكة الارض، للعلامة انصاریان  ص: 200