عربي
Friday 17th of May 2024
0
نفر 0

الخوارزمشاهيون والميل الى التشيع .

الخوارزمشاهيون والميل الى التشيع .

كـان الخوارزمشاهيون من السلالات التركية التي بسطت نفوذها على قسم من ايران ,و يشمل هذا الـقـسـم غالبا خراسان و مناطق ماوراالنهر و افغانستان الحالية و وردت اخبارهم مفصلة في كتب الـتـاريـخ , و منها: تاريخ گزيده جهانكشاى للجويني , و طبقات ناصري و غيرهما و يعد السلطان مـحـمـد خـوارزم شاه من اهم سلاطينهم و قد تقارن عهده مع حكومة الناصر لدين اللّه في اواخر الـقـرن الـسـادس الهجري (اعتلى السلطان العرش سنة 596 ه) و كانت المنطقة الخاضعة لحكم الخوارزمشاهيين مركزا للمذهب السني منذعهد سحيق , مع ان السادة ـ الذين كان اكثرهم من الشيعة ـ يتمتعون بنفوذ واسع فيها.
كـان الـخـوارزمـشـاهيون آخر حلقة من حلقات الحكومات الايرانية و تمتعوا بسلطة مستقلة في المناطق الخاضعة لسيادتهم و كانوا تابعين للحاكم العباسي في بغداد من الوجهة الدينية فحسب , و لهم بـعـض الـمـواقف السلبية من الحكومة العباسية احيانا كاكثرالحكومات المستقلة و ربما ادت هذه المواقف الى نشوب الخلاف بينهما, و اثارة المشاكل المقلقة لهما معا.
و من الجدير ذكره هنا هو ان الميول و النزعات الدينية كانت تستغل ايضا في هذاالمجال .
و عـنـدما كان السلطان محمد بوصفه اقدر السلاطين الخوارزمشاهيين على راس الامور, ظهرت خـلافات بينه و بين الناصر لدين اللّه و افضت هذه الخلافات الى استعانة السلطان بالعقائد الشيعية , و ان كان الناصر متهما بالميل الى التشيع ايضا.
و يعود قسم من هذه الخلافات ـ كما نقل الجويني ـ الى اتصال الحاكم العباسي بالاسماعيليين , و قتل احـد افـراد بـطـانـة الـسلطان محمد على يد الفدائيين , و كان مبعوثا من قبل السلطان الى الحاكم الـعـباسي ((1559)) يضاف الى ذلك , ان روح العناد والغرورالتي كان يحملها السلطان محمد ـ اذ كـان يـطـمـح الـى بـسـط سـيـطرته على بغداد كالبويهيين ,والسلاجقة ـ اججت نار الخلافات الـمـذكـورة ((1560)) كما ان السلطان محمد عندماقضى على سلاطين غور بعد غزو غزنين , وجد رسائل كان الحاكم العباسي قد بعثها اليهم يحرضهم فيها على حربه ((1561)) يزاد على ذلك ان الـحـاكـم الـعـباسي قدم مبعوثي جلال الدين نو مسلمان الذي كان يحكم في الموت على مبعوثي الـسـلطان محمد, و ذلك في احدى سفرات الحج ((1562)) و وجد السلطان محمد ذريعة للتمرد عـلـى الـحـاكـم الـعـبـاسي و تتمثل هذه الذريعة في شيئين : احدهما: استفتاؤه علما خراسان فيما فـعـلـه الـحـاكـم مـع مـبـعوثيه , فافتوا ((ان كل حاكم يفعل ذلك لا يستحق الامامة )) و الاخر : ((ان الخلافة لا يستحقها الا السادة الحسينيون اما العباسيون فهم غاصبون ((1563)) )).
و قـال الجويني في موضع آخر من كتابه : (( و استفتى ائمة البلاد فافتوا بعدم استحقاق العباسيين لـلـخـلافـة , و اسـتـحـقـاق الـسـادة الـحـسـيـنيين لها و من كان قادرا, فلياته ليجعل الحق في نصابه ((1564)) )).
و ادى هـذا الاجرا الذي اتخذه السلطان محمد خوارزم شاه الى قيام بعض الحكام المحليين بالاعتدا على المراكز الخاضعة لسلطته , مما دفعه الى الرجوع و قمعهم و عندماتوجه الى بغداد, فانه توقف فـي مدينة اسد آباد التابعة لهمدان بسبب الثلج و البردالقارص ثم اضطر الى العودة بعد هلاك عدد كـبـيـر مـن جـنـده و اسـتـنـبـط الـكـثـيرون من هذه الحادثة ا نها معجزة من اللّه لحفظ البيت الـعـبـاسـي ((1565)) و ثـمـه نـقـطة طريفة ايضا في هذا المجال و هي ان الشيخ شهاب الدين السهروردي الذي كان احد مبعوثي الحاكم العباسي الى السلطان قد حاول قبل ذلك ان يردع السلطان عن الذهاب الى بغداد من خلال حديث نبوي شريف ينص على عدم ايذا العباسيين , بيد ان السلطان لم يقبل منه ذلك ((1566)) .
ان الـشخص الذي اختاره السلطان للخلافة هو احد السادة المشهورين , و يدعى :السيد علا الملك الترمذي قال المستوفي في هذا المجال : (( و اختار السيد علا الملك الترمذي للخلافة و وجهه الى الـعـراق لـيـطيح بالحكومة العباسية التي كان يلقى منها العنت و الاذى , و من ثم يجلسه على عرش الـخـلافـة ((1567)) )) و قـال الجويني ايضا: (( و رشح من السادة الكبار: علا الملك من ترمذ ليجلسه على عرش الخلافة ((1568)) )).
و جا في المعلومات التي نقلها رشيدالدين : ((ان السلطان عبا جيشه لغزو دار السلام في شهور سنة و كانت قد حصلت قبل ذلك جفوة بينه و بين الناصر, و وقرت الضغائن والاحقاد في الصدور)).
فحصل السلطان اثر ذلك على فتوى من ائمة البلاد, لا سيما مولانا استاذ البشرفخرالدين الرازي , بـعدم احقية العباسيين للخلافة , و ان الخلافة ثابتة للسادة الحسينيين و يرى السلطان ان من الواجب عـليه تخويل الخلافة لاحد السادة الحسينيين الكفوئين من اصحاب الشوكة و القدرة , و ذلك ليجعل الـحـق فـي نـصـابه و رشح السيدعلا الملك الترمذي لها, و هو احد السادة الكبار و تحرك بهذه الفكرة ((1569)) )).
و نقل عن تاريخ الفي ((ان علما السنة صوتوا على ذلك مكرهين , كما هودابهم ((1570)) )).
ان مـن الاسـباب المهمة لهجوم المغول على البلاد الاسلامية , مضافا الى قتل مبعوثي جنكيزخان من قبل السلطان محمد خوارزم شاه , دعوة الناصر لدين اللّه لهم من اجل القضا على السلطان محمد الذي كان في طريقهم و قد نقل ابن الاثير هذه الحادثة و ذكرابو الفدا ايضا ان ذلك : ((بسبب ما كان بين الـنـاصـر و بـيـن خـوارزم شـاه مـن الـعـداوة , لـيـشـغـل (الـنـاصر) خوارزم شاه عن قصد العراق ((1571)) )).
و ينبغي ان نقول ـ اجمالا ـ ان التشيع كان قد امتد نسبيا بعد سقوط الحكومة السلجوقية , و حتى في اواخـر عـهـدهـم و هذه الحقيقة واضحة جيدا, لا سيما في كتاب نقض الذي تم تاليفه في مرحلة متاخرة من الحكم السلجوقي و ذكر الدكتور كامل الشيبي معلومات تتعلق بوضع الشيعة في بغداد منذ منتصف القرن الخامس حتى سقوطبغدادو كان جل اعتماده فيها على كتاب البداية والنهاية لابن كثير و نـنقل فيما ياتي ما قاله نصا: ((احتل الجيش السلجوقي بغداد سنة 447 ه , فتم الامر للخليفة , و انـقـلـبـت الايـة وعـادت الامـور على الشيعة و كانت فاتحة المصائب اعدام شيخهم , و نهب دار مـتـكـلـمـهـم ابي جعفر الطوسي , و احراق خزانة كتبه و فراره الى النجف ((1572)) و لولا مـسـالـمـة الـشـيـعـة لـلـجـيـش الـسـلـجـوقـي اثـنا دخوله بغداد, لكان من الممكن ان تحدث امورجسام ((1573)) .
و لـمـا راى الشيعة ما نزل بهم , انعكس ضيقهم على صورة انقلاب قام به البساسيري (المقتول سنة 451 هـ) حـلـيف آل مزيد من شيعة الحلة و صهرهم سنة 450 ه ((1574)) (كان آل مزيد من الـشـيـعـة المعروفين و مركزهم الحلة ((552))) غير ان الحركة فشلت على سبيل المثال لعن الشيعة على منابر خراسان سنة 456 ه ((1576)) و تعدى الامركل الحدود حتى شمل الاعتدا و الاذى قـبـر الامـام الـحسين ـ عليه السلام ـ سنة 489ه ((1577)) و لما استعاد العباسيون السلطة من السلاجقة , دار دولاب السياسة من جديد لمصلحة الشيعة , حتى زعم ان الناصر ( 575 ـ 622 هـ) كـان يـتـشـيـع ((1578)) وجـعل الشيعة يتنفسون في ايامه بحيث جعل شعراؤهم ((ينظمون الشعر في ثلب الصحابة وتهجين من يحبهم ((1579)) )).
ثم اشار الدكتور الشيبي الى وزيره العلوي الذي قبض عليه في نهاية الامر ((1580)) .
و تـحدث ابن الطقطقي في كتاب الفخري عن هذا الوزير العلوي بالتفصيل و هو السيدنصيرالدين ناصربن مهدي العلوي الرازي , مازندراني الاصل كان ينوب مدة عن النقيب عزالدين المرتضى القمي نقيب بلاد العجم كلها و لما قتل النقيب عزالدين , جا الى الحاكم العباسي الناصر و بعد مدة فوض اليه امور الوزارة و في سنة 604 ه قبض عليه كارها, فاودعه السجن , حتى مات فيه ((1581)) .
يـتـبين مما تقدم ان هذا الرجل المازندراني الرازي الذي تولى النيابة في نقابة العلويين كان شيعيا لا محالة و كان خليفة رجلا قميا, و لا جرم ا نه كان شيعيا ايضا و هذا الشخص هو مؤيد الدين محمد بـن محمد بن عبدالكريم برر القمي الذي وزر للناصر, ثم للظاهر,ثم للمستنصر, حتى قبض عليه الـمـستنصر, و حبسه في باطن دار الخلافة مدة ثم مات و كان ابن العلقمي الشيعي المعروف آخر وزيـر فـي الـعهد العباسي (تولى الوزارة في ايام المستعصم ((559))) و في زمانه طوح المغول بالدولة العباسية سنة 655 ه.
ان حضور الوزرا الشيعة معلم على اتساع نفوذ الشيعة في تلك الفترة من فترات التاريخ بخاصة ا نهم كـانـوا على كفاة تامة لادارة الشؤون الوزارية و كانوا عارفين بالامورالديوانية و في هذا الحقل , كانت قم , و كاشان , و آوه , والري تضم هذه النماذج في الحكومة السلجوقية و ما بعدها و قد ذكرنا اسماهم في بعض المواطن .
و نـخـتم حديثنا عن الشيعة في ايران عند هذه النقطة , آملين ان نوفق الى اعدادموضوعات اخرى عـن الـمـسـيـرة الـتاريخية للتشيع في القرون التالية , و وضعها في متناول الراغبين في مثل هذه الدراسات ان شااللّه .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

مناظرة الإمام الصادق(ع) مع أبي حنيفة في حكم ...
النص على إمامة الهادي
محاولة اغتيال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ...
لماذا يوصف الحسين (ع) بسيد الشهداء ؟
احتجاج الإمام الحسن(ع) على جماعة من المنكرين لفضل ...
الأوضاع قبل البعثة النبوية
لا يحبّك إلا طاهر الولادة ولا يبغضك إلا خبيث ...
السفياني الهويّة المنحوسة
مقامات أهل البيت عليهم السلام في سوريه
مشکلة الزهراء عليها السلام مع الخليفة

 
user comment