خاتمة المطاف : أهل البيت في الاَدب العربي
ما حقَّقناه حول الآية كان أمراً واضحاً لا لبس فيه عند المسلمين في الصدر الاَوّل فقد فهموا في الآية الكريمة و بفضل الروايات من هم أهل البيت من دون تردّد أو تريّث، وصاغوا ما فهموه في قوالب شعرية رائعة، نقتطف منها هذه الشذرات.
قال عمرو بن العاص في قصيدته الجلجلية المعروفة يمدح بها الاِمام علي ابن أبي طالب، وفيها هذا البيت في حق العترة الطاهرة:
فوال مواليه يا ذا الجلال *** وعاد معادي أخ المرسل
ولا تنقضوا العهد من عترتي *** فقاطعهم بي لم يوصل (1)
و قال الكميت بن زيد الاَسدي في قصيدة له:
1 . الغدير: 2|115.
[ 58 ]
ألم ترني من حب آل محمـد *** أروح وأغدو خائفاً أترقب
فإن هي لم تصلح لحي سواهم *** فإنّ ذوي القربى أحق وأوجب
يقولون لم يورث ولولا تراثه *** لقد شركت فيها بكيل وأرحب (1)
قال العبدي الكوفي (المتوفّـى 120 هـ) :
ولما رأيت الناس قد ذهبت بهم *** مذاهبهم في أبحر الغي والجهل
ركبت على اسم اللّه في سفن النجا *** وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل
وأمسكت حبل اللّه وهو ولاوَهم *** كما قد أمرنا بالتمسّك بالحبل (2)
قال الاِمام الشافعي:
يا أهل بيت رسول اللّه حبكم *** فرض من اللّه في القرآن أنزله
1 . الغدير: 2|191.
2 . الغدير: 2|290 ـ 326.
[ 59 ]
كفاكم من عظيم القدر أنّكم *** من لم يصل عليكم لا صلاة له (1)
وذكر ابن الصباغ المالكي في «الفصول» لقائل:
هم العروة الوثقى لمعتصم بها *** مناقبهم جاءت بوحي وانزال
مناقب في شورى وسورة هل أتى *** وفي سورة الاَحزاب يعرفها التالي
وهم آل بيت المصطفى فودادهم *** على الناس مفروض بحكم وإسجال (2)
وذكر الشبلنجي في «نور الاَبصار » عن أبي الحسن بن جبير :
أحب النبيّ المصطفى وابنَ عمه *** علياً وسبطيه وفاطمة الزهرا
هم أهل بيت أذهب الرجس عنهم *** وأطلعهم أفق الهدى أنجماً زهرا
موالاتهم فرض على كل مسلم *** وحبهم أسنى الذخائر للا َُخرى
1 . الغدير: 2|303.
2 . الغدير: 2|310 ـ 311، نقلاً عن الفصول: 13.
[ 60 ]
وما أنا للصحب الكرام بمبغض *** فإنّي أرى البغضاء في حقهم كفرا (1)
وقال العبدي:
يا سادتي يا بني علي *** يا «آل طه» و «آل صاد»
من ذا يوازيكم وأنتم *** خلائف اللّه في البلاد
أنتم نجوم الهدى اللواتي *** يهدي بها اللّه كل هاد
لولا هداكم إذاً ضللنا *** والتبس الغي بالرشاد
لازلت في حبكم أوالي *** عمري وفي بغضكم أعادي
وما تزودت غير حبي *** إياكم وهو خير زاد
وذاك ذخري الذي عليه *** في عرصة الحشر اعتمادي
1 . الغدير: 2|311، نقلاً عن نور الاَبصار : 13.
[ 61 ]
ولاكم والبراءة ممن *** يشنأكم اعتقادي(1)
وقال دعبل الخزاعي:
أتسكب دمع العين بالعبرات *** وبتَّ تقاسي شدّة الزفرات؟!
وتبكي لآثار لال محمد *** فقد ضاق منك الصدر بالحسرات
ألا فابكهم حقّاً وبلَّ عليهم *** عيوناً لريب الدهر منسكبات
ولا تنس في يوم الطفوف مصابهم *** وداهية من أعظم النكبات
سقى اللّه أجداثاً على أرض كربلا *** مرابيع أمطار من المزنات
وصلّـي على روح الحسين حبيبه *** قتيلاً لدى النهرين بالفلوات
قتيلاً بلا جرم فجعنا بفقده *** فريداً ينادي: أين أين حماتي
1 . الغدير: 2|317.
[ 62 ]
أنا الظامىَ العطشان في أرض غربة *** قتيلاً ومظلوماً بغير ترات
وقد رفعوا رأس الحسين على القنا *** وساقوا نساءً ولّهاً خفرات
فقل لابن سعد عذب اللّه روحه *** ستلقى عذاب النار باللعنات
سأقنت طول الدهر ما هبت الصبا *** واقنت بالآصال والغدوات
على معشر ضلّوا جميعاً وضيّعوا *** مقال رسول اللّه بالشّبهات (1)
وقال أيضاً:
نطق القرآن بفضل آل محمد *** وولاية لعليّه لم تجحد
بولاية المختار من خير الذي *** بعد النبي الصادق المتودد(2)
1 . الغدير: 2|381 ـ 382.
2 . الغدير: 2|381 ـ 382.
[ 63 ]
وقال الحماني (المتوفّـى 301 هـ) :
يا آل حاميم الذين بحبهم *** حكم الكتاب منزَّلٌ تنزيلا
كان المديح حُلـى الملوك وكنتم *** حلل المدايح غرّةً وحجولا
بيت إذا عَدَّ المآثر أهله *** عدّوا النبي وثانياً جبريلا
قوم إذا اعتدلوا الحمايل أصبحوا *** متقسِّمين خليفة ورسولا
نشأوا بآيات الكتاب فما انثنوا *** حتى صدرن كهولة وكهولا
ثقلان لن يتفرَّقا أو يطفيا *** بالحوض من ظمأ الصدور غليلا
وخليفتان على الاَنام بقوله *** الحق أصدق من تكلّم قيلا
فأتوا أكف الآيسين فأصبحوا *** ما يعدلون سوى الكتاب عديلا (1)
1 . الغدير: 3|66.
[ 64 ]
وقال العجلوني (المتوفّـى 1162 هـ ) :
لقد حاز آل المصطفى أشرف الفخر *** بنسبتهم للطاهر الطيَّب الذكر
فحبهم فرض على كل موَمن *** أشار إليه اللّه في محكم الذكر
ومن يدعي من غيرهم نسبة له *** فذلك ملعون أتى أقبح الوزر
وقد خص منهم نسل زهراء الاَشرف *** بأطراف تيجان من السندس الخضر
ويُغنيهمُ عن لبس ما خصَّهم به *** وجوهٌ لهم أبهى من الشمس والبدر
ولم يمتنع من غيرهم لبس أخضر *** على رأي من يعزى لا سيوط ذي الخبر
وقد صححوا عن غيره حرمة الذي *** رآه مباحاً فاعلم الحكم بالسبر (1)
وقال جرير بن عبد اللّه البجلي:
فصلى الاِله على أحمد *** رسول المليك تمام النعم
1 . الغدير: 3|173.
[ 65 ]
وصلى على الطهر من بعده *** خليفتنا القائم المدَّعْم
عليّاً عنيت وصي النبي *** يجالد عنه غواة الا َُمم
له الفضل والسبق والمكرما *** ت وبيت النبوّة لا المهتضم (1)
وقال الزاهي (المتوفّـى 352 هـ) :
يا سادتي يا آل ياسين فقط *** عليكم الوحي من اللّه هبط
لولاكم لم يقبل الفرض ولا *** رحا لبحر العفو من أكرم شط
أنتم ولاة العهد في الذرِّ ومن *** هواهم اللّه علينا قد شرط
ما أحد قايسكم بغيركم *** ومازج السلسل بالشرب اللمط
إلاّ كمن ضاهى الجبال بالحصى *** أو قايس الاَبحر جهلاً بالنقط (2)
1 . الغدير: 3|233.
2 . الغدير: 3|391.
[ 66 ]
قال أيضاً ضمن أبيات:
هم آل أحمد والصيد الجحاجحة الز *** هر الغطارفة العلوية الغرر
وقال أيضاً:
يا آل أحمد ماذا كان جرمكم *** فكل أرواحكم بالسيف تنتزع (1)
وقال الناشىَ الصغير (المتوفّـى 365 هـ ) :
بآل محمّد عرف الصواب *** وفي أبياتهم نزل الكتاب
هم الكلمات والاَسماء لاحت *** لآدم حين عزّ له المتاب
وهم حجج الاِله على البرايا *** بهم وبحكمهم لا يستراب
إلى آخر الآبيات التي يقول فيها:
يقول لقد نجوت بأهل بيت *** بهم يصلى لـظى وبهم يثاب
1 . الغدير: 3|396.
[ 67 ]
هم النبأ العظيم وفلك نوح *** وباب اللّه وانقطع الخطاب (1)
وقال البشنوي الكردي (المتوفّـى بعد 380 هـ) :
أليّة ربي بالهدى متمسكاً *** باثني عشر بعد النبي مراقباً
أبقي على البيت المطهر أهله *** بيوت قريش للديانة طالباً (2)
وقال أيضاً :
يا ناصبي بكل جهدك فاجهد *** إنّي علقت بحب آل محمد
الطيبين الطاهرين ذوي الهدى *** طابوا وطاب وليهم في المولد
واليتهم وبرئت من أعدائهم *** فاقلل ملامك لا أباً لك أوزد
فهم أمان كالنجوم وانّهم *** سفن النجاة من الحديث المسند (3)
1 . الغدير: 4|25.
2 . الغدير: 4|35.
3 . الغدير: 4|38.
[ 68 ]
وقال الصاحب بن عبّاد ( المتوفّـى 385 هـ ) :
أُواليكم يا آل بيت محمد *** فكلّكم للعلم والدين فرقد
وأترك من ناواكم وهو هتكه *** ينادى عليه مولد ليس يحمد (1)
وقال ابن الحجاج البغدادي (المتوفّـى 391 هـ ) :
فما وجدت شفاء تستفيد به *** إلاّ ابتغاءك تهجو آل ياسين
كافاك ربُّك إذ أجرتك قدرته *** بسب أهل العلا الغرِّ الميامين
إلى أن يقول:
وانّ أجر ابن سعد في استباحة *** آل النبوّة أَجر غير ممنون (2)
وقال أبو الفتح كشاجم (المتوفّـى 360 هـ) من قصيدة:
له في البكاء على الطاهرين *** مندوحة عن بكاء الغزل
1 . الغدير: 4|60.
2 . الغدير: 4|89.
[ 69 ]
فكم فيهم من هلال هوى *** قبيل التمام وبدر أفل
هم حجج اللّه في خلقه *** ويوم المعاد على من خذل
ومن أنزل اللّه تفضيلهم *** فردَّ على اللّه ما قد نزل
فجدّهم خاتم الاَنبياء *** ويعرف ذاك جميع الملل(1)
وقال أيضاً :
آل النبي فضّلتم *** فضل النجوم الزاهرة
وبهرتم أعداءكم *** بالمأثرات السائرة(2)
وقال أبو محمد الصوري الشاعر (المتوفّـى 419 هـ ) :
فهل ترك البين من أرتجيه *** من الاَوّلين والآخرينا
1 . الغدير: 4|3.
2 . الغدير: 4|17.
[ 70 ]
سوى حب آل نبي الهدى *** فحبهم أمل الآملينا
هم عدّتي لوفاتي هم نجاتي هم *** الفوز للفائزينا (1)
وقال من قصيدة في أهل البيت :
بماذا ترى تحتجُّ يا آل أحمد *** على أحمد فيكم إذا ما استعدت
وأشهر ما يروونه عنه قوله *** تركت كتاب اللّه فيكم وعترتي
ولكن دنياهم سعت فسعوا *** لها فتلك التي فلّت ضميراً عن التي (2)
وقال أيضاً من قصيدة:
فلهذا أبناء أحمد أبناء علي *** طرايد الآفاق
فقراء الحجاز بعد الغنى الاَكبر أسرى *** الشام قتلى العراق
1 . الغدير: 4|222 و 225.
2 . الغدير: 4|227.
[ 71 ]
جانبتهم جوانب الاَرض حتى *** خلت انّ السماء ذات انطباق
ان أقصر يا آل أحمد أو أغر *** ق كان التقصير كالاِغراق (1)
وقال الشبراوي الشافعي في كتابه «الاتحاف بحب الاَشراف»:
آل طه ومن يقل آل طه *** مستجيراً بجاهكم لا يرد
حبكم مذهبي وعقد يقيني *** ليس لي مذهب سواه وعقد (2)
وقال أيضاً في قصيدة أُخرى:
آل بيت النبي ما لي سواكم *** ملجأ أرتجيه للكرب في غد
لست أخشى ريب الزمان وأنتم *** عمدتي في الخطوب يا آل أحمد
من يضاهي فخاركم آل طه *** وعليكم سرادق العز ممتد
1 . الغدير: 4|227 ـ 228.
2 . الاِتحاف بحب الاَشرف: 99.
[ 72 ]
إلى أن يقول في قصيدته هذه:
يا إلهي ما لي سوى حب آل *** البيت , آل النبي طه الممجد
أنا عبد مقصر لست أرجو *** عملاً غير حب آل محمد (1)
وقال أيضاً من قصيدة:
يا كرام الاَنام يا آل طه *** حبكم مذهبي وعقد ولائي
ليس لي ملجأ سواكم وذخر *** أرتجيه في شدتي ورخائي
فاز من زار حيكم آل طه *** وجنا منكم ثمار العطاء (2)
وقال أيضاً في قصيدة:
أنا في عرض آل بيت نبي *** طهر اللّه بيتهم تطهيراً
سادة أتقياء أعطاهم اللّه *** مقاماً ضخماً وملكاً كبيراً
1 . الاِتحاف بحب الاَشراف: 100 و 101.
2 . الاِتحاف بحب الاَشراف: 100 و 101.
[ 73 ]
إلى أن يقول:
يا بحور الكمال يا آل طه *** كم مننتم وكم جبرتم كسيراً
هل على غير بيتهم نزل الو *** حي بجبريل خادماً مأموراً
هل سواكم قد أذهب اللّه عنه الرجـ *** ـس نصّاً في ذكره مسطوراً (1)
(أُولئك الذين هدى اللّه فبهداهم اقتده ) (2)