لقد منّ الله على الناس ورزقهم سبحانه وتعالى افضالا كثيرة لا يحصيها ألا هو، وقد فرض فروضاً على المسلمين والمؤمنين منهم لكي يتكامل المجتمع ويزدهر عبر الروابط التي هي قوام المؤمن كما روي عن أهل بيت العصمة والطهارة كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم فمن مظاهر الدعوة لله التخلق بالأخلاق الحسنة
وهذا الخلق الذي ورثناه من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) الذين كانوا قمة الأخلاق حتى مع أعدائهم، ومن جملة الأخلاق التي عودوا شيعتهم عليها هي حقوق المسلم على المسلم وحقوق المؤمن على المؤمن وهي كثيرة حسب ما ذكرت في كتب الأدعية أو في رسالة الحقوق للإمام زين العابدين (عليه السلام) أو استفادها علماء الأخلاق ـ رحم الله الماضين منهم وحفظ الباقين ـ من روايات أهل البيت عليهم افضل الصلاة والسلام منها:
۱ـ أن يحب للكافة ما يحب لنفسه و يكره لهم ما يكره لنفسه.
فعن الإمام الصادق (عليه السلام): (المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد، إذا اشتكى شيئا منه وجد ألم ذلك في سائر جسده، و أرواحهما من روح واحدة….)(۱).
۲ـ أن لا يؤذى أحدا من المسلمين بقول أو فعل.
فعن الإمام الباقر (عليه السلام): (المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده)(۲). فهذا الحديث الشريف يشير إلى مسألة أن المسلم من سلم المسلمون من كلماته ومن كلامه ومن يده ومن سوءه.
۳ـ ان يتواضع لكل مسلم و لا يتكبر عليه.
فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (ان في السماء ملكين موكلين بالعباد، فمن تواضع للّه رفعاه، و من تكبر وضعاه)(۳).
وينقل أن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) مرّ على المجذومين و هو راكب حماره و هم يتغدون، فدعوه إلى الغداء فقال: أما لو لا اني صائم لفعلت، فلما صار إلى منزله أمر بطعام فصنع و أمر أن يتنوقوا فيه، ثم دعاهم فتغدوا عنده و تغدى معهم.
۴ـ ان لا يتتبع عثرات المسلمين .
ففي الحديث عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): (لا تطلبوا عثرات المؤمنين، فمن تتبع عثرات أخيه تتبع اللّه عثراته، و من تتبع اللّه عثراته يفضحه ولو في جوف بيته)(۴).
۵ـ أن لا يزيد في الهجرة لمن يعرفه أكثر من ثلاثة أيام مهما غضب عليه.
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا و يعرض هذا، و خيرهم الذي يبدأ بالسلام)(۵).
۶ـ أن يحسن إلى كل من قدر منهم أن استطاع.
فعن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (اصنع الخير إلى أهله فان لم تصب أهله فأنت أهله)(۶).
۷ـ ان لا يدخل على أحد الا باذنه بل يستأذن ثلاثا فان أذن له و الا انصرف.
فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يسلم ثلاثا فان أذن له و الا انصرف.
۸ـ أن يعطي لكل مقام مقامه وكل مكان مجلسه ومكانه.
فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (خالقوا الناس بأخلاقهم)(۷).
۹ـ أن يوقر المشائخ و يرحم الصبيان.
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (ليس منا من لم يوقر كبيرنا و لم يرحم صغيرنا)(۸).
۱۰ـ أن يكون مع كافة الخلق مستبشرا طلق الوجه رقيقا غير منفور منه ولا ينفر من الناس.
فعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (المؤمن الف مألوف، و لا خير فيمن لا يألف و لا يؤلف).
فهذه جملة من حقوق المسلم على أخيه المسلم، ولم نستقصيها جميعاً طلباً للاختصار واذكر نفسي والقراء الكرام بأننا مشمولون بها، فإن لم نطق أدائها بأجمعها، نمتثل ما نقدر عليه منها.
———————
۱ـ الكافي: ج۲ ص۱۶۶٫
۲ـ الكافي: ج۲ ص۲۳۴٫
۳ـ الكافي: ج۲ ص۱۲۲٫
۴ـ الكافي: ج۲ ص۳۵۵٫
۵ـ المجموع في شرح المهذب: ج۶ ص۴۴۶،۶ـ صحيفة الرضا: ص۱۰۴٫
۷ـ من لا يحضره الفقيه: ج۱ ص۳۸۳٫
۸ـ الكافي: ج۲ ص