بُشرى مولد الإمام الحسن الزكيّ عليه السّلام
الإمام أبو محمد الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ثاني أئمة أهل البيت، وأوّل السبطين سيّدَي شباب أهل الجنة. ولد في المدينة المنوّرة ليلة النصف من شهر رمضان المبارك ـ على الصحيح المشهور ـ سنة اثنتين أو ثلاث من الهجرة.
عند ولادته الميمونة طلبت أمّه الصدّيقة فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله من أبيه عليّ أن يُسمّيَه، فقال عليه السّلام: ما كنتُ لأسبِق رسولَ الله صلّى الله عليه وآله. فجاء النبيُّ، فأُخرج إليه، فقال: اللهمّ إني أُعيذه بك من الشيطان الرجيم، وأذّن في أُذنه اليُمنى وأقام في اليُسرى، ثمّ سمّاه حَسَناً ـ ولم يكن يُعرف هذا الاسم في الجاهلية.
ولد ونشأ في كنف جدّه خاتم الأنبياء، وأبيه سيّد الأوصياء، وأمّه الصدّيقة الزهراء. وهو أول مولود يولد من سلالة الرسالة، ليحفظ الله به وبأخيه الإمام الحسين، نموَّ الشجرة الطيّبة التي أصلُها ثابت وفرعُها في السماء.
رعاه جدّه العظيم بعينه وقلبه، فهو قطعة من وجوده، وإشراقة من روحه، وصورة تحكيه. ورّثه ـ فيما ورّثه ـ هيبتَه وسُؤدده.. حتّى فَرِقَ منه أعداؤه أعداءُ الحقّ، وأعظَمَه مخلصوه وأحبّاؤه.
وأعظِمْ بانسانٍ جدّه محمد، وأبوه عليّ، وأمّه فاطمة، وأخوه الحسين. وأيّ فخرٍ بعد هذا المفتخَر، وأيّ مجدٍ بعده لانسان ؟!
* * *
عن الإمام الحسن الزكيّ، قال المدائنيّ: كان الحسن بن عليّ سيّداً سخيّاً حليماً، وكان رسول الله يحبّه.
وقال واصل بن عطاء: كان الحسن بن عليّ عليه سيماء الأنبياء وهيبة الملوك.
وعن محمد بن إسحاق، قال: ما بَلَغ أحدٌ من الشرف ـ بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ ما بلغ الحسن بن عليّ؛ كان يُبسَط له على باب داره، فإذا خرج وجلس.. انقطع الطريق، فما يمرّ أحدٌ من خلق الله إجلالاً له، فإذا عَلِم قام ودخل بيته، فيمرّ الناس.
وعن مناقبه وفضائله الجمّة الوفيرة.. ما صرّح به جدّه المصطفى صلّى الله عليه وآله، من قوله: الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة. وقال عنهما أيضاً: هما ريحانَتاي من الدنيا.
وعن البَراء: رأيتُ رسولَ الله والحسنُ على عاتقه، وهو يقول: اللهمّ إنّي أُحبُّه فأحِبَّه. وعن أحمد: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: مَن أحبّني وأحبّ هذين ـ يعني الحسن والحسين ـ وأباهما وأمّهما.. كان معي في درجتي يوم القيامة.
أجل ـ أيّها الأصدقاء ـ في مثل هذه الليلة الرمضانية المتلألئة كان الميلاد المقدس، وكانت البشارة العظيمة:
ليس بِدعـاً، فانّـه نورُ طـه
قد تجلّى، وسيفُـه المسلـولُ
والكتابُ الذي به يظهر الحقُّ
جليّـاً، ويُـورقُ المستحيـلُ
والسَّحابُ الذي بماطرِ كفَّيـهِ
تَضوعُ الرُّبى وتزهو الحقولُ