عربي
Friday 5th of July 2024
0
نفر 0

المراة الثانية في حياة النبي صلى الله عليه وآله

نِساءٌ في حياةِ النبي

ثمّ تمضي الأيام تتبعها الأسابيع والشهور وآمنة عاكفة على وليدها الغالي تفديه بالنفس والنفيس حتى بلغ السن الذي يتحتم به عليها أن تدفع به إلى المراضع، فقد كان المفهوم السائد في ذلك العصر أن الطفل الذي ينمو في البادية ويترعرع في جوها الطلق يكون أشد عوداً ، وأقوى عزيمة من الطفل الحضري ، وعلى هذه القاعدة المتبعة دفعت به أمه إلى حليمة السعدية ، وهكذا أصبحت حليمة المرأة الثانية في حياة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد رجعت حليمة وزوجها الى أحياء بني سعد ، وهي تحمل معها طفلاً يتيماً لم تتمكن أن تحصل على غيره في الوقت الذي حصلت فيه باقي المرضعات على أطفال أغنياء استلمتهم من أيدي أبويهم محملين بالزاد والمال الوفير ...

ومنذ أن ضمت ساعداها هذا اليتيم أحست أنه أصبح لها كل شيء وأحست أنها تود جادةً أن تصبح له كل شيء أيضاً ، وما أن سافرت به حتى بدأت تتعشقه وتفنى فيه ولم يستقر بها المقام إلاّ وهي تشعر بأنها تحمل معها كنزاً ثميناً دونه الكنوز ، وعرفت بدافع من أعماقها بأنها هي الرابحة الحقيقية دون سواها من المرضعات ، وقد بدأت تلوح لها بوادر تؤيد عندها هذا الشعور فقد عمت البركة جميع الحي وتزايد الخير بالزاد والمال ، وقد أفضت بما تراه لزوجها ونبهته إلى بوادر الخير التي أخذت تلوح لهم .

 

فقال لها : عسى أن يكون لهذا الغلام شأن وأوصاها

بالعناية به والحرص عليه : ولكن حليمة لم تكن تحتاج الى أي توصية فقد أزدحمت في قلبها جميع عواطف الأمومة تجاه هذا الطفل الصغير ، وتفجر في فؤادها ينبوع من الحنان لا يمكن له أن ينفد أبداً ، وقد كانت تقدمه على أولادها ، وتحله في أعلى منزلة من قلبها ورعايتها وبرها وكرمها ، وقد اختلقت كثيراً من المعاذير والحجج لتتمكن من استبقائه عندها أكبر مدة ممكنة فما كانت تتمكن أن تنفصل عنه أو أن يفارق أحضانها ويبعد عن ساعديها ، فقد كان بالنسبة لها ينبوعاً للخير والبركة والسعادة والهناء .

وكذلك كان محمد بن عبد الله أيضاً فهو يحبها ويركن اليها ويحترمها صغيراً وكبيراً ، ويحفظ لها جميلها بكل احترام ، وقد عاشرها سعيداً وفارقها غير قالٍ ، ولا عاتب ، وقد بقي يذكرها بالخير والاعزاز حتى بعد النبوة ، فقد كان صلوات الله عليه يناديها بيا أمي ، وإذا أقبلت اليه أفسح لها مجلساً إلى جواره ، وقد يتفق أن يهوي على صدرها فيقبله وهو أكثر ما يكون براً بها وحدباً عليها

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

مجموعة احاديث الامام جعفر بن محمد الصادق(ع)
تسبيحها سلام الله عليها وسبب تشريعه
المراة الثانية في حياة النبي صلى الله عليه وآله
السیده رقیه بنت الحسین علیها السلام
عبرات الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف على جده ...
حال مبغضي عليّ(عليه السلام) في الآخرة
ملامح شخصية الإمام جعفر الصادق عليه السلام
الجزع على الإمام الحسين (عليه السّلام)
أمرُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عمّار بن ياسر ...
مقام علي الأكبر (ع) في كلمات الأئمة (عليهم السلام)

 
user comment