تعقيب حول الموضوع :
عند اطلاعي على الأسئلة العقائديّة في الأسماء المركّبة ، مثل عبد الحسين، وعبد النبيّ وما شابهها من الأسماء ، التي هي صفة لأسماء شيعة أهل البيت (عليهم السلام) ، أُودّ أن أذكر قول لا يختلف عليه مسلم ، وهو ردّ لا يستطع أيّ شخص التشكيك فيه ، فقد ورد أنّه في غزوة حنين ، وبعد أن اشتدّ الوطيس ، وهرب من هرب من المسلمين ، وقف رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول :
أنــا النـبـيّ لا كــذب |
أنــا ابـن عبــد المـطّـلــب |
ومن المعلوم أنّ سيّد الموحّدين هو الرسول (صلى الله عليه وآله) ، ولو كان المقصود بعبد المطّلب اسم يدلّ على الشرك ، لكان من الأُولى أن يقول غير ذلك ، ومنه نستدلّ أنّ التسمية بعبد لأيّ اسم لا تعني العبودية للمسمّى ، وأنّ العبودية لله ليست مرتبطة باسم ، وإنّما هي مرتبطة بفعل وإيمان ، ولهذا فالرسول الأعظم هو أفضل من عبد الله ، وهو أفضل عبيد الله ، ولهذا قرن باسمه الشريف محمّد عبده ورسوله .
ولعلّ التسمية بعبد ملحقة بأحد الأسماء ، التي هي أفضل من وحّد الله تذكّر دائماً بالتوحيد والإخلاص لله من المسمّى والمنادي .
|
الصفحة 167 |
|
( السيّد مهدي . إيران . ... )
السؤال : هل علي بن أبي طالب أفضل من كلّ الأنبياء ؟
الجواب : يمكن الاستدلال لتفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام) على الأنبياء (عليهم السلام) بوجوه كثيرة ، منها :
الوجه الأوّل : مسألة المساواة بين أمير المؤمنين (عليه السلام) والنبيّ (صلى الله عليه وآله) .
نستدلّ لذلك بالكتاب أوّلاً، بآية المباهلة ، حيث يدلّ قوله تعالى : { وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ } (1) على المساواة ، وليس المراد بقوله : { وَأَنفُسَنَا } نفس النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، لأنّ الإنسان لا يدعو نفسه ، بل المراد به غيره ، وأجمعوا على أنّ ذلك الغير ، كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
فدلّت الآية على أنّ نفس علي هي نفس النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ولا يمكن أن يكون المراد منه أنّ هذه النفس هي عين تلك النفس ، فالمراد أنّ هذه النفس مثل تلك النفس ، وذلك يقتضي الاستواء في جميع الوجوه ، إلاّ في النبوّة والأفضلية ، لقيام الدلائل على أنّ محمّداً كان نبيّاً ، وما كان علي كذلك ، ولانعقاد الإجماع على أنّ محمّداً كان أفضل من علي ، فيبقى فيما وراءه معمولاً به .
ثمّ الإجماع دلّ على أنّ محمّداً (صلى الله عليه وآله) كان أفضل من سائر الأنبياء (عليهم السلام) ، فيلزم أن يكون علي (عليه السلام) أفضل من سائر الأنبياء .
وأمّا المساواة بين أمير المؤمنين والنبيّ من السنّة ، فهناك أدلّة كثيرة ،
____________
1- آل عمران : 61 .
|
الصفحة 168 |
|
وأحاديث صحيحة معتبرة ، متّفق عليها بين الطرفين ، صريحة في هذا المعنى ـ أي في أنّ أمير المؤمنين والنبيّ متساويان ـ إلاّ في النبوّة والأفضلية .
من تلك الأحاديث ، حديث النور : ( كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله تعالى، قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلمّا خلق الله آدم قسّم ذلك النور جزأين ، فجزء أنا ، وجزء علي بن أبي طالب ) (1) .
فهما مخلوقان من نور واحد ، ولمّا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أفضل البشر مطلقاً، فعلي كذلك ، فهو أفضل من جميع الأنبياء .
الوجه الثاني : تشبيه أمير المؤمنين (عليه السلام) بالأنبياء السابقين .
ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله : ( من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى يحيى بن زكريا في زهده ، وإلى موسى ابن عمران في بطشه ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب ) (2) .
فهذا الحديث يدلّ على أفضلية أمير المؤمنين من الأنبياء السابقين ، بلحاظ أنّه قد اجتمعت فيه ما تفرّق في أُولئك من الصفات الحميدة ، ومن اجتمعت فيه الصفات المتفرّقة في جماعة ، يكون هذا الشخص الذي اجتمعت فيه تلك الصفات أفضل من تلك الجماعة .
الوجه الثالث : كون الإمام علي (عليه السلام) أحبّ الخلق إلى الله مطلقاً بعد النبيّ ، وهذا ما دلّ عليه حديث الطير : ( اللهم ائتني بأحبّ الخلق إليك ، يأكل معي هذا الطير ) (3) .
____________
1- نظم درر السمطين : 7 و 79 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 67 ، جواهر المطالب 1 / 61 ، ينابيع المودّة 1 / 47 و 2 / 307 ، لسان الميزان 2 / 229 .
2- تاريخ مدينة دمشق 42 / 313 ، مناقب الخوارزميّ : 83 .
3- الجامع الكبير 5 / 300 ، طبقات المحدّثين بأصبهان 3 / 454 ، البداية والنهاية 7 / 390 ، مناقب الخوارزميّ : 108 ، سبل الهدى والرشاد 7 / 191 ، ينابيع المودّة 2 / 150 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 130 ، أُسد الغابة 4 / 30 ، المعجم الأوسط 2 / 207 و 6 / 90 و 7 / 267 و 9 / 146 ، تاريخ بغداد 9 / 379 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 250 و 257 .
|
الصفحة 169 |
|
وإذا كان علي (عليه السلام) أفضل الخلق إلى الله تعالى ، فيكون أفضل من الأنبياء (عليهم السلام) .
( منار أحمد . السعودية . 26 سنة . طالب )
السؤال : أُريد ردّاً شافياً على تفضيل الإمام علي (عليه السلام) على أبي بكر وعمر ؟
الجواب : هناك روايات كثيرة عند الفريقين تدلّ على تفضيله (عليه السلام) عليهما ، أمّا ببيان مساواته لنفس النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، أو أنّه خير الخلق عند الله ، أو أنّه خير البشر وغيرها ، كما جاء في تفسير آية المباهلة عند أرباب التفسير .
ويكفي في المقام ما يشير إليه ابن أبي الحديد المعتزلي في مقدّمة شرحه لنهج البلاغة ، إذ يعترف بالصراحة بأفضلية الإمام (عليه السلام) عليهما ، وعلى غيرهما ، بعبارة : الحمد لله الذي قدّم المفضول على الأفضل ... .
وهو كما ترى !!
( أحمد . السعودية . ... )
السؤال : إلى السادة القائمين على مركز الأبحاث العقائديّة بقمّ المقدّسة .
لدّي سؤال ، أرجو الإجابة عليه : كيف يمكن أن نثبت عقلياً أفضلية الأئمّة (عليهم السلام) على جميع الأنبياء ، ماعدا أبو القاسم محمّد (صلى الله عليه وآله) ؟
الجواب : إنّ الدلالة العقلية تأتي بعد التفحّص والتدقيق في معنى الإمامة ، فإنّها ـ كما قرّر في محلّه ـ أعلى رتبة من النبوّة ، فالأئمّة (عليهم السلام) بما هم أئمّة يكونون أفضل من الأنبياء (عليهم السلام) ، ما عدا نبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله) ، فإنّه كان نبيّاً وإماماً في نفس الوقت ، وحتّى في مورد بعض الأنبياء (عليهم السلام) كإبراهيم (عليه السلام) ، فإنّ الإمامة لم تعط له في بادئ الأمر ، وهذا هو الفارق في تفضيل أئمّتنا (عليهم السلام) عليه ، إذ لم تكن هناك
|
الصفحة 170 |
|
حالة انتظارية ، أو تعليق بشرط في إعطاء الإمامة لأئمّتنا الاثني عشر (عليهم السلام) ، بخلاف منح إبراهيم (عليه السلام) هذه المكانة الرفيعة ، فإن الأمر قد حصل بعد ابتلاءات متعدّدة وصعبة ، { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا } (1) .
( حبيب . الدانمارك . سنّي . 20 سنة )
السؤال : من كلام الإمام الرضا (عليه السلام) : ( إنّ الإمامة خصَّ الله عزّ وجلّ بها إبراهيم الخليل (عليه السلام) بعد النبوّة والخلّة مرتبة ثالثة ، وفضيلة شرّفه بها ، وأشاد بها ذكره ، فقال : { إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا } (2) .
الشيعة كما أعلم تعتقد : بأنّ منزلة الأئمّة أفضل من منزلة الأنبياء جميعاً ، سوى نبيّنا محمّد (صلى الله عليه وآله) .
وعلى سبيل المثال : فعلي (رضي الله عنه) أفضل عند الشيعة من إبراهيم (عليه السلام) ، والإشكال الذي لدي هو : الإمام الرضا ذكر ثلاث مراتب لنبيّ الله إبراهيم (عليه السلام) وهي : الإمامة ، النبوّة ، والخلّة ، وعلي (رضي الله عنه) أثبتم له مرتبة الإمامة فقط ، فكيف يكون أفضل منه ؟
فنحن نجد أنّ ما عند علي عند إبراهيم ، ويفضل إبراهيم (عليه السلام) بالنبوّة والخلّة ، فأيّهما أحقّ بالفضل والعلوّ ؟
الجواب : أمّا إشكالك حول أفضلية أئمّتنا (عليهم السلام) على إبراهيم الخليل (عليه السلام) ، مع أنّه إمام كما هم أئمّة ، ويزيد عليهم بفضائل أُخرى كالنبوّة والرسالة والخلّة ، حتّى مع التسليم بأفضلية الإمامة على ما سواها من مراتب وفضائل وخصائص ، فنقول :
____________
1- البقرة : 124 .
2- الكافي 1 / 199 ، البقرة : 124 .
|
الصفحة 171 |
|
1ـ إن سلّمت بأفضلية الإمامة على ما سواها ، فقد كفيتنا المؤنة في إثبات ذلك ، وقطعنا نصف الطريق للوصول إلى النتيجة .
2ـ إن جمعك لمراتب وفضائل إبراهيم (عليه السلام) وجعلها ثلاثة أو أربعة في قبال فضائل أمير المؤمنين التي جعلتها واحدة فقط وهي الإمامة ، فهذا لعدم فهمك لحقيقة الفضائل والصفات ، لأنّك إن سلّمت بأفضلية مرتبة الإمامة على سواها، فيجب عليك أن لا تعود إلى مرتبة أدنى منها وتثبتها في عرض الإمامة ، ثمّ تقول : اجتمعت أكثر من مرتبة وأكثر من فضيلة لإبراهيم (عليه السلام) دون علي (عليه السلام) فهذا باطل ، لأنّ المراتب التي ذكرناها وسلّمت أنت بتفاوتها وتفاضلها هي مراتب طولية لا عرضية حتّى تجمع .
فالمراتب الطولية تكون فيها المرتبة العليا أسمى وأعلى مرتبة من المرتبة الأدنى ، حتّى مع التغاير في السنخ والحقيقة ، كما هو الحال بين الحياة الدنيا والآخرة ، فإنّ الآخرة بالتأكيد هي الدار الحقيقيّة ، وهي الأعلى مرتبة وأجلّ وأسمى من الدنيا ، مع أنّها لا تحتوي على مرتبة الدنيا معها ، ولا شيء من سنخ وحقيقة هذه الدنيا موجود هناك ، بل هو عالم آخر مختلف تماماً عن هذه الدنيا ، ويكون أفضل وأعلى مرتبة منها .
فكذلك الشأن في الإمامة ، فهي مرتبة أعلى وأسمى وأرقى من النبوّة والرسالة ، فلا يجب على الإمام أن يكون نبيّاً أو رسولاً ، وكذلك لا يلزم أن يكون النبيّ أو الرسول أفضل من الإمام لو كان إماماً أيضاً ، ناهيك عن عدم كونه إماماً أيضاً ، لماذا ؟
لأنّنا نقول وبوضوح : إذا سلّمنا أنّ مرتبة الإمامة أعلى من النبوّة أو الرسالة ، فإنّنا نعتقد أنّ الإمامة أيضاً لها درجات ومراتب مختلفة ومتفاوتة ، كما ثبت ذلك للأنبياء والرسل بنصّ القرآن الكريم ، كقوله تعالى : { تِلْكَ
|
الصفحة 172 |
|
الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ } (1) ، وكذلك قوله تعالى : { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ } (2) .
فالتفضيل ثابت بين الناس وبين المؤمنين ، وحتّى في الطعام { وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ } (3) .
فثبت أنّ الأئمّة أيضاً ليسوا في درجة واحدة قطعاً .
3ـ إنّ الدين الإسلاميّ أفضل الأديان وأكملها وأسماها وهو خاتم الديانات، وأعلى مرتبة يمكن أن يصل إليها الإنسان في مراتب سموّه ووصوله إلى الرفيق الأعلى والحضرة المقدّسة ، ففيه يصل الإنسان إلى مرتبة الكمال التي لم يصل إليها أحد من المتقدّمين عليه مهما كان ، وإلاّ فما الداعي لكونه خاتم الأديان وأكملها وأفضلها ؟ وأنّ الأنبياء لو بعثوا لما وسعهم إلاّ أن يتبعوا ويعتنقوا الإسلام .
إذاً يوجد في الإسلام ـ من مقتضي الكمال ـ ما لا يوجد في دين سواه ، بناءً على التدرّج والارتقاء والكمال في مسيرة الأديان ، وهذا ممّا لا خلاف فيه بين أحد من أهل الإسلام .
4ـ إنّه ثبت من الفضائل لأهل البيت (عليهم السلام) ما لم يثبت لغيرهم .
فمثلاً : علوم أهل البيت كانت وراثة من النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، والنبيّ عنده كلّ علوم الأوّلين والآخرين ، فهم بالتالي عندهم العلوم الكاملة ، وعندهم علم الكتاب، كما وصفهم بذلك سبحانه وتعالى .
وأنّهم نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وخاتم رسل الله ، وأفضل خلق الله ، وقد أوضح ذلك القرآن بقوله تعالى على لسان رسوله (صلى الله عليه وآله) : { وَأَنفُسَنَا } (4) فدعا عليّاً
____________
1- البقرة : 253 .
2- الإسراء : 55 .
3- الرعد : 4 .
4- آل عمران : 61 .
|
الصفحة 173 |
|
وحده ، وسمّاه نفسه بنصّ الكتاب العزيز .
وكذلك ما رواه أصحاب الصحاح عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) كان يقول مراراً وتكراراً : ( إنّ عليّاً منّي وأنا منه ) و : ( حسين منّي وأنا من حسين ) و : ( فاطمة بضعة منّي ) .
وقال في حقّهم جميعاً : ( الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ، وأبوهما أفضل منهما ، وأُمّهما سيّدة نساء أهل الجنّة ) ، وصحّحه الألبانيّ في سلسلته الصحيحة .
فكلّ ذلك يدلّ على أفضليتهم على من سواهم من المسلمين ، ومن الأُمم السابقة .
5ـ لو سلّمنا معكم جدلاً بعدم الأفضلية في الدنيا ، فنقول : إنّهم بالآخرة أفضل من غيرهم ، وهم في درجة ومنزلة رسول الله (صلى الله عليه وآله) تفضّلاً من الله تعالى ، لقوله : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ } (1) .
فهذه الآية الكريمة تنصّ على إلحاق ذرّية المؤمن وأهل بيته به في مقامه في الجنّة ، إلاّ أن تقولوا بعدم شمولها للنبيّ (صلى الله عليه وآله) وخروجه من هذا العموم ، كما في قضية الإرث .
( عادل . البحرين . 21 سنة . طالب الثانوي )