الكلب نجس :
السؤال : لماذا يعتبر المسلمون بأنّ الكلب نجس حين لمسه ، أو تربيته في المنزل ؟ مع الاستدلال بالقرآن والسنّة والاستدلال العلمي إن أمكن ؟
الجواب : نشير إلى بعض النقاط التالية :
أـ الطهارة والنجاسة من الأحكام التعبّدية التي تدور مدار قول الشارع ، فلا مجال للعقل استقلالاً للتحكّم في مواردها .
ب ـ نعلم إجمالاً بأنّ حكمة الأحكام ـ بما فيها الطهارة والنجاسة ـ لا تنكر إذ مع العلم بصدورها من الحكيم ـ والحال هذه ـ لا ينبغي التأمّل بوجود الحكم والمصالح فيها ، ولو أنّنا لم نصل إلى كنه كُلّ منها ، وهذا لا يضرّ في تعبّدنا بعد علمنا المسبق بوجود المنافع والمضار فيها .
نعم ، لابأس بالتحرّي واستكشاف هذه المصالح والحكم بمعونة العلم الجديد وغيره .
ج ـ الذي عليه كافّة علماء الشيعة ، وأكثر علماء السنّة نجاسة الكلب عيناً ولعاباً ، فهو من الأعيان النجسة بعينه وولوغه ، فيحكم عليه بقاعدة النجاسات ، وعليه فلا يضرّ لمسه أو وجوده في البيت ـ كما هو الحال عند رعاة الغنم ـ إذا لم تتعدّ النجاسة منه إلى الموارد التي يجب طهارتها ـ مثل موارد الأكل والشرب
|
الصفحة 229 |
|
ولباس المصلّي ـ برطوبة مسرية ، ولو أنّ اقتناءه وحفظه في المنزل يعدّ مكروهاً إن لم تكن ضرورة في البين .
د ـ الروايات الواردة في المقام كثيرة من الفريقين ، ففي بعضها : " رجس نجس " (1) ، وفي بعضها الآخر : " لا والله إنّه نجس " (2) ، وأيضاً : " طهر إناء أحدكم إذ ولغ الكلب فيه أن يغسله سبع مرّات " (3) .
هـ ـ قد ثبت علميّاً اختزان بعض الجراثيم الفتّاكة على جلد الكلب وشعره ، ممّا يؤدّي إلى نقلها داخل المجتمع ؛ وهذا ما أكّدته بعض النظريات العلمية المختصّة ، وأنّ هذه الجراثيم لا يمكن القضاء عليها إلاّ بالتراب ، فلابأس بالمراجعة إلى تلك الجهات للوقوف على هذه المعلومات .
( ... . السويد . 23 سنة )
السؤال : ما هي الأدلّة الشرعية على نجاسة من لا يؤمن بالله تعالى ؟ وجزاكم الله خير الجزاء .
الجواب : إنّ الكافر عند علمائنا كافّة نجس العين ، وذلك للأدلّة التالية :
1ـ قولـه تعالى : { إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ } (4) .
2ـ قولـه تعالى : { كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } (5) .
3ـ قال (صلى الله عليه وآله) : " المؤمن ليس بنجس " (6) .
____________
1- الاستبصار 1 / 19 ، تهذيب الأحكام 1 / 225 .
2- نفس المصدرين السابقين .
3- مسند أحمد 2 / 314 و 427 ، صحيح مسلم 1 / 162 ، المصنّف للصنعاني 1 / 96 .
4- التوبة : 28 .
5- الأنعام : 125 .
6- المغني لابن قدامة 1 / 43 و 2 / 307 ، المصنّف لابن أبي شيبة 3 / 153 .
|
الصفحة 230 |
|
4ـ سئل الإمام الباقر (عليه السلام) عن رجل صافح مجوسيّاً ؟ فقال : " يغسل يده ولا يتوضّأ " (1) .
( أحمد . ... . طالب متوسطة )
السؤال : ما هي النجاسات ، أرجو بيانها .
الجواب : ذكر علماؤنا في كتبهم الفقهية ورسائلهم العملية أنّ النجاسات عشرة ، وهي :
الأوّل والثاني : البول والغائط من كُلّ حيوان لـه نفس سائلة محرّم الأكل بالأصل ، أو بالعارض ، كالجلال والموطوء ، أمّا ما لا نفس لـه سائلة أو كان محلّل الأكل ، فبوله وخرؤه طاهران .
الثالث : المني من كُلّ حيوان لـه نفس سائلة وإن حلّ أكل لحمه ، وأمّا مني ما لا نفس لـه سائلة فطاهر .
الرابع : الميتة من الحيوان ذي النفس السائلة ، وإن كان محلّل الأكل ، وكذا أجزاؤها المبانة منها ، وإن كانت صغاراً .
الخامس : الدم من الحيوان ذي النفس السائلة ، أمّا دم ما لا نفس لـه سائل كدم السمك ، والبرغوث ، والقمل ، ونحوها فإنّه طاهر .
السادس والسابع : الكلب ، والخنزير البرّيان بجميع أجزائهما وفضلاتهما ورطوباتهما دون البحريين .
الثامن : المسكر المائع بالأصالة بجميع أقسامه ، وأمّا الجامد كالحشيشة فهو طاهر لكنّه حرام .
التاسع : الفقاع : وهو شراب مخصوص متّخذ من الشعير ، وليس منه ماء الشعير الذي يصفه الأطباء .
____________
1- الكافي 2 / 650 ، تهذيب الأحكام 1 / 263 .
|
الصفحة 231 |
|
العاشر : الكافر : وهو من لم ينتحل ديناً أو انتحل ديناً غير الإسلام ، أو انتحل الإسلام وجحد ما يعلم أنّه من الدين الإسلامي ، بحيث رجع جحده إلى إنكاره الرسالة ، نعم إنكار المعاد يوجب الكفر مطلقاً ، ولا فرق بين المرتدّ ، والكافر الأصلي ، والحربي ، والذمّي ، والخارجي ، والغالي ، والناصب ، هذا في غير الكتابي (1) .
____________
1- أُنظر : منهاج الصالحين للسيّد الخوئي 1 / 106 .
|
الصفحة 232 |
|
( منصور جاسم أحمد . الكويت . ... )
زواج النبيّ (صلى الله عليه وآله) منها :
السؤال : كيف لا تتعارض الآية التالية مع زواج رسول الله من عائشة { الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ } (1) على اعتبار أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الطيّبين ، وعائشة من الخبيثات ؟
الجواب : قبل الإجابة عن سؤالك نودّ أن نوضّح بعض النقاط المتعلّقة بهذا الموضوع :
الأُولى : هناك من يدّعي على الشيعة زوراً وبهتاناً : أنّ الشيعة يطعنون بشرف عائشة ، وعادة يثير هؤلاء المدّعون هذه القضية عند الحديث عن حادثة الإفك التي ذكرها القرآن ، حتّى ارتبط في أذهان أكثر أهل السنّة أنّ من تسبّب في حادثة الإفك هم الشيعة ، وهذا افتراء عظيم ، والشيعة أبرياء منه للأسباب التالية :
أوّلاً : الشيعة لا يطعنون بشرف عائشة ـ على أقلّ تقدير احتراماً لشرف رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ ويعتقدون بأنّ الرسول منزّه عن العيوب ، ومن العيوب التي ينزّه عنها الإخلال بشرف أزواجه ، لأنّ ذلك الشيء إن حدث ـ نعوذ بالله ـ سيضعّف من مكانته في المجتمع ، ويؤثّر على تبليغه لرسالة ربّه .
____________
1- النور : 26 .
|
الصفحة 233 |
|
ثانياً : حادثة الإفك حدثت في زمن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، والذين تسبّبوا فيها هم جماعة من الصحابة ـ الذين يعتقد أهل السنّة بعدالتهم ، ولا يسمحون لأحد بأن يناقش أفعالهم وتصرّفاهم ـ وقد نصّ القرآن على ذلك بقولـه : { إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ } (1) .
ثالثاً : ثمّ إنّ هناك أخباراً ترويها كتب التاريخ ، تبيّن أنّ التي اتهمت بحادثة الإفك ليست عائشة ، وإنّما هي أُمّ المؤمنين مارية القبطية ـ أُمّ إبراهيم بن الرسول(صلى الله عليه وآله) ـ ، وإنّ عائشة كانت لها دوراً في نشر تلك التهمة ضدّ مارية ، ولكن السياسة الأُموية التي قلبت كثيراً من الحقائق ، تلاعبت بهذه القصّة أيضاً لأسباب سياسية ليس هذا محلّ الحديث عنها .
النقطة الثانية : إنّ مجرد زواج امرأة من نبيّ لا يعطيها عصمة وقدسية زائدة ، وهذا معروف لكُلّ مطّلع على القرآن ، فقد جعل الله تعالى زوجات بعض الأنبياء مثلاً للذين كفروا ، بسبب عدم إيمانهن بالله ومخالفتهن لأوامره ، قال تعالى : { ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ }(2) .
وكون امرأة نوح وامرأة لوط مثلاً للذين كفروا لم يقلّل من مكانة نوح ولوط (عليهما السلام) ، ولم يشكّك أحد في نوح ولوط لأنّ زوجتيهما كانتا كافرتين ، وأنّهما من أهل النار .
نعم ، زواج المرأة من النبيّ أو الرسول شرف عظيم لها ، وأمانة كبرى في عنقها ، يجب عليها أن تقدّر هذا التشريف ، وتحفظ تلك الأمانة ، ولذلك عبّر الله سبحانه عن تمرّد امرأتي نوح ولوط ومخالفتهما لأوامر الله بأنّه خيانة { فَخَانَتَاهُمَا } ، ولهذا السبب وعد الله تعالى من يحفظ هذه الأمانة من زوجات
____________
1- النور : 11 .
2- التحريم : 10 .
|
الصفحة 234 |
|
النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) بأن يؤتها أجرها مرّتين ، وهدّد من تخون هذه الأمانة بأن يضاعف لها العذاب ضعفين ، قال تعالى : { يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا * وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ الله وَرَسُولَهُ } (1) .
فبيّنت هذه الآيات أنّ لأزواج النبيّ الأكرم تكاليف تتناسب مع كونهن زوجات لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وعليهن الالتزام بهذه التكاليف وعدم مخالفتها .
وهذا يدلّ أنّه ليس لديهن عصمة ، وإنّما لديهن تكليف زائد يتناسب مع التشريف الذي حصلن عليه من خلال الارتباط برسول الله (صلى الله عليه وآله) .
النقطة الثالثة : أنّه لا يوجد عند الشيعة عداء شخصي مع واحدة من زوجات الرسول (صلى الله عليه وآله)، ولا ولاء لأُخرى ، وإنّما هم مأمورون باحترام زوجات الرسول (صلى الله عليه وآله) بشكل عام ، إلاّ من يثبت أنّها لم تحفظ تلك الأمانة التي تحدّث عنها القرآن ، أو أنّها خالفت أوامر الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) .
وقد ثبت تاريخياً أنّ عائشة لم ترع تلك الأمانة ، وخالفت أوامر الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) ـ سواء في حياة الرسول (صلى الله عليه وآله) أو بعد وفاته ـ ومن تلك المخالفات ما سجّله القرآن على عائشة وشريكتها حفصة ، منها على سبيل المثال :
1ـ أنّهما تظاهرتا على النبيّ (صلى الله عليه وآله) في حادثة المغافير التي سجّلها القرآن في سورة التحريم ، وتسبّبتا في أذية النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، حتّى حرّم على نفسه العسل ، فنزلت سورة التحريم .
____________
1- الأحزاب : 30 - 33 .
|
الصفحة 235 |
|
2ـ أنّها خالفت أمر الله ورسوله ، الذي أمر نساء النبيّ (صلى الله عليه وآله) بأن يقرن في بيوتهن ولا يخرجن منها ، قال تعالى : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى } (1) .
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لنسائه في حجّة الوداع : " هذه ثمّ ظهور الحصر " (2) ، والحال أنّها خرجت من بيتها ، وقادت الجيش لمحاربة المسلمين ، وقتل بسبب خروجها أكثر من عشرة آلاف مسلماً .
3ـ أنّها خرجت على إمام زمانها ـ الخليفة الشرعي الإمام علي (عليه السلام) ـ وقاتلته ، وكانت تبغضه ولا تطيق ذكر اسمه على لسانها ، ولما سمعت بموته فرحت ، رغم أنّها سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي (عليه السلام) مراراً وتكراراً : " يا علي لا يحبّك إلاّ مؤمن ، ولا يبغضك إلاّ منافق " (3) ، إلى غير هذه الأُمور .
من المواقف التي تظهر عدم مودّتها لأهل البيت ، الذين أمر الله تعالى بمودّتهم بقولـه : { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } (4) .
ولم تأت واحدة من نساء النبيّ الأُخريات بما أتت عائشة ، بل على العكس من ذلك ، كنّ ينتقدن عائشة بما تفعل ، ويحاولن منعها دون جدوى .
وخلاصة الكلام : إنّ قيام عائشة ببعض المخالفات لا يؤثّر على نزاهة النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، وقد جعل الله تعالى زوجتي نبيّين من الأنبياء الكرام ـ نوح ولوط (عليهما السلام) ـ مثلاً للذين كفروا ، ممّا يدلّ على أنّ كون المرأة زوجة نبيّ لا يعفيها من العقاب عند ارتكاب المخالفة والمعصية ، بل قال الله تعالى عن
____________
1- الأحزاب : 33 .
2- مسند أحمد 6 / 324 ، سنن أبي داود 1 / 388 .
3- مسند أحمد 1 / 95 و 128 ، مجمع الزوائد 9 / 133 ، فتح الباري 1 / 60 و 7 / 58 ، شرح نهج البلاغة 13 / 251 ، تاريخ بغداد 8 / 416 و 14 / 426 ، أُسد الغابة 4 / 26 ، تذكرة الحفّاظ 1 / 10 .
4- الشورى : 23 .
|
الصفحة 236 |
|
امرأة نوح وامرأة لوط أنّهما : { كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ } (1) .
وحذّر الله تعالى نساء النبيّ بقولـه : { مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا } (2) .
فإنّه كما أنّ الله تعالى يؤتي الحسنة منها أجرها مرّتين ، كذلك في حال المخالفة والمعصية يضاعف لها العذاب ضعفين .
( ... . مصر . . سنّي )