عربي
Thursday 2nd of January 2025
0
نفر 0

آثار النهضة الحسينية في المجتمع الإسلامي

أنتجت النهضة الحسينية حالة من الوعي والاستفاقة من سياسة التخدير ، التي كان يمارسها الأمويون تجاه الأمة ، من خلال القصّاصين وغيرهم من هيئة الإعلام والتطبيل الأموي .

فقد أيقظت هذه النهضة المشاعر ، وهيّأت النفوس ؛ لكي تعترض على هذا الحكم الذي استمر لمدّة تقارب العشرين عاماً .

وقد كان من آثار تلك الثورة المقدّسة [ ما يلي : ]

[ أولاً : ] ما هو عاجل ، كاعتراض عبد الله بن عفيف الأزدي (رضوان الله عليه) ، الذي ما أن سمع عبيد الله بن زياد يشتم أمير المؤمنين (عليه السلام) والحسين حتى نهض في وجهه ، وقال : إنّ الكذّاب أنت وأبوك ، ومَنْ ولاّك وأبوه ! تقتلون أولاد النبيين ، وتجلسون على منابر المسلمين !

فصاح ابن زياد : ايتوني به ، فقامت عشيرته بعد أن نادى بشعارهم : يا مبرور . وأنقذوه وأوصلوه إلى منزله .

وما أن استقرّ به المقام هناك حتى جاءت قوّة عسكرية للقبض عليه ، ومع إنّه كان كفيف البصر إلاّ إنّه استطاع المقاومة بمعونة ابنته التي كانت تسدّده بكلامها أن يضرب يميناً أو شمالاً ، إلى أن قُبض عليه ، وجيء به إلى ابن زياد ، الذي تهكّمه وبدأ بتوبيخه .

فكان جواب ابن عفيف أشدّ عليه من عمله ، فقال : اعلم يابن مرجانة إنّي كنت أتمنى الشهادة على يد شرّ خلق الله قبل أن تولد ، فلمّا كفّ بصري ( وقد كف بصره في بعض معارك أمير المؤمنين عليه السلام ) يئست من الشهادة ، والحمد لله الذي سيجعل شهادتي على يد شرّ خلقه ، فأمر به فقُتل (رحمه الله) .

[ ثانياً : ] ما احتاج إلى فترة من الزمان حتى يتبلور ردّ فعله ، فقد اجتمع عدد من خلّص أصحاب أهل البيت (عليهم السلام) ، وبعضهم كان مسجوناً أيّام ثورة الحسين (عليه السلام) .

وكان ممّن اجتمع سليمان بن صرد الخزاعي ، والمسيّب بن نجية الفزاري ، وعبد الله بن والٍ التميمي ، وعبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي ، وغيرهم ، وتداولوا بغضب ما حصل للحسين وذريته ، وبندم كيف فاتهم نصرة الحسين (عليه السلام) ، وقرّروا أن يطلبوا بثأر الحسين ؛ فإمّا أن يقتلوا قتلته ، وإمّا أن يُقتلوا ، واتّفقوا على جمع الأنصار والسلاح إلى حين يخرجوا بعد أربع سنوات .

وفي سنة 65 هـ نادى المنادي في أزقة الكوفة أن ( يا لثارات الحسين ) ، والتحق بهم مَنْ كتبت له السعادة ، فذهبوا إلى كربلاء وزاروا قبر الحسين (عليه السلام) ، وبكوا هناك ما طاب لهم البكاء ، ثم اتّجهوا جهة الشام لمقاتلة عسكر بني أمية ، والتقوا معهم في منطقة عين الوردة ، فكانت معركة بطولية في أعلى درجات الفداء والتضحية من قبل التوابين ، واستمرت نهاراً كاملاً ، قُتل فيها قادة التوابين وجمع كبير منهم ( وهو ما كانوا يسعون إليه ) ، وحجز الليل بين الجيشين ، وانسحب القليل الباقي على قيد الحياة من المعركة إلى الكوفة ؛ ليعاودوا الكرّة فيما بعد .

[ ثالثاً : ] كما كان من الآثار تلك : ثورة المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، الذي تعرّض اسمه إلى التشويه من قبل الأمويّين والزبيريّين على حدّ سواء ، واجتمع العدوّان اللدودان على أمر تلطيخ سمعته بالتراب ؛ فتارة يقول مؤرخو الفريقين إنّه ادّعى الربوبية ، وأخرى إنّه ادّعى النبوّة ، وثالثة إنّه ادّعى الإمامة ، إلى غير ذلك .

وسرّ ذلك : إنّه انتصر على الفريقين وهزمهم ، وأخرجهم من الكوفة ، فكان طبيعيّاً أن لا يمدحوه .

وبالفعل فقد استطاع المختار تجميع مَنْ رجع من التوابين ، إضافة إلى أنصاره من أهل الكوفة ، واستطاع من خلال عدّة أعمال عسكرية أن يسيطر عليها ، وأن يطرد منها عامل عبد الله بن الزبير .

وما أن تمّ له ذلك حتى وجد ( ثارات الحسين ) في الكوفة ، حيث إن قتلته كانوا ساكنين الكوفة فبدأ بهم .

ويقول بعض المؤرخين إنّه استطاع أن يقتصّ من 280 شخصاً من المجرمين والقتلة . فقتل حكيم بن طفيل ، وزيد بن رقاد ( اللذين اشتركا في قتل العباس بن علي ) ، وقتل خولى بن يزيد الأصبحي ، وقتل حرملة بن كاهل ، وغيرهم .

كما وجّه إبراهيم الأشتر لقتال عبيد الله بن زياد ، الذي خرج مستعدّاً على رأس جيش كثيف فالتقيا قرب النهر ، وكانت الدائرة على الأمويّين فانهزموا شرّ هزيمة ، بعد ما قُتل عدد كبير منهم ، وفي تلك المعركة قُتل عبيد الله بن زياد .

ولقد أفرح المختار قلوب أهل البيت بأخذه بثأر الحسين (عليه السلام) .

0
0% (نفر 0)
 
نظر شما در مورد این مطلب ؟
 
امتیاز شما به این مطلب ؟
اشتراک گذاری در شبکه های اجتماعی:

آخر المقالات

الأبعاد الأخلاقية لمفهوم القوة
العودة إلى القرآن
جهاد النفس في فكر الإمام الخميني (قدس سره)
دخول الشباب إلى الميدان
حقیقة الوهابية(2)
أدلة وجود الإمام المهدي عليه السلام
آداب النبيّ (صلى الله عليه وآله) والتأسّي به
فضل شهر رجب
ديمومة وبقاء عاشوراء
قوله ( ص ) شعية علي ( ع ) هم الفائزون يوم القيامة

 
user comment