للرقم ثلاثة ابعاد و وجوه وقد اعتمد في کثیر من الامور والموازين و القوانين ، ولا يهمنا من کل تلک فان شرحها يطول ويظهر ان للرقم ثلاثة اهمية خاصة . فالامام الحسين هو ثالث الائمة عليهم السلام وکان ابوه ( علي ) ويتكون من ثلاثة حروف.وهو ( وصي ) و ( ولي ) وكلاهما من ثلاثة حروف وبالمناسبة هو الوصي الثالث عشر بعد الثلاثمائة.
ولد الامام علي عيه السلام في ( الثالث عشر ) من شهر رجب المرجب ، و شهر ( رجب ) يتكون من ثلاث حروف ، وكانت ليلة مولده الشريف ( أول ليالي البيض الثلاث ) وكان مولد الشريف بعد مولد النبي صلى الله عليه واله ( بثلاثين ) عاما وكان بقاءه مع النبي ( ثلاث و ثلاثين ) عاما.
ذريته: أنجب من الزهراء ( ثلاث ) ذكور الحسن والحسين والمحسن ... والقاسم المشترك بين الثلاث أسماء هي ( ثلاثة ) حروف , الحرف الأول"ح" الحرف الثاني "س" الحرف الخير "ن" .
أما الأمام الحسين الشهيد عليه السلام فقد ولد في الثالث من شعبان وكان هو أول الثلاثة من الأئمة النجباء الذين ولدوا في هذا الشهر فبعده كان الإمام السجاد عليه السلام ثم الحجة عجل الله فرجه وسهل مخرجه.
ـ الإمام أبو عبد الله الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام الشهيد بكربلاء ، ثالث أئمّة أهل البيت عليهمالسلام بعد رسول الله صلىاللهعليه وآله وسلم ، وسيّد شباب أهل الجّنة بإجماع المحدّثين ، وأحد اثنين نسلت منهما ذرية الرّسول صلىاللهعليه وآله وسلم ، وأحد الأربعة الّذين باهل بهم رسول الله صلىاللهعليه وآله وسلم نصارى نجران ، ومن أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، ومن القربى الذين أمر الله بمودّتهم ، وأحد الثقلين اللّذين مَنْ تمسّك بهما نجا ، ومَنْ تخلّف عنهما ضلّ وغوى.
ـ نشأ الحسين مع أخيه الحسن عليهما السلام في أحضانٍ طاهرةٍ ، وحجورٍ طيّبةٍ ومباركةٍ ؛ اُمّاً وأباً وجدّاً ، فتغذّى من صافي معين جدّه المصطفى صلىاللهعليه وآله وسلم وعظيم خلقه ووابل عطفه ، وحظي بوافر حنانه ورعايته حتّى أنّه ورّثه أدبه وهديه ، وسؤدده وشجاعته ؛ ممّا أهّله للإمامة الكبرى التي كانت تنتظره بعد إمامة أبيه المرتضى وأخيه المجتبى عليهمالسلام ، وقد صرّح بإمامته للمسلمين في أكثر من موقف بقوله صلىاللهعليه وآله وسلم : «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا» ، «اللّهمّ إنّي اُحبّهما فأحبّ مَنْ يُحبّهما».
ـ لقد التقى في هذا الإمام العظيم رافدا النبوّة والإمامة ، واجتمع فيه شرف الحسب والنّسب ، ووجد المسلمون فيه ما وجدوه في جدّه وأبيه واُمّه من طهر وصفاء ونبل وعطاء ، فكانت شخصيّته تذكّر النّاس بهم جميعاً ؛ فأحبّوه وعظّموه، وكان إلى جانب ذلك كلّه مرجعهم الأوحد بعد أبيه وأخيه فيما كان يعترضهم من مشاكل الحياة واُمور الدين ، لاسيّما بعد أن دخلت الاُمّة الإسلاميّة حياة حافلة بالمصاعب نتيجة سيطرة الحكم الاُموي الجاهلي حتّى جعلتهم في مأزق جديد لم يجدوا له نظيراً من قبل ؛ فكان الحسين عليه السلام هو الشّخصية الإسلاميّة الرّسالية الوحيدة التي استطاعت أن تخلّص اُمّة محمّد صلىاللهعليه وآله وسلم خاصّة والإنسانية عامّة من براثن هذه الجاهلية الجديدة وأدرانها.
ـ لقد كان الحسين بن عليّ عليهما السلام كأبيه المرتضى وأخيه المجتبى في جميع مراحل حياته ومواقفه العملية مثالاً للإنسان الرّسالي الكامل ، وتجسيداً حيّاً للخلق النبويّ الرفيع في الصبر على الأذى في ذات اللّه ، والسّماحة والجّود ، والرّحمة والشّجاعة ، وإباء الضّيم والعرفان ، والتعبّد والخشية لله ، والتواضع للحقّ والثورة على الباطل ، ورمزاً شامخاً للبطولة والجّهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، واُسوة مثلى للإيثار والتّضحية لإحياء المُثل العُليا التي اجتمعت في شريعة جدّه سيّد المرسلين ، حتّى قال عنه جدّه المصطفى صلىاللهعليه وآله وسلم : «حسين منّي وأنا من حسين». معبّراً بذلك أبلغ التعبير عن سموّ هذه الشخصية العظيمة التي ولدها صلىاللهعليه وآله وسلم وربّاها بيديه الكريمتين.
ـ بقي الحسين بن علىّ عليهما السلام بعد جدّه في رعاية الصدّيقة الزهراء سيّدة النساء فاطمة عليهاالسلام ، وفي كنف أبيه المرتضى سيّد الوصيّين وإمام المسلمين الذي عاش محنة الانحراف في قيادة الاُمّة المسلمة بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليه وآله وسلم ، وقد حفّت بأبيه واُمّه نكبات هذه المحنة والصّراع مع الذين صادروا هذه الإمامة الكبرى بكلّ صلف ودون حجّة أو برهان ... لقد عاش الحسين
مع أخيه الحسن وأبيه عليّ واُمّه الزهراء عليهمالسلام هذه المحنة وتجرّع مرارتها ، وهو لا يزال في سنّ الطفولة ، ولكنّه كان يعي جيّداً عمق المحنة وشدّة المصيبة.
ـ شبَّ الإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام أيّام خلافة عمر ، وانصرف مع أبيه وأخيه عن السّياسة والتّصدي للحكم في ظاهر الأمر ، وأقبل على تثقيف النّاس وتعليمهم معالم دينهم في خطّ الرّسالة الصحيح ، والذي كان يتمثّل في سلوك والده عليّ بن أبي طالب عليه السلام ومواقفه المبدئية المشرّفة.
ـ وقف الإمام الحسين عليه السلام إلى جانب أبيه عليه السلام في عهد عثمان ، وهو في عنفوان شبابه يعمل مخلصاً لأجل الإسلام ، ويشترك مع أبيه في وضع حدّ للفساد الذي أخذ يستشري في جسم الاُمّة والدولة معاً في ظلّ حكم عثمان وبطانته ، ولم يتعدّ مواقف أبيه عليه السلام طيلة هذه الفترة ، بل عمل كجندي مخلص للقيادة الشّرعية التي أناطها رسول الله صلىاللهعليه وآله وسلم بأبيه المرتضى عليه السلام.
ـ وفي عهد الدولة العلوية المباركة وقف الحسين إلى جانب أبيه عليهما السلام في جميع مواقفه وحروبه ، ولم يتوانَ عن قتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، بينما كان أبوه حريصاً على حياته وحياة أخيه الحسن عليه السلام ؛ خشية انقطاع نسل رسول الله صلىاللهعليه وآله وسلم بموتهما ، وبقيا إلى جانب أبيهما حتّى آخر لحظة ، وهما يعانيان من أهل العراق ما كان يعانيه أبوهما المرتضى عليه السلام حتّى استشهد في بيت من بيوت الله ، وفاز بالشّهادة وهو في محراب العبادة بمسجد الكوفة ، وفي أقدس لحظات حياته ، أعني لحظة العبادة والتوجّه إلى ربّ الكعبة ، حيث خرّ صريعاً وهو يقول : «فزتُ وربِّ الكعبة».
عليهما السلام ـ ثمّ وقف إلى جانب أخيه الحسن المجتبى عليهما السلام بعد أن بايعه بالخلافة ، كما بايعه عامّة المسلمين في الكوفة من المهاجرين والأنصاروالتّابعين لهم بإحسان، ولم يتعدّ مواقف أخيه الّذي نصّ على إمامته كلّ من جدّه وأبيه عليهما السلام بالرغم من كلّ المغريات التي كان يستعملها معاوية لإسقاط الإمام الحسن عليه السلام ، وتفتيت قواه والقضاء على حكومته المشروعة.
ـ لقد كان الحسين عليه السلام يعي مواقف أخيه الحسن عليه السلام بشكل تامّ والنتائج المترتّبة على تلك المواقف ؛ لأنّه كان يدرك حراجة الظرف الذي كان يكتنف الاُمّة الإسلاميّة آنذاك وبعد استشهاد الإمام علي عليه السلام بشكل خاص ، حيث انطلت ألاعيب معاوية وشعاراته الزائفة على جماعة كبيرة من السذّج والبسطاء ، ممّن كانوا يشكّلون القاعدة العظمى في مجتمع الكوفة ومركز الخلافة الإسلاميّة ، فأصبحوا يشكّون ويشكّكون في حقّانية خطّ الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام بعد ذلك التضليل الإعلامي الذي قام به معاوية وبطانته وعمّاله في صفوف الجيش المساند للإمام عليه السلام .
ولم يستطع الإمام الحسن عليه السلام بكلّ ما اُوتي من حنكة سياسية وشجاعة أدبية ورصانة منطقية أن يقنع تلك القاعدة الشّعبية ، ويوقفها على زيف الشّعارات الاُموية في عدم صحّة الخضوع لشعار السّلم الذي كان قد تسلّح به معاوية لنيل الخلافة بأبخس الأثمان ؛ ممّا اضطرّ الإمام الحسن عليه السلام للإقدام على الصلح من موقع القوّة بعد أن نفَّذَ جميع الخطط السّياسية الممكنة ، وبعد أن سلك جميع الطرق المعقولة التي ينبغي للقائد المحنّك أن يسلكها في تلك الظروف السياسية والاجتماعية والنفسية التي كان يعيشها الإمام الحسن عليه السلام وشيعته ؛ فتنازل عن الخلافة ، إلاّ إنّه لم يوقّع على شرعيّة حاكميّة معاوية ، بالإضافة إلى أنّه قد اشترط شروطاً موضوعيةً تفضح واقع معاوية والحكم الاُموي على المدى القريب أو البعيد.
ـ وهكذا أفلح الإمام الحسن عليه السلام بعد أن اختار الطريق الصعب ، وتحمّل ما تحمّل من الأذى والمكروه من أقرب أفراد شيعته فضلاً عن أعدائه ، حيث استطاع أن يكشف حقيقة الحكم الاُموي الجّاهلي الذي ارتدى لباس الإسلام ورفع شعار الصّلح والسّلم ؛ ليقضي على الإسلام باسم الإسلام وبمَنْ ينتسب إلى قريش قبيلة الرّسول صلىاللهعليه وآله وسلم ، بعد أن خطّط بشكل حاذق خطّةً يتناسى المسلمون بسببها أنّ آل أبي سفيان الذين يتربّعون اليوم على كرسي الحكم الإسلامي ، ويحكمون المسلمين باسم الرّسول صلىاللهعليه وآله وسلم وخلافته ، هم الذين حاربوا الإسلام بالأمس القريب.
ـ وبهذا هيّأ الإمام الحسن عليه السلام ـ بتوقيعه على وثيقة الصّلح ـ الأرضية اللازمة للثورة على الحكم الاُمويّ الجاهليّ الذي ظهر بمظهر الإسلام من جديد ، وذلك بعد أن أخلف معاوية كلّ الشّروط التي اشترطها عليه الإمام الحسن عليه السلام بما فيها عدم تعيين أحد للخلافة من بعده ، وعدم التعرّض لشيعة عليّ وللإمام الحسن والحسين عليهما السلام بمكروه.
ولم يستطع معاوية أن يتمالك نفسه أمام هذه الشّروط حتّى سوّلت له نفسه أن يدسّ السمّ الفاتك إلى الإمام الحسن عليه السلام ؛ ليستطيع توريث الخلافة لابنه الفاسق يزيد ، ولكنّه لم يعِ نتائج هذا التنكّر للشروط ولنتائج هذه المؤامرة القذرة ... وقد أيقن المسلمون ـ بعد مرور عقدين من الحكم الاُموي ـ بشراسة هذا الحكم وجاهليّته ؛
ممّا جعل القواعد الشعبية الشيعية تستعدّ لخوض معركة جديدة ضدّ النظام الحاكم ، وبذلك تهيّأت الظروف الملائمة للثورة ، واكتملت الشّروط اللازمة بموت معاوية ومجيء يزيد الفاسق ، شارب الخمور ، والمستهتر بأحكام الدين إلى سدّة الحكم ، والإقدام على أخذ البيعة من وجوه الصّحابة وعامّة التّابعين ، والإصرار على أخذها من مثل أبيّ الضّيم أبي عبد الله الحسين عليه السلام سيّد أهل الإباء وإمام المسلمين.
ـ لقد حكم معاوية بن أبي سفيان ما يُقارب عشرين سنة ، متّبعاً سياسة التّجويع والإرهاب ، والخداع والتّزوير ؛ ممّا أدّى إلى انكشاف حقيقته للاُمّة من جهة ، في حين أنّها كانت قد ابتليت بداء موت الضّمير ، وداء فقدان الإرادة من جهة اُخرى ، وهكذا استيقظت الاُمّة من سُباتها ، وزال شكّها بحقّانية خطّ أهل البيت عليهمالسلام ، بعد أن ارتفع جهلها بحقيقة الاُمويّين ، ولكنّها لم تقوَ على مقارعة الظّلم والظّالمين ، وأصبحت كما قال الفرزدق للإمام الحسين عليه السلام حين كان متوجّهاً إلى العراق ومستجيباً لدعوة الكوفيين : قلوبهم معك وسيوفهم عليك.
ومن هنا تأكّد الموقف الشّرعي للإمام الحسين عليه السلام بعد أن توفّرت كلّ الظّروف اللازمة للقيام في وجه الاُمويّين الجّاهليّين ، بينما لم تكن النّهضة مفيدة للاُمّة في حالة الابتلاء بمرض الشكّ والترديد التي كانت تعاني منه في عصر الإمام الحسن السّبط عليه السلام. لقد تمّت الحجّة على الإمام الحسين بن عليّ عليهما السلام حينما راسله أهل العراق ، وطلبوا منه التّوجّه نحوهم ، بعد أن أخرجوا عامل بني اُمية من الكوفة وتمرّدوا على الاُمويّين ، حيث كان هذا أحد مظاهر رجوع الوعي إلى عامّة شيعة أهل البيت عليهمالسلام.
فاستجاب الإمام الحسين عليه السلام لطلبهم ، وتحرّك نحوهم بالرغم من علمه بعدم ثباتهم ، وضعف إرادتهم أمام إغراءات الحاكمين واضطهادهم وإرهابهم ؛ وذلك لأنّه كان لا بدّ له من معالجة هذا المرض الجديد الّذي يؤدّي باستشرائه إلى ضياع معالم الرسالة ، وفسح المجال لتحويل الخلافة إلى كسرويّة وقيصريّة ، وإعطاء المشروعية لمثل حكم يزيد وأضرابه من الجّاهليّين الذين تستّروا بستار الشّريعة الإسلاميّة لضرب الشّريعة وتمزيقها.
ـ وبعد أن استجمعت ثورة الإمام الحسين عليه السلام كلّ الشّروط اللازمة لنجاحها وبلوغ أهدافها ؛ نهض مستنفراً كلّ طاقاته وقدراته التي كان قد أعدّها وهيّأها في ذلك الظرف التأريخي في صنع ملحمته الخالدة ، فحرّك ضمير الاُمّة ، وأعادها لتسلك مسيرة رسالتها ، وبعث شخصيّتها العقائدية من جديد ، وسلب المشروعية من الحكّام الطّغاة ، ومزّق كلّ الأقنعة الخدّاعة التي كانوا قد تستّروا بها ، وأوضح الموقف الشّرعي للاُمّة على مدى الأجيال.(1)
ولم يستطع الطّغاة أن يشوّهوا معالم نهضته ، كما لم يستطيعوا أن يقفوا بوجه المدّ الثوري الذي أحدثه على مدى العصور ، ذلك المدّ الذي أطاح بحكم بني اُميّة وبني العباس ومَنْ حذا حذوهم ، فكانت ثورته مصدر إشعاع رسالي لكلّ الاُمم ، كما كانت القيم الرساليّة التي طرحها وأكّد عليها محفّزاً ومعياراً لتقييم كلّ الحكومات والأنظمة السّياسية الحاكمة ، فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيّاً.
المصادر :
1- كتاب (ثورة الحسين. النظرية ـ الموقف ـ النتائج) ـ للسيّد محمّد باقر الحكيم ، الطبعة الأولى ، منشورات مؤسّسة الإمام الحسين عليه السلام / ٦٢ ـ ٩٢ ، / مجلّة الفكر الإسلامي العدد ١٧ مقال الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر حول الثورة الحسينيّة تحت عنوان (التخطيط الحسيني لتغيير أخلاقية الهزيمة).