مقتطفات من القصيدة العينية للشاعر السيد مـحمد رضا القزويني
توارثتُ حُبَّكَ عبرَ الدموع |
فأودعتُه في حنايا الضلوع |
وما أنْ ذكرتُكَ بالوجدِ إلاَّ |
وحرَّم ذِكرُك طيبَ الهجوم |
فيا من ورِثتَ كيان الرسو |
ل وسرَّ البتول وحبَّ الجموع |
وأشرقتَ نوراً بعمقِ الزما |
ن فهامَ الزّمانُ بذاك الطلوع |
وألفاكَ طِفلاً بحجرِ النبيّ |
فبأهى السماءَ بذاك الرضيع |
يُحيط بجنبيهِ أهلُ الكساءِ |
وكلٌّ يقبّلُهُ في خشوع |
فهاجَ الملائكُ في بَهجة |
وطافوا من العرش طوف الخضوع |
وجبريلُ يهبط بالبُشريات |
وفطرسُ يسأله عن شفيع |
فناداه دونكَ مهدَ الحسين |
تَنَلْ عنده بانفراجٍ سريع |
فيا أيها المهد ماذا حويتَ |
فأمَّلَهُ كلُّ قلب مروع |
لقد عرفتكَ مَلاكُ السما |
وما سوف تلقى بُعيد الشفيع |
فقلبُ النبي سعيدٌ به |
وبالحسن السبطِ زهيرِ الربيع |
فنادى النبي وسمع الزما |
ن يصيحُ له بين تلك الجموع |
(إمامان قاما هما في الخطوب |
وإن قعدا) عند أمرٍ فضيع |
فيا من حملتَ جمالَ النبيِّ |
وهيبةَ حيدرةٍ في الطلوع |
ومنْ فاطم كلَّ معنى الجلالِ |
وسراً تكامَنَ بين الضلوع |
تقاسمتَ والمُجتبى في الحياة |
دَورَيْن فازدهرا في الربوع |
فذاك أتم له حجة |
بصُلعٍ أميَّةَ غير خَنوع |
بأن معاويةَ لم يُرِدْ |
لهذي الرسالة غير النزوع |
سوى أن يُحكَّمَ فوق الرقابِ |
وإن فاضَ أنهارها بالنجيع |
فيجتثَّ ما قد بناه الرسول |
ويُرغمَ أصحابَهُ بالخضوع |
فلما تراءى لدى المسلمين |
وبانت جرائمهم للجميع |
وإن يزيداً تولّى الزِمامَ |
يُحيط به كل وغدٍ ضليع |
نهضتَ على قِلَّةِ الناصرين |
لتنقِذَ ديناً هوى للهجوع |
وقدَّمت لله أبهى الوجوه |
من الغرر الزهِر غيرَ جزوع |
من الصَّحب لا مثلهم في الصحاب |
عهدنا لموسى ولا في اليسوع |
ولا عرفَ الدهرُ من عصبة |
تسارع للموت سيرَ الولوع |
وأبناك كلّ عَلٍ أشوسٍ |
أطل عليهم كزهر طليع |
فقدَّمتَهم كرماً للإله |
ولم تُبقِ حتى دماء الرضيع |
تراموا حواليك شُمَّ الأنوف |
من كل أزهرَ شهمٍ صريع |
فشيَّدتَ صرحك ترقى به |
إلى العرش في خير سد منيع |
فيا من أُصيبت به أمةٌ |
بما لم تُصبه بأمرٍ فجيع |
فقد قطَّعوا فيك قلبَ النبي |
وداسوا لفاطمَ خيرَ الضلوع |
وأنت تصارعُ حرَّ الظّما |
وسيفاً علاك لوغد وضيع |
سألتُ الملاكَ ملاكَ السماءِ |
من الوافدين لمهد الرضيع |
فهلاّ عرفتِ الحسيَن الذبيحَ |
على الأرض ظلَّ برأس قطيع |
ووعد الإله لآت لنا |
ومهديُّنا عازم للطلوع |
وثاراتنُا من دماء الحسين |
وكلِّ شهيد بقتل فجيع |
هنالك حيث يعود الحسين |
يفوح لنا مثل زهر الربيع |