ادعاء التواتر في فضلهم يحتاج إلى إثبات :
السؤال : قد قرأت في أحد الكتب السنية رواية ، مفادها بأنّ النبيّ كان يحبّ أبا بكر وعمر ، ويقول الكاتب : بأنّ الرواية متواترة ، فماذا تقولون ؟
الجواب : ادعاء التواتر شيء ، وإثباته شيء آخر ، ومعنى التواتر كما هو واضح لدى جميع المسلمين هو : اتفاق جماعة على خبر لا يحتمل تواطؤهم على الكذب ، وهذا يشترط في جميع طبقات الأسانيد ، يعني : كلّ طبقة في السند لابدّ أن تكون متواترة ، حتّى يصدق على الخبر أنّه متواتر .
فإثبات أنّ الخبر الفلاني متواتر عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ليس بهذه السهولة ، أضف إلى ذلك ، فإنّ علماء الرجال ألّفوا الكتب الكثيرة في الموضوعات ، وذكروا الكثير ممّا روي في فضائل أبي بكر وعمر وعثمان من الموضوعات ، فلا يمكن إثبات صحّتها ، فضلاً عن إثبات تواترها .
( خالد علي . الإمارات . سنّي )
السؤال : ما قولكم في الصحابة أبو بكر الصدّيق وعمر بن الخطّاب ؟
الجواب : علينا أن نتّبع العقل وما يؤدّي إليه العقل ، بالاعتماد على الأدلّة ، فنقول : أصل الاختلاف بعد وفاة الرسول المصطفى (صلى الله عليه وآله) في الإمامة والخلافة :
فقالت الشيعة : إنّ الإمامة بالنصّ ، حيث وردت نصوص قرآنية وأحاديث نبوية على إمامة علي (عليه السلام) كما في آية الولاية ، وآية التطهير ، وآية المباهلة ، وفي حديث الغدير ، وحديث الدار ، وحديث الولاية ، وحديث الثقلين ، وحديث الطير ، وحديث المنزلة .
وهذا هو أصل الاختلاف ، فالشيعة التي تقول : بأنّ الإمامة والخلافة بعد
|
الصفحة 417 |
|
رسول الله بالنصّ ، يعني : نصّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أنّ الخليفة بعده ، هو علي ابن أبي طالب (عليه السلام) ، فبالله عليك ماذا يكون حكم المتقدّم على أمير المؤمنين علي ؟!
فعليك أن تبحث لتصل إلى حقيقة الأمر ، ولا ندعوك إلى اعتناق التشيّع ، وإنّما ندعوك للبحث والتحقيق في الأُمور ، ومن ثمّ الاعتقاد بما تتوصّل إليه ، بشرط أن تترك التعصّب ، وتنظر في الموروث بعين الإنصاف .
وأختم كلامي بذكر حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، حيث قال لفاطمة (عليها السلام) : ( فاطمة بضعة منّي ، فمن أغضبها أغضبني ) (1) .
وقد استدلّ السهيلي بهذا الحديث على أنّ من سبّ فاطمة كفر ، لأنّه يغضبه (صلى الله عليه وآله) ، وأنّها أفضل من الشيخين (2) .
وروى البخاريّ : ( أنّ فاطمة غضبت على أبي بكر فهجرته ، فلم تزل مهاجرته حتّى توفّيت ) (3) .
وروى البخاريّ أيضاً : ( أنّ فاطمة وجدت على أبي بكر فهجرته ، فلم تكلّمه حتّى توفّيت ) (4) .
وروى الترمذيّ : ( أنّ فاطمة قالت لأبي بكر وعمر : والله لا أكلّمكما أبداً ، فماتت ولا تكلّمهما ) (5) .
وروى ابن قتيبة : ( فقال عمر لأبي بكر : انطلق بنا إلى فاطمة ، فإنّا قد
____________
1- صحيح البخاريّ 4 / 210 ، ذخائر العقبى : 37 ، فتح الباري 7 / 63 ، المصنّف لابن أبي شيبة 7 / 526 ، الآحاد والمثاني 5 / 361 ، نظم درر السمطين : 176 ، الجامع الصغير 2 / 208 ، كنز العمّال 12 / 108 و 112 ، سبل الهدى والرشاد 11 / 444 ، ينابيع المودّة 2 / 52 و 73 و 79 و 97 و 322 .
2- فيض القدير 4 / 554 .
3- صحيح البخاريّ 4 / 42 .
4- المصدر السابق 5 / 82 .
5- الجامع الكبير 3 / 255 .
|
الصفحة 418 |
|
أغضبناها ، فانطلقا جميعاً ، فاستأذنا على فاطمة ، فلم تأذن لهما ، فأتيا عليّاً فكلّماه ، فأدخلهما عليها ، فلمّا قعدا عندها ، حوّلت وجهها إلى الحائط ، فسلّما عليها ، فلم ترد عليهما السلام ... فقالت : ( أرأيتكما إن حدّثتكما حديثاً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تعرفانه وتفعلان به ) ؟ قالا : نعم .
فقالت : ( نشدتكما الله ، ألم تسمعا رسول الله يقول : رضا فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني ، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني ) ؟ قالا : نعم ، سمعناه من رسول الله ، قالت : ( فإنّي أشهد الله وملائكته أنّكما أسخطتماني ، وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النبيّ لاشكونّكما إليه ) .
فقال أبو بكر : أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة ، ثمّ انتحب أبو بكر يبكي حتّى كادت نفسه أن تزهق ، وهي تقول : ( والله لأدعون الله عليك في كلّ صلاة أصليها ) ، ثمّ خرج باكياً ، فاجتمع إليه الناس ، فقال لهم : يبيت كلّ رجل منكم معانقاً حليلته ، مسروراً بأهله ، وتركتموني وما أنا فيه ، لا حاجة لي في بيعتكم ، أقيلوني بيعتي ... ) (1) .
وقال الله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا } (2) .
( كُميل . الكويت . ... )
السؤال : بوركت جهودكم في دحض افتراءات ( القوم ) ، ووفّقكم الله دوماً وأبداً ، لنصرة أهل بيت النبوّة .
أمّا بعد ، أرجو من سماحتكم إدراج معلومات حول أُمّهات كلّ من الخلفاء
____________
1- الإمامة والسياسة 1 / 31 .
2- الأحزاب : 57 .
|
الصفحة 419 |
|
الثلاثة ـ أبو بكر وعمر وعثمان ـ وأنسابهم من الكتب المعتمدة لدى أهل السنّة ، حتّى نكون على بيّنة من أشخاصهم .
الجواب : أمّا أبو بكر ، فأسرته لم تكن من الأُسر الشريفة في قريش ، قال ابن الأثير ـ في حديث أبي بكر والنسّابة : إنّك من زمعات قريش ـ : ( الزمعة بالتحريك : التلعة الصغيرة : أي لست من أشرافهم ) (1) .
وقال الجوهري : ( والزمع : رذال الناس وسفلتهم ) (2) .
وفي شرح نهج البلاغة : ( لمّا بويع أبو بكر ، جاء أبو سفيان إلى علي ، فقال : أغلبكم على هذا الأمر أذلّ بيت من قريش وأقلّها ) (3) .
وفي شرح نهج البلاغة أيضاً : ( أنّ أبا بكر قال في الجاهلية لقيس بن عاصم المنقري : ما حملك على أن وأدت ؟ قال : مخافة أن يخلف عليهن مثلك ) (4) .
وفي إلزام النواصب : ( أجمع أهل السير : أنّ أبا قحافة كان أجيراً لليهود يعلّم أولادهم ، وقد تعجّب أبوه ـ أبو قحافة ـ يوم بويع ابنه ـ أبو بكر ـ للخلافة ، فقال : كيف ارتضت الناس بابني مع حضور بني هاشم ؟!
قالوا : لأنّه أكبر الصحابة سنّاً ، فقال : والله أنا أكبر منه ) (5)
وأمّا عمر : فقد قال ابن كثير : ( وكان الخطّاب والد عمر بن الخطّاب ، عمّه وأخاه لأُمّه ، وذلك لأنّ عمرو بن نفيل كان قد خلف على امرأة أبيه بعد أبيه ، وكان لها من نفيل أخوه الخطّاب ) (6) .
روي عن أنس أنّه قال : ( خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو غضبان ، فخطب الناس ، فقال : لا تسألوني عن شيء اليوم إلاّ أخبرتكم به ، ونحن نرى أنّ جبرائيل معه ... فقال عمر : يا رسول الله إنّا كنّا حديثي عهد بجاهلية ، فلا تبد علينا سوآتنا ، فاعف عنّا عفا الله عنك ) (7) .
وفي النهاية : ( في حديث خزيمة : كان عمر في الجاهلية مبرطشاً ، وهو السعي بين البائع والمشتري ، شبه الدلاّل ) (8) .
وفي الإصابة : ( خرج عمر من المسجد ومعه الجارود العبدي ، فإذا بامرأة برزت على ظهر الطريق ، فسلّم عليها عمر ، فردّت عليه وقالت : هيهاً يا عمر ، عهدتُك وأنت تسمّى عميراً في سوق عكّاظ ، تروّع الصبيان بعصاك ، فلم تذهب الأيّام حتّى سمّيت عمر !! ثمّ لم تذهب الأيّام حتّى سمّيت أمير المؤمنين !! فاتق الله في الرعية ... ) (9) .
وروى هاشم بن محمّد بن السائب الكلبي ـ أحد علماء أهل السنّة ـ في كتابه المثالب ، قال : ( كانت صهاك أمة حبشية لهاشم بن عبد مناف ، ثمّ وقع عليها عبد العزّى بن رياح ، فجاءت بنفيل جدّ عمر بن الخطّاب ) (10) .
وروى الحافظ أبو نعيم عن الضحّاك قال : ( قال عمر : يا ليتني كنتُ كبش أهلي ، يسمّنوني ما بدا لهم ، حتّى إذا كنت أسمن ما أكون ، زارهم بعض من يحبّون ، فجعلوا بعضي شواء ، وبعضي قديداً ، ثمّ أكلوني ، فأخرجوني عذرة ، ولم أك بشراً ) (11) .
وأمّا عثمان : ( فروى مؤلّف كتاب إلزام النواصب ، عن هشام بن محمّد
____________
1- النهاية في غريب الحديث والأثر 2 / 313 .
2- الصحاح 3 / 1226 .
3- شرح نهج البلاغة 6 / 40 .
4- المصدر السابق 13 / 177 .
5- إلزام النواصب : 97 نسخة خطّية .
6- السيرة النبويّة لابن كثير 1 / 153 ، البداية والنهاية 2 / 296 .
7- مجمع الزوائد 7 / 188 ، المصنّف لابن أبي شيبة 7 / 438 ، مسند أبي يعلى 6 / 361 .
8- النهاية في غريب الحديث والأثر 1 / 119 .
9- الإصابة 8 / 115 ، تاريخ المدينة 2 / 394 و 774 .
10- الطرائف : 469 عن المثالب .
11- حلية الأولياء 1 / 88 .
|
الصفحة 420 |
|
السائب الكلبي ، أنّه قال : ومّمن كان يلعب به ويُفتحل ، عفّان أبو عثمان ) (1) .
قال الشهرستاني : ( ووقعت في زمانه ـ عثمان ـ اختلافات كثيرة ، وأخذوا عليه أحداثاً كلّها محالة على بني أُمية .
منها : ردّه الحكم بن أُمية إلى المدينة ، بعد أن طرده رسول الله (صلى الله عليه وآله) .... .
ومنها : نفيه أبا ذر إلى الربذة ، وتزويجه مروان بن الحكم بنته ، وتسليمه خمس غنائم أفريقية له ، وقد بلغت مائتي ألف دينار .
ومنها : إيواؤه عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، وكان رضيعه ، بعد أن أهدر النبيّ دمّه ، وتوليته إيّاه مصر بأعماله ... ) (2) .
( أبو حسن . السعودية . ... )