عربي
Friday 8th of November 2024
0
نفر 0

امامة الحسن العسکري عليه السلام

امامة الحسن العسکري عليه السلام

كان الامام بعد ابي احسن علي بن محمد عليه السلام ابنه ابا محمد الحسن بن علي لاجتماع خلال الفضل فيه ، وتقدمه علي كافة اهل عصره فيما يوجب له الامامة ويقتضي له الرئاسة ، من العلم والزهد وكمال العقل والعصمة والشجاعة والكرم زكثرة الاعمال المقربة الي الله ، ثم لنص ابيه عليه السلام عليه واشارته بالخلافة اليه (1). وفيما يلي نذكر طرفاً من النصوص الواردة في امامته عليه السلام وكما يلي :

اولا : نص ابائه علی امامته عليه السلام
وردت المزيد من النصوص عن النبي صلى الله عليه و اله والال المعصومين عليه السلام تصرح بتعيين اوصياء النبي صلى الله عليه و اله وخلفائه من عترته واحدا بعد واحد باسمائهم واوصافهم ، بشكل يلجو العمي عن البصائر وينفي الشك عن القلوب ، وسنذكر هنا حديثين عن ابائه المعصومين عليه السلام كنموذج علي تلك النصوص ، ونحيل القارئ الي مظان بقيتها (2).
1ـ عن عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : « سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول : انشدت مولاي الرضا علي بن موسي عليه السلام قصيدتي التي اولها :
يـقوم علی اسم الله والبركات *** خروج امام لا محالة خارج
بكي الرضا عليه السلام بكاء شديدا ، ثم رفع راسه الي فقال لي : ياخزاعي ، نطق روح القدس علي لسانك بهذين البيتين ، فهل تدري من هذا الامام ومتي يقوم؟فقلت : لا يا مولاي ، الا اني سمعت بخروج امام منكم يطهر الارض من الفساد ، ويملاها عدلا كما ملئت جورا. فقال : يا دعبل ، الامام بعدي محمد ابني ، وبعد محمد ابنه علي ، وبعد علي ابنه الحسن ، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته ، المطاع في ظهوره... » (3).
2ـ وعن الصقر بن ابي دلف ، قال : « سمعت ابا جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام يقول : ان الامام بعدي ابني علي ، امره امري ، وقوله قولي ، وطاعته طاعتي ، والامام بعده ابنه الحسن ، امره امر ابيه ، وقوله قول ابيه ،الائمة عليهم السلام واحدا فواحدا ، وطاعته طاعة ابيه... » (4).

ثانيا : نص ابيه عليه عليه السلام

فيما يلي نعرض اهم النصوص الواردة عن ابيه عليه السلام في اانص عليه والاشارة اليه بالامامة من بعده.
روي ثقة الاسلام اكليني بالاسناد عن يحيي بن يسار القنبري ، قال : « اوصي ابوالحسن عليه السلام الي ابنه الحسن عليه السلام قبل مضيه باربعة اشهر ، واشهدني علی ذلك وجماعة من الموالي ».وعن علي بن عمر النوفلي ، قال : « كنت مع ابي الحسن عليه السلام في صحن داره ، فمر بنا محمد ابنه ، فقلت له : جعلت فداك ، هذا صاحبنا بعدك؟فقال : لا ، صاحبكم بعدي الحسن ».وعن عبدالله بن محمد الاصفهاني ، قال : « قال ابو الحسن عليه السلام : صاحبكم بعدي الذي يصلي علي. قال : ولم نعرف ابا محمد قبل ذلك. قال : فخرج ابو محمد فصلي عليه ».وعن علي بن مهزيار ، قال : « قلت لابي الحسن عليه السلام : ان كان كون ـ واعوذ بالله ـ فالي من؟ قال : عهدي الي الاكبر من ولدي ». وكان الامام العسكري عليه السلام اكبر ولد الامام الهادي عليه السلام. (5)
وعن علي بن عمرو العطار ، قال : « دخلت علي ابي الحسن العسكري عليه السلام وابو جعفر ابنه في الاحياء ، وانا اظن انه هو ، فقلت له : جعلت فداك ، من اخص من ولدك؟فقال : لاتخصوا احدا حتي يخرج اليكم امري.
قال : فكتبت اليه بعد : فيمن يكون هذا الامر؟قال : فكتب الي : في الكبير من ولدي. قال : وكان ابومحمد اكبر من ابي جعفر ».وعن ابي بكر الفهفكي قال : « كتب الي ابو الحسن عليه السلام: ابومحمد ابني انصح ال محمد غريزة ، واوثقهم حجة ، وهو الاكبر من ولدي وهو الخلف ، واليه تنتهي عري الامامة واحكامها ، فما كنت سائلي فسله عنه ، فعنده ما يحتاج اليه ».وعن داود بن القاسم ، قال : « سمعت ابا الحسن عليه السلام يقول : الخلف من بعدي الحسن ، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟فقلت : ولم جعلني الله فداك؟فقال : نكم لاترون شخصه ولايحل لكم ذكره باسمه » (6).
وروي الشيخ الصدوق بالاسناد عن عبدالعظيم الحسني قال : « دخلت علي سيدي علي بن محمد عليه السلام ، فلما بصر بي قال لي : مرحبا بك يا ابا القاسم ، انت ولينا حقا قال. فقلت له : يابن رسول الله ، اني اريد ان اعرض عليك ديني فان كان مرضيا ثبت عليه حتي القي الله عزوجل. فقال : هات ياابا القاسم ، فقلت : اني اقول : ان الله تبارك وتعالي واحد ليس كمثله شيء...وان محمدا صلى الله عليه و اله عبده ورسوله...وان الامام والخليفة وولي الامر بعده امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ، ثم الحسن ، ثم الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم جعفر بن محمد ، ثم موسي بن جعفر ، ثم علي بن موسي ، ثم محمدبن علي ، ثم انت يا مولاي. فقال عليه السلام : ومن بعدي الحسن ابني ، فكيف للناس بالخلف من بعده؟قال : فقلت : وكيف ذاك يا مولاي؟قال : لانه لايري شخصه ولايحل ذكره باسمه حتي يخرج فيملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. قال : فقلت : اقررت ».
وعن علي بن عبدالغفار ، قال : ان الامام الهادي عليه السلام كتب الي شيعته : « الامر مي مادمت حياً ، فاذا نزلت بي مقادير الله عزوجل اتاكم الله الخلف مني ، واني لكم بالخلف بعد الخلف؟ ».وعن الصقر بن ابي دلف قال : « سمعت علي بن محمد بن علي الرضا عليه السلام يقول : ان الامام بعدي الحسن ابني ، وبعد الحسن ابنه القائم الذي يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما » (7).
وروي شيخ الطائفة ابوجعفر الطوسي بالاسناد عن علي بن عمر النوفلي ، قال : « كمت مع ابي الحسن العسكري عليه السلام في داره ، فمر عليه ابوجعفر ، فقلت له : هذا صاحبنا؟فقال : لا ، صاحبكم الحسن » (8).
وعن احمد بن محمد بن رجاء صاحب الترك ، قال : « قال ابو الحسن عليه السلام : الحسن ابني القائم[اي بامر الامامة] من بعدي » .
وعن احمد بن عيسي العلوي من ولد علي بن جعفر ، قال : « دخلت علي ابي الحسن عليه السلام بصريا فسلمنا عليه ، فاذا نحن بابي جعفر وابي محمد قد دخلا ، فقمنا الي ابي جعفر لنسلم عليه ، فقال ابو الحسن عليه السلام : ليس هذا صاحبكم ، عليكم بصاحبكم ، واشر الي ابي محمد ». الي غير هذا من النصوص الكثيرة التى انتخبنا منها تلك الاحاديث. (9)
مزاعم بعض المرتابين بامامة العسكري عليه السلام :
اصر بعض المرتابين بامامة ابي محمد عليه السلام علي تبني اعتقادهم حتي بعد سماعهم النص عليه ووفاة ابي جعفر في حياةابيه ، فقالوا بامامة ابي جعفر المعروف بالسيد محمد بن الامام الهادي عليه السلام وتوقفوا عنده ، واعتقد بعضهم بغيبته وهم المحمدية ، واعتقد اخرون بوفاته وامامة جعفر بن علي بعده. وهم لم يعتمدوا في ذلك سوي الاراجيف والاباطيل التي كان يبثها ضعاف النفوس والمتربصين بالتشيع ، ولم تكن لديهم في اقوالهم تلك ادني حجة او برهان ، ومما يدل علي فساد قولهم امور عديدة ، وهي :
1 ـ عدم وجود النص الذي يثبت مدعاهم.
2ـ ثبوت انص علي ابي محمد عليه السلام وولده المهدي عليه السلام، كما في الاحاديث التي قدمناها ، ومنها ما يصرح بالنص علي امامة الامام الحسنالعسكري عليه السلام في حياة ابي جعفر ، والملاحظ ان النص علي ابي محمد عليه السلام كان في فترات تاريخية تستغرق معظم الاعوام الاثنين والعشرين التي قضاها مع ابيه ، فقد نص عليه بصريا ولما يزل صغيرا في المدينة كما مر ، ونص عليه بعد وفاة ابي جعفر اي نحو سنة252هـ ، كما تقدم في جملة من الاحاديث ، ونص عليه قبل وفاته باربعة اشهر كما في الحديث الاول ، واخبر بعض اصحابه ان الامام هو الذي يصلي عليه ، فصلي عليه ابو محمد عليه السلام ، ونحو هذا مما تقدم في احاديث النص عليه بالامامة.
3 ـ ثبوت موت ابي جعفر في حياة ابيه الامام الهادي عليه السلام موتا ظاهرا معروفا ، وقد ورد خبرموته رضى الله عنه متواترا (10). ومن هنا قال : شيخ الطائفة : واما المحمدية الذين قالوا بامامة محمد بن علي العسكري وانه حي لم يمت ، فقولهم باطل لما دللنا به علي امامة اخيه الحسن بن علي ابي القائم عليه السلام ، وايضا فقد مات محمد في حياة ابيه عليه السلام موتا ظاهرا ، كما مات ابوه وجده ، فالمخالف في ذلك مخالف في الضرورات (11) ، ثم اورد ما يدل علي وفاته من الحديث.
4 ـ شهادة المخالفين بامامة ابي محمد العسكري عليه السلام واقرارهم بفضله ، ومنهم المعتمد الذي قصده جعفر الكذاب بعد وفاة ابيه عليه السلام ملتمسا دعم السلطة له في دعواه الامامة ، فقال له المعتمد : « ان منزلة اخيك لم تكن بنا ، انما كانت بالله ، ونحن كنا نجتهد في حط منزلته والوضع منه ، وكان الله يابي الا ان يزيده كل يوم رفعة لما كان فيه من الصيانة ، وحسن السمت ، والعلم والعبادة ، فان كنت عند شيعة اخيك بمنزلته ، فلا حاجة بك الينا ، وان لم تكن عندهم بمنزلته ، ولم يكن فيك ما كان في اخيك ، لم نغن عنك في ذلك شيئا » (12). ومن رجال البلاط عبيدالله بن يحيي بن خاقان ، الذي كان للامام العسكري عليه السلام مجلس معه ، فتعجب ابنه احمد بن عبيدالله لمظاهر الحفاوة والاكرام والتبجيل التي حظي بها الامام عند ابيه عبيدالله فقال له : « يا ابه من الرجل الذي رايتك بالغداة فعلت به ما فعلت من الاجلال والكرامة والتبجيل وفديته بنفسك وابيك؟فقال عبيدالله ابن خاقان : يابني ذاك امام الرافضة ، ذاك الحسن ابن علي المعروف بابن الرضا. فسكت ساعة ، ثم قال : يابني لو زالت الامامة عن خلفاء بني العباس ما استحقها احد من بني هاشم غير هذا ، وان هذا ليستحقها في فضله وعفافه وهديه وصيانته وزهده وعبادته وجميل اخلاقه وصلاحه ولو رايت اباه رايت رجلا جزلا نبيلا فاضلا.
قال احمد : فازددت قلقا وتفكرا وغيظا علي ابي وما سمعت منه واستزدته في فعله وقوله فيه ما قال : فلم يكن لي همة بعد ذلك الا السؤال عن خبره والبحث عن امره ، فما سالت احدا من بني هاشم والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس ، الا وجدته عنده في غاية الاجلال والاعظام والمحل الرفيع والقول الجميل والتقديم له علي جميع اهل بيته ومشايخه ، فعظم قدره عندي اذ لم ار له وليا ولا عدوا الا وهو يحسن القول فيه والثناء عليه... » (13).
5 ـ انقراض هذه الفرقة وكذلك تلك التي تفرعت عنها ، في وقت متقدم من نشاتها ، وفي هذا دليل علي بطلانها ، وفي هذا قال الشيخ المفيد : « فلما توفي [الامام ابوالحسن عليه السلام] تفرقوا بعد ذلك ، فقال الجمهور منهم بامامة ابي محمد الحسن بن علي عليه السلام ونقلوا النص عليه واثبتوه. وقال فريق منهم : ان الامام بعد ابي الحسن ، محمد بن علي اخو ابي محمد عليه السلام ، وزعموا ان اباه عليا عليه السلام نص عليه في حياته ، وهذا محمد كان قد توفي في حياة ابيه ، فدفعت هذه الفرقة وفاته ، وزعموا انه لم يمت ، وانه حي ، وهو الامام المنتظر.
وقال نفر من الجماعة شذوا ايضاعن الاصل : ان الامام بعد محمد بن علي ابن محمد بن علي بن موسي عليه السلام ، اخوه جعفر بن علي ، وزعموا ان اباه نص عليه بعد مضي محمد ، وانه القائم بعد ابيه.
فيقال للفرقة الاولي : لم زعمتم ان الامام بعد ابي الحسن عليه السلام ابنه محمد. وما الدليل علي ذلك؟فان ادعوا النص طولبوا بلفظه والحجةعليه ، ولن يجدوا لفظا يتعلقون به في ذلك ، ولا تواتر يعتمدون عليه ، لانهم في انفسهم من الشذوذ والقلة علي حد ينفي عنهم التواتر القاطع للعذر في العدد ، مع انهم قد انقرضوا ولابقية لهم ، وذلك مبطل ايضا لما ادعوه. ويقال لهم في ادعاء حياته ، ما قيل للكيسانية والناووسية والواقفة ، ويعارضون بما ذكرناه ، ولايجدون فصلا ، فاما اصحاب جعفر فان امرهم مبني علي امامة محمد ، واذا سقط قول هذا الفريق لعدم الدلالة علي صحته وقيامها علي امامة ابي محمد عليه السلام ، فقد بان فساد ماذهبوا اليه » (14).

موقف الامام العسكري عليه السلام تجاه المدعيات الباطلة
يمكن تلخيص موقف الامام العسكري عليه السلام حيال تلك الشرذمة القليلة التي حاولت عبثا التشكيك بامامته ، بامرين وهما :

الاول : الرسائل والتوقيعات التوجيهية
بعث الامام العسكري عليه السلام عن طريق وكلائه المزيد من الرسائل والوصايا التوجيهية الي شيعته ومواليه في مختلف ديار الاسلام ، وبعضها مفصلة نسبيا ، وهي تحمل في طياتها الدعوة الي التمسك بمبادئ الاسلام والعمل بشريعته السامية ، والتعلق بسبيل الحق المتمثل بولاية اهل البيت عليهم السلام ، واعتقاد امامته عليه السلام (15). وكان لتلك الرسائل دور فاعل في ازالة شكوك من كان يبحث عن الحجة والبرهان من المرتابين في امامته عليه السلام ، وحيثما التقوا بالحجة والبرهان في عمق بصيرتهم ، انفتحوا علي نتائج الحقيقة ، فزال شكهم ، والتحقوا بركب التشيع العريض الواسع.
عن احمد بن اسحاق ، قال : « دخلت علي مولانا ابي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام فقال : يا احمد ، ما كان حالكم فيما كان فيه الناس من الشك والارتياب؟فقلت له : يا سيدي لما ورد الكتاب لم يبق منا رجل ولا امراة ولا غلام بلغ الفهم الا قال بالحق. فقال عليه السلام : احمد الله علي ذلك يا احمد ، اما علمتم ان الارض لا تخلو من حجة ، وانا ذلك الحجة ، او قال : انا الحجة »(16).

الثاني : اظهار الدلالة
فقد طالب بعض المشككين الامام عليه السلام بالدلالة ، وكان عليه السلام يستجيب بما اوتي من الحكمة وفصل الخطاب ، لمن يعتقد انه يسكن اليها. ويدل عليه ما رواه الشيخ الصدوق بسنده عن القاسم الهروي ، قال : خرج توقيع من ابي محمد عليه السلام الي بعض بني اسباط ، قال : « كتبت اليه عليه السلام اخبره عن اختلاف الموالي واساله اظهار دليل. فكتب الي : انما خاطب الله عزوجل العاقل ، ليس احد ياتي باية او يظهر دليلا اكثر مما جاءبه خاتم النبيين وسيد المرسلين ، فقالوا : ساحر وكاهن وكذاب ، وهدي الله من اهتدي ، غير ان الادلة يسكن اليها كثير من الناس ، وذلك ان الله عزوجل ياذن لنا فنتكلم ، ويمنع فنصمت ، ولو احب ان لا يظهر حقا ما بعث النبيين مبشرين ومنذرين ، فصدعوا بالحق في حال الضعف والقوة ، وينطقون في اوقات ليقضي الله امره وينفذ حكمه ».
ثم اشار عليه السلام الي طبقات الناس في اخلاصهم له او ابتعادهم عنه ، مبينا ان بعضهم يعيش البصيرة في عقله وفي قلبه وفي روحه من اجل ان ينجو عندما يقف بين يدي الله ، وهذا متمسك بهدي الامام وسبيله ، وبعضهم اخذ العلم ممن يملك مسؤولية العلم وعمقه وممن لاملكهما ، او ممن يملك تقوي الحقيقة وممن لايملكها ، وهؤلاء مذبذبون ليس لديهم قاعدة ثابتة ينطلقون منها ولا ارض يقفون عليها ، وبعضهم استحوذ عليهم الشيطان فاعمي بصيرتهم ، وليس لهم شان الامواجهة اهل الحق.
قال عليه السلام : مواصلا كتابه الاول : « الناس في طبقات شتي ، فالمستبصر علي سبيل نجاة متمسك بالحق ، متعلق بفرع اصيل ، غير شاك ولا مرتاب ، لايجد عنه ملجا ، وطبقة لم تاخذ الحق من اهله ، فهم كراكب البحر يموج عند موجه ، ويسكن عند سكونه. وطبقة استحوذ عليهم الشيطان ، شانهم الرد علي اهل الحق ودفع الحق بالباطل ، حسدا من عند انفسهم ، فدع من ذهب يمينا وشمالا ، فالراعي اذا اراد ان يجمع غنمه جمعها في اهون السعي.
ذكرت ، ما اختلف فيه موالي ، فاذا كانت الوصية والكبر فلا ريب ، ومن جلس مجالس الحكم فهو اولي بالحكم ، احسن رعاية من استرعيت ، واياك والاذاعة وطلب الرئاسة ، فانهما يدعوان الي الهلكة. ذكرت شخوصك الي فارس ، فاشخص خار الله لك ، وتدخل مصر ان شاءالله امنا ، واقرا من تثق به من موالي السلام ، ومرهم بتقوي الله العظيم ، واداء الامانة ، واعلمهم ان المذيع علينا حرب لنا. قال : فلما قرات : وتدخل مصر ان شاءالله ، لم اعرف معني ذلك ، فقدمت الي بغداد ، وعزيمتي الخروج الي فارس ، فلم يتهيا ذلك فخرجت الي مصر » (17).
وهكذا كان عليه السلام يثبت امامته لبعض المشككين باظهار الدلالة ، مما يسكن قلوبهم ، ويكون له الاثر في هدايتهم الي سواء السبيل.
روي علي بن جعفر عن الحلبي ، قال : « اجتمعنا بالعسكر وترصدنا لابي محمد عليه السلام يوم ركوبه ، فخرج توقيعه : الا لايسلمن علي احد ، ولايشير الي بيده ولا يؤمي ، فانكم لاتامنون علي انفسكم. قال : والي جنبي شاب فقلت : من اين انت؟قال : من المدينة. قلت : ما تصنع هاهنا؟قال : اختلفوا عندنا في ابي محمد عليه السلام فجئت لاراه واسمع منه ، او اري منه دلالة ليسكن قلبي ، واني لولد ابي ذرالغفاري. فبينما نحن كذلك ، اذا خرج ابومحمد عليه السلام مع خادم له ، فلما حاذانا نظر الي الشاب الذي بجنبي. فقال : اغفاري انت؟قال : نعم. قال : ما فعلت امك حمدويه؟فقال : صالحة ، ومر. فقلت للشاب : اكنت رايته قط وعرفته بوجهه قبل اليوم؟قال : لا. قلت : فينفعك هذا؟قال : ودون هذا » (18)
وعن يحيي بن المرزبان ، قال : « التقيت مع رجل من اهل السيب سيماه الخير ، فاخبرني انه كان له ابن عم ينازعه في الامامة والقول في ابي محمد عليه السلام وغيره ، فقلت : لا اقول به او اري منه علامة ، فوردت العسكر في حاجة فاقبل ابو محمد عليه السلام فقلت في نفسي متعنتا : ان مد يده الي راسه ، فكشفه ثم نظر الي ورده قلت به. فلما حاذاني مد يده الي راسه فكشفه ، ثم برق عينيه في ثم ردها ، وقال يا يحيي ، مافعل ابن عمك الذي تنازعه في الامامة؟فقلت : خلفته صالحا. فقال : لاتنازعه ، ثم مضي » (19).
كما كان عليه السلام يحذر من لايعتقد بامامته الا ببرهان ثم يعطي ذلك ويبقي علي عناده بمصير وخيم يوم يفد علي الله فردا بلا ناصر اومعين. روي المسعودي بالاسناد عن الربيع بن سويد الشيباني ، قال : حدثني ناصح البارودي ، قال« كتبت الي ابي محمد عليه السلام اعزيه بابي الحسن عليه السلام وقلت في نفسي وانا اكتب : لو قد خبر ببرهان يكون حجة لي. فاجابني عن تعزيني ، وكتب بعد ذلك : من سال اية او برهانا فاعطي ، ثم رجع عمن طالب منه الاية ، عذب ضعف العذاب ، ومن صبرا اعطي التاييد من الله ، والناس مجبولون علي جبلة ايثار الكتب المنشرة ، فسال السداد ، فانما هو التسليم او العطب ، ولله عاقبة الامور. » (20).
المصادر :
1- الارشاد2 : 313
2- اصول الكافي1 : 286
3- اكمال الدين : 372/6 باب35
4- اكمال الدين : 378/3 باب36
5- اصول الكافي1 : 325/1ـ اصول الكافي1 : 325/2. اصول الكافي1 : 326/3 اصول الكافي1 : 326/6
6- اصول الكافي1 : 326 /7 اصول الكافي1 : 327 /11 اصول الكافي1 : 328 /13
7- اكمال الدين : 379/1 ـ باب 37. اكمال الدين : 382/8 ـ باب 37. اكمال الدين : 383/10 ـ باب 37.
8- كتاب الغيبة/الشيخ الطوسي : 198/163.
9- كتاب الغيبة/الشيخ الطوسي : 199/164. كتاب الغيبة/الشيخ الطوسي : 199/165.
10- اصول الكافي1 : 326 ـ 328 الاحاديث رقم 5و6و7و8و9و12 ، وكتاب الغيبة/الشيخ الطوسي : 203/170
11- الغيبة/الشيخ الطوسي : 198و200 ، وراجع ص : 83.
12- اكمال الدين : 479 ـ اخر باب43 ، الخرائج والجرائح3 : 1109.
13- اصول الكافي1 : 504/1 ، ، الارشاد2 : 322 ، روضة الواعظين : 250 ، اعلام الوري2 : 147.
14- الفصول المختارة/السيد المرتضي : 317 ، دارالمفيد ـ 414هـ .
15- تحف العقول : 258 ومابعدها ، المناقب لابن شهر اشوب4 : 458 ـ 459بحار الانوار78 : 370 باب 29.
16- اكمال الدين : 222/9باب22.
17- اثبات الوصية : 247 ، الخرائج والجرائح1 : 448/35 ، بحارالانوار50 : 296/70.
18- الخرائج والجرائح1 : 439/20 ، بحارالانوار50 : 269/24.
19- الخرائج والجرائح1 : 440/21 ، بحارالانوار50 : 270/25.
20- اثبات الوصية : 247 ، تحف العقول : 360 مختصرا.

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

فضائل الإمام الصادق ( عليه السلام )
الإمام الصادق (ع)
وصية السيدة خديجة بالزهراء{عليهاالسلام}
امامة الحسن العسکري عليه السلام
زينب (عليها السلام) شريكة آلام الحسين (عليه ...
هل هناك عهد بيننا وبين الحسين (عليه السّلام) عبر ...
ابوذر في جبل عامل
ابو ذر فـي الـرّبـذَة
الرسول يسب ويلعن في صحيح أهل السنة
ملامح عصر الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)

 
user comment