مقطع من قصيدة السيّد جعفر حلّي(قدس سره) الميمية (1)
وَجْهُ الصَّباحِ عَلَىَّ لَيْلٌ مُظْلِمُ وَرَبيعُ اَيّامى عَلَىَّ مُحَرَّمُ
وَاللَّيْلُ يَشْهَدُ لى بِاَنّي ساهِرٌ
اِنْ طابَ لِلنّاسِ الرُّقادُ فَهَوَّمُوا
مِنْ قُرْحَة لَوْ اَنَّها بِيَلَمْلَم
نُسِفَتْ جَوانِبُهُ وَساخَ يَلَمْلَمُ
ما خِلْتُ اَنَّ الدَّهْرَ مِنْ عاداتِهِ
تَرْوَى الْکِلابُ بِهِ وَيَظْمَى الضَّيْغَمُ
وَيُقَدَّمُ الاُْمَوِىُّ وَهُوَ مُؤَخَّرٌ
وُ يُؤَخَّرُ الْعَلَوِىُّ وَهُوَ مُقَدَّمُ
مِثْلُ ابْنِ فاطِمَة يَبيتُ مُشَرَّداً
وَيَزيدُ في لَذّاتِهِ مُتَنَعِّمُ
وَتُضَيَّقُ الدُّنْيا عَلَى ابْنِ مُحَمَّد
حَتّى تَقاذَفَهُ الْفَضاءُ الاَْعْظَمُ
خَرَجَ الْحُسَيْنُ مِنَ الْمَدينَةِ خائِفاً
کَخُرُوجِ مُوسى خائِفاً يَتَکَتَّمُ
وَقَدِ انْجَلى عَنْ مَکَّة وَهُوَ ابْنُها
وَبِهِ تَشَرَّفَتِ الْحَطيمُ وَزَمْزَمُ
نَزَلُوا بِحَوْمَةِ کَرْبَلا فَتَطَلَّبَتْ
مِنْهُمْ عَوائِدَهَا النّسُورُ الْحُوَّمُ
وَتَباشَرَ الْوَحْشُ الْمُثارُ اَمامَهُمْ
اَنْ سَوْفَ يَکْثُرُ شِرْبُهُ وَالْمَطْعَمُ
طَمِعَتْ اُمَيَّةُ حينَ قَلَّ عَديدُهُمْ
لِطَليقِهِمْ فِى الْفَتْحِ اَنْ يَسْتَسْلِمُوا
وَرَجَوْا مَذَلَّتَهُمْ فَقُلْنَ رِماحُهُمْ
مِنْ دُونِ ذلِکَ اَنْ تُنالَ الاَْنْجُمُ
وَقَعَ الْعَذابُ عَلى جُيُوشِ اُمَيّة
مِنْ بـاسِل هُوَ فِى الْوَقايِعِ مُعْلَمُ
عَبَسَتْ وُجُوهُ الْقَوْمِ خَوْفَ الْمَوْتِ
وَالْعَبّاسُ فيهِمْ ضاحِکٌ يَتَبَسَّمُ
قَلَبَ اليَمينَ عَلَى الشِّمالِ وَغاصَ فِى
الاَْوْساطِ يَحْصِدُ لِلرُّؤُوسِ وَيَحْطِمُ
وَثَنى اَبُوالْفَضْلِ الْفَوارِسَ نُکَّصاً ***
فَرَأَوْا اَشَدَّ ثَباتِهِمْ اَنْ يُهْزَمُوا
صَبَغَ الْخُيُولَ بِرُمْحِهِ حَتّى غَدا
سَيّانِ اَشْقَرُ لَوْنُها وَالاَْدْهَمُ
بَطَلٌ تَوَرَّثَ مِنْ اَبيهِ شَجاعَةً
فيها اُنُوفُ بَنِى الضَّلالَةِ تُرْغَمُ
حامِى الظَّعينَةِ اَيْنَ مِنْهُ رَبيعَةٌ
اَمْ اَيْنَ مِنْ عُليا اَبيهِ مُکَدَّمُ
فِى کَفِّهِ الْيُسْرَى السِّقآءُ يُقِلُّهُ
وَبِکَفِّهِ اليُمْنَى الْحُسامُ الْمُخْذَمُ
مِثْلُ السَّحابَةِ لِلْفَواطِمِ صَوْبُهُ
فَيُصيبُ حاصِبَهُ الْعَدُوَّ فَيُرْجَمُ
قَسَماً بِصارِمِهِ الصَّقيلِ وَاِنَّنَى ***
فى غَيْرِ صاعِقَةِ السَّما لا أُقْسِمُ
لَوْ لاَ الْقَضا لَمحَىَ الْوُجُودَ بِسَيْفِهِ
وَاللهُ يَقْضى ما يَشآءُ وَيَحْکُمُ
وَهَوى بِجَنْبِ الْعَلْقَمِىِّ فَلَيْتَهُ
لِلشّارِبينَ بِهِ يُدافُ الْعَلْقَمُ
فَمَشى لِمَصْرَعِهِ الْحُسَيْنُ وَطَرْفُهُ
بَيْنَ الْخِيامِ وَبَيْنَهُ مُتَقَسِّمُ
اَلْفاهُ مَحْجُوبَ الْجَمالِ کَاَنَّهُ
بَدْرٌ بِمُنْحَطَمِ الْوَشيجِ مُلَثَّمُ
فَاَکَبَّ مُنْحَنِياً عَلَيْهِ وَدَمْعُهُ
صَبَغَ الْبَسيطَ کَاَنَّما هُوَ عَنْدَمُ
قَدْ رامَ يَلْثَمُهُ فَلَمْ يَرَ مَوْضِعاً
لَمْ يُدْمِهِ عَضُّ السِّلاحِ فَيَلْثَمُ
نادى وَقَدْ مَلاَ الْبَوادى صَيْحَةً
صُمُّ الصُّخُورِ لِهَوْلِها تَتَأَلَّمُ
ءَأُخَىَّ مَنْ يَحْمي بَناتِ مُحَمَّد
اِنْ صِرْنَ يَسْتَرْحِمْنَ مَنْ لا يَرْحَمُ
هذا حُسامُکَ، مَنْ يُذِلُّ بِهِ الْعِدى؟
وَلِواکَ هذا مَنْ بِهِ يَتَقَدَّمُ
*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*_*
1 . السيد جعفر الحلي رجل فاضل وشاعر وأديب له ديوان شعر کبير (راجع أعيان الشيعة، ج 4، ص97).
2 . منتهى الآمال، ج 1، 847-885 .