التشيع في مناطق الري .
كـانت الاتصالات القائمة بين مدن الجبال قد بسطت التشيع في المنطقة باسرها, حتى ان الري نفسها قـد ركـنت الى التشيع نوعا ما نتيجة لتاثرها بقم و ان هجرة اسرة بابويه الى الري ((967)) مثال عـلـى رسوخ التشيع القمي في الري و ثمة مثال آخر يتجسد في ابي محمد جعفر بن احمد بن علي القمي الذي توطن الري , و كان في عداد علما الشيعة و مؤلفيهم ((968)) .
و عـندما بلغ التشيع ذروته في الري , فان الناس الساكنين في المناطق الواقعة في اطرافها قد مالوا الـى الـتشيع على كرور الايام , و لم يبق احد على المذهب السني حتى عصر المستوفي الا عدد من القرى , و كذلك كانت المدينة نفسها على امتداد عدد من القرون .
و كـانـت الري مركزا لمناطق مختلفة تقع في شمالها و شرقها على مسافات قليلة و كثيرة منها, و ذلـك قـبـل ان تتخذ طهران طابعها الحالي كما كانت هناك قرى و مدن صغيرة تابعة للري , و تعتبر جـزا مـنها و حازت بعض مناطقها على اهمية كبيرة ايضا بعد القرن السابع حيث سارت الري نحو الدمار و نسرد فيما ياتي معلوماتنا عن الوضع الديني لمناطق الري .
ان احدى المناطق المهمة في الري هي مدينة ورامين وكانت على ما قال المستوفي قرية , ثم صارت قـصـبـة ((969)) و ذكرها السمعاني (م 562 ه ) بوصفها احدى قرى الري , وقال : و كان في زمـاننا رئيس متمول يعمر الحرمين و ينفق الاموال عليهما و ابنه الحسين الوراميني ممن كان يكثر الحج , و يرغب في الخير والصدقة , غير انه متشيع غال في ذلك ((970)) .
و تـدل مـعـلـومات عبدالجليل الرازي عن ورامين على ان اهلها كانوا شيعة اثني عشرية في القرن السادس , و ان كان عدد من الحنفية والشافعية يسكنون هناك ايضا ((اما ورامين فهي قرية لم تقل عن الـمـدن مـنزلة , و ما يلمس فيها من معالم الشريعة و انوار الاسلام من طاعات و عبادات و ملازمة لـلاحسان والخيرات , فهي من بركات رضي الدين ابي سعد ((971)) ـ اسعده اللّه في الدارين ـ و ابـنـائه , اذ شـيـد فـيـهـا المسجد الجامع , و اقيمت الصلاة , و اقرت الخطبة , و انشئت المدرسة الـرضـويـة , و الـفـتـحية باوقاف معتمدة , ومدرسين متدينين , و فقها مجدين و لهؤلا خيرات في الحرمين : مكة والمدينة , و مشاهدالائمة من خلال وضع الشموع , و ارسال الحاجات اللازمة و يمد الـخـوان بـورامـين في كل شهر رمضان لعامة الناس , و تقدم العطايا والهبات الى جميع ابنا المذاهب الاسلامية بلا تعصب او تمييز و ما شابههما ((972)) )).
و ذكر عبدالجليل في مواضع اخرى من كتابه ((رافضة آبه و ورامين ((973)) )) كما اوردفي موضع آخر ((ساري و قم و كاشان و آبه و ورامين و درمصلحگاه ((974)) )) جنبا الى جنب و ذكر المسجد الجامع بورامين بوصفه المسجد الجامع للشيعة ((975)) .
و في ضؤ ما نص عليه صاحب كتاب الفضائح , و كذلك عبدالجليل الرازي , فليس هناك اقل شبهة في تشيع ورامين تشيعا اثني عشريا.
و قال المستوفي في القرن الثامن : اهل ذلك المكان [ورامين ] شيعة اثناعشرية ((976)) .
و ذكـر يـاقـوت فـي الـقرن السابع ورامين , بيد ا نه لم يتحدث عن تشيعها, الا ا نه ذكر ورام قبل ورامين , و قال عنها : ((بلد قريب من الري اهله شيعة ((977)) )).
و نـقـل لـنا منتجب الدين اسما عدد من العلما الذين كانوا يتلقبون نسبة الى هذه المدينة كالشيخ اسد الـديـن حـسـن بـن ابي الحسن بن محمد الوراميني , و صفا الدين حسن بن علي بن حسين بن علوية الـورامـيني , و الاديب رشيد الدين حسين بن ابي الحسين بن مموسة الوراميني , والشيخ رشيدالدين عباس بن علي بن علوية الوراميني , وعبدالملك بن محمد بن عبدالملك الوراميني , و علي بن ابراهيم بن ابي طالب الوراميني ,و محمد بن حسن بن مموسة الوراميني , و محمد شاه بن قاسم الوراميني , و محمود بن حسن الوراميني .
و ذهـب الـقـاضي نوراللّه ايضا الى ان تشيع ورامين كان موغلا في القدم , و ذكرمعلومات عنه منذ عصره ((978)) .
و يمكن التعرف على التشيع الموجود في بعض قرى الري من خلال المعلومات الواردة في فهرست منتجب الدين .
و كـان الـشـيـخ بـدرالـديـن حسن بن علي بن سلمان الفارسي يسكن في قرية اسناباداحدى قرى الـري ((979)) و ذكـر يـاقـوت مـكـانـا بـاسـم ((اسـتـنـابـاد)) و ذهـب الـى ان اسـمـه الاصـلـي ((اسـتـونـاونـد)), و هـي قـلـعـة بـينها و بين الري ثمانية عشر فرسخا, قريبة من دماوند ((980)) .
و كـان الشيخ موفق الدين حسن بن محمد بن حسن المعروف بالخواجه آبي متوطناقرية ((راشدة شنست ((981)) )).
و ذكـر يـاقـوت قـرية شنشت كقرية من قرى الري المشهورة , و هي كالمدينة و كانت تعتبر من ((قـهـا)) و جـرت فيها وقائع بين اصحاب السلطان والعلوية مشهورة [ المعتضد ((982)) و كانت قها ايضا قرية كبيرة بين الري و قزوين ((983)) .
و كان رشيدالدين حسن بن عبدالملك مقيما في قرية رامزين قها من توابع الري ((984)) .
و كـانت قوهد ايضا منطقة مشهورة من مناطق الري , و كان يعيش فيها عدد من علماالشيعة و تعتبر مـن ((قـهـا)) ايـضـا و تـتـالـف مـن قسمين هما: ((قوهد آب )) [قوهد الما]او ((العليا)), و ((قوهدخران )) [قوهد الحمير] او ((السفلى ((985)) )) و كان القسمان عامرين للغاية و هناك خانقاه للصوفية سنة 617 ه ((986)) و يبدو ان احد القسمين كان للشيعة والاخر للسنة اذ ذكر الـمـسـتـوفي قائلا: و اهل المدينة [الري ] و اكثر الولايات التابعة لها شيعة اثنا عشرية الا قرية قـوهـد, و عـددا مـن المواضع الاخرى , فان اهلها كانوا حنفية و لهذاالسبب كان اهل تلك الولاية يـسمونها: قوهه خران [قوهه الحمير ((987)) ] و حينئذ لابد ان يكون اهل قوهد العليا شيعة و ذكـر اسم ((عفيف الدين ابراهيم بن خليل )) في فهرست منتجب الدين , و كان قوهديا, و سكن في خـوارزم ((988)) و كان ((رشيدالدين حسين بن ابي الفضل الرواندي )) يسكن في ((قوهد)) ايضا ((989)) و كذلك كان ((الشيخ نجيب الدين زيدان بن ابي دلف الكليني )) في قوهدة العليا, و تحدثوا عنه بوصفه عالما و عارفا ((990)) وتوطن ((السيد كمال الدين عبدالعظيم ابن محمد بن عبدالعظيم الحسني الابهري )) ((قوهدة العليا)) ايضا ((991)) .
و كـان الـشـيـخ شـرف الـديـن مـحـمـد بـن عـلـي بـن حـسـن دسـتـجـردي يقيم في قرية ((زين آباد ((992)) )).
و كـانـت ((دوريـسـت )) من توابع الري و ذكرها ياقوت , فقال : ينسب اليها عبداللّه بن جعفر بن محمد بن موسى بن جعفر الدوريستي و كان يزعم انه من ولد حذيفة بن اليمان وهو احد فقها الشيعة الامـامية قدم بغداد سنة 566 ه ثم عاد الى بلده , و مات بعدسنة 600 ه بيسير ((993)) و ذكره منتجب الدين ايضا و قال : يروي عن اسلافه , [اي ]مشايخ دوريست الذين كانوا من فقها الشيعة .
و كـانـت اسـرة دوريستي من الاسر الشيعية في الري و كان جعفر بن محمدالدوريستي (380 ـ 473) من تلاميذ الشيخ المفيد والشريف المرتضى , وهو عالم مشهورو له علاقات بنظام الملك , و كان نظام الملك يسمع منه الحديث ((994)) و ابنه هوعبداللّه بن جعفر الذي ذكره ياقوت و كان مـحـمد بن احمد بن عباس بن فاخرالدوريستي من علما الشيعة في تلك المنطقة ((995)) و ذكر مـنـتـجـب الـديـن الـشـيخ سديد الدين حسن بن حسين بن علي الدوريستي الذي اقام بكاشان فيما بعد ((996)) .
و من توابع الري الاخرى : ((كلين )) و تقع في قرية بشاپويه من مناطق الري على بعد 38كم في الجنوب الغربي منها, و في شرق جادة قم على بعد خمسة كيلومترات عن الجادة ((997)) و كانت هذه القرية من القرى الشيعية في الري منذالقديم و انجبت احداساطين الشيعة و علمائها المبجلين , وهـو مـحمد بن يعقوب الكليني مؤلف كتاب الكافي العظيم و عده النجاشي ((شيخ الشيعة بالري )) تـوفـي هذا العالم ببغداد سنة 329 ه , و كان خاله ((علان الكليني ((998)) )) من علما الشيعة ايضا و هكذا يستبين ان اسرته كانت من الاسر الشيعية المربية للعلما.
و تـحـدث نظام الملك في كتابه سياستنامه عن كلين بوصفها مركزا لاستقرار ((خلف ))احد دعاة الاسـمـاعيلية و نقل على لسان شيخ خلف انه قال له : ((توجه تلقا الري , اذ ان اهاليها و اهالي قم و كـاشـان و آبه كلهم رافضة , و يدعون التشيع فقدم خلف الري , و اقام في منطقة پشاپويه , في قرية تـدعـى : كـلـين )) و واصل كلامه قائلا: ادخل خلف عددا من الرجال والنسا في مذهبه , ثم فر من القرية المذكورة ((999)) .
و لـعـل الاسـمـاعـيـلـيـة كـانوا متغلغلين في تلك القرية , و ان كان هناك عدا بين الشيعة الامامية والاسـمـاعـيلية و مما يقوي هذا الاحتمال هو الكتاب الذي الفه ثقة الاسلام الكليني , و هو بعنوان : الرد على القرامطة ((1000)) .
و ذكرنا آنفا الشيخ نجيب الدين زيدان بن ابي دلف الكليني الذي كان يسكن في قوهد ((1001)) .
و ثـمـة عـالـم شـيـعـي آخـر يـنسب الى كلين , وهو ((السيد ابوالقاسم علي بن يوسف بن جعفر الكليني ((1002)) )).
و كـانت المناطق الواقعة بين طبرستان والري شيعية غالبا و اهمها قصران التي تشمل قرى كثيرة جـدا وهـي مـنطقة جبلية في الشمال و تضم شمال شرق الري و غربها و كانت ممتدة حتى حدود مازندران و ان كثيرا من القرى التي كانت تابعة لقصران , الحقت اليوم بطهران ((1003)) .
و كـان اتـسـاع الاسـلام في هذه المناطق , بخاصة في الاقسام القريبة من مازندران , قد تم في ايام الـحكومة العلوية عندما بويع حسن بن زيد بطبرستان سنة 250 ه , و قدم اخوه الى شلمبه دماوند فالتحق به هناك رؤسا لاريجان و قصران ((1004)) .
و قـيـل : ان اول مسجد في تلك المنطقة هو مسجد لواسان الذي شيد بامر الامام الحسن العسكري ـ عـلـيـه الـسـلام ـ كما ذهب الى ذلك نائب الصدر, و احتمل الاستاذ كريمان ان حسن بن زيد نفسه هوالذي اصدر امرا بانشائه ((1005)) .
و كـان اسـتمرار الحكومة العلوية قد نشر التشيع في تلك الديار و ضمن حضورالعلويين في اكثر هذه القرى ديمومة التشيع وكان ذلك التشيع ذا طابع زيدي و ان كان يعيش في وسط اهله عدد غفير مـن الاماميين و تحدث ياقوت عن قصران و ذكر احدعلمائها الزيديين , و هو ابو العباس احمد بن حسين بن ابي القاسم بن علي بن باباالقصراني من اهل قصران الخارج و كان يرحل الى الري احيانا و يتبرك به الناس ((1006)) .
و توجد مراقد لابنا الائمة في عدد من قرى قصران ((1007)) , مما يمثل معلما على حضور كبير للعلويين في هذه المناطق .
و ذكـر بـيـن الـعـلـمـا الـشيعة شخص يدعى محمد بن احمد, اباعبداللّه جاموراني ,و نسب الى جماران ((1008)) و ان وجود قرية باسم مهدي آباد ((1009)) في قصران [شميران , لواسانات و ] امارة على وجود التشيع الامامي في تلك الارجا.