(لَقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا اءِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُواوَقَتْلَهُمُ الاَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ* ذ'لِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّاللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ* الَّذِينَ قَالُوا اءِنَّ اللّهَ عَهِدَ اءِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّي' يَأْتِيَنَابِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ* قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْاءِن كُنتُمْ صَادِقِينَ).
شان نزول الا´يات:
روي سعيد بن جبير في شان نزول هذه الا´ية انّه، لمّا نزل قوله تعالي:(مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً... )
قالت اليهود: يا محمّد، افتقر ربّك، فسال عباده القرض، فانزل الله:(لَقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ...).
دلالة الا´يات علي سنّة التعميم:
تُدين هذه الا´يات اليهود المعاصرين لرسول الله(ص) بامرين قولهم:(اءِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ).
(وَقَتْلَهُمُ الاَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ).
وقد سمع الله قولهم:(اءِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ).
واوعدهم ان يكتب عنهم ما قالوا من الاءفك ويدينهم بما قالواوبقتلهم الانبياء بغير حق.
(سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الاَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ).
ويذيقهم عذاب الحريق بما نطلقوا من الاءفك وبما صنعوا من قتلالانبياء بغير حقٍ.
(وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ).
وتؤكّد الا´ية الكريمة لليهود المعاصرين لرسول الله(ص) انّهم اءنّمااستحقوا عقوبة عذاب الحريق بما قدّمت ايديهم من الاءفك والاءثم وليسالله بظلام للعبيد.
(ذ'لِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ).
ثم تحكي عنهم الا´ية الكريمة انّهم طلبوا من رسول الله(ص): ان ياتيهمبقربان تاكله النار، حتّي يؤمنوا برسالته وقال اءنّ الله عهد اءليهم بذلك.
( الَّذِينَ قَالُوا اءِنَّ اللّهَ عَهِدَ اءِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّي' يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُالنَّارُ).
فتُحاججّهم الا´ية الكريمة بمن قد جاءهم من قبل، من الرسلبالبيّنات، وبالذي طلبوا من القربان الذي تاكله النار...
ومع ذلك فلم يؤمنوا، واصرّوا علي اللجاج والعناد، وقتلوهمبغيرحق.
(قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ اءِن كُنتُمْصَادِقِينَ).
وليس من شك انّ المخاطبين في هذه الا´يات من سورة ا´ل عمران هماليهود المعاصرون لرسول الله(ص)، والضمائر كلّها تعود اءليهم.
فهم الذين قالوا: (اءِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ).
وهم الذين قالوا: (اءنّ اللهَ عَهد الينا اءلاّ نؤمن...).
والخطاب موجّه اءليهم في هذا السياق وليس في ذلك شكّ، وقراءةسريعة للا´يات الكريمة من ا´ل عمران تكفي لتاكيد هذه الحقيقة.
ومع ذلك، فاءنّ الله تعالي يدينهم ويوعدهم بعذاب الحريق بجرائما´بائهم في قتل الانبياء من بني اءسرائيل بغير حق، ولم يكن لهم ايّ دور فيذلك بالنظرة السطحية التي ينظر الناس من خلالها التاريخ والمجتمع.
والا´يات الكريمة صريحة في الاءدانة وفي العقوبة معاً.
(سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الاَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ).
فيدينهم الله تعالي ويعاقبهم بـ (ما فعلوا) وما (لم يفعلوا). ثمّتُحاججّهم الا´ية الكريمة بما يلزم ا´باءهم من قتل الانبياء بغير حق.. وهذهحجّة تُلزم ا´باءهم الذين قتلوا الانبياء. اما الابناء الذين طلبوا منرسولالله(ص) ان ياتيهم بقربان تاكله النار فلم يقتلوا نبيّاً. ولم يعاصروهمفكيف تُحجّهم الا´ية الكريمة بما لم يفعلوا، ولم يكن لهم فيه دور وشان؟
وجواب هذه الاسئلة جميعاً في (سنّة التعميم).
فقد عمّم الله تعالي مسؤولية الا´باء في قتل الانبياء علي الابناء، كماعمّم الله تعالي عقوبة الا´باء في هذه الجريمة علي الابناء، ثم عمّم اللهالحجّة التي تُلزم الا´باء علي الابناء وهذه التعميمات جميعاً تتبع سنّة اءلهيةعامّة هي سنّة «التعميم».
وهذه السنّة الاءلهية هي دليل هذه الاءدانة والعقوبة والاءحتجاج.
ومعني «التعميم» في هذه الا´ية الكريمة اءنّ الله تعالي يشرك الابناءفي مسؤوليات الا´باء وجرائمهم وعقوباتهم وما يُلزمهم ويُحجهم.