بَابُ بَدْءِ الْحَجَرِ وَ الْعِلَّةِ فِي اسْتِلَامِهِ
1- حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ
إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لَمَّا أَخَذَ مَوَاثِيقَ الْعِبَادِ أَمَرَ الْحَجَرَ فَالْتَقَمَهَا وَ لِذَلِكَ يُقَالُ أَمَانَتِي أَدَّيْتُهَا وَ مِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لِي بِالْمُوَافَاةِ
2- عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع لِمَ جُعِلَ اسْتِلَامُ الْحَجَرِ فَقَالَ
إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حَيْثُ أَخَذَ مِيثَاقَ بَنِي آدَمَ دَعَا الْحَجَرَ مِنَ الْجَنَّةِ فَأَمَرَهُ فَالْتَقَمَ الْمِيثَاقَ فَهُوَ يَشْهَدُ لِمَنْ وَافَاهُ بِالْمُوَافَاةِ
3- مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَ غَيْرُهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْقَمَّاطِ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع لِأَيِّ عِلَّةٍ
وَضَعَ اللَّهُ الْحَجَرَ فِي الرُّكْنِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَ لَمْ يُوضَعْ فِي غَيْرِهِ وَ لِأَيِّ عِلَّةٍ تُقَبَّلُ وَ لِأَيِّ عِلَّةٍ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ وَ لِأَيِّ عِلَّةٍ وُضِعَ مِيثَاقُ الْعِبَادِ وَ الْعَهْدُ فِيهِ وَ لَمْ يُوضَعْ
فِي غَيْرِهِ وَ كَيْفَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ تُخْبِرُنِي جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ فَإِنَّ تَفَكُّرِي فِيهِ لَعَجَبٌ قَالَ فَقَالَ سَأَلْتَ وَ أَعْضَلْتَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَ اسْتَقْصَيْتَ فَافْهَمِ الْجَوَابَ وَ فَرِّغْ قَلْبَكَ وَ
أَصْغِ سَمْعَكَ أُخْبِرْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
الكافي ج : 4 ص : 185
إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى وَضَعَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَ هِيَ جَوْهَرَةٌ أُخْرِجَتْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى آدَمَ ع فَوُضِعَتْ فِي ذَلِكَ الرُّكْنِ لِعِلَّةِ الْمِيثَاقِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ
ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ حِينَ أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ تَرَاءَى لَهُمْ وَ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ يَهْبِطُ الطَّيْرُ عَلَى الْقَائِمِ ع فَأَوَّلُ مَنْ يُبَايِعُهُ ذَلِكَ الطَّائِرُ وَ
هُوَ وَ اللَّهِ جَبْرَئِيلُ ع وَ إِلَى ذَلِكَ الْمَقَامِ يُسْنِدُ الْقَائِمُ ظَهْرَهُ وَ هُوَ الْحُجَّةُ وَ الدَّلِيلُ عَلَى الْقَائِمِ وَ هُوَ الشَّاهِدُ لِمَنْ وَافَاهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَ الشَّاهِدُ عَلَى مَنْ أَدَّى إِلَيْهِ الْمِيثَاقَ
وَ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى الْعِبَادِ وَ أَمَّا الْقُبْلَةُ وَ الِاسْتِلَامُ فَلِعِلَّةِ الْعَهْدِ تَجْدِيداً لِذَلِكَ الْعَهْدِ وَ الْمِيثَاقِ وَ تَجْدِيداً لِلْبَيْعَةِ لِيُؤَدُّوا إِلَيْهِ الْعَهْدَ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فِي
الْمِيثَاقِ فَيَأْتُوهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَ يُؤَدُّوا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْعَهْدَ وَ الْأَمَانَةَ اللَّذَيْنِ أُخِذَا عَلَيْهِمْ أَ لَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ أَمَانَتِي أَدَّيْتُهَا وَ مِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ لِتَشْهَدَ لِي بِالْمُوَافَاةِ وَ وَ اللَّهِ مَا
يُؤَدِّي ذَلِكَ أَحَدٌ غَيْرُ شِيعَتِنَا وَ لَا حَفِظَ ذَلِكَ الْعَهْدَ وَ الْمِيثَاقَ أَحَدٌ غَيْرُ شِيعَتِنَا وَ إِنَّهُمْ لَيَأْتُوهُ فَيَعْرِفُهُمْ وَ يُصَدِّقُهُمْ وَ يَأْتِيهِ غَيْرُهُمْ فَيُنْكِرُهُمْ وَ يُكَذِّبُهُمْ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَحْفَظْ
ذَلِكَ غَيْرُكُمْ فَلَكُمْ وَ اللَّهِ يَشْهَدُ وَ عَلَيْهِمْ وَ اللَّهِ يَشْهَدُ بِالْخَفْرِ وَ الْجُحُودِ وَ الْكُفْرِ وَ هُوَ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَجِيءُ وَ لَهُ لِسَانٌ نَاطِقٌ وَ عَيْنَانِ فِي
صُورَتِهِ الْأُولَى يَعْرِفُهُ الْخَلْقُ وَ لَا يُنْكِرُهُ يَشْهَدُ لِمَنْ وَافَاهُ وَ جَدَّدَ الْعَهْدَ وَ الْمِيثَاقَ عِنْدَهُ بِحِفْظِ الْعَهْدِ وَ الْمِيثَاقِ وَ أَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَ يَشْهَدُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَنْكَرَ وَ جَحَدَ وَ نَسِيَ
الْمِيثَاقَ بِالْكُفْرِ وَ الْإِنْكَارِ فَأَمَّا عِلَّةُ مَا أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَهَلْ تَدْرِي مَا كَانَ الْحَجَرُ قُلْتُ لَا قَالَ كَانَ مَلَكاً مِنْ عُظَمَاءِ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَ اللَّهِ فَلَمَّا أَخَذَ اللَّهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ
الْمِيثَاقَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ أَقَرَّ ذَلِكَ الْمَلَكُ فَاتَّخَذَهُ اللَّهُ أَمِيناً عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ فَأَلْقَمَهُ الْمِيثَاقَ وَ أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ وَ اسْتَعْبَدَ الْخَلْقَ أَنْ يُجَدِّدُوا عِنْدَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ الْإِقْرَارَ
بِالْمِيثَاقِ وَ الْعَهْدِ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِمْ ثُمَّ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعَ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ يُذَكِّرُهُ الْمِيثَاقَ وَ يُجَدِّدُ عِنْدَهُ الْإِقْرَارَ فِي كُلِّ سَنَةٍ
الكافي ج : 4 ص : 186
فَلَمَّا عَصَى آدَمُ وَ أُخْرِجَ مِنَ الْجَنَّةِ أَنْسَاهُ اللَّهُ الْعَهْدَ وَ الْمِيثَاقَ الَّذِي أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ عَلَى وُلْدِهِ لِمُحَمَّدٍ ص وَ لِوَصِيِّهِ ع وَ جَعَلَهُ تَائِهاً حَيْرَانَ فَلَمَّا تَابَ اللَّهُ عَلَى آدَمَ حَوَّلَ
ذَلِكَ الْمَلَكَ فِي صُورَةِ دُرَّةٍ بَيْضَاءَ فَرَمَاهُ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى آدَمَ ع وَ هُوَ بِأَرْضِ الْهِنْدِ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ آنَسَ إِلَيْهِ وَ هُوَ لَا يَعْرِفُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَنَّهُ جَوْهَرَةٌ وَ أَنْطَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ
فَقَالَ لَهُ يَا آدَمُ أَ تَعْرِفُنِي قَالَ لَا قَالَ أَجَلْ اسْتَحْوَذَ عَلَيْكَ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاكَ ذِكْرَ رَبِّكَ ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى صُورَتِهِ الَّتِي كَانَ مَعَ آدَمَ فِي الْجَنَّةِ فَقَالَ لآِدَمَ أَيْنَ الْعَهْدُ وَ الْمِيثَاقُ
فَوَثَبَ إِلَيْهِ آدَمُ وَ ذَكَرَ الْمِيثَاقَ وَ بَكَى وَ خَضَعَ لَهُ وَ قَبَّلَهُ وَ جَدَّدَ الْإِقْرَارَ بِالْعَهْدِ وَ الْمِيثَاقِ ثُمَّ حَوَّلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى جَوْهَرَةِ الْحَجَرِ دُرَّةً بَيْضَاءَ صَافِيَةً تُضِيءُ فَحَمَلَهُ
آدَمُ ع عَلَى عَاتِقِهِ إِجْلَالًا لَهُ وَ تَعْظِيماً فَكَانَ إِذَا أَعْيَا حَمَلَهُ عَنْهُ جَبْرَئِيلُ ع حَتَّى وَافَى بِهِ مَكَّةَ فَمَا زَالَ يَأْنَسُ بِهِ بِمَكَّةَ وَ يُجَدِّدُ الْإِقْرَارَ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ
وَ جَلَّ لَمَّا بَنَى الْكَعْبَةَ وَضَعَ الْحَجَرَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ لِأَنَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى حِينَ أَخَذَ الْمِيثَاقَ مِنْ وُلْدِ آدَمَ أَخَذَهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَلْقَمَ الْمَلَكَ الْمِيثَاقَ وَ لِذَلِكَ
وَضَعَ فِي ذَلِكَ الرُّكْنِ وَ نَحَّى آدَمَ مِنْ مَكَانِ الْبَيْتِ إِلَى الصَّفَا وَ حَوَّاءَ إِلَى الْمَرْوَةِ وَ وَضَعَ الْحَجَرَ فِي ذَلِكَ الرُّكْنِ فَلَمَّا نَظَرَ آدَمُ مِنَ الصَّفَا وَ قَدْ وُضِعَ الْحَجَرُ فِي الرُّكْنِ
كَبَّرَ اللَّهَ وَ هَلَّلَهُ وَ مَجَّدَهُ فَلِذَلِكَ جَرَتِ السُّنَّةُ بِالتَّكْبِيرِ وَ اسْتِقْبَالِ الرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ مِنَ الصَّفَا فَإِنَّ اللَّهَ أَوْدَعَهُ الْمِيثَاقَ وَ الْعَهْدَ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ
جَلَّ لَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَ لِمُحَمَّدٍ ص بِالنُّبُوَّةِ وَ لِعَلِيٍّ ع بِالْوَصِيَّةِ اصْطَكَّتْ فَرَائِصُ الْمَلَائِكَةِ فَأَوَّلُ مَنْ أَسْرَعَ إِلَى الْإِقْرَارِ ذَلِكَ الْمَلَكُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَشَدُّ حُبّاً
لِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ص مِنْهُ وَ لِذَلِكَ اخْتَارَهُ اللَّهُ مِنْ بَيْنِهِمْ وَ أَلْقَمَهُ الْمِيثَاقَ وَ هُوَ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَ لَهُ لِسَانٌ نَاطِقٌ وَ عَيْنٌ نَاظِرَةٌ يَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ وَافَاهُ إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ
وَ حَفِظَ الْمِيثَاقَ
الكافي ج : 4 ص : 187
source : دارالعرفان/کافی