ما يتعلّق بخبائثهم :
السؤال : هذه شبهة وردت في إحدى مواقع الوهّابية في المنتديات ، أرجو الردّ السريع .
ليس في بول الأئمّة وغائطهم استخباث ولا نتن ولا قذارة ، بل هما كالمسك الأذفر ، بل من شرب بولهم وغائطهم ودمهم يحرّم الله عليه النار ، واستوجب دخول الجنّة، " أنوار الولاية للآخوند ملاّ زين العابدين الكلبايكاني : 440 " .
وروي عن أبي جعفر : " للإمام عشر علامات : يولد مطهّراً مختوناً ، وإذا وقع على الأرض وقع على راحته رافعاً صوته بالشهادتين ، ولا يجنب ، وتنام عينه ولا ينام قلبه ، ولا يتثاءب ، ولا يتمطّى ، ويرى من خلفه كما يرى من إمامه ، ونجوه كريح المسك "، الكافي 1 / 319 كتاب الحجّة ــ باب مواليد الأئمّة ".
أرجو المساعدة على الردّ على تلك الحثالة الوهّابية ، وشكراً .
|
الصفحة 444 |
|
الجواب : وردت رواية مرسلة في الكافي بهذا المعنى في بيان أنّ للإمام علامات عشر ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : " للإمام عشر علامات : يولد مطهّراً ، مختوناً ، وإذا وقع على الأرض وقع على راحته رافعاً صوته بالشهادتين، ولا يجنب ، وتنام عيناه ولا ينام قلبه ، ولا يتثاءب ، ولا يتمطّى ، ويرى من خلفه كما يرى من أمامه ، ونجوه كرائحة المسك ، والأرض موكلة بستره وابتلاعه، وإذا لبس درع رسول الله (صلى الله عليه وآله) كانت عليه وفقاً ، وإذا لبسها غيره من الناس طويلهم وقصيرهم زادت عليه شبراً ، وهو محدّث إلى أن تنقضي أيّامه " (1) .
قال المازندراني في شرح أُصول الكافي : " قوله : " ونجوه كرائحة المسك " هذه علامة سابعة ، وفيه حذف أي رائحة نجوه ، والنجو ما يخرج من ريح أو غائط ، وذلك لأنّ باطنه كظاهره طاهر مطهّر ، ممّا يوجب التأذّي والتنفّر منه.
قوله : " والأرض موكّلة بستره وابتلاعه " هذه علامة ثامنة ، وذلك إمّا لتشرّفها به ، كما شرب الحجّام دمه (صلى الله عليه وآله) للتشرّف والتبرّك ، أو لأنّه وإن لم يكن له رائحة إلاّ أنّ صورته كصورة نجو غيره ، ومشاهدة ذلك يوجب التنفّر منه في الجملة ، فأمرت الأرض بابتلاعه إكراماً له (عليه السلام) " (2) .
ونحن بغضّ النظر عن سند الرواية نقول : إنّ متن الرواية لا منافاة فيه ، لما دلّ الدليل عليه من الأدلّة العقليّة من وجوب اتصاف الإمام المنصوب من قبل الله سبحانه بأفضل الصفات وأعلاها ، وأن لا يكون فيه ما هو منفرّاً للناس ، سواء كان ذلك بالطباع أو بالتكوين ، لأنّه يعدّ نقضاً لغرض تنصيبه من قبل الله سبحانه .
وأيضاً قد دلّت الأدلّة المتضافرة في كتب الفريقين : أنّ الأئمّة (عليهم السلام) قد خُلقوا من طينة رسول الله (صلى الله عليه وآله) النورانية ، وأنّ طباعهم طباعه ، وسنخهم سنخه .
روى الشيخ الصدوق (قدس سره) بسنده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : " إنّ رسول
____________
1- الكافي 1 / 388 .
2- شرح أُصول الكافي 6 / 392 .
|
الصفحة 445 |
|
الله (صلى الله عليه وآله) خطبنا ذات يوم ، فقال : أيّها الناس إنّه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة ، ... ثمّ بكى .
فقلت : يا رسول الله ، ما يبكيك ؟ فقال : يا علي أبكي لما يستحلّ منك في هذا الشهر ، كأنّي بك وأنت تصلّي لربّك ، وقد انبعث أشقى الأوّلين والآخرين ، شقيق عاقر ناقة ثمود ، فضربك ضربة على قرنك ، فخضبت منها لحيتك .
فقلت : يا رسول الله وذلك في سلامة من ديني ؟ فقال : في سلامة من دينك .
ثمّ قال (صلى الله عليه وآله) : يا علي من قتلك فقد قتلني ، ومن أبغضك فقد أبغضني ، ومن سبّك فقد سبّني لأنّك منّي كنفسي ، روحك من روحي ، وطينتك من طينتي ، إنّ الله تبارك وتعالى خلقني وإيّاك ، واصطفاني وإيّاك ، واختارني في النبوّة واختارك في الإمامة ، فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوّتي " (1) .
عن ابن عباس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " من سرّه أن يحيا حياتي ويموت مماتي ، ويسكن جنّة عدن التي غرسها ربّي ، فليوال علياً من بعدي ، وليوال وليه ، وليقتد بالأئمّة من بعدي ، فإنّهم عترتي ، خُلقوا من طينتي ، رزقوا فهمي وعلمي ، ويل للمكذّبين بفضلهم من أُمّتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي " (2) .
وإذا علمنا هذا ، أي أنّ الأئمّة (عليهم السلام) خُلقوا من طينة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهي طينة نورانية ذات سنخ ملكوتيّ خاصّ ، كما أثبتت ذلك الروايات المتقدّمة وغيرها .
وعلمنا من الحوادث أنّ هناك من شرب دم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وقال له النبيّ (صلى الله عليه وآله) : " لا تمسّك النار " (3) .
وبعضهم شرب بول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد قال لشاربه ـ وكانت امرأة تخدم أُمّ حبيبة جاءت معها من الحبشة ـ : " صحّة يا أُمّ يوسف " (4) .
وأيضاً أخرج سعيد بن منصور من طريق عمر بن السائب : أنّه بلغه أنّ
____________
1- الأمالي للشيخ الصدوق : 155 .
2- كنز العمّال 12 / 103 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 240 ، ينابيع المودّة 1 / 379 ، حلية الأولياء 1 / 128 .
3- سنن الدارقطنيّ 1 / 234، كنز العمّال 13 / 469 و 472، تاريخ مدينة دمشق 20 / 233 و 28 / 162، الإصابة 4 / 81 ، البداية والنهاية 8 / 368 و 377، سبل الهدى والرشاد 10 / 455 .
4- نيل الأوطار 1 / 106 ، سبل الهدى والرشاد 10 / 455 ، تلخيص الحبير 1 / 182 .
|
الصفحة 446 |
|
مالكاً والد أبي سعيد الخدريّ لمّا جرح النبيّ (صلى الله عليه وآله) مصّ جرحه حتّى أنقاه ولاح أبيض ، فقيل له : مجّه ، فقال : لا والله لا أمجّه أبداً ، ثمّ أدبر فقاتل .
فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : " من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنّة ، فلينظر إلى هذا " ، فاستشهد (1) .
نقول : فأيّ ضير بمن يكون من طينة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن تكون له تلك المزايا والصفات في فضلات جسمه ، كما لرسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد أن كانت الإمامة بالجعل الإلهيّ هي الامتداد الطبيعي للرسالة شكلاً ومضموناً من حيث صيانة التبليغ والحفاظ عليه ، كما يشير إليه الحديث الشريف الوارد عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) : " في كلّ خلف من أُمّتي عدول من أهل بيتي ، ينفون عن هذا الدين تحريف الضالّين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، ألا وإن أئمّتكم وفدكم إلى الله ، فانظروا من تفدون " (2) .
____________
1- تلخيص الحبير 1 / 181 .
2- الصواعق المحرقة 2 / 441 .
|
الصفحة 447 |
|
( أبو يحيى درويش . اليمن . 24 سنة . طالب كليّة الشريعة )
السؤال : هل من طريق إلى معرفة السرّ في تسمية أهل السنّة والجماعة بهذا الاسم ؟ وما الدليل ؟
الجواب : هي تسمية أطلقتها المذاهب الإسلامية الأُخرى على نفسها ، تمييزاً عن شيعة أهل البيت (عليهم السلام) ، فالحديث المروي والمتواتر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما فلن تضلّوا بعدي أبداً " ، فيه دلالة صريحة على وجوب تبعية أهل البيت (عليهم السلام) ، فهم مع كونهم يروون الحديث متواتراً ، إلاّ أنّهم حرّفوه إلى سنّتي بدل عترتي ، وقالوا : نحن أتباع سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ولسنا اتباع أحدٍ من عترته ، وبذلك عرفوا بأهل السنّة والجماعة ، تمييزاً عن أتباع العترة ـ وهم شيعة أهل البيت ومواليهم ـ وهكذا صار هذا المصطلح متعارفاً في أدب المذاهب الإسلامية الأُخرى .
( ... . ... . ... )