الفصل الأول في تقدم الشيعة في علوم القرآن ، وفيه صحائف
وقبل الشروع فيها لابد من التنبيه على تقدم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، في تقسيم أنواع علوم القرآن، فإنه أملى ستين نوعا من أنواع علوم القرآن، وذكر لكل نوع مثالا يخصه، وذلك في كتاب نرويه عنه من عدة طرق، موجود بأيدينا إلى اليوم، وهو الأصل لكل من كتب في أنواع علوم القرآن.
وأول مصحف جمع فيه القرآن على ترتيب النزول بعد موت النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم هو مصحف أمير المؤمنين علي عليه السلام، والروايات في ذلك من طريق أهل البيت متواترة، ومن طرق أهل السنة مستفيضة، أشرنا إلى بعضها في الأصل وباحثنا فيه ابن حجر العسقلاني.
الصحيفة الأولى
في أول من صنف في علم تفسير القرآن
أول من صنف في ذلك سعيد بن جبير التابعي رضي اللّه عنه كان أعلم التابعين بالتفسير، كما حكاه السيوطي في الاتقان، عن قتادة وذكره ابن النديم في الفهرست، عند ذكره للكتب المصنفة في التفسير، ولم ينقل تفسيراً لأحد قبله وكانت شهادته سنة أربع وتسعين من الهجرة وكان ابن جبير من خلص الشيعة نص على ذلك علماؤنا في كتب الرجال كالعلامة جمال الدين
[ 26 ]
ابن المطهر في الخلاصة وأبي عمرو الشكي في كتابه في الرجال وروى روايات عن الأئمة في مدحه وتشيعه واستقامته، قال وما كان سبب قتل الحجاج له إلا على هذا الأمر - يعني التشيع - قتله سنة 94 (ثم اعلم) أن جماعة من التابعين من الشيعة صنفوا في تفسير القرآن بعد سعيد بن جبير.
منهم السدي الكبير إسماعيل بن عبد الرحمن الكوفي أبو محمد القرشي، المتوفى سنة سبع وعشرين ومائة.
قال السيوطي في «الإتقان» أمثل التفاسير تفسير إسماعيل السدي، روى عنه الأئمة مثل الثوري، وشعبة.
قلت: وقد ذكره وذكر تفسيره النجاشي، والشيخ أبو جعفر الطوسي في فهرست أسماء مصنفي الشيعة، وقد نص على تشيعه ابن قتيبة في كتاب «المعارف» والعسقلاني في «التقريب وتهذيب التهذيب» وكان من أصحاب علي بن الحسين، والباقر، والصادق عليهم السلام.
ومنهم محمد بن السائب بن بشر الكلبي صاحب التفسير المشهور، وذكره أبن النديم عند تسمية الكتب المصنفة في تفسير القرآن، وقال ابن عدي في «الكامل»: للكلبي أحاديث صالحة، وخاصة عن أبي صالح، وهو معروف بالتفسير، وليس لأحد تفسير أطول منه ولا أشبع، وقال السمعاني محمد بن السائب صاحب «التفسير»: كان من أهل الكوفة: قائلا بالرجعة، وابنه هشام ذو نسب عال، وفي التشيع غال، قلت: كان من الشيعة المخصوصين بالامام زين العابدين وابنه الباقر، وكانت وفاته سنة ست وأربعين بعد المائة من الهجرة المباركة.
ومنهم جابر بن يزيد الجعفي الإمام في التفسير، أخذه عن الإمام الباقر،
[ 27 ]
وكان من المنقطعين إليه، وصنف تفسير القرآن وغيره، وتوفي سنة سبع وعشرين ومائة بعد الهجرة، وهو غير تفسير الإمام الباقر، الذي ذكره ابن النديم عند تسمية الكتب المصنفة في التفسير.
قال: كتاب الباقر محمد بن علي بن الحسين، رواه عنه أبو الجارود زياد ابن المنذر رئيس الجارودية الزيدية، انتهى.
قلت: وقد رواه عن أبي الجارود أيام استقامته قبل تزيده، جماعة من ثقاة الشيعة، كأبي بصير يحيى بن القاسم الأسدي وغيره.
الصحيفة الثانية
في أول من صنف في القراءة ودون علمها وأول من جمع القراءات
فاعلم أن أول من دون علم القراءة أبان بن تغلب الربعي أبو سعيد، ويقال أبو أميمة الكوفي، قال النجاشي في فهرس أسماء مصنفي الشيعة: كان أبان رحمه اللّه مقدما في كل فن من العلم، في القرآن، والفقه، والحديث، ولأبان قراءة مفردة مشهورة عند القراء، ثم أوصل إسناده عن محمد بن موسى ابن أبي مريم صاحب اللؤلؤ عن أبان في رواية الكتاب، قال وأوله إنما الهمزة رياضة إلى آخره، وقد ذكر ابن النديم في الفهرست تصنيف أبان في القراءة.
قال: وله من الكتب «معاني القرآن» لطيف، «كتاب القراءة»، «كتاب من الأصول في الرواية على مذهب الشيعة» انتهى.
وبعد أبان صنف حمزة بن حبيب أحد القراء السبعة «كتاب للقراءة»، قال ابن النديم في الفهرست: كتاب القراءة لحمزة بن حبيب، وهو أحد
[ 28 ]
السبعة من أصحاب الصادق، انتهى.
وقد ذكره الشيخ أبو جعفر الطوسي في كتاب «الرجال» في أصحاب الصادق أيضاً، ووجد بخط الشيخ الشهيد محمد بن مكي عن الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن الحداد الحلي ما صورته: قرأ الكسائي القرآن على حمزة، وقرأ حمزة على ابي عبد اللّه الصادق، وقرأ عن أبيه، وقرأ على أبيه، وقرأ على أبيه، وقرأ على أمير المؤمنين علي.
قلت: وحمزة على الأعمش أيضاً، وعلى حمران بن أعين، وهما من شيوخ الشيعة أيضاً، كما ستعرف، ولم يعهد لأحد قبل أبان وحمزة تصنيف في القراءات فإن الذهبي وغيره ممن كتب في طبقات القراء نصوا على أن أول من صنف في القراءات أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 224 هـ أربع وعشرين ومائتين، ولا ريب في تقدم أبان، لأن الذهبي في «الميزان» والسيوطي في «الطبقات» نصا على أنه توفي سنة 141 إحدى وأربعين ومائة فهو مقدم على أبي عبيد بثلاث وثمانين سنة، وكذلك حمزة بن حبيب فإنهم نصبوا أنه تولد سنة ثمانين ومات سنة 156 هـ وقيل سنة 154 هـ وقيل سنة 158 هـ، وأن الأخير وهم:
وكيف كان فالشيعة أول من صنف في القراءة، ولا يخفى هذا على الحافظ الذهبي، وحافظ الشام السيوطي، ولكن إنما أراد أول من صنف في القراءات من أهل السنة، لا مطلقا.
وقد تقدم في التصنيف في القراءة على أبي عبيد من الشيعة جماعة آخرون غير من ذكرنا، مثل ابن سعدان أبي جعفر محمد سعدان الضرير، ذكره ابن النديم في الفهرست في قراء الشيعة، قال: كان معلماً للعامة، وأحد القراء بقراءة حمزة، ثم اختار لنفسه، بغدادي المولد. كوفي المذهب، وتوفى
[ 29 ]
سنة 231 يوم عرفة، وله من الكتب كتاب «القراءة» وكتاب «مختصر النحو» وله قطعة حدود مثال حدود الفراء، انتهى.
ومثل أبي جعفر، محمد بن الحسن بن أبي سارة الرواسي الكوفي، أستاذ الكسائي والفراء، من خواص الإمام الباقر، ذكره أبو عمرو الداني في «طبقات القراء» قال: روى الحروف عن أبي عمر، وسمع الأعمش، وهو من جملة الكوفيين، وله اختيار في القراءة تروى، سمع الحروف منه خلاد بن خالد المنقري، وعلي بن محمد الكندي، وروى عنه الكسائي والفراء انتهى. وتوفي بعد المائة بقليل، له كتاب «الوقف والابتداء» كبير وصغير، وكتاب «الهمز» كما في فهرست أسماء مصنفي الشيعة للنجاشي وغيره.
ومثل زيد الشهيد له قراءة جده أمير المؤمنين، رواها عنه عمر بن موسى الرجهي قال: في أول كتاب قراءة زيد هذه القراءة سمعتها من زيد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وما رأيت أعلم بكتاب اللّه وناسخه ومنسوخه ومشكله وإعرابه منه، وكانت شهادة زيد أيام هشام بن عبد الملك الأموي سنة 122 هـ، وكان عمره يوم قتل اثنتين وأربعين سنة لأنه كان تولد سنة ثمانين.
فكل هؤلاء قد تقدموا في التصنيف في القراءة على أبي عبيد القاسم بن سلام، وبذلك تحقق تقدم الشيعة في تدوين علم القراءة.
الصحيفة الثالثة
في أول من صنف في أحكام القرآن
فاعلم أن أول من صنف في ذلك محمد بن السائب الكلبي، من أصحاب الباقر المتقدم ذكره، قال ابن النديم في «الفهرست» عند ذكره للكتب
[ 30 ]
المؤلفة في القرآن ما لفظه: كتاب أحكم القرآن للكلبي رواه عن ابن عباس قلت: وقد عرفت أن وفاة ابن السائب الكلبي كانت سنة ست وأربعين ومائة، فقول السيوطي: «أول من صنف أحكام القرآن الإمام الشافعي» محل تأمل، لأن وفاة الإمام الشافعي سنة أربع ومائتين، وله من العمر أربع وخمسون سنة، وكذا ما ذكره في «طبقات النحات» من أن أول من كتب في أحكام القرآن هو القاسم بن أصبع بن محمد بن يوسف البياني القرطبي الأندلسي الأخباري اللغوي، توفي سنة أربعين وثلاث مائة، عن ثلاث وتسعين سنة وأيام.
الصحيفة الرابعة
في أول من صنف في غريب القرآن
فاعلم أن أول من صنف في ذلك شيخ الشيعة أبان بن تغلب، وقد نص على تصنيفه في ذلك علماؤنا، وكذلك نص عليه ياقوت الحموي في «معجم الأدباء» والجلال السيوطي في «للبغية الوعاة» ونصوا على وفاته في سنة إحدى وأربعين ومائة.
وقال السيوطي في كتاب «الأوائل» أول من صنف غريب القرآن أبو عبيدة معمر بن المثنى، ونص على تاريخ وفاته - هو وغيره - أنها كانت سنة تسع، وقيل ثمان، وقيل عشرة، وقيل إحدى عشرة ومائتين، ولا أظن أن السيوطي غفل عما ذكره هو في ترجمة أبان بن تغلب، أن له كتاب «غريب القرآن» لكنه يريد أول من صنف في ذلك من أهل البصرة، وليس أبو عبيدة، من أهل السنة، حتى يقال أنه أراد أول أهل السنة،
[ 31 ]
لأنه من الخوارج الصفوية بنص الجاحظ في «كتاب الحيوان» المطبوع في هذه الأيام بمصر.
ثم أعلم أن المصنفين في غريب القرآن بعد أبان جماعة من الشيعة منهم: أبو جعفر الرواسي. وهو متقدم أيضاً على أبي عبيدة، ومنهم أبو عثمان المازني، المتوفى سنة ثمان وأربعين ومائتين. والفراء المتوفى سنة سبع ومائتين، وابن دريد الكوفي اللغوي، المتوفى سنة 221 هـ، وعلي بن محمد السيمساطي، وسيأتي تراجم هؤلاء في فصل علم النحو، وفصل علم اللغة، والدلالة على تشيعهم.
الصحيفة الخامسة
في تقدم الشيعة في التصنيف في معان شتى من القرآن
فاعلم أن أول من صنف من الشيعة كتاب «معاني القرآن» هو أبان بن تغلب، المتوفى سنة إحدى وأربعين ومائة هـ، ونص على كتابه هذا ابن النديم في «الفهرست» والنجاشي في «أسماء مصنفي الشيعة» وغيرهما، ولم أعثر على أحد صنف فيه قبل إبان. نعم صنف فيه منا: الرواسي، والفراء
قال ابن النديم كتاب «معاني القرآن» للفراء، ألفه لعمر بن بكر، وهما من الشيعة أيضاً.
وأول من صنف كتاباً في الناسخ والمنسوخ عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم المسمعي البصري، من شيوخ الشيعة، من أصحاب أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام، وبعده دارم بن قمصة بن نهشل بن مجمع أبو الحسن التميمي الدارمي، من شيوخ الصدر الأول من الشيعة، عمر حتى أدرك الإمام الرضا ومات في أواخر المائة الثانية، له كتاب «الوجوه والنظائر» وكتاب
[ 32 ]
«الناسخ والمنسوخ» وقد ذكرهما النجاشي في ترجمته في فهرست أسماء المصنفين من الشيعة، وصنف بعدهما في ذلك الحسن بن علي بن فضال، صاحب الإمام علي بن موسى الرضا، وتوفى سنة أربع وعشرين ومائتين، والشيخ الأعظم أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي، صاحب الرضا أيضاً، وعاش حتى أدرك الإمام أبا محمد الحسن العسكري.
ويظهر من الجلال السيوطي أن أول من صنف في ذلك أبوعبيد القاسم ابن سلام، المتوفى سنة أربع وعشرين ومائتين، وهو من المعاصرين للحسن بن علي بن فضال المصنف في ذلك، ومتأخر عن المسمعي بكثير، بل وعن دارم بن قبيصة.
وعلى كل حال فالشيعة هم المتقدمون في ذلك، وأول من صنف في نوادر القرآن (علي بن الحسين بن فضال) أحد شيوخ الشيعة في المائة الثالثة.
قال ابن النديم في الفهرست: وكتاب الشيخ علي بن ابراهيم بن هاشم في نوادر القرآن، شيعي: كتاب علي بن الحسن بن فضال من الشيعة، كتاب أبو النصر العياشي من الشيعة، انتهى.
قلت: ولأحمد بن محمد السياري الكاتب البصري أيضاً كتاب «نوادر القرآن» كان السياري يكتب للطاهر في زمن الإمام العسكري، ولأبي الحسن محمد بن أحمد بن محمد المعروف بالحارثي، كتاب «نوادر علم القرآن».
قال النجاشي: كان وجهاً من وجوه أصحابنا، ثقة.
وأول من صنف في متشابه القرآن: حمزة بن حبيب الزيات الكوفي، من شيعة أبي عبد اللّه الصادق وصاحبه، المتوفى سنة ست وخمسين بعد المائة بحلوان.
[ 33 ]
قال ابن النديم: وكتاب «متشابه القرآن» لحمزة بن حبيب، وهو أحد السبعة من أصحاب الصادق، انتهى بحروفه.
وكذلك الشيخ أبو جعفر الطوسي، عده في أصحاب الصادق، وقبلهما ابن عقدة عده في أصحاب الصادق في رجاله، وقد صنف جماعة من أصحابنا المتقدمين في ذلك كمحمد بن أحمد الوزير المعاصر للشيخ الطوسي، له كتاب «متشابه القرآن» وللشيخ رشيد الدين محمد بن علي بن شهر اشوب المازندراني، المتوفى سنة 588 كتاب «متشابه القرآن».
وأول من صنف في مقطوع القرآن وموصوله هو الشيخ حمزة بن حبيب، وقد ذكر محمد بن إسحاق - المعروف بابن النهيم - في «الفهرست» كتاب مقطوع القرآن وموصوله لحمزة بن حبيب، أحد السبعة من أصحاب الصادق.
وأول من وضع نقط المصحف وأعربه وحفظه عن التحريف في أكثر الكتب، هو أبو الأسود، وفي بعضها يحيى بن يعمر العدواني تلميذه، والأول هو الأصح، وأيهما كان: فالفضل للشيعة، لأنهما من الشيعة بالاتفاق، وقد أكثرنا في الأصل نقل النصوص والشواهد على ذلك.
وأول من صنف في مجال القرآن - فيما أعلم - الفراء يحيى بن زياد، المتوفى سنة سبع ومائتين، والآتي ذكره في أئمة علم النحو، وقد نص المولى عبد اللّه أفندي في «رياض العلماء» على أنه من الشيعة الإمامية.
ثم قال: وما قال السيوطي من ميل الفراء إلى الاعتزال، لعله مبني على خلط أكثر علماء الجمهور بين أصول الشيعة والمعتزلة، وإلا فهو شيعي إمامي، أنتهى.
[ 34 ]
وقد كتب في مجازات القرآن جماعة، وأحسن ما صنف فيه كتاب «مجازات القرآن» للسيد الشريف الرضي الموسوى أخي السيد المرتضى.
وأول من صنف في «أمثال القرآن» هو الشيخ الجليل محمد بن محمد بن الجنيد، وقد ذكر ابن النديم في «الفهرست» في آخر تسمية الكتب المؤلفة في معان شتى من القرآن، ما لفظه كتاب «الأمثال» لابن جنيد، انتهى. ولم أعثر على أحد صنف في ذلك قبله.
وأول من صنف في فضائل القرآن أبي بن كعب الأنصاري الصحابي نص عليه ابن النديم في «الفهرست» وكأن الجلال السيوطي لم يطلع على تقدم أبي في ذلك، فقال: أول من صنف في فضائل القرآن الإمام محمد بن إدريس الشافعي، المتوفي سنة أربع ومائتين، إنتهى.
ثم إن السيد علي بن صدر الدين المدني صاحب السلافة قد نص على تشيع أبي بن كعب في كتاب «الطبقات» أعني الدرجات الرفيعة في «طبقات الشيعه» واكثر من الدلالات والشواهد على تشيعه، وقد زدت أنا عليه شواهد ودلالات في الأصل.
وقد صنف منا أيضاً جماعة في ذلك منهم الحسن بن علي بن أبي حمزة البطائني، ومحمد بن خالد البرقي، وهما في عصر الرضا، وأحمد بن محمد السياري أبوعبد اللّه الكاتب البصري، كان في زمن الظاهر، والإمام العسكري ومحمد بن مسعود العياشي، وعلي بن إبراهيم بن هاشم شيخ الكليني وأحمد ابن محمد بن عمار أبو علي الكوفي المتوفى سنة ست وأربعين وثلثمائة وغيرهمم من شيوخ أصحابنا.
وأول من صنف في أسباع القرآن كتاباً وكتاباً في حدود آي القرآن،
[ 35 ]
حمزة ابن حبيب الكوفي الزيات، أحد السبعة من الشيعة، كما تقدم النص على ذلك من الشيوخ، وقد ذكر كتاب «أسباع القرآن» وكتاب «حدود آي القرآن» ابن النديم في «الفهرست» لحمزة المذكور ولا أعلم أحداً تقدمه فيها.
الصحيفة السادسة
في أئمة علم القرآن من الشيعة
منهم عبد اللّه بن عباس، وهو أول من أملا في تفسير القرآن من الشيعة وقد نص كل علمائنا على تشيعه وترجمه ترجمة حسنة السيد في كتابه «الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة» وذكرت في الأصل ما به الكفاية من ذلك، مات سنة 67 هـ في الطائف، ولما حضرته الوفاة قال: اللهم إني أتقرب إليك بولائي لعلي بن أبي طالب عليه السلام.
ومنهم جابر بن عبد اللّه الأنصاري الصحابي، وهو في الطبقة الأولى من طبقات المفسرين لأبي الخير، وقال الفضل بن شاذان النيسابوري صاحب الرضا: جابر بن عبد اللّه الانصاري رضي اللّه عنه من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وقال ابن عقدة عند ذكره منقطع إلى أهل البيت، وقد ذكرت في الأصل زيادة، مات بالمدينة بعد السبعين من الهجرة، وعمره أربعاً وتسعين.
ومنهم أبيّ بن كعب سيد القراء عدّوه في الطبقة الأولى في المفسرين من الصحابة، وهو كما عرفت من الشيعة، وترجمته في الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة، وفي الأصل مفصلة وبعد هؤلاء التابعون.
ومنهم سعيد بن جبير أعلم التابعين بالتفسير - بشهادة قتادة له بذلك -
[ 36 ]
كما في «الإتقان» وقدم تقدم ذكره وتشيعه، ومنهم يحيى بن يعمر التابعي، أحد أعلام الشيعة في علم القرآن، قال ابن خلكان: هو أحد قراء البصرة، وعنه أخذ عبد اللّه بن اسحاق القراءة، وكان عالماً بالقرآن الكريم، والنحو ولغات العرب، وأخذ النحو عن أبي الأسود الدؤلي، وكان شيعياً من الشيعة الأولى القائلين بتفضيل أهل البيت، من غير تنقيص لذي فضل من غيرهم، أنتهى. وقد ذكرت بعض أحواله في الأصل في أئمة علم النحو.
ومنهم أبو صالح، مشهور بكنيته تلميذ ابن عباس في التفسير، اسمه ميزان بصري، تابعي شيعي، نص على تشيعه وثقته الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان، في كتاب «الكافئة في إبطال توبةالخائطة» بعد حديث عنه عن ابن عباس، مات أبو صالح بعد المائة.
ومنهم طاوس بن كيسان أبو عبد اللّه اليماني، أخذ التفسير عن ابن عباس وعده الشيخ أحمد بن تيمية من أعلم الناس بالتفسير، كما في «الإتقان» ونص ابن قتيبة في كتاب «المعارف» على تشيعه، قال في صفحة 206 من المطبوع بمصر: الشيعة: الحرث الأعور، وصعصعة بن صوحان، والأصبغ بن نباتة وعطية العوفي، وطاووس، والأعمش، انتهى. توفىطاووس بمكة سنة ست ومائة هـ وكان منقطعاً إلى علي بن الحسين السجاد عليه السلام.
ومنهم الأعمش الكوفي سليمان بن مهران أبو محمد الأسدي، وقد تقدم نص ابن قتيبة على تشيعه، وكذلك الشهرستاني في «الملل والنحل» وغيرهما ومن علمائنا الشيخ الشهيد الثاني زين الدين في «حاشيته الخلاصة» والمحقق البهبهاني في «التعليقة» والميرزا محمد باقر الداماد في «الرواشح» وقد أخرجت لفظهم في الأصل، وزدت عليه نصوصاً أخر، مات سنة 148 هـ عن ثمان وثمانين سنة.
[ 37 ]
ومنهم سعيد بن المسيب أخذ عن أمير المؤمنين وابن عباس، وكان قد رباه أمير المؤمنين عليه السلام، وصحبه ولم يفارقه وشهد معه حروبه ونص الإمام الصادق، والإمام الرضا على تشيعه، كما في الجزء الثالث من كتاب «قرب الإسناد» للحميري كان إمام القراء بالمدينة وعن أبن المدايني أنه قال لا أعلم في التابعين أوسع علماً منه، مات بعد التسعين، وقد ناهز الثمانين.
ومنهم أبو عبد الرحمن السلمي، شيخ قراءة عاصم، قال ابن قتيبه: كان من أصحاب علي عليه السلام وكان مقرئاً، ويحمل عنه الفقه، قلت: وقرأ أبو عبد الرحمن على أمير المؤمنين عليه السلام، كما في «مجمع البيان» للطبرسي وعده البرقي في كتاب الرجال في خواص علي من مضر، مات بعد السبعين.
ومنهم السدي الكبير صاحب «التفسير» المتقدم ذكره في الصحيفة الأولى.
ومنهم محمد بن السائب بن بشر الكلبي صاحب «التفسير الكبير» المتقدم ذكره في الصحيفة الأولى.
ومنهم حمران بن أعين، أخو زرارة بن أعين الكوفي، مولى آل شيبان من أئمة القرآن، أخذ عن الإمام زين العابدين والباقر، ومات بعد المائة.
ومنهم أبان بن تغلب المتقدم ذكره كان المقدم في كل فن من العلم، أخذ القراءة عن الأعمش، وهو من أصحاب الإمام السجاد علي بن الحسين والباقر عليهما السلام، مات سنة 141 هـ.
ومنهم عاصم بن بهدله، أحد السبعة، قرأ على أبي عبد الرحمن السلمي القارئ على علي أمير المؤمنين عليه السلام، ولذا كانت قراءة عاصم أحب
[ 38 ]
القراءات إلى علمائنا، ونص على تشيعه الشيخ الجليل عبد الجليل الرازي المتوفى سنة 556 هـ ست وخمسين وخمسمائة في كتابه «نقض الفضائح» وأنه كان مقتدى الشيعة، مات عاصم سنة ثمان وعشرين بعد المائة بالكوفة، وقيل بالسماوة وهو يريد الشام ودفن بها، وكان لا يبصر كالأعمش ونص على تشيعه القاضي نور اللّه المرعشي في كتابه «مجالس المؤمنين» وهو في طبقات الشيعة وبعد هؤلاء أتباع التابعين.
منهم أبو حمزة الثمالي ثابت بن دينار، شيخ الشيعة بالكوفة قال أبو الفرج محمد بن إسحاق، بن أبي يعقوب النديم في «الفهرست» كتاب تفسير أبي حمزة الثمالي، وكان من أصحاب علي بن الحسين عليه السلام، من النجباء الثقات، وصحب أبا جعفر، انتهى. ومات أبو حمزة سنة مائة وخمسين هـ.
ومنهم أبو الجارود زياد بن المنذر، روى كتاب الإمام الباقر في تفسير القرآن، قبل أن يتزيد، رواه عنه أبو بصير الأسدي كما تقدم، مات أبو الجارود بعد المائة والخمسين من الهجرة.
ومنهم يحيى بن القاسم أبو بصير الأسدي، كان مقدماً في الفقه والتفسير وله فيه مصنف معروف، ذكره النجاشي، أوصل إسناده إلى رواية التفسير مات في حياة أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام المتوفى سنة 148 هـ.
ومنهم البطايني علي بنسالم، المعروف بابن أبي حمزة أبو الحسن الكوفي مولى الأنصار، له كتاب «تفسير القرآن» يروي فيه عن أبي عبد اللّه الصادق، وأبي الحسن موسى الكاظم، وأبي بصير المتقدم ذكره.
ومنهم الحصين بن مخارق أبو جنادة السلولي، قال ابن النديم: كان من
[ 39 ]
الشيعة المتقدمين، وله من الكتب كتاب «التفسير» كتاب «جامع العلوم» انتهى. وذكر له النجاشي أيضاً كتاب «التفسير والقراءات» وكتاباً كبيراً.
ومنهم الكسائي أحد السبعة، اجتمع فيه أمور، كان أعلم الناس بالنحو، وأوحدهم في الغريب والقرآن، وهو من أولاد الفرس من سواد العراق، وقد ذكرت نسبه في الأصل، ومن نص على تشيعه، مات بالري، أو بطوس، وهو في صحبة الرشيد سنة 189 هـ وقيل سنة 183 هـ وقيل 185 هـ وقيل 193 هـ، والأول هو الأصح، وعاش سبعين سنة
وبعد هؤلاء طبقة أخرى.
منهم ابن سعدان الضرير أبو جعفر محمد بن سعدان بن المبارك الكوفي النحوي، إمام كامل، مؤلف «الجامع» و«المشجر» وغيرهما، له أختيار في القراءة موافق للمشهور، ثقة، عدل، صنف في العربية والقراءات، وقد تقدم أن ابن النديم في «الفهرست» ذكره في قراء الشيعة، وأنه بغدادي المولد، كوفي المذهب، وأنه توفي سنة 231 هـ يوم عرفة، وذكره ياقوت والسيوطي مفصلا في «المعجم» و «الطبقات» وذكر ياقوت أنه ولد سنة 161 هـ ومات يوم الأضحى سنة 231 هـ، وله ولد هو إبراهيم، قال ياقوت: كتب وصحح ونظر وحقق وروى وصنف كتباً حسنة، منها كتاب «حروف القرآن» ومنهم جماعة صنفوا «تفسير القرآن» كانوا في أصحاب الإمام الكاظم والرضا عليهما السلام.
ومنهم وهيب بن حفص أبو علي الحريري، من بني أسد، ويونس بن
[ 40 ]
عبد الرحمن أبو محمد، شيخ الشيعة في وقته، والحسين بن سعيد بن حماد بن مهران، مولى علي بن الحسين أبو محمد الأهوازي، وقد ذكرنا تراجمهم في الأصل، ومنهم أيضاً عبد اللّه بن الصلت أبوطالب التيمي، من تيم الات ابن ثعلبة، كان أحد أئمة علم التفسير، وله كتاب «تفسير القرآن» روى عن الرضا، وأحمد بن صبيح أبو عبد اللّه الأسدي الكوفي المفسر، وعلي ابن أسباط بن سالم، بياع الزطي أبو الحسن المقري الكوفي، وعلي بن مهزيار الأهوازي أحد أئمة العلم بالحديث والتفسير، وصنف فيهما.
وبعد هؤلاء طبقة أخرى، مثل البرقي محمد بن خالد البرقي، له كتاب «التنزيل» وكتاب «التفسير» لقي الإمام الكاظم الرضا، وهو من ثقات أصحابنا، وأخوه الحسن بن خالد البرقي، له كتب منها «تفسيره الكبير» مائة وعشرون مجلداً إملاء الإمام العسكري، كما في «معالم العلما» لابن شهر اشوب المازندراني رشيد الدين وبعد هؤلاء جماعة صنفوا التفسير في المائة الثالثة، منهم علي بن الحسن ابن فضال، وإبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال بن عاصم بن سعيد بن مسعود الثقفي الكوفي، المتوفى سنة 383 هـ وعلي بن ابراهيم بن هاشم القمي شيخ الشيعة في عصره، وتفسيره مطبوع. وعلي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، صنف كتاب «التفسير» ورواه عنه جماعات من أصحابنا، والشيخ ابن الوليد محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد أبو جعفر، شيخ الشيخ ابن بابويه، مات سنة 343 هـ، الشيخ فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، له تفسير كبير معروف بيننا، كان في عصر الإمام الجواد بن الرضا وابن دول القمي المتوفى سنة 350 هـ، له كتب منها كتاب «التفسير» ذكره
[ 41 ]
النجاشي، وسلمة بن الخطاب أبو الفضل القمي صاحب «التفسير» عن أهل البيت، كان في عصر الرضا والجواد.
وبعد هؤلاء من المصنفين في التفسير: محمد بن إبراهيم بن جعفر أبو عبد اللّه الكاتب النعماني، ويعرف كتابه بتفسير النعماني، وهو الراوي لما أملاه أمير المؤمنين عليه السلام في أنواع علوم القرآن، نوع فيه القرآن إلى ستين نوعاً، ومثل لكل نوع مثالا يخصه، وعندنا منه نسخة، وهو الراوي للكافي عن الكليني. ومحمد بن العباس بن علي بن مروان، المعروف بابن الحجام، يكنى أبا عبد اللّه، له كتب منها: «تأويل ما نزل في النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم»، وكتاب «تأويل ما نزل في أهل البيت وما نزل في شيعتهم»، كتاب «تأويل ما نزل في أعدائهم»، وكتاب «التفسير الكبير»، وكتاب «الناسخ والمنسوخ» وكتاب «قراءة أمير المؤمنين»، وكتاب «قراءة أهل البيت» سمع منه أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري سنة ثمان وعشرين وثلثمائة، وله منه إجازة.
والذين صنفوا في أنواع علوم القرآن جماعة، منهم: محمد بن الحسن الشيبان شيخ الشيخ المفيد، صنف «نهج البيان عن كشف معاني القرآن»، ونوع علوم القرآن إلى ستين نوعاً صنفه باسم المستنصر الخليفة العباسي، وينقل عنه السيد المرتضى في كتاب المحكم والمتشابه.
والشيخ المفيد بن محمد بن النعمان المعروف في عصره بابن المعلم، كان شيخ الشيعة، صاحب كرسي، له كتب مذكورة في فهرست مصنفاته، منها: كتاب «البيان في أنواع علوم القرآن» مات في محرم سنة تسع وأربعمائة هـ ذكره الخطيب في «تاريخ بغداد».
[ 42 ]
ولمحمد بن أحمد بن إبراهيم بن سليم أبي الفضل الصولي الجعفي الكوفي، المعروف بالصابوني، صاحب «الفاخر في اللغة» كتاب «تفسير معاني تفسير القرآن وتسمية أصناف كلامه المجيد» من شيوخ أصحابنا، سكن بمصر ومات فيها سنة ثلثمائة هـ.
الصحيفة السابعة
في أول التفاسير الجامعة لكل علوم القرآن
فاعلم أن أول تفسير جمع فيه كل علوم القرآن هو كتاب «الرغيب في علوم القرآن» لأبي عبد اللّه محمد بن عمر الواقدي، ذكره ابن النديم في كتابه «الفهرست» ونص على تشيعه، ثم كتاب «التبيان الجامع لكل علوم القرآن» في عشر مجلدات كبار، لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن ابن علي الطوسي شيخ الشيعة، كان تولده سنة 385 هـ، وتوفي في الغري سنة ستين وأربعمائة هـ، ذكر في أوله أنه أول من جمع ذلك، وكتاب «حقائق التنزيل ودقائق التأويل» (1) وهو في كبر «تفسير التبيان» للسيد الشريف الرضي، أخي المرتضى، كشف فيه عن غرائب القرآن وعجائبه وخفاياه وغوامضه. وأبان غوامض أسراره، ودقائق أخباره وتكلم في تحقيق حقائقه، وتدقيق تأويله، بما لم يسبقه أحد إليه، ولا حام فكر أحد عليه، لكنه ليس بجامع لكل علوم القرآن، وله كتاب «المتشابه في القرآن» وكتاب «مجازات القرآن»، هذا ولم يزد عمره على سبع وأربعين سنة، وله في الأصل ترجمة حسنة، مات سنة ست وأربعمائة هـ و«روض
____________
(1) قامت بنشر الجزء الخامس منه «جمعية منتدى النشر» في النجف الأشرف «العراق».
[ 43 ]
الجنان في تفسير القرآن» في عشرين جزءاً، للشيخ الإمام القدوة أبي الفتوح الرازي الحسين بن علي بن محمد بن أحمد الخزاعي الرازي النيسابوري، مات بعد المائة الخامسة، جامع متأخر عن الشيخ الطوسي، وكتاب «مجمع البيان في علوم القرآن» في عشرة أجزاء، للشيخ أمين الدين أبي علي الفضل ابن الحسن بن الفضل الطبرسي، المتوفى سنة أربعين وخمسمائة، جامع لكل ذلك، لكنه صرح في أوله أنه عيال فيه على تبيان الشيخ الطوسي قدس سره.
وخلاصة التفاسير في عشرين مجلداً، للشيخ قطب الدين الراوندي، وهو مشحون بالحقائق والدقائق، من أحسن التفاسير المتأخرة، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي.