نوح الجن عليه صلوات الله عليه
1- أَقُولُ وَجَدْتُ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْمَنَاقِبِ الْمُعْتَبَرَةِ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ سَيِّدِ الْحُفَّاظِ أَبِي مَنْصُورٍ الدَّيْلَمِيِّ عَنِ الرَّئِيسِ أَبِي الْفَتْحِ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ الْحَنَفِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الطَّبَرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَطَّارِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ حَارِثَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْخُزَاعِيِّ عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْجَوْنِ قَالَتْ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِخَيْمَةِ خَالَتِهَا أُمِّ مَعْبَدٍ وَ مَعَهُ أَصْحَابٌ لَهُ فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ فِي الشَّاةِ مَا قَدْ عَرَفَهُ النَّاسُ فَقَالَ فِي الْخَيْمَةِ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ حَتَّى أَبْرَدَ وَ كَانَ يَوْمٌ قَائِظٌ شَدِيدٌ حَرُّهُ فَلَمَّا قَامَ مِنْ رَقْدَتِهِ دَعَا بِمَاءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ فَأَنْقَاهُمَا ثُمَّ مَضْمَضَ فَاهُ وَ مَجَّهُ عَلَى عَوْسَجَةٍ كَانَتْ إِلَى جَنْبِ خَيْمَةِ خَالَتِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَ اسْتَنْشَقَ ثَلَاثاً وَ غَسَلَ وَجْهَهُ وَ ذِرَاعَيْهِ ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَ رِجْلَيْهِ وَ قَالَ لِهَذِهِ الْعَوْسَجَةِ شَأْنٌ ثُمَّ فَعَلَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَعَجِبْتُ وَ فَتَيَاتُ الْحَيِّ مِنْ ذَلِكَ وَ مَا كَانَ عَهِدْنَا وَ لَا رَأَيْنَا مُصَلِّياً قَبْلَهُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَصْبَحْنَا وَ قَدْ عَلَتِ الْعَوْسَجَةُ حَتَّى صَارَتْ كَأَعْظَمِ دَوْحَةٍ عَادِيَةٍ وَ أَبْهَى وَ خَضَدَ اللَّهُ شَوْكَهَا وَ سَاخَتْ عُرُوقُهَا وَ كَثُرَتْ أَفْنَانُهَا وَ اخْضَرَّ سَاقُهَا وَ وَرَقُهَا ثُمَّ أَثْمَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَ أَيْنَعَتْ بِثَمَرٍ كَأَعْظَمِ مَا يَكُونُ مِنَ الْكَمْأَةِ فِي لَوْنِ الْوَرْسِ الْمَسْحُوقِ وَ رَائِحَةِ الْعَنْبَرِ وَ طَعْمِ الشَّهْدِ وَ اللَّهِ مَا أَكَلَ مِنْهَا جَائِعٌ إِلَّا شَبِعَ وَ لَا ظَمْآنُ إِلَّا رَوِيَ وَ لَا سَقِيمٌ إِلَّا بَرَأَ وَ لَا ذُو حَاجَةٍ وَ فَاقَةٍ إِلَّا اسْتَغْنَى وَ لَا أَكَلَ مِنْ وَرَقِهَا
بحارالأنوار ج : 45 ص : 234
بَعِيرٌ وَ لَا نَاقَةٌ وَ لَا شَاةٌ إِلَّا سَمِنَتْ وَ دَرَّ لَبَنُهَا وَ رَأَيْنَا النَّمَاءَ وَ الْبَرَكَةَ فِي أَمْوَالِنَا مُنْذُ يَوْمَ نَزَلَ وَ أَخْصَبَتْ بِلَادُنَا وَ أَمْرَعَتْ فَكُنَّا نُسَمِّي تِلْكَ الشَّجَرَةَ الْمُبَارَكَةَ وَ كَانَ يَنْتَابُنَا مَنْ حَوْلَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَوَادِي يَسْتَظِلُّونَ بِهَا وَ يَتَزَوَّدُونَ مِنْ وَرَقِهَا فِي الْأَسْفَارِ وَ يَحْمِلُونَ مَعَهُمْ فِي الْأَرْضِ الْقِفَارِ فَيَقُومُ لَهُمْ مَقَامَ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ فَلَمْ تَزَلْ كَذَلِكَ وَ عَلَى ذَلِكَ أَصْبَحْنَا ذَاتَ يَوْمٍ وَ قَدْ تَسَاقَطَ ثِمَارُهَا وَ اصْفَرَّ وَرَقُهَا فَأَحْزَنَنَا ذَلِكَ وَ فَرِقْنَا لَهُ فَمَا كَانَ إِلَّا قَلِيلٌ حَتَّى جَاءَ نَعْيُ رَسُولِ اللَّهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ قُبِضَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَكَانَتْ بَعْدَ ذَلِكَ تُثْمِرُ ثَمَراً دُونَ ذَلِكَ فِي الْعِظَمِ وَ الطَّعْمِ وَ الرَّائِحَةِ فَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ ثَلَاثِينَ سَنَةً فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ يَوْمٍ أَصْبَحْنَا وَ إِذَا بِهَا قَدْ تَشَوَّكَتْ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا فَذَهَبَتْ نَضَارَةُ عِيدَانِهَا وَ تَسَاقَطَ جَمِيعُ ثَمَرِهَا فَمَا كَانَ إِلَّا يَسِيراً حَتَّى وَافَى مَقْتَلَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَمَا أَثْمَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَا قَلِيلًا وَ لَا كَثِيراً وَ انْقَطَعَ ثَمَرُهَا وَ لَمْ نَزَلْ وَ مَنْ حَوْلَنَا نَأْخُذُ مِنْ وَرَقِهَا وَ نُدَاوِي مَرْضَانَا بِهَا وَ نَسْتَشْفِي بِهِ مِنْ أَسْقَامِنَا فَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بُرْهَةً طَوِيلَةً ثُمَّ أَصْبَحْنَا ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا بِهَا قَدِ انْبَعَثَتْ مِنْ سَاقِهَا دَماً عَبِيطاً جَارِياً وَ وَرَقُهَا ذَابِلَةٌ تَقْطُرُ دَماً كَمَاءِ اللَّحْمِ فَقُلْنَا أَنْ قَدْ حدث [حَدَثَتْ حَادِثَةٌ] عَظِيمَةٌ فَبِتْنَا لَيْلَتَنَا فَزِعِينَ مَهْمُومِينَ نَتَوَقَّعُ الدَّاهِيَةَ فَلَمَّا أَظْلَمَ اللَّيْلُ عَلَيْنَا سَمِعْنَا بُكَاءً وَ عَوِيلًا مِنْ تَحْتِهَا وَ جَلَبَةً شَدِيدَةً وَ رَجَّةً وَ سَمِعْنَا صَوْتَ بَاكِيَةٍ تَقُولُ
أَيَا ابْنَ النَّبِيِّ وَ يَا ابْنَ الْوَصِيِّ وَ يَا مَنْ بَقِيَّةُ سَادَاتِنَا الْأَكْرَمِينَا
ثُمَّ كَثُرَتِ الرَّنَّاتُ وَ الْأَصْوَاتُ فَلَمْ نَفْهَمْ كَثِيراً مِمَّا كَانُوا يَقُولُونَ فَأَتَانَا بَعْدَ ذَلِكَ قَتْلُ الْحُسَيْنِ ع وَ يَبِسَتِ الشَّجَرَةُ وَ جَفَّتْ فَكَسَرَتْهَا الرِّيَاحُ وَ الْأَمْطَارُ بَعْدَ ذَلِكَ فَذَهَبَتْ وَ انْدَرَسَ أَثَرُهَا
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ فَلَقِيتُ دِعْبِلَ بْنَ عَلِيٍّ الْخُزَاعِيَّ بِمَدِينَةِ الرَّسُولِ فَحَدَّثْتُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَلَمْ يُنْكِرْهُ
وَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ أُمِّهِ سَعِيدَةَ بِنْتِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيَّةِ أَنَّهَا أَدْرَكَتْ تِلْكَ الشَّجَرَةَ فَأَكَلَتْ مِنْ ثَمَرِهَا عَلَى عَهْدِ عَلِيِّ بْنِ
بحارالأنوار ج : 45 ص : 235
أَبِي طَالِبٍ ع وَ أَنَّهَا سَمِعَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ نَوْحَ الْجِنِّ فَحَفِظَتْ مِنْ جِنِّيَّةٍ مِنْهُنَّ
يَا ابْنَ الشَّهِيدِ وَ يَا شَهِيداً عَمُّهُ خَيْرُ الْعُمُومَةِ جَعْفَرُ الطَّيَّارُ
عَجَباً لِمَصْقُولٍ أَصَابَكَ حَدُّهُ فِي الْوَجْهِ مِنْكَ وَ قَدْ عَلَاهُ غُبَارٌ
قَالَ دِعْبِلٌ فَقُلْتُ فِي قَصِيدَتِي
زُرْ خَيْرَ قَبْرٍ بِالْعِرَاقِ يُزَارُ وَ اعْصِ الْحِمَارَ فَمَنْ نَهَاكَ حِمَارٌ
لِمَ لَا أَزُورُكَ يَا حُسَيْنُ لَكَ الْفِدَا قَوْمِي وَ مَنْ عُطِفَتْ عَلَيْهِ نِزَارُ
وَ لَكَ الْمَوَدَّةُ فِي قُلُوبِ ذَوِي النُّهَى وَ عَلَى عَدُوِّكَ مَقْتَةٌ وَ دَمَارٌ
يَا ابْنَ الشَّهِيدِ وَ يَا شَهِيداً عَمُّهُ خَيْرُ الْعُمُومَةِ جَعْفَرُ الطَّيَّارُ
بيان خضدت الشجر قطعت شوكها
2- وَ قَالَ ابْنُ نَمَا رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مُثِيرِ الْأَحْزَانِ نَاحَتْ عَلَيْهِ الْجِنُّ وَ كَانَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ص مِنْهُمْ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ يَسْتَمِعُونَ النَّوْحَ وَ يَبْكُونَ
وَ ذَكَرَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ سُمِعَ لَيْلَةَ قَتْلِهِ بِالْمَدِينَةِ مُنَادٍ يَسْمَعُونَهُ وَ لَا يَرَوْنَ شَخْصَهُ
أَيُّهَا الْقَاتِلُونَ جَهْلًا حُسَيْناً أَبْشِرُوا بِالْعَذَابِ وَ التَّنْكِيلِ
كُلُّ أَهْلِ السَّمَاءِ يَدْعُو عَلَيْكُمْ مِنْ نَبِيٍّ وَ مَلْأَكٍ وَ قَبِيلٍ
قَدْ لُعِنْتُمْ عَلَى لِسَانِ ابْنِ دَاوُدَ وَ مُوسَى وَ صَاحِبِ الْإِنْجِيلِ
وَ رُوِيَ أَنَّ هَاتِفاً سُمِعَ بِالْبَصْرَةِ يُنْشِدُ لَيْلًا
إن الرماح الواردات صدورها نحو الحسين تقاتل التنزيلا
و يهللون بأن قتلت و إنما قتلوا بك التكبير و التهليلا
فكأنما قتلوا أباك محمدا صلى عليه الله أو جبريلا
و ذكر ابن الجوزي في كتاب النور في فضائل الأيام و الشهور نوح الجن عليه فقالت
بحارالأنوار ج : 45 ص : 236
لقد جئن نساء الجن يبكين شجيات و يلطمن خدودا كالدنانير نقيات
و يلبسن الثياب السود بعد القصبيات
source : دار العر فان