هم أصحاب الكساء للروايات وتغيير صيغة الضمائر :
السؤال : تقبّل الله أعمالكم ، ووفّقكم الله لمرضاته ، في الحقيقة عندي استفسار بخصوص آية التطهير ، الروايات المتواترة تقول : إنّها نزلت في أصحاب الكساء ، والقرائن الداخلية في الآية الكريمة تفيد أيضاً ، إلاّ أنّني أُريد الإجابة على الإشكال الذي يطرحه البعض ، وهو في النظر إلى هذه الآية الكريمة { أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ } (1) بحيث إذا كان الرجل وزوجته يطلق عليهما أهل البيت ، إذاً آية التطهير وهي : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } (2) .
____________
1- هود : 73 .
2- الأحزاب : 33 .
|
الصفحة 426 |
|
وقد تغيّرت الصيغة الخطابية من التأنيث إلى التذكير ، لأنّ الرسول وأزواجه داخلين في الآية الكريمة ، إذ هم أهل البيت ، رجاءً الإجابة على هذه النقطة بالذات ، وشكراً وبارك الله بكم .
الجواب : حينما ندّعي اختصاص عنوان أهل البيت بخصوص أصحاب الكساء دون أزواج النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، فتارة ندّعي ذلك من منطلق اختصاص نفس العنوان المذكور بغير الأزواج ، أي يُدعى أنّ هذا العنوان لا يطلق في لغة العرب أو المصطلح القرآني على الأزواج ، فالزوج ليس من أهل بيت الرجل ، إنّه بناء على أن تكون الدعوى هكذا ، يرد الإشكال الذي أشرتم إليه ، حيث إنّ القرآن الكريم استعمل كلمة أهل البيت في حقّ الأزواج ، هذا تارة .
وتارة أُخرى ندّعي عدم شمول العنوان المذكور للأزواج ، لا من جهة أنّه في اللغة أو في المصطلح القرآني كذلك ، بل من جهة أنّ الروايات الكثيرة من طرق الشيعة والعامّة قد فسّرت عنوان أهل البيت في خصوص هذا المورد بالذات ، بخصوص أصحاب الكساء الخمسة ، وخصوصاً مع تغيير صيغة الضمائر في الآيات فلا يرد الإشكال الذي أشرتم إليه كما هو واضح .
( كرّار أحمد المصطفى . الكويت . 19 سنة . طالب جامعة ومبلّغ دين )
السؤال : هل كانت جميع زوجات الأئمّة على مستوى عال من التقوى ؟ لا أعني أُمّ الفضل التي سمّت الجواد (عليه السلام) ، إنّما أُمّهات الأئمّة ، ودمتم موفّقين لخدمة محمّد وآل محمّد (عليهم السلام) .
الجواب : إنّ لأُمّهات الأئمّة (عليهم السلام) شأناً خاصّاً ، لأنّ الإمام (عليه السلام) في وجوده التكويني يمتاز بمواصفات خاصّة يحتاج إلى ظرف ممتاز عن غيره .
وهذا يعني أنّهن وصلن إلى مستويات عالية من الالتزام بالدين والعقيدة ، والورع عن الشبهات والمحرّمات ، لتتهيّأ أرضية ممتازة وفريدة لظهور ونشوء وجود الإمام (عليه السلام) .
|
الصفحة 427 |
|
( علي . فرنسا . سنّي . 28 سنة . طالب )
السؤال : نحن السنّة أحقّ منكم بأهل البيت والله يشهد ، نحبّ جميع الصحابة ونترحّم عليهم ، علي وبنيه في قلوبنا نحبّهم ونتولاّهم ، لكن لا نقول إنّهم معصومون ، لا عصمة إلاّ لنبيّ ، ولا نقول إنّهم يعلمون الغيب { لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ } ، يهديكم الله ، ويصلح بالكم .
الجواب : إدعاء محبّة أهل البيت (عليهم السلام) سهل جدّاً ، ولكن المهمّ هو العمل .
وقولك : لكن لا نقول إنّهم معصومون ، لا عصمة إلاّ لنبيّ ، ولا نقول إنّهم يعلمون الغيب { لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ } (1) .
فنقول : أمّا العصمة فنحن نقول بها عن دليل وبرهان ومبنى وفهم يختلف عن مبناكم وفهمكم للعصمة ، وقولكم : لا عصمة إلاّ لنبيّ لا دليل عليه ، بل هو مخالف لقوله تعالى : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } (2) .
وكذلك لديكم أنّ الملائكة معصومون عن الخطأ والمعصية ، وليس من المحال أن يُعصَمَ أناس عاديون ليسوا بأنبياء بل أولياء ، وأوتاد الأرض والدعاة إلى الله المخلصين ، فذلك غير محصور قطعاً بالأنبياء (عليهم السلام) .
ومسألة علم الغيب فلا أدري يا أخي هل قرأت ما في مسلم وغيره عن حذيفة : " أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة ، فما منه شيء إلاّ قد سألته ، إلاّ إنّي لم أسأله ما يخرج أهل المدينة من المدينة " (3) .
وفي رواية أُخرى لمسلم عن حذيفة قال : " قام فينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) مقاماً ما ترك شيئاً يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلاّ حدّث به ، حفظه من حفظه ، ونسيه من نسيه ، قد علمه أصحابي هؤلاء ، وإنّه ليكون منه الشيء قد نسيته فأراه ، فأذكره ، كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ، ثمّ إذا رآه
____________
1- النمل : 65 .
2- الأحزاب : 33 .
3- صحيح مسلم 8 / 173 ، المستدرك 4 / 426 ، مسند أبي داود : 58 ، مسند أحمد 5 / 386 .
|
الصفحة 428 |
|
عرفه " (1) .
فمثل هذه العلوم الغيبية هي التي ندّعيها للأئمّة (عليهم السلام) ، لأنّهم تعلّموا من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهم أهل بيته وأدرى من غيرهم بما فيه ، وإن أبيت اختصاصهم فاجعلهم ممّن سمع تلك الخطبة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحفظها ، فهل هذا مستحيل ؟ أم مخالف للكتاب والسنّة ؟!
( ... . 23 سنة . طالب جامعة )
جواري الأئمّة لم يمسّهن أحد غير الإمام :
السؤال : الإخوة الكرام في مركز الأبحاث العقائدية ، دمتم موفّقين .
ممّا لاشكّ فيه : أنّ بعض النواصب في الإنترنت يقومون بالتشهير بنا ، وسبّنا بأقذع الألفاظ ، ونحتسب ذلك عند الله تعالى ، ولكن قد وصل الأمر إلى البعض أنّهم يأتون بأحاديث من كتبنا ، تدلّ على أنّ أُمّهات أئمّتنا الأطهار (عليهم السلام) من الجواري ، ثمّ يستدلّون أنّ الجارية حسب مذهبنا يجوز استعارة فرجها .
فلم يكفيهم الظلم ؟ والآن يسبّون الشرف الطاهر ، ويشكّكون بالشجرة المباركة .
راجياً منكم بيان هذا الأمر ، وما ذكر في كتبنا من أحاديث وما صحّتها ؟ والدفاع عن حياض أهل البيت (عليهم السلام) في أقرب وقت ممكن ، ودمتم موفّقين ، تحرسكم رعاية الباري تعالى .
الجواب : نقول : وإن كانت بعض زوجات الأئمّة جواري ، إلاّ أنّ الأئمّة (عليهم السلام) كانوا يعتقونهن ، ثمّ يتزوّجوهن بالعقد الدائم ، فمثلاً أُمّ الإمام زين العابدين (عليه السلام) ـ هي شاه زنان ـ أعتقها أمير المؤمنين (عليه السلام) وزوّجها للحسين (عليه السلام) (2) .
وكذلك أُمّ الإمام المهديّ (عليه السلام) ، تزوّجها الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام) بعد أن كانت جارية ، فعن الإمام الهادي (عليه السلام) قال : " يا كافور : ادع لي أختي حكيمة " ، فلمّا دخلت عليه قال (عليه السلام) لها : " ها هي " ـ يعني نرجس ـ فاعتنقتها طويلاً ، وسرّت بها كثيراً ، فقال لها مولانا : " يا بنت رسول الله أخرجيها إلى
____________
1- صحيح مسلم 8 / 172 .
2- دلائل الإمامة : 196 .
|
الصفحة 429 |
|
منزلك ، وعلّميها الفرائض والسنن ، فإنّها زوجة أبي محمّد وأُمّ القائم " (1) ، هذا أوّلاً .
ثانياً : جواري الأئمّة (عليهم السلام) لم ينكحهن أحد غير الإمام (عليه السلام) ، فهذه حميدة المصفّاة ـ أُمّ الإمام الكاظم (عليه السلام) ـ اشتراها الإمام الباقر (عليه السلام) وكانت بكراً ، ولم تنكح غير الإمام (عليه السلام) .
ففي دلائل الإمامة بعد سؤال الإمام لها عن حالها ، هل هي بكر أو ثيّب ؟ فعرّفته أنّها بكر ، فقال لها : " أنّى يكون ذلك ، وأنت جارية كبيرة " ؟
فقالت : كان مولاي إذا أراد أن يقرب منّي أتاه رجل في صورة حسنة ، فيمنعه أن يصل إليّ ، فدفعها أبو جعفر (عليه السلام) إلى أبي عبد الله (عليه السلام) .
وقال : " حميدة سيّدة الإماء ، مصفّاة من الأرجاس كسبيكة الذهب ، ما زالت الأملاك تحرسها ، حتّى أديت إلى كرامة الله عزّ وجلّ " (2) .
وكذلك الحال مع أُمّ الإمام الرضا (عليه السلام) ، فإنّها لما اشترتها حميدة أُمّ الإمام الكاظم (عليه السلام) كانت بكراً ، وهبتها إلى الإمام الكاظم (عليه السلام) (3) .
فالنتيجة : إنّ أُمّهات الأئمّة من الجواري ـ لو فرضنا عدم عتقهن ـ لم ينكحهن أحد غير الإمام (عليه السلام) .
ثالثاً : بالنسبة إلى ما يتّهموننا زوراً وتلفيقاً ، وبخصوص المسألة الفقهية الخاصّة بنكاح الإماء ، فإنّك تجد جوابنا عليها على صفحتنا تحت العنوان التالي : الأسئلة العقائدية / استعارة الفروج .
وأنت بعد أن تطالع ما كتبنا هناك ترى أنه لا ربط بين المسألتين ، فهذه مسألة فقهية في جواز أن يهب المالك أمته لمن يشاء بمقتضى ملكه ، فإن من البديهيّ جواز وطئ الأمة بالملك لا بالعقد .
وتلك مسألة في موضوع خارجي ، من أنّ الإمام الفلانيّ كانت أُمّه الجارية الفلانية ، ولا دليل خارجيّ قطعاً على حدوث انتقال لهن من يد إلى يد ، بل الدليل على عكسه ، كما علمت أوّلاً وثانياً .
____________
1- كمال الدين وتمام النعمة : 423 ، روضة الواعظين : 255 ، دلائل الإمامة : 496 .
2- دلائل الإمامة : 308 .
3- عيون أخبار الرضا 2 / 26 .
|
الصفحة 430 |
|
وأمّا ما حاولوا الطعن فيه فهو كذب موضوع ، مع أنّ كلا المسألتين يشاركنا فيها غيرنا من المسلمين .
وأمّا ما حاولوا الطعن به فهو كذب مفضوح ، مبنيّ على مغالطة يحاولون تمريرها على الجهّال !
ففي المسألة الفقهية قد عرفت من جوابنا أنّها تعمّ المسلمين ، وفي مسألة النسب الخارجية فهي أظهر ، إذ كثير من أبناء المسلمين أبناء جواري ، بل بعض الخلفاء كذلك ، كالمأمون وغيره .
والربط بين المسألتين لغرض خبيث مثل قولك : إنّ المشركين كانوا يجيزون الاشتراك في الزوجة ، إذاً فإنّ آباء الصحابة غير معروفين بالتحديد ، بل كلّ واحد اشترك فيه عدّة رجال ، أعوذ بالله .
أو كقولك : إنّ بعض نساء قريش كن يتخذن أماكن للعهر وينصبن الرايات ، فإذاً كلّ رجال قريش ـ حتّى من أسلم وبعضهم من الصحابة ـ أولاد بغايا أعوذ بالله .
أو كقولك : إنّ المسلمين يجيزون زواج المرأة بعد طلاق زوجها أو موته ، فإذاً كلّ أبناء المسلمين مختلطو النسب ، وهكذا .
وهو واضح بديهي البطلان ، إذ لا ملازمة هناك ، فإنّ القياس هنا باطل ، لأنّ الحدّ الوسط مختلف في المقدّمتين ، ففي إحداهما جزئي ، وفي الأُخرى كلّي، وهو بديهي البطلان، ومغالطة لتعميم قضية جزئية لأخذ نتيجة كلّية .
هذا مع ما فيها من الكذب في أصل المسألة الفقهية ، كما أوضحنا آنفاً ، فالمغالطة من جهتين ، الأُولى : في اتهام الشيعة بمسألة لا وجود لها عندهم ، واستخدام مسألة فقهية كإطار لهذا الكذب ، والثانية : نفس المغالطة في إيهام الملازمة بين المسألة المدعاة وبين الوقوع الخارجي .
|
الصفحة 431 |
|
( مؤيّد الشمّري . العراق . 26 سنة . بكالوريوس الهندسة الكهربائية )