يا أُمَّ الحسَين
أركان التميمي
كيف يعلو إلى عُـلاهـا الثنـاءُ
مَن رَعَتها وبارَكَتْها السمـاءُ ؟!
جَرَّبَ الشِّعرُ أن يُداني سَناهـا
فتـردّى وحَـظُّـه الإعـيـاءُ
مَن تَلَتها القلوبُ في الطُّهرِ وَحْياً
أيَّ شيءٍ يَزيدُهـا الشعـراءُ؟!
هـيَ بنـتُ القـرآن آيـاً فآيـاً
وهِـيَ المجـدُ كلُّـه والثنـاءُ
وبنـاءٌ، عيـنُ الإلـهِ رَعَـتْـهُ
فتسامى علـى السِّمـاك البِنـاءُ
مِن أريج الجِنانِ فـاح شَذاهـا
مِن نَدىً صِيغ وجهُها الوضّـاءُ
آيةُ الطُّهرِ مِـن عوالـمِ قُـدسٍ
هـي منهـا إنسيّـةٌ حَــوراءُ
قد حَباها النبـيُّ حِلمـاً وعِلمـاً
يا لَنَفْـسٍ يَصوغهـا الأنبيـاءُ!
هَدْهَدَتها علـى مسامـعِ وحـيٍ
واغتذَتْهـا خديجـةُ الـغَـرّاءُ
وعلى مهدها الصغيـرِ تَلاقَـتْ
نَفَحـاتٌ قُدسـيّـةٌ وضـيـاءُ
أزهر الكونُ والليالي استنـارَتْ
حينَ شَعَّت بنورهـا الزهـراءُ
* * *
كوثرٌ للهـدى ويَنبُـوعُ مَجـدٍ
وحَـريٌّ بِهَدْيِـهـا الإقـتـداءُ
فاطمٌ عاشـتِ الرسالـةَ هَمّـاً
مِلؤُها البِرُّ والتُّقـى والوفـاءُ
لـم تَعِشْهـا كمَطْمَـعٍ ومَنـالٍ
بل سُمُـوّاً ودأبُهـا الإعطـاءُ
هيَ أُمّ الحسين.. ذلـك يكفـي
فَهِيَ البذلُ والنـدى والعطـاءُ
أطعَمَت بالرَّحى سُغوبَ بَنيهـا
وتَمادَت على يَدَيهـا الرَّحـاءُ
نفَخَـت نـارَ قِدْرهـا فتَراهـا
داكناً صـار ثوبُهـا والـرِّداءُ
وعلى كتفهـا النحيـلِ نُـدوبٌ
هيَ بُقْيا مـا أحدثَتْـه السِّقـاءُ
فاطمُ الطُّهرُ في النهـار عنـاءُ
ودمـوعٌ فـي ليلهـا ودعـاءُ
لم تكـن دُنيويّـةً يَتوخّـى الْ
إرثَ منهـا هَـوىً أو رجـاءُ
ليس دنيـا رخيصـةٌ أرَّقَتهـا
وضِياعٌ قـد سلّـب الزعمـاءُ
إنّمـا صرخـةٌ تُدافِـع فيهـا
عن علـيٍّ، ولوعـةٌ واستيـاءُ
أنصَتَ القومُ والبتـولُ تعالـى
في عتابِ الأصحاب منها نداءُ:
أجَزاءُ النبـيِّ حِقـدٌ وضِغـنٌ
واهتضـامٌ لآلِـهِ وعِــداءُ ؟!
أمِن العدلِ أن يَحـوزَ ظَلُـومٌ
إرثَ هادي الأنامِ لا الأقرباءُ ؟!
ويكونَ النصيـبُ لـلآلِ فقـراً
ونصيبُ الأجلاف منه الثَّـراءُ
يا لَحُزنِ الهدى وحـزنِ بَنيـهِ
يومَ سـاد الطريـدُ والأدعيـاءُ
* * *
يا آبنةَ الوحيِ.. والحديثُ شُجونُ
حيـنَ ضَجَّـت بقلبِـكِ الأرزاءُ
أثقَلَـت قلبَـكِ الحزيـنَ همـومٌ
نحـنُ نَشقـى بإرثِهـا، ونُسـاءُ
مِن ترابِ البقيـع ثـار سـؤالٌ
رَدَّدَتـه بالطَّـفِّ ثـأراً دِمــاءُ
وبِبيتِ الأحـزانِ منـكِ عويـلٌ
واصَلَـتـه بآهِـهـا كـربـلاءُ
فشموخ الحسيـن منـكِ امتـدادٌ
يـومَ ثـارت بِجُرحِـه كبريـاءُ