زواجه :
السؤال : قولكم سماحة السيّد : إنّ الإمام المهديّ (عليه السلام) ليس له أولاد ، في ردّكم على سؤال أحد الإخوة غير صحيح ، حيث من خلال قراءتي للكتب تبيّن أنّه متزوّج ، وله أولاد وشعب في الجزيرة الخضراء ، والقصّة مذكورة في لقاء أحد الأخيار مع صاحب العصر والزمان ، ونسألكم الدعاء .
الجواب : لم يثبت عندنا بالأدلّة النقليّة الصحيحة زواج الإمام المهديّ (عليه السلام) ، ومن ثمّ له أولاد وذرّية ، وعليه فتبقى المسألة في حيّز الشكّ والاحتمال .
والروايات التي تثبت له (عليه السلام) ذلك هي إمّا ضعيفة السند ، أو غير صالحة الدلالة ، وقد ردّها علماؤنا ـ كأمثال الشيخ المفيد والشيخ الطبرسيّ والشيخ البياضيّ ـ بالإضافة إلى وجود بعض الروايات المصرّحة بعدم ذلك .
نعم ، من المحتمل أن تكون له (عليه السلام) ذرّية ، وهذه الذرّية لا فرق في أن تكون في الجزيرة الخضراء التي لا يعرف مكانها ، أو في أيّ بقعة من بقاع العالم .
( أبو علوي . عمان . 31 سنة )
شرعية مخاطبته عن طريق الرسائل :
السؤال : ما رأيكم فيما يفعله بعض عوام الشيعة ـ وخصوصاً النساء ـ في ليلة النصف من شعبان ، وذلك بقيامهم بكتابة رسالة إلى صاحب العصر (عليه السلام) في ورقة ، ومن ثمّ رميها في البحر ، معتقدين بأنّها ستصل إليه ؟ وما مدى صحّة هذا العمل ؟
الجواب : إنّ مطلق الاستغاثة والتوسّل بالمعصومين (عليهم السلام) ، ومنهم الحجّة صاحب العصر (عليه السلام) عمل مستحبّ وممدوح عقلاً ونقلاً ، بحسب النصوص الواردة في المجامع الحديثية .
وأمّا كتابة رسالة بشكل رقعة إلى الإمام الحجّة (عليه السلام) فوردت في بعض كتب
|
الصفحة 278 |
|
الأدعية بأشكال مختلفة ، ومضمون واحد ، بأنّ الرقعة المذكورة تكتب وتطوى وتجعل في الطين ، وترمى في البحر ، أو البئر ، أو أيّ ماء جار ، ولكن لم يرد فيها موضوعية ليلة النصف من شعبان لكتابتها (1) .
وجاء في بعض المصادر أن يؤخذ في النظر عند إلقاء الرقعة في الماء أحد النواب الأربعة ـ لأنّهم كانوا أبواباً للإمام (عليه السلام) ـ فيخاطب وينادي باسمه لإيصال الرقعة إلى الحجّة (عليه السلام) (2) .
وعلى أيّ حال ، فإنّ الموضوع يبقى في إطار توطيد العلاقات ، وأواصر المحبّة بين الإمام (عليه السلام) وشيعته ، ولا مانع منه شرعاً إذا كان بأمل إنجاح المطالب والحوائج الشرعية .
( أبو العماد الحسائي . السعودية . ... )
السؤال : كيف يتمّ إثبات إمامة الإمام الحجّة (عليه السلام) ، وهو غائب عنّا ، ولم نره في هذا العصر ؟
الجواب : يمكن أن نستدلّ على إمامة الإمام المهديّ المنتظر (عليه السلام) بروايات متواترة من الفريقين ، وسواء كان غائباً أم حاضراً ، فلا يؤثّر ذلك في صحّة الاستدلال على إمامته ، فلا علاقة بين صدر سؤالك وذيله ، أمّا إذا أردت معرفة فلسفة الغيبة وأسبابها ، فلذلك جواب آخر .
وممّن صرّح بتواتر أحاديث المهديّ (عليه السلام) جمع غفير من كبار علماء السنّة ، نقتصر على ذكر بعضهم :
البربهاريّ ، شيخ الحنابلة وكبيرهم في عصره ، المتوفّى 329 هـ ، محمّد بن الحسين الأبري الشافعي ، المتوفّى 363 هـ ، القرطبيّ المالكيّ ـ المتوفّى 671 هـ ـ في تفسيره ، ابن القيّم، المتوفّى 751 هـ ، ابن حجر العسقلانيّ، المتوفّى 852 هـ، ابن حجر الهيتميّ ، المتوفّى 974 هـ ، المتّقي الهنديّ ،
____________
1- بحار الأنوار 91 / 28 .
2- المصدر السابق 91 / 30 و 99 / 235 .
|
الصفحة 279 |
|
المتوفّى 975 هـ ، وآخرون غيرهم (1) .
وقد صرّح آخرون من أهل السنّة بوجوده وبقائه وحياته ـ أو قريب من ذلك ـ مثل الشيخ عبد الوهّاب الشعراني في كتابه اليواقيت والجواهر قال : " المهديّ من ولد الإمام الحسن العسكريّ ، ومولده ليلة النصف من شعبان سنة 255 ، وهو باقٍ إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم … " (2) .
وهناك أدلّة من القرآن الكريم ، وروايات متواترة أيضاً من طرقنا ، كلّها تثبت إمامة المهديّ (عليه السلام) .
( محمّد القلاّف . أمريكا . ... )
السؤال : ماذا أقول لشخص يسألني : ما دليلكم على أنّ المهديّ (عليه السلام) مولود وحيّ؟ وشكراً ، في أمان الله ، ونسألكم الدعاء .
الجواب : إنّ ولادة أيّ إنسان في هذا الوجود تثبت بإقرار أبويه ، وشهادة القابلة ، وإن لم يره أحد قطّ غيرهم ، فكيف لو شهد المئات برؤيته ، واعترف المؤرّخون بولادته ، وصرّح علماء الأنساب بنسبه ، وظهر على يديه ما عرفه المقرّبون إليه ، وصدرت منه وصايا وتعليمات ، ونصائح وإرشادات ، ورسائل وتوجيهات ، وأدعية وصلوات ، وأقوال مشهورة ، وكلمات مأثورة ، وكان وكلاؤه معروفين ، وسفراؤه معلومين ، وأنصاره في كلّ عصر وجيل بالملايين ، وللوقوف على ما ندّعيه عليكم بمراجعة كتاب " المهديّ المنتظر في الفكر الإسلامي "، وكتاب " المسائل العشر " ، حيث تطرّق الأوّل إلى المواضيع التالية :
1ـ إخبار الإمام العسكريّ بولادة ابنه المهديّ (عليه السلام) .
2ـ شهادة القابلة بولادة الإمام المهديّ (عليه السلام) .
3ـ من شهد برؤية المهديّ من أصحاب الأئمّة (عليهم السلام) وغيرهم .
____________
1- الجامع لأحكام القرآن 8 / 122 .
2- إسعاف الراغبين : 133 نقلاً عن اليواقيت والجواهر .
|
الصفحة 280 |
|
4ـ شهادة وكلاء المهديّ (عليه السلام) ، ومن وقف على معجزاته برؤيته .
5ـ شهادة الخدم والجواري والإماء برؤية المهديّ (عليه السلام) .
6ـ تصرّف السلطة دليل على ولادة الإمام المهديّ (عليه السلام) .
7ـ اعتراف علماء الأنساب بولادة الإمام المهديّ (عليه السلام) .
8 ـ اعتراف علماء أهل السنّة بولادة الإمام المهديّ (عليه السلام) .
9ـ اعتراف أهل السنّة بأنّ المهديّ (عليه السلام) هو ابن العسكريّ .
وإذا أردت أن تقف على عقيدة السنّة والشيعة في مسألة المهديّ (عليه السلام) فعليك أن ترجع إلى الكتب التالية لمحقّقي السنّة ومحدّثيهم :
1ـ " صفة المهديّ " للحافظ أبي نعيم الأصفهانيّ .
2ـ " البيان في أخبار صاحب الزمان " للكنجيّ الشافعيّ .
3ـ " البرهان في علامات مهديّ آخر الزمان " للمتّقيّ الهنديّ .
4ـ " العرف الوردي في أخبار المهديّ " للحافظ السيوطيّ .
5ـ " القول المختصر في علامات المهديّ المنتظر " لابن حجر الهيتميّ .
6ـ " عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر " للشيخ جمال الدين الدمشقيّ .
وإذا أردت التفصيل ، فراجع " منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر " للشيخ الصافيّ .
ومن خلال هذا تعرف الأدلّة الوافية على أنّه (عليه السلام) حيّ يرزق ، وما يستلزمه من طول عمره (عليه السلام) فمسألته محلولة .
والخلاصة : إنّ الشيعة ـ ولاستنادهم على جملة واسعة من الروايات ، والأدلّة الصحيحة ـ يذهبون إلى أنّه (عليه السلام) ولد في مدينة سامراء ، عام 255 هـ ، وغاب بأمر الله سبحانه سنة وفاة والده الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام) عام 260 هـ ، وهو يحيى حياة طبيعية كسائر الناس ، غير أنّ الناس يرونه ولا يعرفونه ، وسوف يظهره الله سبحانه ليحقّق عدله .
|
الصفحة 281 |
|
سائلين المولى عزّ وجلّ أن يعجّل فرجه ويسهّل مخرجه
( ... . الجزائر . ... )
الاعتقاد به من ضروريّات الإسلام :
السؤال : هل الاعتقاد بصاحب الزمان أمر عقائديّ ؟ ويعتبر من الأُصول أم أنّه من الفروع ؟
إن كان الجواب أنّه أصلاً ، فالسؤال لابدّ من طاعته ، إذ كما يجب طاعة الله فهذا من ذاك ، وأمّا إن كان الجواب أنّه ليس أصلاً ، فما معنى الوجود أصلاً ؟ وما معنى الخلافة فصلاً ؟ والخلق عدلاً وقسطاً .
الجواب : الضروريّ من العقيدة على قسمين :
1ـ ضروريّ الإسلام ، وضروريات الإسلام معلومة ، من أنكر واحدة منها خرج عن الإسلام .
2ـ ضروريّ المذهب ، وهذا القسم من أنكر واحد منها خرج عن المذهب ، لا عن أصل الإسلام .
والاعتقاد بالمهديّ المنتظر (عليه السلام) ، إن كان معناه الاعتقاد بأصل فكرة المهديّ (عليه السلام) ، وأنّه من ولد فاطمة (عليها السلام) ، يخرج آخر الزمان ، فيملأها قسطاً وعدلاً ، بعد ما ملئت ظلماً وجوراً ، فإنّ هذا الاعتقاد من ضروريّ معتقدات الإسلام ، لتواتر الأحاديث عند جميع المسلمين بمسألة المهديّ المنتظر ، ومن علم بهذا التواتر ثمّ أنكر فإن هذا يوجب تكذيب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وتكذيب رسول الله خروج عن الدين .
وأمّا الاعتقاد بأنّه حيّ ، والاعتقاد بغيبته ، وعصمته ، وإمامته من الله تعالى فانّه من ضروري المذهب ، من أنكره خرج بذلك عن المذهب ، ولم يخرج عن الإسلام .
وبعد هذا التوضيح ، فإنّ الإمامة أصل من أُصول المذهب ، تشمل الإمامة
|
الصفحة 282 |
|
إمامة الأئمّة الاثني عشر ، وأنّهم منصوص عليهم بالإمامة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، والرسول { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى } (1) ، فيكون حكم قولهم حكم قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الحجّية ، ووجوب الأخذ به ، وعدم جواز مخالفته .
وكلّ هذه التفاصيل يعود فهمها إلى أصل فهم الإمامة فهماً حقيقياً ، وبعد فهم الإمامة الإلهيّة فهماً مستنداً إلى الأدلّة من الكتاب والسنّة والعقل ، فسوف لا يبقى أيّ إشكال أو إبهام .
( حسن . الكويت . 19 سنة . طالب جامعة )