عربي
Tuesday 26th of November 2024
0
نفر 0

عقوبة لا تستحق التاجيل

عقوبة لا تستحق التاجيل

قطيعة الرحم وعقوق الوالدين ذنبان کبیران لهما آثارهما الدنيوية اکثر مماهي اخروية والمعروف عنا انا نخاف الدنيا اکثر مما نخاف الآخرة وذلک لقلة الایمان بالاخرة هذين الذنبين وآثارهما، لا بد من الإشارة إلى أن تعجيل العقوبة بوجه خاص قد يكون رحمة للمؤمن ليكفر سيئاته, وليحذر مما هو فيه فيستأنف بعد أن يتوب إلى ربه من ذنبه.
عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:(أقبح المعاصي قطيعة الرحم والعقوق)(1)
وفي الدعاء: اللهم إني أعوذ بك من الذنوب التي تعجل النقم... اللهم إني أعوذ بك من الذنوب التي تعجل الفناء..."
من الآثار الدنيوية الخطيرة لبعض الذنوب ولا سيما قطيعة الرحم والعقوق، هو تعجيل العقوبة في الدنيا وتعجيل الفناء.
وأما لغير المؤمن فهو بلاء وسخط ونقمة وعقوبة في الدنيا قبل الآخرة.

أ - قطيعة الرحم‌

وهو من الأمراض الاجتماعية الخطيرة التي تقصم ظهر العائلة والمجتمع، وقد حذرنا الله وأولياؤه عليهم السلام من عواقبها والوقوع في حبائلها.
لأن غاية إرسال الأنبياءعليهم السلام هو إصلاح الفرد والمجتمع وتنظيم أمور العباد والبلاد، ليتجه الإنسان إلى عبادة ربه دون أي شاغلٍ يشغله، وبالتالي فإن عدم الاكتراث بدعوتهم الإصلاحية سوف يؤدي إلى الهرج والمرج في النظام، وحلول غضب الله ونقمته، وشمول البلاء والفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس.
لقد جاء الإسلام لمحو الآثار الجاهلية عن المجتمع، ونبذ قيمها وإرساء قيمه المبنية على معايير يرتضيها الله عز وجل لتتحقق السعادة لكل أفراد المجتمع.
إن شيوع هذه الأمراض الأخلاقية الاجتماعية، سوف تؤدي إلى تفكك المجتمع، وإشغال عقول الناس وقلوبهم بالخلافات والنزاعات، وملئها بالأحقاد والضغائن والتي قد تستمر إلى أمدٍ طويل وربما تبقى إلى الموت. فهل هذا يرضي الله أم يغضبه؟ ألايسعى الإنسان لأن يسر الله بتطبيق أوامره والاستجابة لدعوته؟ أم أنه يصر على تجاهل نداء ربه الآمر لنا بعدم قطيعة أرحامنا بل وصلها والتآلف فيما بينها؟
إن قطيعة الرحم من الذنوب العظيمة التي سيحاسب عليها الإنسان في الآخرة حساباً شديداً، فقد ورد أنها من أبغض الأمور إلى الله بعد الشرك ولهم اللعنة وسوء الدار، قال تعالى: "وَالذِينَ يَنقضونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعونَ مَآ أَمَرَ الله بِهِ أَن يوصَلَ وَيفْسِدونَ فِي الأَرْضِ أوْلَئِكَ لَهم اللعْنَة وَلَهمْ سوء الدارِ"(2).
ويروى أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: "أي الأعمال أبغض إلى الله عز وجل فقال صلى الله عليه وآله وسلم: الشرك، قال ثم ماذا؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: قطيعة الرحم..."(3).

آثار قطيعة الرحم‌

لقطيعة الرحم آثارٌ خطيرة لا يموت الإنسان حتى يرى وبالها, كما ورد في كتاب علي عليه السلام، وهي:
1- تعجيل الفناء
خطب أمير المؤمنين عليه السلام فقال: "أعوذ بالله من الذنوب التي تعجل الفناء، فقام إليه عبد الله بن الكواد الشكري، فقال: يا أمير المؤمنين أوَتكون ذنوب تعجل الفناء؟ فقال: نعم ويلك، قطيعة الرحم، إن أهل البيت ليجتمعون ويتواسون وهم فجرة فيرزقهم الله وإن أهل البيت ليتفرقون ويقطع بعضهم بعضاً فيحرمهم الله, وهم أتقياء"(4).
2- تورث الفقر
عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "قطيعة الرحم تورث الفقر"(5).
3- زوال النعم‌
وعنه سلام الله عليه قال: "قطيعة الرحم تزيل النعم"(6).
4- حجب الدعاء
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "قطيعة الرحم تحجب الدعاء"(7).
5- حلول النقم‌
عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "في قطيعة الرحم حلول النقم"(8).
6- خراب الديار
عن أبي جعفر عليه السلام قال: "في كتاب علي عليه السلام... وإن اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم لتذرانِ الديار بلاقع من أهلها, وتنقل الرحم، وإن نقل الرحم انقطاع النسل"(9).
7- تعجيل العقوبة
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "ما من ذنبٍ أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما ادخره في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم"(10).
8- من أشراط الساعة
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من أشراط الساعة: سوء الجوار، وقطيعة الرحم، وتعطيل الجهاد"(11).

ب- عقوق الوالدين‌

قال الله عز وجل: "وَقَضَى رَبكَ أَلا تَعْبدواْ إِلا إِياه وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِما يَبْلغَن عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدهمَا أَوْ كِلاَهمَا فَلاَ تَقل لهمَآ أف وَلاَ تَنْهَرْهمَا وَقل لهمَا قَوْلاً كَرِيمًا"(12).
للوالدَين منزلة عظيمة عند الله عز وجل ،حيث قرن طاعته وعبادته وشكره ورضاه بذكرهما، وأوصانا بهما خيراً، وجعل لهما حقوقاً واجبة في رقابنا، وحذرنا من عقوقهما، والذي عد في الروايات الشريفة من الكبائر الموجبة لدخول النار، وأن العاق قد جعله الله سبحانه وتعالى جباراً شقياً. وورد أن أدنى العقوق أن يقول لهما أف، فكيف بضربهما وسبهما وإلحاق الأذى بهما والهجران والقطيعة وترك الانفاق عليها، بل والأسوأ من كل ذلك قتلهما، أعاذنا الله من ذلك. وقبل الإشارة إلى آثار العقوق لا بأس بالإشارة إلى حق الأب وحق الأم، كما ورد في رسالة الحقوق لإمامنا زين العابدين عليه السلام، حيث قال:
"وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك فإنك لولاه لم تكن، فمهما رأيت من نفسك ما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة إلا بالله"(13).
وقال عليه السلام: "وأما حق أمك فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحدٌ أحداً. وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحدٌ أحداً. ووقتك بجميع جوارحها، ولم تبال أن تجوع وتطعمك وتعطش وتسقيك، وتعرى وتكسوك، وتضحى وتظلك وتهجر النوم لأجلك، ووقتك الحر والبرد لتكون لها فإنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه".

معنى العقوق وعلة تحريمه‌

العق لغة، كما ورد في لسان العرب هو "شق عصا الطاعة، وعق والديه، قطعهما ولم يصل رحمهما"(14).
وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن معنى عقوق الوالدين فقال: "يأمران فلا يطيعهما، ويسألانه فيحرمهما، وإذا رآهما لم يعظهما بحق ما يلزمه لهما"(15).
وأما علة تحريمها كما ورد في الرواية عن الإمام الرضا عليه السلام قال: "وحرم الله عز وجل عقوقَ الوالدين لما فيه من الخروج عن التوقير لطاعة الله عز وجل، والتوقير للوالدين وتجنب كفر النعمة، وإبطال الشكر وما يدعو من ذلك إلى قلة النسل وانقطاعه، لما في العقوق من قلة توقير الوالدين والعرفان بحقهما، وقطع الأرحام والزهد من الوالدين في الولد، وترك التربية لعلة ترك الولد برهما..."(16).

آثار العقوق وتبعاته‌

1- من الكبائر الموجبة لدخول النار
ورد عن أبي الحسن الرضاعليه السلام في جواب من سأله عن الكبائر كم هي قال: "الكبائر: من اجتنب ما وعد الله عليه النار كفر عنه سيئاته إذا كان مؤمناً. والسبع الموجبات: قتل النفس الحرام، وعقوق الوالدين، وأكل الربا، والتعرب بعد الهجرة، وقذف المحصنات، وأكل مال اليتيم، والفرار من الزحف"(17).
2- لا يشم العاق ريح الجنـة
عن أبي جعفر عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في كلامٍ له: إياكم وعقوق الوالدين فإن ريح الجنة توجد من مسيرة ألف عام، ولا يجدها عاق، ولا قاطع رحم، ولا شيخ زان، ولا جار إزاره خيْلاء. إنما الكبرياء لله رب العالمين"(18).
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: "لا يدخل الجنة العاق لوالديه..."(19).
3- تعجيل العقوبة في الدنيا
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "ثلاث من الذنوب تعجل عقوبتها ولا تؤخر إلى الآخرة: عقوق الوالدين، والبغي على الناس، وكفر الإحسان"(20).
4- عدم قبول الأعمال‌
روي أن النبي موسى عليه السلام قال: "يا رب أين صديقي فلان الشهيد؟ قال: في النار، قال: أليس وعدت الشهداء الجنة. قال: بلى، ولكن كان مصراً على عقوق الوالدين وأنا لا أقبل مع العقوق عملاً" (21).
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "من نظر إلى والديه نظر ماقتٍ، وهما ظالمان له لم تقبل له صلاة"(22).
5- رد الدعاء
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "الذنوب التي تغير النعم البغي، والذنوب التي تورث الندم القتل، والتي تنزل النقم الظلم، والتي تهتك الستور شرب الخمر، والتي تحبس الرزق الزنا، والتي تعجل الفناء قطيعة الرحم، والتي ترد الدعاء وتظلم الهواء عقوق الوالدين"(23).
6- القلة والذلة
روي عن الإمام أبي الحسن الثالث عليه السلام قال: "العقوق يعقب القلة ويؤدي إلى الذلة"(24).

المفاهيم الأساس

1- إنما لبعض الذنوب آثار خطيرة، منها تعجيل العقوبة في الدنيا قبل الآخرة، منها كقطيعة الرحم وعقوق الوالدين.
2- إن تعجيل العقوبة في الدنيا، منها للمؤمن رحمة وتكفير لذنوبه. بينما لغير المؤمن بلاء وسخط ونقمة في الدنيا قبل الآخرة.
3- من أثار قطيعة الرحم
ـ الفقر والفاقة.
ـ زوال النعم.
ـ حلول النقم.
وأما آثار عقوق الوالدين منها:
ـ لا يشم العاق ريح الجنة ومصيره النار.
ـ رد الدعاء وعدم قبول الأعمال.
الامام الصادق مع احد تلاميذه
روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال لبعض تلاميذه: أي شي‌ءٍ تعلمت مني قال له: يا مولاي ثمان مسائل، قال عليه السلام: قصها علي لأعرفها قال:
الأولى: رأيت كل محبوب يفارق محبوبه عند الموت فصرفت همي إلى ما لا يفارقني بل يؤنسني في وحدتي، وهو فعل الخير. قالعليه السلام: أحسنت والله.
الثانية: قد رأيت قوماً يفخرون بالحسب وآخرين بالمال والولد، وإذا ذلك لا فخر فيه ورأيت الفخر العظيم في قوله تعالى: "إِن أَكْرَمَكمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكمْ"، فاجتهدت أن أكون عند الله كريماً قال عليه السلام: أحسنت والله.
الثالثة: قد رأيت الناس في لهوهم وطربهم، وسمعت قوله تعالى: "وَأَما مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبهِ وَنَهَى النفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِن الْجَنةَ هِيَ الْمَأْوَى"، فاجتهدت في صرف الهوى عن نفسي حتى استقررت على طاعة الله تعالى. قال: أحسنت والله.
الرابعة: رأيت كل من وجد شيئاً يكرَم عنده اجتهد في حفظه، وسمعت قوله تعالى "مَن ذَا الذِي يقْرِض اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيضَاعِفَه لَه وَلَه أَجْرٌ كَرِيمٌ"، فأحببت المضاعفة ولم أر أحفظ مما يكون عنده؛ فكلما وجدت شيئاً يكرم عنده وجهت به إليه ليكون لي ذخراً إلى وقت حاجتي. قال: أحسنت والله.
الخامسة: قال رأيت حسد الناس بعضهم لبعض، وسمعت قوله تعالى: "نَحْن قَسَمْنَا بَيْنَهم معِيشَتَهمْ فِي الْحَيَاةِ الدنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتخِذَ بَعْضهم بَعْضًا سخْرِيا وَرَحْمَت رَبكَ خَيْرٌ مما يَجْمَعونَ"، فلما عرفت أن رحمة الله خير مما يجمعون ما حسدت أحداً، ولا أسفت على ما فاتني قال: أحسنت والله.
السادسة: قال: رأيت عداوة الناس بعضهم لبعضٍ في دار الدنيا، والحزازات التي في صدورهم، وسمعت قول الله تعالى "إِن الشيْطَانَ لَكمْ عَدو فَاتخِذوه عَدوا"، فاشتغلت بعداوة الشيطان عن عداوة غيره. قال: أحسنت والله.
السابعة: قال: رأيت كدح الناس واجتهادهم في طلب الرزق، وسمعت قوله تعالى "وَمَا خَلَقْت الْجِن وَالْإِنسَ إِلا لِيَعْبدونِ * مَا أرِيد مِنْهم من رزْقٍ وَمَا أرِيد أَن يطْعِمونِ * إِن اللهَ هوَ الرزاق ذو الْقوةِ الْمَتِين"، فعلمت أن وعده حق، وقوله تعالى صدق فسكنت إلى وعده ورضيت بقوله، واشتغلت بما له علي عما لي عنده. قال أحسنت والله.
الثامنة: قال: رأيت قوماً يتكلون على صحة أبدانهم وقوماً على كثرة أموالهم وقوماً على خلق مثلهم، وسمعت قوله تعالى "وَمَن يَتقِ اللهَ يَجْعَل له مَخْرَجًا * وَيَرْزقْه مِنْ حَيْث لَا يَحْتَسِب وَمَن يَتَوَكلْ عَلَى اللهِ فَهوَ حَسْبه إِن اللهَ بَالِغ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ الله لِكل شَيْءٍ قَدْرًا"، فاتكلت على الله وزال اتكالي عن غيره.
قال عليه السلام له: "والله إن التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، وسائر الكتب ترجع إلى هذه المسائل".
المصادر:
1- غرر الحكم، ص 406.
2- سورة الرعد، الآية: 25.
3- الكافي، ج2، ص289.
4- م. ن، ص347.
5- وسائل الشيعة، ج15، ص347.
6- مستدرك الوسائل، ج15، ص186.
7- نفس المصدر، ص185.
8- غرر الحكم، ص406.
9- الكافي، ج2، ص347.
10- مستدرك الوسائل، ج15، ص183.
11- م. ن، ج8، ص420.
12- سورة الإسراء، الآية: 23.
13- من لا يحضره الفقيه، ج2، ص621.
14- لسان العرب، ج10، ص256.
15- مستدرك الوسائل، ج15، ص193.
16- بحار الأنوار،ج71،ص75.
17- الكافي، ج2، ص276.
18- م. س. الكافي، ص349.
19- وسائل الشيعة، ج9، ص454.
20- م. ن، ج16، ص312.
21- مستدرك الوسائل، ج15، ص193.
22- م. ن، ص195.
23- علل الشرائع، ج2، ص584.
24- مستدرك الوسائل، ج15، ص195.

source : راسخون
0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

كيف نتحدّث إلى زينب عليها السّلام في زيارتها
الاتجاه التجزيئي والاتجاه الموضوعي في ...
حمزة بن الإمام الكاظم عليه السّلام
وهذه لمحات عن الحياة في عصر المهدي عليه السلام
هل السيدة الزهراء (س) ترجع الى الارض بعد ظهور ...
الإمام الرضا عليه السلام عند أهل السُّنّة
التناسخ عند الغزالي
تشريع الأذان
ألفاظ وظواهر القرآن
حديث الثعبان والخِفُّ ومعجزة لعلي ( ع )

 
user comment