لقد قدّم الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) ابنه إبراهيم فداءً لولده الحسين (عليه السلام) وهو ابن ابنته فاطمة الزهراء (عليها السلام) وهذا إن دلَّ على شيءٍ فإنما يدل على مكانة الإمام الحسين (عليه السلام) على الرسالة والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد جاءت كتب التاريخ والحديث ملأى بالروايات التي تشير إلى ذلك، منها:
عن أبي العباس قال: كنت عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى فخذه الأيسر ابنه إبراهيم وعلى فخذه الأيمن الحسين بن عليّ، تارةً يقبّل هذا وتارة يقبل هذا، إذ هبط عليه جبرائيل (عليه السلام) بوحي من رب العالمين، فلما سرى عنه قال: (عليه السلام)أتاني جبرائيل من ربي فقال: يا مـحمد، إنّ ربّك يقرأ عليك السلام ويقول لك: لست أجمعهما لك، فافدِ أحدهما بصاحبه، فنظر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى إبراهيم فبكى ونظر إلى الحسين فبكى، ثم قال: إن إبراهيم أُمّه أَمة ومتى مات لم يحزن عليه غيري، وأُمّ الحسين فاطمة وأبوه علي ابن عمّي لحمي ودمي، ومتى مات حزنت ابنتي وحزن ابن عمي وحزنتُ أنا عليه، وأنا أُوثر حزني على حزنهما، يا جبرئيل، تقبض إبراهيم فديته بإبراهيم(عليه السلام) قال: فقبض بعد ثلاث، فكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا رأى الحسين مقبلاً قبَّله وضمه إلى صدره ورشف ثناياه وقال: (عليه السلام)فديت من فديته بابني إبراهيم(عليه السلام)(1).
عن أنس قال: لقد رأيت إبراهيم وهو يكيد بنفسه(2) بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فدمعت عينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: (عليه السلام)تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يُرضي الرب، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون(عليه السلام)(3).
________________________________________
1- تاريخ بغداد: ج 2 ص 204.
2- يكيد بنفسه: أي يجود بها، لسان العرب: ج 3 ص 383، كيد.
3- الاستيعاب في معرفة الأصحاب: ج 1 ص 57؛ ذخائر العقبى: ص