عربي
Thursday 25th of July 2024
0
نفر 0

العلم والتجارب:

العلم والتجارب:

قال ( ع ) : " دراسة العلم لقاح المعرفة ، وطول التجارب زيادة في العقل ، والشرف والتقوى والقنوع راحة الابدان ، ومن حبك نهاك ، ومن أبغضك أغراك . . . " ( 2 ).

حقيقة الصدقة:

وتصدق رجل من بني امية بأموال كثيرة ، ولم تكن تلك الاموال من حلال ، وإنما كانت من حرام ، فقال الامام ( ع ):

" مثله مثل الذي سرق الحاج ، وتصدق بما سرق ، إنما الصدقة


( 1 ) البحار.

( 2 ) البحار . ( * )

[161]

صدقة من عرق فيها جبينه ، وأغبر فيها وجهه . . " ( 1 )

الوعظ والارشاد:

وعنى الامام ( ع ) بوعظ الناس وارشادهم كما عنى أبوه من قبله ، مستهدفين من ذلك تنمية القوى الخيرة في النفوس ، وتوجيه الناس نحو الحق والخير وإبعادهم عن نزعات الشر من الاعتداء والغرور والطيش وغير ذلك ، ونعرض فيما يلي لبعض ما أثر عنه:

1 - قال ( ع ) : " أوصيكم بتقوى الله ، وأحذركم أيامه ، وأرفع لكم أعلامه ، فكأن المخوف قد أقل بمهول وروده ، ونكير حلوله ، وبشع مذاقه ، فاغتلق مهجكم ، وحال بين العمل وبينكم ، فبادروا بصحة الاجسام ومدة الاعمار ، كأنكم نبعات طوارقه فتنقلكم من ظهر الارض إلى بطنها ، ومن علوها إلى سفلها ، ومن أنسها إلى وحشتها ، ومن روحها وضوئها إلى ظلمتها ، ومن سعتها إلى ضيقها حيث لا يزار حميم ، ولا يعاد سقيم ، ولا يجاب صريخ ، أعاننا الله وإياكم على أهوال ذلك اليوم ، ونجانا وإياكم من عقابه وأوجب لنا ولكم الجزيل من ثوابه.

عباد الله : فلو كان ذلك قصر مرماكم ، ومدى مضعنكم ، كان حسب العامل شغلا يستفرغ عليه أحزانه ، ويذهله عن دنياه ، ويكثر نصبه لطلب الخلاص منه ، فكيف وهو بعد ذلك مرتهن باكتسابه مستوقف على حسابه ، لا وزير له يمنعه ، ولا ظهير عنه يدفعه ويومئذ " لا ينفع نفسا


( 1 ) دعائم الاسلام 1 / 292 . ( * )

[162]

إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانهم خيرا قل انتظروا إنا منتظرون " ( 1 ).

أوصيكم بتقوى الله فان الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى ما يحب ، ويرزقه من حيث لا يحتسب ، فإياك أن تكون ممن يخاف على العباد بذنوبهم ، ويأمن العقوبة من ذنبه ، فان الله تبارك وتعالى لا يخدع عن جنته ، ولا ينال ما عنده إلا بطاعته إن شاء الله ( 2 ).

وحفل هذا الكلام بما يقرب الناس إلى الله ، وبما يبعدهم عن معاصيه ويجنبهم عن دواعي الهوى ونزعات الشرور.

2 - كتب إليه رجل يطلب منه أن يعظه بحرفين أي يوجز القول فكتب ( ع ) له : " من حاول أمرا بمعصية الله تعالى كان أفوت لما يرجو وأسرع لمجئ ما يحذر . . . " ( 3 ).

3 - قال ( ع ) : " عباد الله اتقوا الله ، وكونوا من الدنيا على حذر فإن الدنيا لو بقيت لاحد أو بقي عليها أحد لكانت الانبياء أحق بالبقاء ، وأولى بالرضاء ، وأرضى بالقضاء ، غير أن الله خلق الدنيا للبلاء وخلق أهلها للفناء ، فجديدها بال ، ونعيمها مضمحل ، وسرورها مكفهر والمنزلة بلغة ، والدار قلعة فتزودوا فإن خير الزاد التقوى . . . " ( 4 ).

4 - كتب إليه رجل يسأله عن خير الدنيا والآخرة فأجابه ( ع ):

" أما بعد : فإن من طلب رضا الله بسخط الناس كفاه الله أمور


( 1 ) سورة الانعام : آية 158.

( 2 ) الانوار البهية ( ص 45 ).

( 3 ) أصول الكافي 2 / 273.

( 4 ) تاريخ ابن عساكر 4 / 333 . ( * )

[163]

الناس ، ومن طلب رضا الناس بسخط الله ، وكله الله إلى الناس والسلام " ( 1 ).

5 - قال ( ع ) : " إن جميع ما طلعت عليه الشمس في مشارق الارض ومغاربها ، بحرها وبرها ، سهلها وجبلها عند ولي من أولياء الله وأهل المعرفة بحق الله كفئ الظلال . . . " ( 2 ).

وأضاف يقول:

" ألا حر يدع هذه اللماظة - يعني الدنيا - لاهلها ، ليس لانفسكم ثم إلا الجنة فلا تبيعوها بغيرها ، فانه من رضى الله بالدنيا فقد رضي بالخسيس . . . ".

6 - قال له رجل : كيف أصبحت يابن رسول الله ( ص ) ؟ فقال عليه السلام : " أصبحت ولي رب فوقي ، والنار أمامي ، والموت يطلبني والحساب محدق بي ، وأنا مرتهن بعملي ، لا أجد ما أحب ، ولا أدفع ما اكره ، والامور بيد غيري ، فان شاء عذبني ، وإن شاء عفا عني ، فأي فقير أفقر مني ؟ " ( 3 ).

7 - قال ( ع ) : يابن آدم تفكر ، وقل : أين ملوك الدنيا وأربابها الذين عمروا خرابها واحتفروا أنهارها ، وغرسوا أشجارها ، ومدنوا مدائنها ، فارقوها وهم كارهون ، وورثها قوم آخرون ، ونحن بهم عما قليل لاحقون.

يابن آدم اذكر مصرعك ، وفي قبرك مضجعك بين يدي الله ، تشهد جوارحك عليك يوم تزول فيه الاقدام ، وتبلغ القلوب الحناجر ، وتبيض وجوه ، وتبدو السرائر ، ويوضع الميزان القسط.


( 1 ) مجالس الصدوق ( ص 121 ).

( 2 ) البحار.

( 3 ) البحار . ( * )

[164]

يابن آدم اذكر مصارع آبائك ، وأبنائك ، كيف كانوا ، وحيث حلوا ، وكأنك عن قليل قد حللت محلهم ، وصرت عبرة المعتبرة . . . ثم أنشد هذه الابيات:

أين الملوك التي عن حفظها غفلت *** حتى سقاها بكأس الموت ساقيها

تلك المدائن في الآفاق خالية *** عادت خرابا وذاق الموت بانيها

أموالنا لذوي الوارث نجمعها *** ودورنا لخراب الدهر نبنيها (1)

هذه بعض ما أثر عنه من المواعظ الهادفة إلى صلاح النفوس وتهذيبها وأبعادها عن نزعات الهوى والشرور.

من خطبه:

وللامام ( ع ) مجموعة كبيرة من الخطب الرائعة التي تجسدت فيها صلابة الحق ، وقوة العزم ، وروعة التصميم على الجهاد في سبيل الله ، وقد ألقاها الامام في وقت كان الجو ملبدا بالمشاكل السياسية ، وقد شجب فيها سياسة الحكم الاموي ودعا المسلمين إلى الانتفاضة عليه ، وسنذكر جملة منها في مواضعها الخاصة ، ونذكر هنا خطبة واحدة منها:

صعد ( ع ) المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم صلى على النبي ( ص ) فسمع رجلا يقول : من هذا الذي يخطب ؟ فأجابه ( ع ):

" نحن حزب الله الغالبون ، وعترة رسول الله ( ص ) الاقربون ، وأهل بيته الطيبون وأحد الثقلين اللذين جعلنا رسول الله ( ص ) ثاني كتاب الله تبارك وتعالى ، الذي فيه تفصيل كل شئ لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه ، والمعول علينا في تفسيره ، ولا يبطئنا تأويله ،


( 1 ) الارشاد للديلمي . ( * )

[165]

بل نتبع حقائقه ، فأطيعونا فان طاعتنا مفروضة إذا كانت بطاعة الله ورسوله مقرونة ، قال الله عزوجل : " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول " وقال : " ولو ردوه إلى الرسول وأولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ، ولو لا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا " واحذركم الاصغاء إلى هتاف الشيطان بكم فإنه لكم عدو مبين ، فتكونوا كاوليائه الذين قال لهم : " لا غالب لكم اليوم من الناس وأني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال : " إني برئ منكم " فتقلون للسيوف ضربا ، وللرماح وردا ، وللعمد حطما ، وللسهام غرضا ، ثم لا يقبل من نفس إيمانهم لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا . . . " ( 1 ).

وحفل هذا الخطاب بالدعوة إلى التمسك بعترة رسول الله ( ص ) ولزوم طاعتهم والانقياد لهم ، وحذرهم من الدعايات المضللة التي ثبتها أجهزة الاعلام الاموي الداعية إلى إبعاد الناس عن أهل البيت ( ع ) الذين هم مصدر الوعي والنور في الارض.

أدعيته:

وحفلت الادعية التي أثرت عن الحسين ( ع ) بالدروس التربوية الهادفة إلى بناء صروح العقيدة والايمان بالله ، وتنمية الخوف والرهبة من الله في أعماق نفوس الناس لتصدهم عن الاعتداء وتمنعهم عن الظلم والطغيان ، وقدكان اهتمام أهل البيت ( ع ) بهذه الجهة اهتماما بالغا . . . ولم يؤثر عن أحد من أئمة المسلمين وخيارهم من الادعية مثل ما أثر عنهم ، وأنها


( 1 ) البحار 9 / 247 . ( * )

[166]

لتعد من أروع الثروات الفكرية ، والادبية في الاسلام ، فقد حوت أصول الاخلاق ، وقواعد السلوك والآداب ، كما ألمت بفلسفة التوحيد ومعالم السياسة العادلة ، وغير ذلك ، ونلمع لبعض أدعيته ( ع ):

1 - دعاؤه من وقاية الاعداء:

كان ( ع ) يدعو بهذا الدعاء يستجير بالله من شرور أعدائه ، وهذا نصه : " اللهم يا عدتي عند شدتي ، ويا غوثي عند كربتي إحرسني بعينك التي لا تنام ، واكنفني بركنك الذي لا يرام ، وارحمني بقدرتك علي ، فلا أهلك وأنت رجائي ، اللهم انك أكبر وأجل وأقدر مما أخاف وأحذر ، اللهم بك أدرأ في نحره ، واستعيذ من شره ، انك على كل شئ قدير . . . ".

ودعا بهذا الدعاء الشريف الامام الصادق ( ع ) حينما أمر الطاغية المنصور باحضاره مخفورا لينكل به ، فانقذه الله من شره ، وفرج عنه فسئل عن سبب ذلك ، فقال إنه دعا بدعاء جده الحسين ( ع ) ( 1 ).

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الفتنة الغربية والشرقية على المسلمين:
رؤيا هند زوجة يزيد بن معاوية
إخبار أميرالمۆمنين‌ عليه‌ السلام‌ الغيبيّ
شواهد على دلالة حدیث الغدیر
لماذا حمل الحسين (ع) عياله وأطفاله في هجرته ...
الثواب والعقاب في الآخرة
نشأة وتأسيس الزيديـّة
عائشة ما بعد حياة النبي صلى الله عليه وآله (موقف ...
مناظرة الإمام الرضا(ع) مع سليمان المروزي في ...
قالوا في زيد بن علي

 
user comment