وغفلتهم عما في الصحاح :
السؤال : لو كان ما في الصحاح يكفي لإثبات الحجّية ، فلماذا يغفل عنه أهل
____________
1- النساء : 59 .
2- صحيح البخاريّ 3 / 182 و 6 / 45 ، صحيح مسلم 5 / 175 ، مسند أحمد 3 / 486 و 4 / 330 ، نيل الأوطار 8 / 187 .
3- الملل والنحل 1 / 23 .
4- صحيح البخاريّ 5 / 138 و 7 / 9 و 8 / 161 ، صحيح مسلم 5 / 76 .
|
الصفحة 453 |
|
السنّة ؟
كلّ مولود يولد على ما عليه ، فلو كنت مولوداً من أبوين سنّيين لكنت مقتنعاً بما يقولونه أهل السنّة ، ولو أنّ الصحاح تتضمّن إجابات واضحة تدعم المذهب الشيعيّ ، فلماذا يغفل عنها أهل السنّة بهذا الشكل الصارخ ؟ وشكراً .
الجواب : إنّ الكثير من أهل السنّة يغفلون عمّا في الصحاح من أحقّية الحقّ ، لأنّهم يعتقدون بعدالة الصحابة جميعاً ، ولأنّ بعض الصحابة كانوا راضين بأفعال كبرائهم الذين سلبوا الحقّ عن أهله ، فانحرفت الأُمّة بانحراف بعض الصحابة، وبقي التابعون واللاحقون ـ وإلى يومنا هذا ـ على جهلهم ، لا يكلّف أحدهم نفسه بأن يعرف بما في الصحاح ، وبقي قسم منهم على تعصّبه لا تطاوعه نفسه أن يتحوّل عن الباطل .
{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } (1) .
( أحمد السنان . السعودية . 25 سنة . خرّيج متوسطة )
القاصرين منهم قد يدخلون الجنّة :
السؤال : هل يدخل الجنّة من مات مسلماً وليس موالياً لأهل البيت ؟
الجواب : قال تعالى : { وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } (2) .
وقال تعالى : { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } (3) .
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " وستفترق أُمّتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلّها في النار إلاّ واحدة " (4) ، فالنبيّ (صلى الله عليه وآله) أثبت الافتراق ، وبيّن دخول واستحقاق الجنّة لفرقة واحدة ، وأثبت النار لباقي الفرق ، وإن سمّاها أُمّتي ، أي أنّه أثبت
____________
1- البقرة : 170 .
2- الأنعام : 153 .
3- البقرة : 85 .
4- سنن الدارمي 2 / 241 ، سنن ابن ماجة 2 / 1322 ، سنن أبي داود 2 / 390 ، الجامع الكبير 4 / 135 ، المستدرك 1 / 128 ، المعجم الكبير 8 / 273 .
|
الصفحة 454 |
|
الإسلام للفرق الأُخرى غير الناجية في الدنيا ، وأثبت دخولها النار في الآخرة فلا منافاة .
وسؤالكم يقع في هذا التفصيل ، فإنّ المخالف لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) وغير المعتقد بولاية علي (عليه السلام) إنّما هو قد أنكر أمراً إلهيّاً ونبويّاً فاستحقّ النار بذلك ، مع ثبوت إسلامه الظاهري ، كما هو حال المنافقين ، فقد كان باطنهم واستحقاقهم شيئاً ، وظاهرهم والتعامل معهم كمسلمين شيء آخر .
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ المخالف للحقّ يقسّم إلى قاصر ومقصّر ، فالقاصر الذي بذل وسعه ولم يعرف الحقّ فيتبعه ، أو كان غير مؤهّل لإدراك الحقّ ، فهذا يوكل أمره إلى الله ، وأمّا المقصّر فالكلام المتقدّم كلّه معه .
قال بعض علمائنا (قدس سره) : مع أنّ الأخبار متظافرة بعدم صحّة أعمال من لم يكن من أهل الولاية ، من جملتها ما رواه الصدوق (قدس سره) بإسناده إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) : " لو أنّ رجلاً عمّر ما عمّر نوح في قومه ، ألف سنة إلاّ خمسين عاماً ، يصوم النهار ، ويقوم الليل بين الركن والمقام ، ثمّ لقى الله عزّ وجلّ بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئاً " (1) .
( سلمان . البحرين . 24 سنة . طالب جامعة )
السؤال : وفّقكم الله لما يحبّ ويرضاه ، هل الإمامية يكفّرون من لم يقل بالولاية ؟ وما تعليقكم على الروايات التالية :
1ـ يوسف البحرانيّ قال : " وليت شعري أيّ فرق بين من كفر بالله سبحانه وتعالى ورسوله ، وبين من كفر بالأئمّة (عليهم السلام) ؟ مع ثبوت كون الإمامة من أُصول الدين " (2) .
2ـ الفيض الكاشانيّ قال : " ومن جحد إمامة أحدهم ـ أي الأئمّة الاثني عشر ـ فهو بمنزلة من جحد نبوّة جميع الأنبياء (عليهم السلام) " (3) .
3ـ المجلسيّ قال : " أعلم أنّ إطلاق لفظ الشرك والكفر على من لم يعتقد
____________
1- روض الجنان : 357 .
2- الحدائق الناضرة 18 / 153 .
3- منهاج النجاة : 44 .
|
الصفحة 455 |
|
بإمامة أمير المؤمنين والأئمّة من ولده (عليهم السلام) ، وفضّل عليهم غيرهم يدلّ على أنّهم كفّار مخلّدون في النار "" (1) .
4ـ المفيد قال : " اتفقت الإمامية على أنّ من أنكر إمامة أحد من الأئمّة ، وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة فهو كافر ضالّ مستحقّ للخلود في النار " (2) .
5ـ يوسف البحرانيّ قال : " إنّك قد عرفت أنّ المخالف كافر ، لا حظ له في الإسلام بوجه من الوجوه ، كما حقّقناه في كتابنا الشهاب الثاقب " (3) .
أتمنى إرسال الجواب في أقرب فرصة ممكنة ، وذلك لردّ كيد المغرضين والمشكّكين لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، ودمتم في خدمة الإسلام والمسلمين .
الجواب : إنّ مسألة الحكم بكفر من لم يعتقد بإمامة الأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام) تعود إلى مسألة إنكار الضروريّ ، وبما أنّ الإمامة ليست من ضروريات الدين عند بعض الفرق الإسلامية ، فلا يمكن الحكم بكفرها .
نعم ، الإمامة والاعتقاد بالأئمّة الاثني عشر (عليهم السلام) هو من ضروريات المذهب ، وعدم الاعتقاد بها يعدّ خروجاً عن المذهب لا عن الإسلام ، ومن هنا تحمل كلمات بعض العلماء الواردة في هذا الموضوع ، بإرادة التكفير بالمعنى الأخصّ ـ أي عدم الإيمان ـ لا التكفير بالمعنى الأعمّ ـ وهو عدم الإسلام ـ وهذه رسائل علماء الإمامية منتشرة في عرض الأرض وطولها ، تشهد بإسلام المخالف ـ وهو من لا يعتقد بإمامة الأئمّة الاثني عشر ـ وطهارته .
ومن خالف هذا الحكم بقول أو فتوى ، فهو لا يتعدّى كونه رأياً خاصّاً به لا يمثل موقف الطائفة أو مشهور علمائها ، بل نقل الشيخ البحرانيّ ما نصّه : " أنّ المشهور بين متأخّري الأصحاب ـ أي علماء الإمامية ـ هو الحكم بإسلام المخالفين وطهارتهم ، وخصّوا الكفر والنجاسة بالناصب ، كما أشرنا إليه في صدر الفصل ، وهو عندهم من أظهر عداوة أهل البيت (عليهم السلام) " (4) .
وتجدر الإشارة إلى أنّ من علم حكماً شرعيّاً على نحو اليقين ثم جحده يكون كافراً بإجماع المسلمين . ومن ذلك من علم بإمامة أهل البيت وجحدها .
____________
1- بحار الأنوار 23 / 390 .
2- نفس المصدر السابق نقلاً عن كتاب المسائل .
3- الحدائق الناضرة 18 / 153 .
4- المصدر السابق 5 / 175 .
|
الصفحة 456 |
|
( ... . استراليا . 23 سنة )