1 ـ التعميم في الاءدانة والمسؤولية والعقوبة:
اءذا ارتكب قوم جريمة وعمّهم الا´خرون بالرضا عمّتهم المسؤوليةوالاءدانة.
وقد سبق ان اشرنا اءلي ذلك بداية هذا الحديث في تفسير الا´ياتالكريمة (182 ـ 184) من ا´ل عمران.
(سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الاَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ).
ووجدنا انّ الله تعالي يُدين الابناء بجرائم الا´باء، ويعاقبهم بها، ويقولذوقوا عذاب الحريق.
وقرانا كلمة امير المؤمنين(ع) في نهج البلاغة: «واءنّما قتلَ ناقة ثمودرجل واحد، فعمّهم الله بالعذاب لمّا عموّه بالرضا، فقال سبحانه (فعقروها فاصبحوانادمين).
ولا تُغيّر في السنّة الاءلهية في تعميم الاءدانة والمسؤولية والعقوبة كثرةُالراضين بها، فاءنّ الاءدانة والمسؤولية واستحقاق العقوبة يشملهم جميعاًمهما كثروا، اءذا كانوا راضين بالجريمة.
عن ابي سعيد الخدري: «وُجد قتيل علي عهد محمّد رسول الله(ص)فخرج(ص) مغضباً، فحمد الله واثني عليه، ثم قال يقتل رجل من المسلمين، لا يُدريمن قتله، والذي نفسي بيده لو انّ اهل السم'وات والارض اجتمعوا علي قتل مؤمن اورضوا به لادخلهم الله النار».
وعن سليمان بن خالد عن ابي عبدالله(ع):
«لو انّ اهل السم'وات والارض لم يحبّوا ان يكونوا شهدوا مع رسول الله(ص)لكانوا من اهل النار».
ولا يُغيّر هذه السنّة الاءلهية تباعد المكان، فلو انّ رجلاً قتل ا´خر ظلماًبالمشرق فرضي به ا´خر في المغرب لاستحق بذلك النار.
روي انّ رسول الله(ص):
«لو انّ رجلاً قُتل بالمشرق وا´خر رضي به في المغرب كان كمن قتله وشرك فيدمه».
ودائرة الرضا دائرة واسعة تطوي الزمان والمكان، وتعمّ الناس فياوسع مساحة يتصوّرها الاءنسان.
وقد روي: «اءنّ الراضين بقتل الحسين شركاء قتله الا واءنّ قتلته واعوانهمواشياعهم والمقتدين بهم براء من دين الله».
وروي: «اءنّ القائم(عج) يقتل ذراري قتلة الحسين(ع) لرضاهم بذلك»..
2 ـ التعميم في الحجّة:
قرانا بداية هذا البحث انّ الله تعالي الزم اليهود المعاصرينلرسولالله(ص) بفعل ا´بائهم، واتّخذه حجّة عليهم عندما طالبوا رسولالله(ص)بان ياتيهم بقربان تاكله النار ليؤمنوا به، فحاججهم القرا´ن بمن جاءهم قبلرسول الله(ص) من الانبياء بالبيّنات وبالقربان فقتلوهم ولم يؤمنواب بهم.
(الَّذِينَ قَالُوا اءِنَّ اللّهَ عَهِدَ اءِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّي' يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ)
قل: (قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُم فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ اءِن كُنتُمْصَادِقِينَ).
وفي سورة البقرة (291 ـ 292) يحاجج القرا´ن اليهود المعاصرينلرسول الله(ص) بانّهم اءذا دعوا اءلي الاءيمان بما انزل الله تعالي علي رسولهقالوا نؤمن بما اُنزل علينا، ويكفرون بما وراء ذلك مما انزل الله عليرسوله محمّد(ص) بعد ذلك.
فيامر الله تعالي رسوله(ص) ان يحاججهم في ذلك (فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ اءِنكُنتُمْ صَادِقِينَ).
وكيف يصح دعواهم بانّه يؤمنون بما انزل عليهم فقط دون غيرهم،اءذ كانوا يقتلون الانبياء الذين اُرسل اليهم؟
فيلزم القرا´ن الابناء بالحجّة التي تلزم الا´باء.
تامّلوا في هذه الا´يات من سورة البقرة.
(واءذا قيلَ لهم ا´منوا بما انزل الله).
قالوا: (نؤمن بما اُنزل علينا)
(ويكفرون بما وراءه، وهو الحقّ، مصدقاً لما معهم).
(قل: فلم تقتلون انبياء الله من قبل اءن كنتم مؤمنين).
3 ـ التعميم في الثواب:
وكما تعمّ المسؤولية والعقاب، يعمّ الثواب وحسن الجزاء، العاملينوالراضين وهو من ابواب رحمة الله تعالي علي عباده، فتحها علي عبادهيشركهم معه خلالها، في ثواب اعمال الصالحين وجهادهم ودعوتهم اءليتوحيد الله وقيامهم وركوعهم بين يدي الله وذكرهم وتسبيحهمومواقفهم... وهو من يقينيات الثقافة الاءسلامية.
روي المحدث القمّي في كتابه القيّم (نَفَس المهموم) بسند صحيحعن الريّان بن شبيب ؛ حال المعتصم.
قال: دخلت علي ابي الحسن الرضا(ع) في اوّل يوم من محرم. فقاليابن شبيب اصائمٌ انت؟ فقلت: لا، فقال: اءنّ هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكرياربّه عزّ وجلّ فقال: (ربِّ هَبْ لي من لدنك ذريّة طيبةً اءنّك سميع الدعاء) فاستجابالله له وامر الملائكة فنادت زكريا وهو قائم يصلّي في المحراب: (اءنّ الله يُبشّركبيحيي') فمن صام هذا اليوم، ثم دعا الله عزّ وجل، استجاب الله له كما استجابلزكريا.
ثم قال: يابن شبيب، اءنّ المحرم هو الشهر الذي كان اهل الجاهلية فيما مضييُحرّمون فيه الظلم والقتال لحرمته. فما عرفت هذه الاُمة حرمة شهرها، ولا حرمةنبيّها(ص). لقد قتلوا في هذا الشهر ذرّيته وسبوا نساءه، وانتهبوا ثقله، فلا غفر الله لهمذلك ابداً.
يابن شبيب اءن كنت باكياً لشيء فابكِ للحسين بن علي بن ابي طالب(ع). فاءنّه ذُبحكما يُذبح الكبش، وقُتل معه من اهل بيته ثمانية عشر رجلاً ما لهم شبيهون فيالارض...
يابن شبيب اءن سرّك ان تلقي الله عزّ وجل ولا ذنب عليك فزر الحسين(ع) يابنشبيب اءن سرّك ان تسكن الغرف المبنيّة في الجنّة مع النبيّ(ص) فالعن قتلةالحسين(ع).
يابن شبيب اءن سرّك ان يكون لك من الثواب مثل لمن استشهد مع الحسين(ع)فقل متي ما ذكرته: يا ليتني كنتم معهم فافوز فوزاً عظيماً.
يابن شبيب اءن سرّك ان تكون معنا في الدرجات العلي' في الجنان فاحزن لحزننا،وافرح لفرحنا وعليك بولايتنا، فلو ان رجلاً تولي' حجراً لحشره الله تعالي يومالقيامة».
وروي في «بشارة المصطفي» عن عطية العوفي:
قال: خرجت مع جابر بن عبدالله الانصاري؛ زائرين اءلي قبرالحسين بن عليّ بن ابي طالب(ع) فلمّا وردنا كربلاء دَنا جابر من شاطيالفرات فاغتسل ثم اتز باءزار وارتدي با´خر، ثم فتح صرّة فيها سعد فنثرهاعلي بدنه، ثم لم يخط خطوة اءلاّ ذكر الله حتّي اءذا دنا من القبر، قال المسنيه،فالمسُتهُ فخرّ علي القبر مغشياً عليه فرششت عليه شيئاً من الماء فافاق.
ثم قال: يا حسين ثلاثاً، ثم قال حبيب لا يجيب حبيبه، ثم قال: وانّيلك بالجواب وقد شُحطت اوداجك علي اثباجك، وفرّق بين بدنكوراسك، فاشهد انّك ابن النبيين وابن سيّد المؤمنين. وابن حليفالتقويوسليل الهدي و خامس اصحاب الكساء وابن سيّد النقباء. وابنفاطمة الزهراء سيّد النساء، ومالكَ لا تكون هكذا، وقد غذّتك كف سيّدالمرسلين وربيتَ في حجر المتقين، ورضعت من ثدي الاءيمان،
وفُطمت بالاءسلام، فطبت حيّاً وميتاً، غير ان قلوب المؤمنين غير طيّبةبفراقك ولا شاكّةً في الخيرة لك. فعليك سلام الله ورضوانه، واشهد اءنّكمضيت علي ما مضي عليه اءخوان يحيي بن زكريا.
ثم جال ببصره حول القبر وقال: السلام عليكم ايّها الارواح التيحلّت بفناء الحسين واناخت برحله اشهد انّكم اقمتم الصلاة وا´تيتم الزكاة،وامرتم بالمعروف ونهيتهم عن المنكر، وجاهدتم الملحدين، وعبدتم اللهحتّي اتاكم اليقين.
والذي بعث محمّداً بالحقّ لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه.
قال عطية: وكيف؟ ولم نهبط وادياً ولم نعل جبلاً، ولم نضرببسيف، والقوم قد فُرّق بين رؤوسهم وابدانهم، واوتمت اولادهم،وارملت الازواج.
فقال: يا عطية سمعت حبيبي رسول الله(ص) يقول: «مَن احبّ قوماً حُشرمعهم، ومَن احبّ عمل قوم اُشرك في عملهم»، والذي بعث محمّداً بالحق نبيّاً انّنيّتي ونيّة اصحابي علي ما مضي عليه الحسين واصحابه، خذوا بيّ نحوابيات كوفان، فلمّا مررنا في بعض الطرق فقال لي: يا عطية هل اوصيك؟
وما اظن اءنّني بعد هذه السفرة ملاقيك! احبّ محبّ ا´ل محمّد مااحبّهم، وبغض مبغض ا´ل محمّد ما ابغضهم، واءن كان صواماً قواماً، وارفقبمحبّ محمّد و ا´ل محمّد فاءنّه، اءن تزل لهم قدم بكثرة ذنوبهم تثبت لهماُخري بمحبّتهم. فاءنّ محبّهم يعود اءلي الجنّة ومبغضهم يعود اءلي النار».