هم مسلمون :
السؤال : لدي استفسارات مهمّة أرجو أن تجيبوا عليها إجابة واضحة شافية .
أوّلاً : أخبرنا الشريف عمر بن محمّد بن حمزة العلوي الزيدي ، ... وأبو غالب سعيد بن محمّد بن أحمد الثقفي الكوفي بها ، قالا : أخبرنا أبو عبد الله
|
الصفحة 448 |
|
محمّد ابن علي بن الحسين بن عبد الرحمن العلوي قال : أخبرنا زيد بن جعفر بن محمّد ابن حاجب قال : حدّثنا أبو العباس محمّد بن الحسين بن هارون قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن علي الحسني قال : حدّثنا محمّد بن مروان الغزال قال : حدّثنا عامر بن كثير السراج ، عن أبي الجارود قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) قال : قلت له بمكّة ، أو بمنى : يا بن رسول الله ما أكثر الحاجّ ؟
قال : " ما أقلّ الحاجّ ، ما يغفر إلاّ لك ولأصحابك ، ولا يتقبّل إلاّ منك ومن أصحابك " (1) .
السؤال : هل هذا الحديث صحيح أم ضعيف ؟
وهل ما جاء فيه ينطبق فقط على الزمن الذي كان فيه الإمام أبو جعفر (عليه السلام)؟ أم أنّه كذلك لا يقبل الحجّ حتّى في زماننا هذا إلاّ من الشيعة الإمامية ؟ وما قول العلماء المعاصرين في هذه المسألة ؟
ثانياً : أخبرنا محمّد بن محمّد قال : حدّثنا الشريف الصالح أبو محمّد الحسن بن حمزة العلوي الطبري الحسيني قال : حدّثنا محمّد بن الفضل بن حاتم المعروف بأبي بكر النجار الطبري الفقيه قال : حدّثنا محمّد بن عبد الحميد قال : حدّثنا داهر بن محمّد بن يحيى الأحمري قال : حدّثنا المنذر بن الزبير ، عن أبي ذر الغفاري قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " لا تضادّوا بعلي أحداً فتكفروا ، ولا تفضّلوا عليه أحداً فترتدّوا " (2) .
السؤال : عن صحّة هذا الحديث أيضاً ؟ وما المقصود بـ " لا تضادّوا " ؟ وإذا كان صحيحاً ، هل يعني هذا أنّ العامّة من أهل السنّة حين يفضّلون الشيخين على علي أنّهم مرتدّون ؟ وهل يعني الارتداد هنا عن الإسلام ؟ أي أنّهم كفّار وغير مسلمين مهما فعلوا ؟
أرجو أن يكون الجواب مدعماً كذلك بقول العلماء المعاصرين .
الجواب : إنّ الحديث الأوّل ليس نقي السند بالشكل الذي يؤخذ به ، ففيه من المهملين والمجهولين ، أو غير الموثقين بحيث لا يمكن الاعتماد عليه ، والأمر فيه موكول إلى علم الرجال .
____________
1- بشارة المصطفى : 123 .
2- الأمالي للشيخ الطوسيّ : 153 .
|
الصفحة 449 |
|
ثمّ مع غضّ النظر عن السند فالرواية في مجال بيان شرطية موضوع الولاية في قبول الأعمال ، وقد وردت أحاديث كثيرة تصرّح بأنّ الفاقد للولاية ومنكرها لا يقبل الله عزّ وجلّ منه أعماله يوم القيامة ، وإن صلّى وصام وحجّ و.. ، فالولاية شرط في صحّة العمل .
نعم ، ينبغي أن نتعامل مع غيرنا بالظواهر ، فنحكم بإسلام كلّ من اعتقد بأُصول الدين ، وعمل بالأركان ، حتّى وإن كان اعتقادنا بأنّ منكر الولاية سوف تذهب أعماله هباءً يوم القيامة .
والحديث الثاني يشتمل على رواة مجهولين أو مهملين وضعفاء ، فلا يمكن الركون إليه ، ولا تتمّ به الحجّة .
ثمّ على فرض حجّية السند لا أشكال في جانب دلالته ، إذ إنّ الكفر والارتداد المذكورين هنا بمعنى الانحراف ، والعدول عن الخطّ المستقيم الذي رسمه النبيّ (صلى الله عليه وآله) للأُمّة .
وعليه ، فلا سبيل لتكفير الآخرين ، بمعنى الحكم عليهم بخروجهم عن الإسلام ، وإن كان المنكر لإمامة علي (عليه السلام) سيحاسب على عقيدته ـ إن لم يكن مستضعفاً ـ .
وهذا هو رأي علماء الشيعة ، حيث يفتون بإسلام أهل السنّة ، وإن كانوا يرونهم منحرفين عن خطّ الإمامة والولاية .
( عبد الله . ... . ... )
إطلاق مصطلح أهل السنّة والجماعة :
السؤال : من الذي أطلق مصطلح أهل السنّة والجماعة ؟
الجواب : قال الدكتور التيجاني السماوي في كتابه : " لقد بحثت في التاريخ فلم أجد إلاّ أنّهم اتفقوا على تسمية العامّ الذي استولى فيه معاوية على الحكم بعام الجماعة ، وذلك أنّ الأُمّة انقسمت بعد مقتل عثمان إلى قسمين : شيعة علي ،
|
الصفحة 450 |
|
وأتباع معاوية .
ولما استشهد الإمام علي (عليه السلام) ، واستولى معاوية على الحكم بعد الصلح ، الذي أبرمه مع الإمام الحسن (عليه السلام) ، وأصبح معاوية أمير المؤمنين ، سمّي ذلك العام بعامّ الجماعة .
إذاً ، فالتسمية بأهل السنّة والجماعة دالّة على اتباع سنّة معاوية ، والاجتماع عليه ، وليست تعني اتباع سنّة رسول الله ، فالأئمّة من ذرّيته وأهل بيته أدرى وأعلم بسنّة جدّهم من الطلقاء ، وأهل البيت أدرى بما فيه ، وأهل مكّة أدرى بشعابها ، ولكننا خالفنا الأئمّة الاثني عشر الذين نصّ عليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، واتبعنا أعداءهم .
ورغم اعترافنا بالحديث الذي ذكر فيه رسول الله اثني عشر خليفة كلّهم من قريش ، إلاّ أنّنا نتوقّف دائماً عند الخلفاء الأربعة ، ولعلّ معاوية الذي سمّانا بأهل السنّة والجماعة ، كان يقصد الاجتماع على السنّة التي سنّها في سبّ علي ، وأهل البيت التي استمرت ستين عاماً ، ولم يقدر على إزالتها إلاّ عمر بن عبد العزيز ، وقد يحدّثنا بعض المؤرّخين : أنّ الأمويّين تآمروا على قتل عمر بن عبد العزيز ـ وهو منهم ـ لأنّه أمات السنّة ، وهي لعن علي بن أبي طالب " (1) .
( أبو الزين . الأردن . ... )
السؤال : ورد عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : قلت له : إنّ بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفنا ؟ ... ثمّ قال : " والله يا أبا حمزة إنّ الناس كلّهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا " (2) .
ونورد سؤالاً كما يقول صديقي الأشعري : لو أنّ رجلاً من أبوين سنّيين أصبح شيعياً ، فهل يكون أبواه أولاد زنا ؟ ولو أنجب الشيعيّ ولداً ، وأصبح الولد سنّياً ، فهل يكون أبوه بغياً مع تشيّعه ؟ وهل يصدّق مسلم يعظّم آل
____________
1- ثمّ اهتديت : 203 .
2- الكافي 8 / 285 .
|
الصفحة 451 |
|
البيت الأطهار صدور مثل هذا عنهم ؟ حاشاهم الله ، فما قولكم .
الجواب : بالنسبة للرواية ، فيجب البحث فيها سنداً ودلالةً .
أمّا السند ، فيشتمل على مهملين أو غير موثّقين كعلي بن العباس ، وحسن ابن عبد الرحمن ، فلا حجّية له حتّى يبحث عنه .
وأمّا الدلالة ، فلا ينبغي التأمّل في معنى الرواية ، بعد ما عرفنا أنّ لكلّ قوم نكاحاً معترفاً به شرعاً بإجماع المسلمين ، فهل يعقل أن لا يعترف بصحّة عقد المسلم السنّي مثلاً ؟!
( نبيل . الجزائر . ... )
السؤال : هل يعتبر أهل السنّة أعداء للشيعة الإمامية ، ولماذا ؟
الجواب : مَن قال لكم بأنّ أهل السنّة هم أعداء للشيعة ؟! كلّ من قال لك هذا فهو كاذب ، نعم توجد بينهم بعض الاختلافات في المسائل العقائدية والفقهية ، ولكن هذه الاختلافات لم تفسد للودّ قضية ، فتشاهد الشيعة وأهل السنّة يعيشون بأمن وسلام في مناطق كثيرة من العالم الإسلامي ـ كلبنان وإيران والعراق ـ .
وإنّما الذي يعدّ عدوّاً للشيعة والسنّة هم الوهّابيون ، الذين يشعلون نيران الفتنة بين الحين والآخر ، وليس هدفهم ضرب التشيّع فحسب ، بل ضرب المسلمين بجميع مذاهبهم ، وذلك لأنّهم يذهبون إلى أنّ أكثر المسلمين باختلاف مذاهبهم هم مشركون .
( محمّد . الكويت . ... )
السبب من مخالفتهم لولاية علي :
السؤال : ما هو السبب في مخالفة جمهور المسلمين لنصوص وتعاليم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟
الجواب : لا عجب في ذلك ، لمن طالع التاريخ الإسلامي ، ولاحظ سيرة
|
الصفحة 452 |
|
المسلمين ، بل سيرة الصحابة المقرّبين ، وموافقهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، على الرغم من تأكيد القرآن الكريم على لزوم الطاعة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) والانصياع له .
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ } (1) .
نجد موارد مخالفات الصحابة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في حياته كثيرة ، نذكر منها :
1ـ مخالفتهم لأمر الرسول (صلى الله عليه وآله) في معركة أُحد ، حيث نصّب خمسين رجلاً على جبل ، وأمرهم بعدم النزول ، ولكن حينما صارت كفّة الحرب لصالح المسلمين ترك هؤلاء مكانهم طمعاً في الغنيمة ، فكانت النتيجة أن يستغلّ العدوّ هذا الفجوة ، ويكسر بجيش المسلمين .
2ـ مخالفتهم في صلح الحديبية ، حيث اعترضوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حينما أمضى بنود الصلح ، وكان من جملتهم عمر بن الخطّاب ، حيث اعتبر الصلح دنية في الدين (2) .
3ـ تخلّفهم عن جيش أُسامة بن زيد ، بعدما أمرهم (صلى الله عليه وآله) بالالتحاق به ، ولعن من تخلّف عنه (3) .
4ـ مخالفتهم في إحضار القرطاس والدواة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) حينما أمرهم أن يأتوه بهما ، ليكتب لهم كتاباً لا يضلّوا بعده أبداً ، فقال عمر : حسبنا كتاب الله ، إنّ النبيّ قد غلب عليه الوجع ، فخرج ابن عباس يقول : " إنّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين كتابه " (4) .
إذاً ، فلا عجب لمن خالف في ذلك وأمثاله أن يخالف فيما سواه إذا تعارض مع مصالحه ، وبالخصوص في مسألة الولاية والحكم لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، بعدما أوصى بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديث الغدير وغيره .
( علي . لبنان . 25 سنة . إجازة في الحقوق )