بسم الله الرحمن الرحيم
شهر رمضان -كما في خطبة خاتم النبيين (صلوات الله وسلامه عليه وآله أجمعين)، أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات، وهو شهر ضيافة الله عزَّ وجل. موائد الله تبارك وتعالى تعم الأرض طوال العام، ولكن موائد إضافية، ووجبات ممتازة روحيّة تتنزّل في هذا الشهر الكريم خاصّة، ألطاف إلهية، رحمات إلهية، أجواء إيمانية روحانية، تنزّل ملائكة، حبس للشياطين في هذا الشهر الكريم، فهنا أجواء، وموائد، ووجبات عالية القيمة. شهر يؤهّل للكرامة، وهو شهر لأهل الكرامة، شهر فيه تكريم للناس، وهو يرفع من مستوى كرامة الإنسان عند الله عز وجل. والشقي من حرم الغفران فيه، وهو شهر للأعمال الصالحات، والإحسان في كل مساحة الحياة.
ما هو نوع الإعداد له
ليس من إعداد لشهر رمضان المبارك أفضل من التوبة، والأوبة إلى الله، من وقفة محاسبيّة للنفس، لما عليه داخل الذّات.
وبهذه المناسبة الكريمة يقيم المجلس الإسلامي العلمائي أسبوعاً تتكثّف فيه نداءات التوبة والفعاليّات المساعدة عليها، وهو موسمٌ لا تشترك فيه فئة خاصة، وإنما ينبغي لكل المؤمنين أن يشتركوا فيه، موسم سيعمّم على كل المناطق والقرى، والمطلوب أن تنشط كل المناطق والقرى في المشاركة فيه، وكلنا محتاج إلى التوبة، ما من منّا إلى وهو على تقصير في حق الله سبحانه وتعالى. لا يستوحشن أحد منّا لأن يُخاطَب بالتوبة، وهو ليس موسماً لخصوص العاصين الظاهرين من أهل مخدّرات ومسكرات وموبقات أخرى، وإنما هو موسم للجميع، للكبير وللصغير، اعملوا رحمكم الله على إنجاح هذا الموسم لأنه لكم، لأبنائكم، لبناتكم، لأهليكم، للنجاة من النار، للفوز بالجنّة.
شهر رمضان المبارك كيف أراده الله، وكيف أراده الناس
باختصار أراده الله شهرا للقرآن، والقرآن هدى ورحمة للعالمين، أراده للمغفرة، والعتق من النار. يأتي شهر رمضان ونحن نستحق النار فنعيش شهر رمضان ونتعامل معه كما يريد الله فننعتق من النار.
أراده لرمض الذنوب – حرقها -، للطهارة، للتمحيص، للقيام، شهر يغربل ذاتك، ويصفّيها، ويخرج بها نقيّة طاهرة. هكذا أراده الله. شهراً لضيافته الكريمة، وعيدا لأوليائه، وكرامة للعباد. أراده شهرا للورع عن المحارم، لمضاعفة الأجر، لتصفيد الشياطين، خلقا للأجواء النقية الطاهرة المساعدة على الطاعة، لانتصار الروح على البدن، والعقل على الشهوة، والهدف على الوسيلة.
أراده شهرا للعلم والتلاوة والوعي للذات والحياة وكيف يريده الناس
شهرا للتخمة، للهو، لقتل الوقت عبثاً، لليالي الفسق والفجور والفحش والخمور، للعربدة الحرام، ومسلسلات الحرام، لفنادق تسهر عاصية لله حتى الصباح، والأرض غنيَّة بهذا.
وهل هو أيها الأخوة للرياضة البدنية العادية؟ قطعاً شهر رمضان ليس للعب المستهلك، ثم هو لم يُعدّ للرياضة البدنية الصارفة عن بناء الروح، المخطّطة للهروب بعقول الشباب وأرواحهم من مجالس الذكر والعلم والتلاوة والوعي للذات والحياة. لم يُعد لرياضة ملهية للناس عبر التلفاز تلهيهم وتغويهم في كلّ مواقعهم. في البيوت والمجالس وأماكن الارتياد، ثم إن لك لوقتا واسعا طوال السنة تتروّض فيه الرياضة الهادفة التي لا تنسيك واجباتك، ولا تتحول في نفسك إلى هدف مقدّس، واعطِ أكبر وقتك في شهر رمضان لرياضة روحك، لبناء روحك، لتدارك أخطائك، للسمو بذاتك، لعبادة الله، لتنظيف هذا القلب، لشفافية هذا القلب، لسمو روحك.