المرأة و دورها في التطورات الاجتماعية و السياسية بعد انتصار الثورة الاسلامية
آراء وصايا للامام الخامنئي
منيرسعودي
لم تحدث الثورة الاسلامية تغييراَ في النظام السياسي و نظام الحكم في ايران فحسب، بل شكّل نشر الثقافة الاسلامية و العودة الى احكام الاسلام و قيمه السامية أحد أبرز الانجازات و المكاسب التي تحققت في المجال الثقافي و الاجتماعي على حد سواء.
و ان جانباَ من هذه التحولات الجذرية قد تجلى في سلوك و توجهات شريحة عانت كثيراَ من الاوضاع المأساوية السيئة التي كانت سائدة في عهد النظام البهلوي الطاغوتي و في ظل طموحات أدعياء الديمقراطية.
لقد ظلمت المرأة، التي تشكٌل نصف المجتمع الايراني، كثيراَ في ظل الثقافة الغربية الفاسدة التي فرضت هيمنتها على المجتمع. حتى ان مكانة الكثير من النساء لم تكن تتعدى دورها كأنثى ينبغي لها إسعاد الرجال و الترفيه عنهم في المجالس و الحفلات.
بيد أن الثورة الاسلامية انتشلت المرأة من الانحطاط الاخلاقي و أنقذتها من التدني الثقافي، و زجٌت بها في مختلف ميادين الحياة و ألقت على عاتقها مهام و مسؤوليات الى جانب مسؤوليتها كزوجة و أمّ، تمارس نشاطها في اجواء تحفظ لها كرامتها و تصون شخصيتها الانسانية دون أن يقلل من دورها و تأثيرها و ريادتها.
(أجل، كان دور النساء كبيراَ في الثورة. و منذ انتصار الثورة و حتى يومنا هذا، اضطلعت السيدات بدور كبير حقاَ في مختلف المجالات. و كان دورها عظيماَ و مدهشاَ، و لايخفى أن السيدات كن يعانين من الظلم السياسي و الثقافي قبل الثورة و في ظل النظام البائد، اكثر من الظلم الذي كان من الممكن أن يعاني منه البعض داخل الأسرة. لأن النظام البهلوي و بدلاَ من أن يعمل على تحسين ظروف المرأة و الارتقاء بمكانتها، دفع بها الى الابتذال و الانحطاط..غير أن الثورة اوجدت حقاَ ميداناَ استطاعت السيدات أن يمارسن من خلاله نشاطهن و يؤدين دورهن بما يفوق دور الرجال في الصمود و البطولة)[1].
دور المرأة الطبيعي في احداث الثورة و مسيرة الجمهورية الاسلامية
(لاشك لو لم يكن للسيدات هذا الحضور البطولي و المفعم بالوعي و الارادة و التضحية و الايثار، لكان مصير الثورة و الجمهورية الاسلامية شيئاَ آخر، و لما تحققت هذه النجاحات التاريخية العظيمة مطلقاَ، سواء في انتصار الثورة و الاحداث الضخمة التي اعقبت هذا الانتصار. ان الدور الطبيعي الذي اضطلعت به النساء في الثورة، برهن على أن بوسع المرأة أن تمارس دوراَ مصيرياَ في التحولات التاريخية الداخلية و الدولية، في ظل الايمان و الوعي، و بعيداَ عن المستنقع الفاسد الذي اوجده لها العالم الغربي.. برهن على أن عظمة المرأة و فخرها لن يتجلى في الامور التي اوجدتها لها الايادي الصهيونية المدنسة في عالم اليوم المنحط، و إنما بوسع المرأة أن تخطو في ظل الطهارة و العفة و الشعور بالمسؤولية، جنباَ الى جنب الرجل و أن تتفوق عليه أحياناَ).[2]
التحلي بالروح السامية ازاء قضايا و معضلات النظام الاسلامي
(لقد شهدنا أثناء أحداث الثورة و خلال الحرب، الدور الذي اضطلعت به النساء، فإن لم يكن يفوق دور الرجل فهو لايقل عنه..فلو لم تكن الملحمة الحماسية التي جسدتها النساء خلال سنوات الحرب، و لم تكن العوائل تنظر الى الحرب بمثابة مبدأ، لما وجدت الارادة و الحافز لدى الرجال بالتوجه الى جبهات القتال..فلابد من توافر عشرات العوامل كي تتوجه الحشود العظيمة لقوات المقاومة الشعبية ـ البسيج ـ الى جبهات القتال، و ان أحد أبرز هذه العوامل يكمن في المعنويات التي كانت تتحلٌى بها الامهات و الزوجات و النسوة عموماً.
و ربما أستطيع أن أزعم بأني لم أر أثناء لقائي أسر الشهداء المحترمة، أمّا منكسرة أو مهزومة. و بطبيعة الحال أن الجميع لسن على نسق واحد، فالبعض يتحلى بروحية عالية و البعض الآخر دون ذلك.. ذلك أن البعض لم يكن يدرك حقيقة الأمر بشكل جيد، غير أن البعض الأخر كانت الحقيقة واضحة له تماماَ، و مع ذلك فقد وجدت المرأة تتحلى بروحية عالية لدى معظم الأسر تفوق الروحية التي يتمتع بها الرجل.. أجل، هذا هو وضع المرأة في مجتمعنا. اما في الغرب فان المرأة ليست وحدها التي تساق الى مستنقع الفساد، بل كلا الجنسين).[3]
تضحيات النسوة في ظل النظام الاسلامي
(ان الثورة ـ ولله الحمد ـ قدّمت خدمة كبيرة للمجتمع النسوي في بلادنا. فقد رأيت و أرى عوائل و نساء على درجة من الايثار و التضحية و الثبات في مواجهة الحوادث تفوق ما لدى الرجال..لقد ألتقيت أسر الشهداء و جالستهم كثيراً، و سبق لي أن قلت و كررت ذلك مراراَ بأن أمّ الشهيد ـ من بين أفراد عوائل الشهداء ـ اكثر تحملاَ لهذه الحادثة الهامة و أنها تتفوق في معنوياتها و صبرها و انطباعها على والد الشهيد. طبعاً ثمة حالات عكس ذلك ايضاً، و لكن هذا هو الغالب تقريباً و قد لمسته عن كثب. فالنساء تطورن كثيراً خلال احداث الثورة العظيمة، و كان دورهن عظيماً. و كذلك اضطلعن بدور بارز خلال سنوات الحرب، و سيكون لهن دور مصيري في المستقبل أيضاً إن شاء الله. بشرط مراعاة الجوانب القيمية. لأن هذه المبادئ و القيم هي التي تضمن المستقبل و تصونه.)[4]
عودة النساء الى الفطرة
لاحظوا أنتم اية معجزة يمكن أن تصنعها المرأة المسلمة عندما تعود إلى فطرتها و ذاتها، و قد شهدنا ذلك عن كثب خلال ثورتنا و في نظامنا الاسلامي.. و اليوم نشهد أيضاً مثل هذا المعاجز. فأين شهدنا مثل هذه القوة و العظمة التي تتحلى بها أمهات الشهداء اليوم؟ اين رأينا كل هذه التضحيات من الفتيات الشابات اللواتي يشجعن أزواجهن الاعزاء للمشاركة في جبهات القتال و التواجد في هذه الميادين واثقين مطمئنين؟
انها عظمة الاسلام التي تجلٌت في وجود نسائنا الثوريات خلال مرحلة الثورة و السنوات التي أعقبت الانتصار و حتى يومنا هذا.
فمن غير الصحيح القول أن المرأة لاتستطيع أن تواصل تعليمها في ذات الوقت الذي تحافظ على حجابها و تصون عفتها و تحرص على اداء مهامها الأسرية و العمل على تربية أبنائها.
فكم لدينا اليوم من نساء عالمات اخصائيات في مختلف حقول المعرفة؟ هناك الكثير من الجامعيات المثابرات على درجة رفيعة من الكفاءة و المبدئية. و هناك الكثير من حملة الشهادات الجامعية المرموقة، و هناك طبيبات على درجة كبيرة من المهارة و الكفاءة.. ان الكثير من الاختصاصات العلمية المرموقة في الجمهورية الاسلامية في متناول النساء.. نساء حافظنّ على عفتهنّ و طهارتهنّ و حرصنّ على حجابهنّ تماماً، و يضطلعن بدورهنّ في تربية ابنائهن تربية اسلامية، فضلاً عن ممارسة نشاطا علميا و سياسيا ملفتاً.
ان الكثير من النساء الحاضرات في جمعنا هذا، يمارسن اليوم نشاطات سياسية و اجتماعية بارزة و مميزة، سواء الآنسات و السيدات اللواتي يفتخر أزواجهن بما يقمن بها، و من حقهم أن يفخروا عندما يرون نساءهم في الطليعة في مختلف الميادين..
ان بوسع المرأة أن تحقق كمالها الحقيقي من خلال تحلٌيها بالروحية الاسلامية و اداء مسؤولياتها في ظل اجواء اسلامية، بعيداَ عن الانحطاط الاخلاقي و بمعزل عن المظاهر المخادعة و التجملات الظاهرية، و بعيداَ عن الخضوع و الخضوع للاستهلاك.
معالم التربية الاسلامية لدى النساء
النهج الاسلامي هو الذي نؤمن به، و قد برهنت نساؤنا طوال احداث الثورة و ما بعدها و الى يومنا هذا، بأنها تحتل مواقع متقدمة في وعيها للمفاهيم التي تعتبر معياراَ حقيقياً للحياة و تشكل قيماً بارزة فيها.. ان الأمّ التي تقدم أبناءها في سبيل الله و في سبيل الهدف الذي يعتبر مقدساً بالنسبة لها و عندالله تعالى، لاتحزن على ذلك. و مثل هذا ليس بالشيء الهين و يعتبر عملاً قيماً للغاية.
فبأي معيار تريد أن تنظر اليه تجد عملاً عظيماً.. ان امرأة شابة صانت نفسها و حرمة زوجها في غاية العفة و العزة و الطهارة طوال عشرة اعوام او احد عشر عاماً، عندما كان زوجها يقبع أسيراًً في سجون العدو. أليس فعلها هذا ذات قيمة؟ أنها قيمة سامية.
لقد تواجدت نساؤنا في ميادين القتال و في ساحات البناء و الاعمار، و كانت الأبرز و الاكثر نشاطاً في مضمار تجسيد القدرات الروحية. كما كانت نساؤنا في الطليعة في التصدي لدعايات العدو المغرضة و المتنوعة. و لايخفى أن دعايات العدو كانت تصنع احياناً من القشة جبلاً، و حادثا بسيطاً تضخمة عشرات المرات و تقوم باستغلاله الى اقصى حد ممكن. و مما يؤسف له أن بعض الكتّاب من المرتزقة المحليين الذين يكنون عداءً مقيتاً للثورة، يحاولون استغلال كل ذلك و الترويج له في هذه المجلة و تلك الصحيفة. فيما يقوم البعض بالترويج للدعايات المعادية للثورة عبر المنشورات السرية و عبر الصحف و المجلات. و هناك من يوزع الاموال هنا و هناك و في الحافلات من أجل ترويج الدعايات المعادية للثورة.. ينفقون الاموال من أجل إثارة الشائعات و توتير الاجواء و ترويج اساءة الظن. و ان خير من تصدى لكل ذلك و صمد بقوة هم النساء. هذه النساء المؤمنات هن اللاتي صمدن بوجه كل ذلك، و ان تعدادهن ليس بقليل ولله الحمد رغم أنف الاعداء، بل يشكل الغالبية من نساء المجتمع الايراني.
هذا هو مجتمع المرأة الزينبية و الفاطمية..هذه هي التربية الاسلامية و طبيعة النظام الاسلامي..هذه هي مصداقية المرأة المسلمة و عظمتها و الحرية التي تتمتع بها..طبعاً يجب أن تعلم نساؤنا بأن لازال أمامهن طريق طويلة لتحقيق المزيد من الرقي و التقدم. و أنا أدعو النساء في بلادنا سواء النساء المنشغلات بالدراسة، و النساء اللواتي يضطلعن بمسؤولياتهن في مختلف المجالات، و ربات البيوت اللواتي ينعمن بنور الثورة و روحيتها و يحرصن على أن تكون الأجواء الأسرية أجواء اسلامية أدعو كل هؤلاء النسوة للتفكير بمهام المرأة المسلمة في تطوير مجتمعها.. التفكير بشأن التنظيمات السياسية و الانشطة العلمية و الخدمات القيمية، و الارتقاء بالمستوى المعرفي، و الصمود و الثبات بوجه العدو في جميع المراكز و الميادين التي يعتبر الثبات فيها فاعلاً و مؤثراً.
تجسيد الشخصية الحقيقية للمرأة
بعد إقامة الدولة الحق، وجدت المرأة في ظل الجمهورية الاسلامية الايرانية ـ بفضل الله تعالى ـ شخصيتها الحقيقية الى حد كبير و بات لها حضوراً مميزاً في مختلف الميادين، تجسد عظمة الروحية التي تتمتع بها المرأة المسلمة. حيث رأيتم و ترون نموذجاً لها في أمّهات الشهداء و أمّهاتنا العزيزات. ففي كل مرة ألتقيت فيها أمهات الشهداء وجدتهن أكثر قوة و بأساً حتى من آباء الشهداء. و ان نموذج ذلك يمكن أن تلمسونه عن كثب في روحيات هذه الأمهات العظيمات الشجاعات.. هذه هي عظمة المرأة المسلمة التي تتجلى في الميادين السياسية و الثقافية. و على الرغم من كل ذلك يأتي من يتحدث عن مصادرة حقوق المرأة في الجمهورية الاسلامية و يثير الشبهات ضدها.. فمن أجل أن يرضى عنا الآخرون نأتي و نتحدث عن المرأة بنحو يتعارض مع التوجه الاسلامي الذي يحرص على كرامة المرأة و عزتها.. أنه أمر مرفوض. لماذا ينبغي التحدث عن المرأة و عن حقوق الانسان بنحو و كأنه يتحتم علينا الاقتداء بالغربيين؟ ان هؤلاء مخطئون، أن هؤلاء هم الذين ينبغي لهم تصحيح آرائهم الخاطئة و الباطلة تجاه قضايا المرأة و حقوق الانسان و الحرية و الديمقراطية، و الاقتراب من وجهة النظر الاسلامية.
المرأة في الجمهورية الاسلامية قدوة للآخرين
أعلمن أيتها النساء المسلمات، ان الانظار باتت اليوم مشدودة إليكن في مختلف انحاء العالم ليتعلموا منكنّ.. ان ما تشاهدونه في بعض الدول الغربية و عدد من الدول الاسلامية التي تحكمها حكومات غير اسلامية، من هجوم شرس يشنٌه اعداء الدين ضد الحجاب الاسلامي، إنما هو مؤشر على اهتمام شعوب هذه البلدان بالحجاب.. ففي الدول المجاورة لنا، و في البلدان التي لاتولي اهمية للحجاب، و الدول الاسلامية التي كنت قد زرتها و لم أجد فيها أثراً للحجاب، أخذت النساء خاصة المثقفات و الفتيات الجامعيات تتجه للحجاب. و على مدى العشرين عاماً الماضية انتشر الحجاب بشكل يبعث على الاعجاب في اوساط النساء في هذه البلدان، بل و يمكن مشاهدة هذه الظاهرة الملفتة في الدول الغربية ايضاً.. لقد اصبحتن قدوة.. أنتن مثال يحتذى به.
إعلمنّ بأنه لايوجد اليوم في أية نقطة أخرى من العالم نسوة أمثال أمهات شهدائنا.. أمّ شهيدين و أم ثلاثة شهداء، و أم أربعة شهداء.. ان مجتمعنا يحفل بأمهات كثيرات بهذه المواصفات أقوى من الأباء و اكثر وعياً منهم. و ما ذلك إلاّ نتيجة للتربية الاسلامية.. أنه الحضن الطاهر و المطهر و النوراني لفاطمة الزهراء (سلام الله عليها).. إنكنّ بنات فاطمة..بنات فاطمة الزهراء..أنتن أتباع فاطمة الزهراء.
النسوة وراء جهاد و نشاط أزواجهن
ان كل جهد يقوم به الرجل في مختلف المجالات، يعود جانب كبير منه الى تعاون و مؤازرة و ثبات زوجته.. هذه هي السمة الغالبة دائماً. و قد قيل: ان جهاد المرأة حسن التبعل. فما هو حسن التبعل؟ ان عدة تتصور أن جهاد المرأة يقتصر على توفير وسائل الراحة للرجل فحسب.. حسن التبعل لايقتصر على ذلك وحده. هذا ليس جهاداً. الجهاد هو أن تتحمل المرأة المناضلة و المؤمنة و المضحية عبئاً كبيراً من المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتق زوجها.. إنكن تتعهدن مهمة خطيرة. و هكذا خدماتكن.. عندما يتعب الرجل تظهر آثار التعب في المنزل.. عندما يعود إلى المنزل مرهقا ً و مجهداً و احياناً متوتراً، فان هذا التعب و التوتر الناتج عن محيط العمل ينعكس داخل الأسرة. فاذا ارادت سيدة البيت أن تجاهد فان جهادها يتجلى في تكييف نفسها مع هذه الاجواء و تحمّل كل ذلك من أجل الله، و حينها يتجلى حسن التبعل.
الوجود النسوي الاسلامي و الثوري و البطولي و المستقل في الجمهورية الاسلامية
التربية الاسلامية و الثورية التي تتحلى بها المرأة المسلمة، مدعاة فخر و اعتزاز الجمهورية الاسلامية.. نحن نفخر بنسائنا المسلمات.. عندما تسلٌط عدسات الكاميرات على وجوه النساء المشاركات في المظاهرات و المسيرات، النساء المحجبات يحملن أطفالهن على صدورهن و قد جئن للمشاركة في المظاهرة في ظروف صعبة للتعبير عن موقف سياسي، أو المشاركة في صلاة الجمعة، أو من أجل اداء مهمة عبادية ـ سياسية و الادلاء بآرائهن في صناديق الاقتراع، كل ذلك مدعاة لفخرنا و اعتزازنا.
ان السيدات اللواتي يحققن مراتب متقدمة في طلب العلم، اللواتي يحصلن على المراتب الاولى في الاختبارات العامة لمختلف الفروع العلمية، عندما تنزل امثال هذه السيدات الى المجتمع و يساهمن في مسيرة تقدمه و تطوره، فان ذلك يبعث على عزة الجمهورية الاسلامية و فخرها..أنه فخر لأحكام الاسلام النورانية في هذه المرحلة بأن ننهمك بالبناء و الاعمار، و أن تستطيع المرأة المسلمة أن تعبٌر عن نفسها بكل شجاعة و استقلال في الرأي، في عالم يهمين عليه الاعلام المغرض..ان كل هذه من بركات الاسلام.
المطلوب و المتوقع من المرأة المسلمة من وجهة نظر الامام الخامنئي
التخلص من التصورات الخاطئة
في تصوري أن أهمية العمل المتوقع اليوم من المرأة لاتقل عن أهمية مشاغلها الأخرى على صعيد الحياة الاجتماعية.. أجل لابد لكنِّ من التساؤل: لماذا لاتوكل الى النساء مسؤوليات ادارية هامة و حساسة؟ أنه سؤال منطقي خاصة و ان مؤهلات جيدة تتمتع بها النساء. طبعاً نحن لانتعصب للمرأة و نصرّ على توليها مناصب رفيعة في جميع الإحوال، و ما نقصده الوظائف التي لاينهى عنها الاسلام، لأنه ثمة وظائف لايسمح الاسلام للمرأة بتسلمها.. و ما ندعو اليه هو عندما يراد اختيار الافراد الاصلح لتولي الوظائف و المسؤوليات، أن تتم متابعة الموضوع في اوساط النساء و الرجال على حد سواء و من ثم اختيار الأصلح دون أدنى تعصب.. طبعاً مثل هذا الأمر عبارة عن عرف و ثقافة، و ليس فرضاً حتى يصدر تعميم بشأنه. أنه جزء من ثقافة المجتمع و توجهاته، ينبغي التأكيد عليه و تكراره و لفت الانظار اليه و الاستدلال عليه حتى يجد مكانه في المجتمع.
و باعتقادي أن المطلوب من المرأة اليوم ـ التي تنشط بأشكال مختلفة و تسعى لتحقيق اهدافها ـ هو العمل على إزالة التصور الخاطئ الذي رسخته الثقافة الغربية و الاوروبية خلال العقود الاخيرة في ذهن المرأة الايرانية. طبعاً مثل هذا التصور كان موجوداً في الماضي ايضاً، و الذي يتمثل في بعض الاشكال الخاطئة للاستهلاك و التجملات الظاهرية و التي كانت موجودة في الماضي ايضاً. و أن الاهتمام بالموضة و تنوع الاستهلاك قد اشتد بشكل عجيب مع شيوع الثقافة الاوروبية. و كما هو واضح أن مثل هذا الأمر كان مخططاً له و مدروس بعناية...ان المسؤولين عن السياسات الغربية، الذين هم في الاعم الاغلب من الصهاينة المستعمرين، فعلوا ذلك عن قصد و بنوايا مبيتة..لذا ينبغي العمل على إزالة هذه التصورات الخاطئة. و لايتحقق ذلك إلاّ من خلال الابحاث و الممارسات الاسلامية. فاذا ما تحقق ذلك سوف يتم اجتثاث جذور هذه المعضلات ـ التبرج و إشاعة الفسق و الفجور و امثال ذلك ـ بصورة تلقائية، لأنها في الغالب وليدة تصورات و ثقافات خاطئة ينبغي تكريس الجهود لإصلاحها.
صيانة الحجاب و مراعاة الفواصل مع الرجال
ما الذي يعادونه هؤلاء اكثر من اي شيء اخر لدى المرأة المسلمة؟ أنه حجابها.. ان هؤلاء، يعادون التشادور ـ العباءة الايرانية ـ و حجابكن السليم الرصين اكثر من أي شيء آخر. لماذا؟ لأن ثقافتهم ترفض الحجاب، هذا هو حال الاوروبيين. أنهم يقولون: ان ما نؤمن به يجب أن يعمم على العالم أجمع! يريدون أن يفرضوا جاهليتهم على معرفة العالم.. أن هؤلاء المتغربين يتطلعون الى تعميم صورة المرأة وفقاً للنمط الاوروبي في المجتمع و التي هي عبارة عن انماط الموضة و شره الاستهلاك و المكياج و التبرج أمام انظار العامة و جعل القضايا الجنسية إلعوبة بين الجنسين، أنهم يتطلعون لترويج كل ذلك عن طريق النساء. و اذا ما عارض احد التوجهات الغربية ارتفعت عقيرتهم و تعالى صراخهم!. ان قدرة هؤلاء على التحمل قليلة ايضاً. ان ادعياء التغرب هؤلاء لايطيقون أدنى معارضة للمبادئ التي يؤمنون بها.
و من الواضح ان الثقافة الغربية استطاعت أن تترك تأثيرها على مختلف انحاء العالم، اللهم إلاّ المناطق الاسلامية الحقيقية.. فاذا ما نظرتم الى العالم الفقير في افريقيا و اميركا اللاتينية و شرق آسيا و أماكن اخرى، سترون بأنهم استطاعوا في كل هذه الاماكن أن يروجوا لنماذجهم و انماط ثقافتهم، من قبيل السفور و التبرج و الاستهلاك و جعل المرأة ألعوبة.
ان المكان الوحيد الذي لم تصبه سهامهم هو المجتمعات الاسلامية و في طليعتها مجتمع الجمهورية الاسلامية العظيم، لذا يشنٌون عداءً شرساً ضده.
صيانة الحجاب خارج محيط المنزل و الأسرة
أنتن اليوم أيتها النساء تعتبرن الحصن الحافظ للقيم الاسلامية ازاء هجوم جاهلية العالم الغربي.. أنتن اللواتي تحاولن صيانة هذا السد المستحكم للثقافة الاسلامية، و لهذا ينبغي للمرأة أن تحصل على التربية الاسلامية في العلم و الثقافة و السياسية و في كل شيء، و النزول الى الميادين الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و أن تكون في الطليعة، و لكن عليها أن تحذر المكائد الاخلاقية و الجنسية و أن لا تكون ألعوبة بيد هذا و ذلك..هذا هو ما نطمح اليه.
فالدين الاسلامي ينص على وجود حاجز و حجاب بين المرأة و الرجل. غير أن ذلك لايعني أن يكون عالم النساء معزول عن عالم الرجال. كلا.. النساء و الرجال يتواجدون معاً في المجتمع و في محيط العمل و يعملون بشكل مشترك.. يعملون معاً على ايجاد حلول للمعضلات الاجتماعية.. يعملون على ادارة الحرب بصورة مشتركة و قد فعلوا ذلك. كما أنهم يتولون معاً ادارة شؤون الأسرة و تربية الابناء. و في كل ذلك لابد من التحلي بالحجاب و صيانته داخل الأسرة و خارج المنزل.
و يعتبر ذلك أساسياً في تجسيد القدوة و النموذج الاسلامي. و اذا لم تتم مراعاة ذلك، سوف ينتشر الابتذال و التحلل الاخلاقي الذي يعاني الغرب منه اليوم، و حينها تتخلف المرأة عن الاضطلاع بدورها الطليعي في تجسيد المبادئ و القيم التي نراها اليوم في ايران الاسلامية.
حجاب المرأة و هجوم الاعلام الغربي
من وجهة نظرنا، أن البحوث التي تنجز في مجال حجاب المرأة تعتبر بحوث جيدة. و لكن يجب أن لايغيب عن أذهاننا بأن أي بحث بشأن حجاب المرأة يجب أن لايتأثر بالهجوم الاعلامي الغربي، لأن مثل هذا التأثر سوف يفسد البحث. على سبيل المثال أن نأتي و نفكٌر مع أنفسنا بأن يكون لدينا حجاب و لكن بمعزل عن التشادور ـ العباءة الايرانية ـ ان مثل هذا التفكير تفكير خاطئ..أنا لاأريد أن اقول أن التشادور هو الحجاب الوحيد. كلا بل أعني أن التشادور يعتبر أفضل انواع الحجاب. و هو تجسيد لماضينا و تاريخنا، و لايوجد إي إشكال في ذلك. فضلاً عن أنه لايتنافى مع نشاط المرأة. فاذا كانت المرأة تهدف حقاً الى ممارسة النشاط الاجتماعي و السياسي و الفكري، فمن الممكن أن يمثل التشادور اللباس الرسمي للمرأة، لأن التشادور ـ و كما ذكرت ـ يعتبر أفضل انواع الحجاب. طبعاً ممكن أن تكون المرأة محجبة و لاترتدي التشادور...ان البعض يهربن من التشادور كي يتلافين هجوم الاعلام الغربي. و لكن عندما يهربن من التشادور لايلجأن الى الحجاب الحقيقي، لأن هذا ايضاً يكون موضع هجوم الغرب!.
هل تتصورن اذا ما تخليتنّ عن التشادور، و استخدمتن ـ فرضاً المقنعة و اللباس الفلاني (و ليضربن بخمارهن على جيوبهن) (سورة النور، أية 31)، و هذا الذي يشير اليه القرآن الكريم؛ سيتركونكن و شأنكن؟ كلا. هؤلاء لايقتنعوا بذلك، بل يتطلعون الى تطبيق ثقافتهم المنحوسة كما هي و تجسيدها عملياً في بلادنا، مثلما كان سائداً في عهد الشاه. ففي تلك الفترة لم تكن المرأة ترتدي الحجاب أساساً، و أن تقليدها لأنماط حياة المرأة الغربية كان في ذروته. و مما يذكر في هذا الصدد أن الفسق و الفجور الذي كان سائداً في مدينة طهران و مدن البلاد الأخرى في عهد الشاه، كان يفوق ما موجود في المدن الاوروبية!. المرأة الاوروبية لديها توجهاتها و نمط حياتها و لباسها الخاص بها. غير أن الأمر هنا يختلف تماماً. ان ما كنا نراه و نسمع به و نطلع عليه و المناظر التي كانت تتجلى أمامنا يومئذ، كان يبعث على الحيرة و الدهشة حقاً. و كنا نتساءل لماذا يجب أن يكون كل ذلك؟ و مما يؤسف له أن الشيء نفسه كان موجوداً لدى الدول الأخرى الاسلامية و غير الاسلامية، و عليه لابد من مراعاة المسائل المبدئية و القيمية بمزيد من الدقة و في غاية الحرص و من دون تجاهل أو تسامح.
الابتعاد عن التبرج و مواكبة الموضة
في تصوري أن الاهتمام بالموضة و التجملات و البحث عن الجديد و الافراط في استخدام المكياج و التبرج امام الرجال، يعتبر أحد أبرز عوامل انحراف المجتمع و انحراف نسائنا. و بالتالي ينبغي للنساء مقاومة ذلك و رفضه.
ان هؤلاء الذين يريدون أن يجعلوا من المرأة موجوداً على هواهم، هم دائماً بحاجة الى إشاعة الموضة و إلهاء الأذهان و القلوب و العيون بهذه الامور الظاهرية و القصيرة النظر.
فالذي ينشغل بهذه الامور، متى يتسنى له بلوغ القيم الحقيقية؟ لايتوافر لديه الوقت لذلك.. ان المرأة المنشغلة بالتفكير لأن تصنع من نفسها وسيلة لجلب أنظار الرجال، متى تتوافر لديها الفرصة للتفكير بالطهارة الاخلاقية و التأمل في أبعادها؟ و هل ذلك ممكناً؟ هؤلاء يتطلعون الى كل ذلك. هؤلاء لايروق لهم أن يكون لدى نساء مجتمعات العالم الثالث فكراً واضحاً و طموحاً..لايروق لهم أن تطمح هذه النسوة الى تحقيق اهداف كبرى، و أن تمضي مع ازواجها و ابنائها جنباً الى جنب. الفتيات الشابات في مجتمعنا يجب أن يحذرن كثيراً و أن يحاولن اكتشاف المكائد الخفية و الخطيرة للثقافة و الفكر الغربي، و اجتنابها و الابتعاد عنها.
صلاح النساء في المجتمع يتبعه صلاح الرجال
ان الطريق الذي اختارته الأمة الاسلامية اليوم، لاسيما الشعب الايراني الشجاع و النبيل ـ طريق تحقيق الاهداف الاسلامية ـ هو طريق إنقاذ الناس، طريق القضاء على الظلم، طريق تحطيم اصنام الثروة و القوة و السلطة في العالم.. فلابد من التعرف على معالم هذا الطريق جيداً و العمل على حراسته و صيانته، و هو بحاجة الى ارادة قوية و قلب راسخ و طاقات عالية. و مثل هذا لايتسنى إلاّ من خلال التربية الربانية و الاسلامية لرجالنا و نسائنا على حد سواء. ان صلاح النساء في المجتمع يتبعه صلاح الرجال ايضاً. ان دور النساء في هذا الشأن يعتبر أحد أبرز العوامل و ربما العامل الرئيسي.
[1] ـ من كلمة لسماحة الامام الخامنئي في جمع من النسوة بمناسبة عشرة الفجر، 13/11/1377.
[2] ـ من كلمة لسماحة الامام الخامنئي وجهها للشعب الايراني النبيل بمناسبة اربعينية رحيل الامام الخميني (قدس سره)، 23/4/1368.
[3] ـ من كلمة لسماحة الامام الخامنئي في جمع من عوائل الشهداء والأسرى والمعاقين من اهالي محافظة فارس وهمدان، 22/9/1368.
[4] ـ من كلمة لسماحة الامام الخامنئي في اعضاء المجلس الثقافي ـ الاجتماعي المعني بشؤون المرأة ،وجمع من النسوة العاملات في المجالات الطبية بمناسبة ذكرى ولادة الصديقة فاطمة الزهراء