التثنية في يداه مبسوطتان :
السؤال : المرجوّ من سماحتكم تفسير التثنية في { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ } (2) ، وشكراً جزيلاً .
الجواب : قال الشيخ المفيد (قدس سره) : ( وفي القرآن { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ } يعني
____________
1- الكافي 1 / 125 .
2- المائدة : 64 .
|
الصفحة 76 |
|
نعمة الدنيا ونعمة الآخرة ) (1) ، وجاء عن النوويّ عند حديثه عن التلبية في الحجّ وتكرارها عن القاضي عياض أنّه قال : ( التلبية مثناة للتكثير والمبالغة ، ومعناه إجابة بعد إجابة ، ولزوماً لطاعتك ، فثنّى للتوكيد لا تثنية حقيقية ، بل هو بمنزلة قوله تعالى : { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ } أي : نعمتاه ، على تأويل اليد بالنعمة هنا ) (2) .
وفي مجمع البحرين : ( قوله : { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ } كناية عن الجود ، وتثنية اليد مبالغة في الردّ ، ونفي البخل عنه واثبات لغاية الجود ، فإنّ غاية ما يبلغه السخي من ماله أن يعطيه بيديه ، ولا يريد حقيقة اليد والجارحة ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ) (3) .
وروى الشيخ الصدوق (قدس سره) بسنده عن المشرقي ، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال : سمعته يقول : { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ } ، فقلت له : يدان هكذا ـ وأشرت بيدي إلى يديه ـ فقال : ( لا ، لو كان هكذا لكان مخلوقاً ) (4) .
( نوفل . المغرب . 26 سنة )
العلوّ لله بمعنى العلوّ في القدرة :
السؤال : المرجو من سماحتكم تفسير العلو لله في قوله تعالى : { أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء } (5) ، وشكراً جزيلاً .
الجواب : قال السيّد المرتضى (قدس سره) ـ في بحثه عن الآية الكريمة ، والخبر الوارد عن سؤال النبيّ (صلى الله عليه وآله)للجارية ( أين الله ) ؟ فقالت : ( في السماء ) ـ : (
____________
1- الاعتقادات للشيخ المفيد : 23 .
2- المجموع 7 / 244 .
3- مجمع البحرين : 199 .
4- معاني الأخبار : 18 .
5- الملك : 16 .
|
الصفحة 77 |
|
وقولها ـ في السماء ـ فالسماء هي الارتفاع والعلوّ ، فمعنى ذلك أنّه تعالى عال في قدرته ، وعزيز في سلطانه ، لا يبلغ ولا يدرك ، ويقال سما فلان يسمو سموّاً ، إذا ارتفع شأنه وعلا أمره .
وقال تعالى : { أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ } الآية ، فاخبر تعالى بقدرته وسلطانه وعلوّ شأنه ونفاذ أمره ـ إلى أن يقول ـ : وكلّ معاني السماء التي تتصرّف وتتنوّع ترجع إلى معنى الارتفاع والعلوّ والسمو ، وإن اختلفت المواضع التي أجريت هذه اللفظة فيها ، وأولى المعاني بالخبر الذي سُئلنا عنه ما تقدّم من معنى العزّة وعلوّ الشأن والسلطان ، وما عدا ذلك من المعاني لا يليق به تعالى ، وإنّ العلوّ بالمسافة لا يجوز على القديم تعالى ، الذي ليس بجسم ولا جوهر ولا حال فيهما .
ولأنّ الخبر والآية التي تضمّنت أيضاً ذكر السماء خرجت مخرج المدح ، ولا مدح في العلوّ بالمسافة ، وإنّما التمدّح بالعلوّ في الشأن والسلطان ونفاذ الأمر ، ولهذا لا تجد أحداً من العرب مدح غيره في شعر أو نثر بمثل هذه اللفظة ، وأراد بها علوّ المسافة ، بل لا يريد إلاّ ما ذكرناه من معنى العلوّ في الشأن ) (1) .
____________
1- الأمالي للسيّد المرتضى 4 / 75 .
|
الصفحة 78 |
|
( علي . الدانمارك . ... )
السؤال : هل يذهب شيخ الطائفة إلى القول بنسخ الحكم والتلاوة ؟
والذي شدّ انتباهي هو أنّه يدعم رأيه بروايات من البخاريّ ، وهو كما لا يخفى فيه من الروايات لا يقبل بها أيّ عقل ، ناهيك عن رجال البخاريّ من ناصبيّ إلى خارجيّ .
الجواب : إنّ الشيخ الطوسيّ (قدس سره) من المصرّحين بنفي التحريف .
قال في التبيان : ( وأمّا الكلام في زيادته ونقصانه ، فممّا لا يليق به أيضاً ، لأنّ الزيادة فيه مجمع على بطلانها ، وأمّا النقصان منه ، فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه ، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا ، وهو الذي نصره المرتضى ، وهو الظاهر في الروايات .
غير أنّه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصّة والعامّة بنقصان كثير من آيات القرآن ، ونقل شيء منه من موضع إلى موضع ، طريقها الآحاد التي لا تُوجِد علماً ولا عملاً ، فالأولى الإعراض عنها ، وترك التشاغل بها ) (1) .
وأمّا ما أورده من تقسيم للنسخ ، وذكر المصاديق ، فإنّه مجرّد نقل الأقوال في المسألة ، ولا يوجد تصريح ، بل ولا تلميح بتبنّيه لمسألة نسخ الحكم والتلاوة ، أو مسألة نسخ التلاوة دون الحكم .
وما أورده في كتابه الخلاف من استدلاله بخبر ، فهو من باب الإلزام ، لأنّه
____________
1- التبيان 1 / 3 .
|
الصفحة 79 |
|
بعد أن حكم بوجوب الرجم على الثيّب الزانية ، حكى عن الخوارج أنّهم قالوا : لا رجم في شرعنا ، فأجاب بقوله : ( دليلنا إجماع الفرقة ، وروي عن عمر أنّه قال : لولا أنّني أخشى أن يقال زاد عمر في القرآن لكتبت آية الرجم في حاشية المصحف ) (1) .
( غانم النصّار . الكويت . ... )
السؤال : يقول الكثير من علماء الشيعة بتحريف ونقصان القرآن ، فما هو ردّكم على هذا الكلام ؟
الجواب : إنّ مسألة تحريف القرآن من المسائل التي اتخذها أعداء التشيّع ذريعة في الطعن به ، مع أنّ الموجود في مصادر غير الشيعة ، ممّا هو صريح في التحريف ، أضعاف مضاعفة ممّا هو موجود في كتب الشيعة ؛ فهذه صحاح أهل السنّة مليئة بالأحاديث التي تثبت التحريف ، وبعض هذه الصحاح التزم مؤلّفوها بأن لا يرووا فيها إلاّ ما صحّ عندهم ، واعتقدوا به ، وكذلك تجد عدداً كبيراً من الصحابة ممّن كان يعتقد بالتحريف ، كما أنّ كتاب المصاحف للسجستانيّ ، وكتاب الفرقان لابن الخطيب من كتب أهل السنّة ، الذين أثبتوا التحريف فيها .
وعلى كلّ حال ، فالبحث في هذه المسألة ليس في نفع المسلمين ، لأنّ المسلمين في عصرنا الحاضر متّفقون على عدم التحريف ، والمنتفع الأوّل والأخير من طرح هذه المسألة هم أعداء الإسلام والقرآن ، بالأخصّ أعداء الدين المحمّديّ ، المتلبّسين باسم الإسلام ، الذين يسمّون بالوهابيّة .
____________
1- الخلاف 5 / 366 .
|
الصفحة 80 |
|
( ... . السعودية . ... )