(عن موقع تبيان)
الاسم: الحسن
اللقب: العسكري
الكنية: أبو محمد
أسم الأب: علي بن محمد الهادي (عليه السلام)
اسم الأم: حديثة
الولادة: 8 ربيع الثاني 232هـ
الشهادة: 8 ربيع الأول 260هـ
مدة الإمامة: 6 سنوات
قاتله: المعتمد
مكان الدفن: سامراء
الإمام (عليه السلام) والحكم
انتقل الإمام العسكري (عليه السلام) مع أبيه الإمام الهادي (عليه السلام) إلى سامراء بعد أن استدعاه المتوكل العباسي إليها، وعاش مع أبيه في سامراء 20 سنة حيث استلم بعدها الإمامة الفعلية وله من العمر 22 سنة، وذلك بعد وفاة أبيه سنة245هـ، واستمرت إمامته إلى سنة 260هـ، أي ست سنوات فقط عايش خلالها ضعف السلطة العباسية وسيطرة الأتراك على مقاليد الحكم، وهذا الأمر لم يمنع من تزايد سياسة الضغط والإرهاب العباسي بحق الإمام (عليه السلام) الذي لاقى منهم الحقد والمرارات المختلفة وتردد إلى سجونهم عدّة مرات وخضع للرقابة المشدّدة وأخيراً محاولة البطش به بعيداً عن أعين الناس والتي باءت بالفشل برعاية الله سبحانه.
وبالرغم من كل ذلك فإن الإمام استطاع بسياسته الحكيمة وسلوكه الراقي أن يجهض كل هذه المحاولات مما أكسبه احتراماً خاصاً لدى أتباع السلطة، بحيث كانوا يتحولون من خلال قربهم له إلى أناس ثقاة ومؤمنين وحريصين على سلامة الإمام، بل استطاع الإمام (عليه السلام) أن يفرض احترامه على أشد الناس حقداً على أهل البيت ((عليهم السلامعبيد الله بن يحيى بن خاقان الوزير العباسي الذي يقول بحق الإمام: (لو زالت الخلافة عن بني العباس ما استحقّها أحد من بني هاشم غيره لفضله وعفافه وهديه وصيانة نفسه وزهده وعبادته وجميل أخلاقه وصلاحه).
أراد الإمام (عليه السلام) من خلال مواقفه الحذرة المحترسة في علاقته بالحكم أن يفوّت على الحكم العباسي مخططه القاضي بدمج أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وصهرهم في بوتقة الجهاز الحاكم، وإخضاعهم للمراقبة الدائمة والإقامة الجبرية التي تهدف إلى عزلهم عن قواعدهم ومواليهم.
فكان الإمام العسكري كوالده مكرهاً على مواصلة السلطة من خلال الحضور إلى بلاط الخليفة كل يوم اثنين وخميس، وقد استغّل الإمام (عليه السلام) هذه السياسة لإيهام السلطة بعدم الخروج على سياستها، ليدفع عن أصحابه الضغط والملاحقات التي كانوا يتعرضون لها من قبل الدولة العباسية ولكن من دون أن يعطي السلطة الغطاء الشرعي الذي يكرّس شرعيتها ويبرّر سياستها، كما يظهر ذلك واضحاً من خلال موقفه من ثورة الزنج التي اندلعت نتيجة ظلم السلطة وانغماسها في حياة الترف، وبفعل الفقر الشديد في أوساط الطبقات المستضعفة، وكانت بزعامة رجل ادّعى الانتساب إلى أهل البيت(عليه السلام)، وقد أربكت هذه الثورة السلطة وكلّفتها الكثير من الجهد للقضاء عليها، فكان موقف الإمام تجاه هذه الثورة موقف الرفض بسبب ما ارتكبه من قتل وسلب وإحراق المدن وسبي النساء إلى غير ذلك من الأعمال التي تتنافى مع أحكام الإسلام، ولكنه آثر السكوت وعدم إدانة تصرفاتها لكي لا تعتبر الإدانة تأييداً ضمنيّاً للدولة، ولأنّها تساهم في إضعاف حكم العباسيين مما يؤدي إلى تخفيف الضغط على جبهة الحق التي كان يمثلها الإمام (عليه السلام).
وفعلاً انشغلت السلطة عن مراقبة الإمام (عليه السلام) بإخماد ثورة الزنج مما سمح له أن يمارس دوره الرسالي التوجيهي والإرشادي، فكان يشجع أصحابه على إصدار الكتب والرسائل بالموضوعات الدينية الحيوية، وكان يطلّع عليها وينقّحها، كما تصدى للرد على كتب المشككين وإبطالها،ويُروى أنه اتصل بالفيلسوف الكندي الذي شرع بكتابة كتاب حول ما أسماه متناقضات القرآن، فأقنعه بخطئه، مما جعل الكندي يحرق الكتاب ويتوب.
وعمل الإمام على إمداد وتدعيم قواعده ومواليه بكل مقومات الصمود والوعي فكان يمدّهم بالمال اللازم لحل مشاكلهم، ويتتبع أخبارهم وأحوالهم النفسية والاجتماعية، ويزوّدهم بالتوجيهات والإرشادات الضرورية مما أدّى إلى تماسكهم والتفافهم حول نهج أهل البيت (عليهم السلام) والتماسهم كافة الطرق للاتصال بالإمام (عليه السلام) رغم الرقابة الصارمة التي أحاطت به من قبل السلطة، ويُروى أنّ محمد بن علي السمري كان يحمل الرسائل والأسئلة والأموال في جرّة السمن بصفته بائعاً ويدخل بها على الإمام (عليه السلام) ليرجع بالأجوبة والتوجيهات، وبذلك استطاع الإمام (عليه السلام) أن يكسر الطوق العباسي من حوله ويوصل أطروحة الإسلام الأصيل إلى قواعده الشعبية ويجهض محاولات السلطة ويسقط أهدافها.
التمهيد للغيبة
على أن الأمر الآخر الذي بذل الإمام له كل الجهد هو تهيئة أذهان الناس لتقبّل فكرة الغيبة وتعويدهم على الالتزام بها، فعمد إلى أسلوب السرّية في الاتصال بشيعته والابتعاد قدر الإمكان عن المجالس العامة وقلّل كثيراً من التواصل مع الأًفراد العاديين من الشيعة وغيرهم كيلا يصل من أخباره للعباسيين شيءٌ خصوصاً أن الأمر لم يكن خافياً على العباسيين الذين كانوا ينتظرون ولادة المهدي المنتظر بصفته الإمام الثاني عشر الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً- كما جاء في الروايات- ولذلك قاموا بمداهمات عديدة لمنزل الإمام العسكري (عليه السلام) لمعرفة الحوامل من نسائه، لكن الإمام (عليه السلام) نجح في إخفاء ولادة خليفته عن عيون السلطة، كما نجح في تهيئة الناس وإعدادهم للتكيّف من الناحية النفسية والاجتماعية مع فكرة الغيبة. فكان يعتمد أسلوب الاحتجاب عن الناس، والاتصال بهم بواسطة المكاتبات والتوقيعات عبر الوكلاء الذين كانوا يتنكّرون في ثياب الباعة ويستخدمون التمويه للاتصال بالإمام (عليه السلام).
ومن هنا تحوّلت الإقامة الجبرية للإمام والمراقبة المشدّدة له إلى عامل مساعد وإيجابي بفضل حكمة الإمام.
قصة زواجه (عليه السلام) من أم المهدي
تروي كتب السيرة أن الإمام الهادي (عليه السلام) بعث أحد خواص أصحابه وكان نخّاساً لشراء أمة رومية معينة وصف له أوصافها، وأسمها نرجس بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وتعود في نسبها إلى شمعون الصفا أحد حواري عيسى (عليه السلام)، فاشتراها النخّاس وسلمها إلى الإمام الهادي (عليه السلام)، الذي سلّمها بدوره إلى أخته حكيمة لتعلمها أحكام الإسلام، وهكذا بقيت نرجس عند حكيمة حتى تزوجها الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، فأنجبت له الإمام محمد المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، وهو الابن الوحيد الذي خلّفه الإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
شهادة الإمام العسكري (عليه السلام)
أدرك المعتمد العباسي أن الخطر بوجود الإمام (عليه السلام) أكبر من أي خطر آخر يمكن أن يواجهه فأوعز إلى مَن دسّ له السم في طعامه، وكانت وفاة الإمام (عليه السلام) في النصف الأول من شهر ربيع الأول سنة 260 هجرية؛ تصديقاً لمقولة جدّه الإمام الصادق (عليه السلام): ((ما منا إلا مقتول أو مسموم)) ودفن إلى جانب أبيه الإمام الهادي (عليهما السلام).