عربي
Wednesday 16th of October 2024
0
نفر 0

ابتکار نظرية الصحابة

 الذين اخترعوا هذه النظرية علقوا عليها الآمال التالية:
1 - تأويل خصوصية أهل بيت النبوة تأويلا يفرغها من مضمونها ووظيفتها.
2 - إيجاد خصوصية بديلة تنافس خصوصية أهل البيت، وتقوم بالتعاون مع الحكام بوظائف أهل البيت.
3 - خلق الشبهات وإيجاد حالة من الحيرة والشك لتفريق المحكومين وإشغالهم عن الحكام بخلافات جانبية وتغذية هذه الخلافات لتتحول إلى خلافات عميقة ودائمة.

التقابل بالصفات
أهل البيت الكرام أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. ومن أهل البيت - بكل الموازين - فاطمة وعلي وحسن وحسين على الأقل. لقد طهر الله هؤلاء وبشرهم في الجنة قبل أن يبشر المبشرين في الجنة، وهم سادات أهل الجنة بالنص (1). وغني عن البيان أنهم عدول، لأن من ملك الأكثر ملك الأقل، ومن حاز الدائرة حاز ما في ضمنها.
الصحابة: أجلاء الصحابة الذين أخلصوا لله قوم مكرمون عدلهم الله، ولكن الذين حكموا ليسوا من أجلاء الصحابة، بل هم في غالبهم طلقاء أسلموا بعد أن أحيط بهم. إنه لا يوجد طريقة في الدنيا يمكن أن تجعلهم في مرتبة أهل البيت إلا نظرية عدالة كل الصحابة بالمعنيين اللغوي والاصطلاحي. فهي تساوي بين من أسلم من قبل الفتح وقاتل وبين من أسلم بعد الفتح. تساوي بين القاتل والمقتول، والمحاصر والمحاصر، وبين المهاجر والطليق، وبين المؤمن والمنافق، وتعطيهم جميعا نفس الصفة (العدالة). فعلي بن أبي طالب من أهل البيت وصحابي، ومعاوية بن أبي سفيان صحابي. هذا عادل وهذا عادل، هذا مجتهد وهذا مجتهد، هذا في الجنة وهذا في الجنة، وكلاهما منزه عن الكذب. علي أول من أسلم، وولي الله بالنص، وحامل لواء النبي في كل معاركه، وبطل الإسلام في كل مواقعه، هو تماما كمعاوية الذي حارب وأبوه الإسلام في كل المواقع، وأسلما بعد ما أحيط بهما!!!
العدالة الوضعية ترفض هذا التكييف، ومن باب أولى أن ترفضه عدالة السماء، الله فرق بين الاثنين، ونبيه فرق بين الاثنين، والأعمال فرقت بين الاثنين، فمن أمرنا بمساواتهما ؟ وما هو الدليل على ذلك غير نظرية عدالة الصحابة ؟.
تلك النظرية التي وجدت أصلا للقضاء على الفوارق بين المتقدمين والمتأخرين، بين المجاهدين والقاعدين، بين الأولين والآخرين.
فما وجدت نظرية عدالة كل الصحابة وما خلصت صفة العدالة على الجميع إلا لغايات منافسة العدالة للطهارة التي اختص الله بها أهل بيت نبيه.

مثال من الواقع
الامام علي عليه السلام عميد أهل البيت بالنص، وولي الأمة بالنص، وأول من أسلم بالنص، ومجاراة للذين يكرهون أن يكون الأول هو ثاني من أسلم بالنص، والحق معه يدور حيث دار بالنص، وموالاته موالاة لله بالنص، ومعاداته معاداة لله بالنص، وهو صحابي باعتراف كل الذين أسسوا نظرية عدالة الصحابة، وهو مبشر بالجنة. فإذا كان علي صحابيا، فلماذا فرضتم لعنه فوق كل المنابر وفي كل الأمصار الإسلامية ؟
ولماذا لعنتموه وشتمتموه فعلا ؟ ألستم أنتم الذين حددتم عقوبة من يشتم الصحابي فقلتم: إنه زنديق، لا يواكل ولا يشارب ولا يصلى عليه ؟ أم أن عدالة كل الصحابة تعمل لصالح الجميع إلا لصالح علي وأهل بيته ؟ حيث تتعطل عندهم ولا تعمل ولا تخلع عليهم صفة العدالة ؟

مثال آخر من الواقع
الامامين الحسن بن علي والحسين بن علي عليهم السلام سيدا شباب أهل الجنة في الجنة، وريحانتا النبي من هذه الأمة، وهما ابنا رسول الله بالنص، فقد جعل الله ذرية كل نبي من صلبه، وجعل ذرية النبي من صلب علي، وهما صحابيان ومن العدول لأنهما صحابيان، ومن غير الجائز الانتقاص من صحابي أو شتمه أو طعنه، ومن يفعل ذلك فهو زنديق لا يواكل ولا يشارب ولا يصلى عليه.... الخ.
فما بالكم بمن سموا الصحابي الحسن بن علي ؟ وما هو حكمكم بمن قتل الحسين وحرم عليه وعلى أهل بيته أن يشربوا من ماء الفرات وهو حلال للوحش والطير والحيوان وحتى للكلاب ؟ ألا يعتبر القتل انتقاصا ؟ ما رأيكم بمن يقتل ذرية محمد كلها ويسلبها متاعها وهي ميتة ويسبي النساء وذرية محمد من الصحابة ونساء الذرية من الصحابة ؟!!!

توضيح الصورة
الذين سموا الامام الحسن عليه السلام صحابة بالمعنيين اللغوي والاصطلاحي، والذين قتلوا عليا عليه السلام صحابة، والذين قتلوا الامام الحسين عليه السلام صحابة، والذين أبادوا ذرية النبي صلی الله عليه وآله وسلم في كربلاء صحابة، والذين لعنوا عليا وشتموه ومن والاه صحابة، والذين لم يقبلوا شهادة من يحب عليا صحابة.

تساؤل واستغراب
الامام الحسن بن علي عليهماالسلام المسموم من العدول، لأنه من الصحابة، والذين سموه عدول، لأنهم من الصحابة، والحسين بن علي من العدول لأنه صحابي، والذين قتلوه من العدول، لأنهم من الصحابة، وذرية محمد التي قتلت في كربلاء عدول، لأنهم صحابة، والذين قتلوهم عدول، لأنهم صحابة.
السام (الذي ارتكب جريمة القتل بالسم) وهو الجاني، والمسموم وهو الضحية في الجنة، لأنهم صحابة، ولأنهم عدول، والقاتل والمقتول في الجنة، فكلاهما صحابي ومن العدول، والسالب والمسلوب في الجنة، وكلاهما صحابي، وكلاهما من العدول.
هذه المساواة تشكل استهتارا بالعقل البشري ومظهرا من مظاهر العبودية المخجلة للتقليد.

أدت الرسالة
ونظرية عدالة الصحابة أدت الرسالة تماما. فعلي كمعاوية، فكلاهما صحابي، وهما من العدول، وكلاهما في الجنة، وكلاهما على الحق، والمنتصر هو ولي الأمة، والعام الذي انتصر أحدهما على الآخر هو عام الجماعة.

التقابل بالحماية
من آذى أهل البيت فقد آذى النبي، ويقابلها: من آذى صحابيا فقد آذى النبي، ومن أبغض أهل بيت محمد فهو في النار، ومن أبغض صحابيا على الاطلاق فهو في النار. وزيادة على الحماية المخصصة لأهل البيت فإن من انتقص صحابيا فهو زنديق، ويجب أن يعزل فلا يواكل ولا يشارب ولا يصلى عليه، إنما ينبذ كجيفة ميتة. فنظرية عدالة الصحابة أعطت الصحابة الحماية المقررة لأهل البيت وزيادة.

في مجال البيان
القرآن هو الثقل الأكبر، وأهل بيت محمد هم الثقل الأصغر، والهداية لا تدرك إلا بالتمسك بالثقلين. والضلالة لا يمكن تجنبها إلا بالتمسك بهما. هذا بالنص الشرعي القاطع. وأهل البيت هم سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق بالنص الشرعي القاطع وهم باب حطة، من دخله غفر له بالنص الشرعي القاطع. وهم أمان لهذه الأمة.
النجوم أمان لأهل الأرض، وأهل بيته أمان لأمة محمد من الاختلاف بالنص الشرعي القاطع، والأمة بدونهم كالحمار إذا كسر صلبه، وعميدهم يبين للناس ما اختلفوا فيه من بعد وفاة النبي بالنص الشرعي أمثلة ما تعطيه نظرية عدالة كل الصحابة للصحابة
" مثل أصحابي في أمتي كالملح في الطعام فلا يصلح الطعام إلا بالملح ". ورد هذا الحديث في الاستيعاب على هامش الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (ج 1 ص 7) وانظر إلى الحديث رقم 33792 (ج 12 ص 22) من كنز العمال حيث جاء فيه بالحرف: قريش صلاح الناس، ولا يصلح الناس إلا بهم، ولا يعطى إلا عليهم، كما أن الطعام لا يصلح إلا بالملح... نقله عن ابن عدي في الكامل عن عائشة. وانظر الحديث 33807 (ج 12 ص 25) " أمان لأهل الأرض من الغرق القريش، وأمان الأرض من الاختلاف الموالاة لقريش، قريش أهل الله، فإذا خالفتها قبيلة من قبائل العرب صاروا حزب إبليس ". وقد نقله عن الطبراني في الكبير، وعن الحاكم في مستدركه.
وقد روى الترمذي وابن حيان كما ذكر ابن حجر في الإصابة (ص 19) أن الرسول صلی الله عليه وآله وسلم قد قال: " الله الله في أصحابي لا تتخذوهم عرضا، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه "

نصوص للتدبر
أ - قال صلی الله عليه وآله وسلم : " يا علي من فارقني فقد فارق الله، ومن فارقك فقد فارقني ".
وقال: " من آذى عليا فقد آذاني ".
وقال: " من أحب عليا فقد أحبني، ومن أبغض عليا فقد أبغضني " (2).
وقال لعلي مرة: " حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله والويل لمن أبغضك بعدي " (3).
وقال: " طوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب فيك " (4) وقال: " أوصي من آمن بي وصدقني بولاية علي بن أبي طالب، فمن تولاه فقد تولاني، ومن تولاني فقد تولى الله، ومن أحبه أحبني ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغضه أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله " (5).
ب - قال صلی الله عليه وآله وسلم : " النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من قبائل العرب، واختلفوا فصاروا حزب إبليس ". وانظر إلى قوله صلی الله عليه وآله وسلم : " النجوم أمان لاهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي ".

تساؤلات
ماذا يكون الموقف لو أن صحابيا أبغض عليا أو آذاه، أو أن عليا أبغض صحابيا أو آذاه فمن نتبع ؟ ومن هو المحق ومن هو المبطل ؟ ماذا يكون الموقف لو أن قريشا قالت: نحن أمان لهذه الأمة، وقال أهل البيت: نحن أمان لهذه الأمة ؟ فمن نصدق ؟ ماذا يكون الموقف لو أن قسما من الأمة اتبعوا قريشا، وقسما آخر اتبعوا أهل البيت ؟ وكل فريق زعم أنه على الحق، فمن هو الذي على الحق في الحق والحقيقة ؟
أنظر إلى الحديث المكذوب على رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم وهو: " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ".
هذا حديث مكذوب. يقول ابن تيمية على الصفحة 551 من كتاب " المنتقى " للذهبي: " وحديث أصحابي كالنجوم ضعفه أئمة الحديث فلا حجة فيه ". فلو أن مجموعة من الصحابة وقفوا مع علي، ومجموعة أخرى وقفوا مع معاوية، ومجموعة ثالثة اعتزلت الفريقين، ومجموعة رابعة تربصت لترى من يغلب فتقف معه، فهل يعقل شرعا وعقلا أن من يتبع أي مجموعة من هذه المجموعات الأربعة هو محق ؟
فمن يكون المبطل إذا ؟!!.
ماذا يكون الموقف لو أن صحابيا قال: إن الحق عندي هنا في الشرق. وبنفس الوقت قال صحابي آخر: إن الحق عندي في الغرب، ثم قال ثالث: إن الحق عندي هنا في الشمال، وقال رابع: إن الحق عندي هنا في الجنوب، وقال خامس: إن الحق عندي هنا في زاوية 45 شمال... الخ، وانقسمت الأمة 73 فرقة كما أخبرنا النبي، وبيد كل فرقة ذريعة، فهل يعقل بالشرع والعقل أن يكونوا كلهم على الحق ؟
إنه لا يوجد إلا حق واحد!! إن الفرقة جريمة، وإن الوحدة قربة من الله، فهل يعقل أن يفرق النبي أمته ؟.
تلقين الحجة بالواسطة
قال النبي صلی الله عليه وآله وسلم لعلي: " أنت تؤدي عني وتسمعهم صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه من بعدي ".
(مع أن أبا حنيفة كان متحمسا للعباس، فقد كان يقدم رأي الصحابي عليه إذا تعارضا في مورد من الموارد). وجاء عنه أنه كان يقول: " إن لم أجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله أخذت بقول أصحابه، فإن اختلفت آراؤهم في حكم الواقعة أخذت بقول من شئت وأدع من شئت، ولا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم من التابعين " (6).
وجاء في أعلام الموقعين لابن القيم: " إن أصول الأحكام عند الإمام أحمد خمسة: الأول: النص، والثاني: فتوى الصحابة، وإن الأحناف والحنابلة قد ذهبوا إلى تخصيص الكتاب بعمل الصحابي، لأن الصحابي العالم لا يترك العمل بعموم الكتاب إلا لدليل، فيكون عمله على خلاف عموم الكتاب دليلا على التخصيص، وقوله بمنزلة عمله ".
ونذكر بالمناسبة بأن سنة الرسول تعني: القول والفعل والتقرير. ولاحظ " وقوله عن الصحابي بمنزلة عمله ". فقول الصحابي على الاطلاق بالمعنيين اللغوي والاصطلاحي يخصص عموم القرآن ويقيد مطلقاته، كأن قول الصحابي وحي من السماء لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والمشكلة أي صحابي بالمعنيين اللغوي والاصطلاحي. إن نظرية عدالة الصحابة أعطت الصحابة ما لم يعطه الشرع لأئمة أهل البيت.
قال ابن خلدون: إن الصحابة كلهم لم يكونوا أهل فتيا، ولا كان الدين يؤخذ عن جميعهم، وإنما كان مختصا بالحاملين للقرآن، العارفين بناسخه ومنسوخه، ومتشابهه، ومحكمه، وسائر أدلته بما تلقوه من النبي صلی الله عليه وآله وسلم أو ممن سمعه منهم وعن عليتهم، وكانوا يسمون لذلك " القراء " أي الذين يقرأون الكتاب، لأن العرب كانوا أمة أمية، فاختص من كان قارئا للكتاب بهذا الاسم لقرابته يومئذ، وبقي الأمر كذلك صدر الملة.
وعن محمد بن أبي سهل بن أبي خيثمة عن أبيه قال: " كان الذين يفتون على عهد رسول الله ثلاثة نفر من المهاجرين وثلاثة نفر من الأنصار: عمر وعثمان وعلي، وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت.
وعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن أبا بكر الصديق كان إذا نزل به أمر يريد مشاورة أهل الرأي دعا رجالا من المهاجرين والأنصار. دعا عمر وعثمان وعليا و عبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت، وكل هؤلاء كان يفتي في خلافة أبي بكر، وإنما تصير فتوى الناس إلى هؤلاء، فمضى أبو بكر على ذلك، ثم ولي عمر فكان يدعو هؤلاء النفر (7).
التوسعة في التفقه
أنت تلاحظ أن نظرية عدالة كل الصحابة نسفت كل الأعراف التي اعتمدت زمن أبي بكر وعمر وخرجت عن كل المفاهيم المألوفة في عهده صلی الله عليه وآله وسلم ، وأعطت الفرصة لكل صحابي على الاطلاق وبالمعنيين اللغوي والاصطلاحي ليدلي بدلوه في كل مسألة من المسائل. ومن حق المجتهد والباحث عن الجواب للسؤال المطروح أن يأخذ برأي أي واحد من هؤلاء الصحابة. كيف لا وكلهم عدول، وكلهم من أهل الجنة، ولا يجوز عليهم الكذب، فاختلطت الأمور، فالمتقدم كالمتأخر، والطليق كالمهاجر، فكلهم ينعم بصفة العدالة، ولا تثريب عليه، ولا معقب لقوله حسب الاطار العام لنظرية عدالة كل الصحابة وما يروى عنهم. وتثبت صحة نسبته إليهم، فهو الحق الذي لا يأتيه الباطل، لأنه قد صدر عن عدول بإمكانهم أن يخصصوا العام من القرآن، وأن يقيدوا المطلق منه. ومن هنا فقد كانت الجهود منصبة بالدرجة الأولى على درس حياة أولئك الذين ينقلون هذه الأحاديث والتحقق من حسن سيرتهم، وصدق إيمانهم، وصدق أقوالهم. فإذا توافرت هذه الصفات بالراوي، وتحققت نسبة النص إلى الصحابي، فهذا النص حق لأنه صادر عن صحابي من العدول.
قيد على الرواة من حيث المبدأ
يمكن لأحد الرواة أن يتشيع لأبي بكر أو لعمر أو لعثمان أو لسعد أو لأي صحابي على الاطلاق. فهذا لا يخدش بصدقه وأمانته، ولا يكون محلا للشبهة، إنما الشبهة تقع على من يوالي عليا وأهل البيت ويتشيع لهم، فمن المحال أن يكون ثقة ولا تقبل روايته، وإذا اجتمع عدة رواة كلهم ثقات وبينهم رجل يحب أهل البيت، ويتشيع لهم فيترك الحديث كله، لأنهم لا يقبلون إلا رواية الثقة، والثقة والتشيع لأهل بيت محمد لا يجتمعان.
قال أبو عمر بن عبد البر: روينا عن محمد بن وضاح قال: سألت يحيى بن معين عن الشافعي (محمد بن إدريس الشافعي) فقال: ليس بثقة. ويحيى بن معين هذا من كبار أئمة الجرح والتعديل الذين جعلوا قولهم في الرجال حجة قاطعة.
فتصور أن الشافعي صاحب المذهب ليس بثقة بنظر ابن معين، لأن فيه بعض التشيع لأهل البيت. وقد أدرك الذهبي أن هذا غير معقول فقال: " وكلام ابن معين في الشافعي إنما كان من فلتات اللسان بالهوى والعصبية ". والإمام جعفر بن محمد الصادق أستاذ أصحاب المذاهب الأربعة وصاحب مدرسة تخرج منها أربعة آلاف فقيه ومحدث، وهو صاحب مذهب أهل البيت الكرام، وعلم شامخ من أعلام النبوة وثقة أبو حاتم والنسائي، إلا أن البخاري لم يحتج به كأنه ليس ثقة مع أنه قد روى لمروان بن الحكم.
قال يحيى بن معين: وقيل له في سعيد بن خالد الجلي حين وثقه (شيعي) قال: وشيعي ثقة ؟ إنه يستغرب أن يتشيع رجل لأهل البيت ويكون ثقة.
ومن لا يواليهم ولا يشايعهم فهو ثقة. قال العجلي في عمر بن سعد بن أبي وقاص قائد الجيش الذي قتل الحسين وأهل البيت في كربلاء: هو تابعي ثقة روى عنه الناس. وقال العجلي كذلك في عمران بن حطان: ثقة، وعمران هذا مدح ابن ملجم لعنه الله، وابن ملجم هو قاتل الإمام علي. يقول عمران في مدح ابن ملجم:
يا ضربة من تقي ما أراد بها * إلا ليبلغ عند الله رضوانا
المصادر :
1- كنز العمال ج 12 ص 93 .
2- الحاكم في ج 3 ص 130 من المستدرك.
3- الحاكم ج 3 ص 135.
4- الطبراني في الكبير وهو الحديث 2571 ج 3 ص 154 من الكنز، وأخرجه ابن عساكر.
5- الحديث 2576 ص 155 ج 6 من الكنز، وأخرجه الطبراني.
6- أبا حنيفة لأبي زهرة ص 304.
7- طبقات ابن سعد ج 4 ص 168، وراجع آراء علماء المسلمين في التقية والصحابة وصيانة القرآن الكريم ص 50 .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الطب قبل الاسلام
الشيخ مرتضى الأنصاري
العلاقة الزوجية بين الرومانسية والجنس
برّ الوالدين خلق إسلامي كريم
المدرسة الاخبارية في الاجتهاد
تكوين الأسرة المسلمة
العظمة الحقوقية والاجتماعية للمرأة في القرآن
الاحتضار
قبسات ونكات علمية وبلاغية من وحي نهج البلاغة – ...
التجلي لموسى عليه السلام

 
user comment