عربي
Friday 29th of March 2024
0
نفر 0

الخلفاء الراشدون عند أهل السنة والجماعة

الخلفاء الراشدون عند أهل السنة والجماعة

الدكتور محمد التيجاني السماوي

هم الخلفاء الأربعة الذين اعتلوا منصة الخلافة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) فأهل « السنة والجماعة » يقولون فأفضليتهم على حسب ترتيب خلافتهم وعلى سائر الخلق بعد النبي(صلى الله عليه وآله) . هذا ما نسمعه اليوم ، وقد عرفنا في ما سبق من أبحاث بأن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) لم يكن معدوداً عندهم من الخلفاء العاديين فضلاً عن الراشدين ،

وإنما لحقه في ركب الخلفاء الإمام أحمد بن حنبل في زمن متأخر جداً، وكان قبلها يلعن على منابرهم في كل البلاد الإسلامية والإمبراطورية الأموية.

ولمزيد التحقيق وليطمئن القارئ إلى هذه الحقيقة المؤسفة لابد من لفت نظره إلى ما يأتي :

قد قدمنا أن عبد الله بن عمر هو من أكابر فقهاء « أهل السنة والجماعة » وقد اعتمده مالك في موطأه ، والبخاري ومسلم في صحيحهما ، وباقي المحدثين عن بكرة أبيهم .

فهذا الرجل كان من النواصب الكبار الذين عرفوا ببغضهم الصريح لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، ويحدثنا التاريخ أنه رفض البيعة لولي المؤمنين وأسرع يبايع الحجاج اللعين عدو الله ورسوله (1) .

 

____________

(1) الحجاج بن يوسف الثقفي المعروف بفسقه وكفره وجرائمه واستهتاره بالذين ، أخرج الحاكم في المستدرك ج 3 ص 556 وابن عساكر ج 4 ص 69 أن الحجاج كان يقول : يزعم ابن مسعود أنه يقرأ قرآنا من عند الله ، والله ما هو إلا رجز من رجز الأعراب . وكان يقول : اتقوا الله ما استطعتم فليس فيها مشوبة واسمعوا وأطيعوا لأمير المؤمنين عبد الملك بن مروان فإنها المثوبة .

 

كما أخرج أبن عقيل في كتاب النصائح الكافية ص 81 أن الحجاج خطب بالكوفة فذكر الذين يزورون قبر النبي (صلى الله عليه وآله)  بالمدينة قال : تبا لهم إنما يطوفون بأعواد ورمة بالية ، هلا طافوا بقصر أمير المؤمنين عبد الملك ؟ ألا يعلمون أن خليفة المرء خير من رسوله .

وقد كشف عبد الله بن عمر عن مكنون قلبه واباح بخالص سره ، عندما حدث بأنه لا يعد لعلي (عليه السلام) فضلاً ولا فضيلة ولا منفية واحدة تجعله على الأقل في المرتبة الرابعة بعد عثمان بن عفان .

وقد عرفنا بأنه يفضل أبا بكر وعمر وعثمان فقط ، أما علي (عليه السلام) فهو بالنسبة إليه من سوقة الناس إن لم يكن أقلهم عنده ، وإليك حقيقة أخرى أخرجها المحدثون والمؤرخون تعرب بصراحة عن نفسية ابن عمر الحاقدة والمبغضة لعلي ولكل الأئمة (عليهم السلام) من عترة النبي (صلى الله عليه وآله)  الطاهرة .

قال عبد الله بن عمر وهو يفسر حديث النبي (صلى الله عليه وآله)  في قوله : « الخلفاء من بعدي اثنا عشر كلهم من قريش » ، قال عبد الله بن عمر : يكون على هذه الأمة اثنا عشر خليفة وهم :

أبو بكر الصديق ، عمر الفاروق ، عثمان ذو النورين ، معاوية وابنه ملكا الأرض المقدسة ، والسفاح ، وسلام ، ومنصور ، وجابر ، والمهدي ، والأمين ، وأمير العصب ، كلهم من بني كعب بن لؤي ، كلهم صالح لا يوجج مثله (1) .

إقرأ واعجب أيها القارئ العزيز من هذا الفقيه المعظم عند « أهل السنة والجماعة » كيف يحرف الحقائق ويقلبها فيجعل معاوية وابنه يزيد ، والسفاح من أفضل العباد ، إذ يقول صراحة : كلهم صالح ولا يوجد مثله !

وقد أعمى بصره الحقد والجهل ، كما أعمى بصيرته الحسد والبغض (2) فلم ير لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) فضلاً ولا فضيلة فيقدم عليه معاوية الطليق وابنه يزيد الزنديق والمجرم السفاح ، وما عشت أراك الدهر عجباً !

 

____________

(1) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 140 كنز العمال ج 6 ص 67 تاريخ ابن عساكر والذهبي .

(2) اقرأ ولا تنس قول الرسول (صلى الله عليه وآله)  الذي أخرجه البخاري ومسلم بأن حب علي بن أبي طالب إيمان وبغضه نفاق وإن المنافقين كانوا لا يعرفون زمن النبي إلا ببغضهم لعلي .

 

فعبد الله بن عمر هو ابن أبيه حقاً والشيء من مأتاه لا يستغرب وكل إناء بالذي فيه ينضح ، فأبوه عمل بكل جهوده لإبعاد علي (عليه السلام) عن الخلافة واحتقاره وانتقاصه في أعين الناس .

وهذا ابنه الحاقد البغيض ، ورغم وصول علي (عليه السلام) إلى الخلافة بعد مقتل عثمان إذ بايعه المهاجرون والأنصار ، نراه امتنع عن مبايعته وعمل بكل جهوده على أطفاء نوره وتأليب الناس عليه لإسقاطه فجعل يحدث ويوهم المسلمين بأن علياً (عليه السلام) لا فضل له وهو كسائر الناس العادين .

وقد خدم عبد الله بن عمر الدولة الأموية وتوج معاوية وابنه يزيد بتاج الخلافة كذباً وافتراء على النبي (صلى الله عليه وآله) واعترف بخلافة السفاح والمنصور ولك فساق بني أمية وقدمهم على سيد المسلمين وولي المؤمنين بنص القرآن والسنة ولم يعترف بخلافته رغم وقوعها ، إن هذا لشيء عجيب !

ولنا مع ابن عمر لقاء آخر في بحث لاحق لنكشف الستار عنه أكثر ، مع أن فيما قدمناه كفاية لإسقاطه من الاعتبار وتجريده من العدالة ، وعده في زمرة النواصب الذين أسسوا مذهب « أهل السنة والجماعة » وأصبح عندهم من أكبر الفقهاء والمحدثين .

وأنت إذا جبت الأرض شرقاً وغرباً وصليت في مساجد « أهل السنة والجماعة » قاطبة وتحدثت مع علمائهم فسوف يملأ سمعك قول أئمتهم في كل مناسبة : « عن عبد الله بن عمر رضي اله عنهما » .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

في تقدم الشيعة في علم الصرف ، وفيه صحائف -2
تأملات وعبر من حياة أيوب (ع)
تاريخ الثورة -6
من مناظرات الامام الصادق(عليه السلام)
من خير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله ...
الكعبة‌
صموئيل النبي (ع)
خطبة الإمام الحسين ( عليه السلام ) الأولى يوم ...
حقيقة معنى الانتقال من الأمويين الى العباسيين
خالد بن الوليد و الطوق في الجيد

 
user comment