عربي
Friday 10th of May 2024
0
نفر 0

أدعية الإمام الحسين ( عليه السلام )

أدعية الإمام الحسين ( عليه السلام )

حفلت الأدعية التي أُثِرت عن الإمام الحسين ( عليه السلام ) بالدروس التربوية الهادفة إلى بناء صُرُوح العقيدة ، والإيمان بالله ، وتنمية الخوف والرهبة من الله في أعماق نفوس الناس ، لِتصدُّهُم عن الاعتداء ، وتمنعهم عن الظلم والطغيان .

وقد كان اهتمام أهل البيت ( عليهم السلام ) بهذه الجهة اهتماماً بالغاً ، ولم يُؤثَر عن أحد من خِيَارِ المسلمين من الأدعية مثل ما أُثِر عنهم ( عليهم السلام ) .

وإِنَّها لَتُعَد من أروع الثروات الفكرية والأدبية في الإسلام ، فقد حَوَت أصول الأخلاق ، وقواعد السلوك والآداب ، كما ألَمَّتَ بفلسفة التوحيد ومعالم السياسة العادلة وغير ذلك .

ونشير هنا إلى قسم من أدعيته ( عليه السلام ) :

أولها : دعاؤه ( عليه السلام ) من وقاية الأعداء :

كان ( عليه السلام ) يدعو بهذا الدعاء مستجيراً بالله من شرور أعدائه ، وهذا نَصُّه : ( اللَّهُم يَا عدَّتي عِند شِدَّتي ، وَيا غَوثي عِند كُربَتي ، اِحرسْني بِعَينِكِ التي لا تَنَام ، واكنفْني بِرُكنِكَ الذي لا يُرَام ، وارحَمْني بقدرَتِك عَليَّ ، فَلا أَهْلَكُ وأنتَ رَجَائي ، اللَّهُمَّ إِنك أكبرُ وأجلُّ وأقدَرُ مَمَّا أخافُ وأحذَرُ ، اللَّهُمَّ بك أَدرَأُ في نحره ، وأستَعيذُ مِن شَره ، إِنكَ عَلى كُلِّ شيءٍ قَديرٍ ) .

ودعا بهذا الدعاء الشريف الإمام الصادق ( عليه السلام ) حينما أمر الطاغية المنصور بإحضاره مخفوراً لِيَنكل به ، فأنقذَهُ الله من شَرِّه وفرَّجَ عنه ، فَسُئل عن سبب ذلك فقال ( عليه السلام ) إِنه دَعا بدعاء جَدِّه الحُسين ( عليه السلام ) .

ثانيها : دعاؤه للاستسقاء :

كان ( عليه السلام ) يدعو بهذا الدعاء إذا خرج للاستسقاء : ( اللَّهُمَّ اسقِنَا سُقيَا واسعة ، وَادِعة عَامَّة ، نَافِعة غَير ضَارَّة ، تَعمُّ بِها حَاضِرنا وَبَادِينا ، وتزيدُ بِها فِي رِزقِنَا وَشُكرِنا ، اللَّهُمَّ اجعَلهُ رِزقَ إِيمَان ، وَعَطَاءَ إِيمَان ، إِنَّ عطاءك لَم يَكُن مَحظوراً ، اللَّهُمَّ أَنزِلْ عَلينا فِي أرضِنَا سَكَنَهَا ، وَأنبِتْ فِيها زَيتَهَا وَمَرْعَاهَا ) .

ثالثها : دعاؤه ( عليه السلام ) يوم عرفة :

وهو مِن أجَلِّ أدعية أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وأكثرها استيعاباً لألطاف الله ونِعَمه على عباده .

وقد روى هذا الدعاء الشريف بشر وبشير الأسديَّان حيث قالا : كنا مع الحسين بن علي ( عليهما السلام ) عشية عرفة ، فخرج ( عليه السلام ) من فسطاطه مُتذلِّلاً خاشعاً ، فجعل يمشي هَوناً هَوناً ، حتى وقف هو وجماعة من أهل بيته وولده ومواليه في ميسرة الجبل ، مستقبل البيت ، ثم رفع يديه تلقاء وجهه كاستطعام المسكين ، وقال ( عليه السلام ) : ( الحَمدُ لله الذي ليس لِقضَائه دافع ، ولا لِعَطائِه مَانِع ، وَلا كَصُنعِه صَانِع ، وَهو الجَوادُ الوَاسِع ) .

وأخذ ( عليه السلام ) يدعو الله وقد جَرَت دموع عينيه على سَحنات وَجهِه الشريف وهو يقول : ( اللَّهُمَّ اجعَلني أخشَاكَ كأنِّي أرَاك ، وأسعِدْني بِتَقواك ، وَلا تُشْقِنِي بِمعصيتك ، وخر لي في قضائك ) .

ثم رفع ( عليه السلام ) بصره إلى السماء وقال برفيع صوته : ( يَا أسمَع السَّامِعين ، يا أبصَر النَّاظِرين ، ويَا أسرَع الحَاسِبين ، ويَا أرحَم الرَّاحِمين ، صَلِّ عَلى مُحمَّدٍ وآلِ محمد ، السَّادة المَيامِين ، وأسألُكَ اللَّهُمَّ حَاجَتي التي إِن أعْطَيتَنِيهَا لَم يَضرُّني مَا مَنَعتَني ، وَإِن مَنَعتَنِيهَا لَم يَنفَعني مَا أعْطَيْتَني ، أسألُكَ فَكَاكَ رَقَبَتي مِن النَّار ، لا إِلَه إلا أنتَ وَحدَكَ لا شَريكَ لَكَ ، لَكَ المُلكُ وَلَكَ الحَمدُ ، وَأنتَ عَلى كُلِّ شيءٍ قَدير ، يَا رَبِّ يَا رَبِّ ) .

وأثَّرَ هذا الدعاء تأثيراً عظيماً في نُفوس من كان مع الإمام ( عليه السلام ) ، فاتَّجَهوا بقلوبهم وعواطفهم نَحوهُ يستمعون دعاءه ( عليه السلام ) وقد عَلَت أصواتَهم بالبكاء معه ، وذهلوا عن الدعاء لأنفسهم في ذلك المكان الذي يُستَحَبُّ فِيه الدُعَاء .

ويقول الرواة : إِنَّ الإمام ( عليه السلام ) استمَرَّ يَدعو حَتى غَربت الشمسُ ، فَأفاضَ ( عليه السلام ) إلى ( المُزْدَلِفَة ) ، وَفاضَ الناسُ مَعه .

 

 

 

 

أحداث يوم التاسع في كربلاء

هناك أحداث كثيرة حدثت يوم التاسع من المحرّم في كربلاء، نذكر منها ما يلي:

1ـ محاصرة مخيّم الإمام الحسين (عليه السلام):

قال الإمام الصادق (عليه السلام): (تاسوعا يوم حوصر فيه الحسين (عليه السلام) وأصحابه (رضي الله عنهم) بكربلا، واجتمع عليه خيل أهل الشام وأناخوا عليه، وفرح ابن مرجانه وعمر بن سعد بتوافر الخيل وكثرتها، واستضعفوا فيه الحسين صلوات الله عليه وأصحابه ( رضي الله عنهم )، وأيقنوا أن لا يأتي الحسين (عليه السلام) ناصر، ولا يمدّه أهل العراق...) (1).

2ـ كتاب الأمان للعباس وأخوته (عليهم السلام):

نادى شمر بن ذي الجوشن: أين بنو أختنا؟ فخرج إليه العباس وجعفر وعبد الله وعثمان ـ أولاد أُم البنين ـ بنو علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، فقالوا: (ما تريد)؟ فقال: أنتم يا بني أختي آمنون، فقالت له الفتية: (لعنك الله ولعن أمانك، أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له)؟! (2).

3ـ مخاطبة الإمام الحسين (عليه السلام) أصحابه:

قال الإمام الحسين (عليه السلام) لأصحابه: (أمّا بعد، فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عنّي خيراً، ألا وإنّي لأظن أنّه آخر يوم لنا من هؤلاء، ألا وإنّي قد أذنت لكم، فانطلقوا جميعاً في حل، ليس عليكم منّي ذمام، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً).

فقال له إخوته وأبناؤه وبنو أخيه، وابنا عبد الله بن جعفر: (لم نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك؟! لا أرانا الله ذلك أبداً).

وقال مسلم بن عوسجة: (أنخلّي عنك ولما نعذر إلى الله سبحانه في أداء حقّك؟ أما والله حتّى أطعن في صدورهم برمحي، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولو لم يكن معي أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة، والله لا نخليك حتّى يعلم الله أن قد حفظنا غيبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيك، والله لو علمت أنّي أُقتل ثمّ أحيا، ثمّ أُحرق ثمّ أحيا ثمّ أُذرى، يفعل بي ذلك سبعين مرّة ما فارقتك حتّى ألقى حمامي دونك، فكيف لا أفعل ذلك، وإنّما هي قتلة واحدة، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً).

وقال زهير بن القين البجلي: (والله لوددت إنّي قتلت ثمّ نشرت ثمّ قتلت حتّى أُقتل هكذا ألف مرّة، وأنّ الله تعالى يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من أهل بيتك) (3).

4ـ كتاب ابن زياد إلى ابن سعد:

في هذا اليوم أقبل شمر بن ذي الجوشن بكتاب عبيد الله بن زياد ـ والي الكوفة ـ إلى عمر بن سعد، وفيه: (إنّي لم أبعثك إلى الحسين لتكفّ عنه ولا لتطاوله، ولا لتمنّيه السلامة والبقاء، ولا لتعتذر له، ولا لتكون له عندي شافعاً، انظر فإن نزل الحسين وأصحابه على حكمي واستسلموا فابعث بهم إليّ سلماً، وإن أبوا فأزحف إليهم حتّى تقتلهم وتمثّل بهم، فإنّهم لذلك مستحقّون، فإن قُتل الحسين فأوطئ الخيل صدره وظهره، فإنّه عات ظلوم، وليس أرى أن هذا يضر بعد الموت شيئاً، ولكن عليّ قول قد قلته: لو قتلته لفعلت هذا به، فإن أنت مضيت لأمرنا فيه جزيناك جزاء السامع المطيع، وإن أبيت فاعتزل عملنا وجندنا، وخل بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر، فإنّا قد أمرناه بأمرنا، والسلام).

فلمّا قرأه، قال له عمر: ما لك ويلك؟! لا قرّب الله دارك، قبّح الله ما قدمت به عليّ، والله إنّي لأظنّك أنّك نهيته أن يقبل ما كتبت به إليه، وأفسدت علينا أمرنا، قد كنّا رجونا أن يصلح، لا يستسلم والله حسين، إنّ نفس أبيه لبين جنبيه.

قال له شمر: أخبرني ما أنت صانع، أتمضي لأمر أميرك وتقاتل عدوّه؟ وإلاّ فخل بيني وبين الجند والعسكر، قال ابن سعد: لا، لا والله ولا كرامة لك، ولكن أنا أتولّى ذلك، فدونك فكن أنت على الرجالة (4).

ـــــــــ

1ـ الكافي 4/147.

2ـ الإرشاد 2/89.

3ـ المصدر السابق 2/93.

4ـ المصدر السابق 2/ 88.

بقلم : محمد أمين نجف

 

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء
فقه اهل البيت عليهم السلام
ولادة السيدة المعصومة (عليها السلام)
الذنوب التي تنقص العمر
اللعن في القرآن الكريم
النبيّ صلّى الله عليه وآله يسمّي زينب عليها ...
الإمام الصادق والطب
الاءمام‌ الحسين‌(ع) شرعية‌ الثورة‌ علي‌ ...
انقلاب الأمة على النبي صلى الله عليه وآله في ...
الإعجاز في ولادة الإمام المهدي (عج)

 
user comment