معنى { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ } :
السؤال : ما معنى قولـه تعالى : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ }؟
الجواب : جاء في تفسير مجمع البيان : " وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ (1) أي : استخرج آراءهم ، واعلم ما عندهم .
واختلفوا في فائدة مشاورته (صلى الله عليه وآله) إيّاهم ـ مع استغنائه بالوحي عن تعرّف صواب الرأي من العباد ـ على أقوال :
أحدها : إنّ ذلك على وجه التطييب لنفوسهم ، والتآلف لهم ، والرفع من أقدارهم ، ليبيّن أنّهم ممّن يوثق بأقوالهم ، ويرجع إلى آرائهم ، عن قتادة والربيع وابن إسحاق .
وثانيها : إنّ ذلك لتقتدي به أمّته في المشاورة ، ولم يروها نقيصة ، كما مدحوا بأنّ أمرهم شورى بينهم ، عن سفيان بن عيينة .
وثالثها : إنّ ذلك ليمتحنهم بالمشاورة ، ليتميّز الناصح من الغاش .
ورابعها : إنّ ذلك في أُمور الدنيا ، ومكائد الحرب ، ولقاء العدو ، وفي مثل ذلك يجوز أن يستعين بآرائهم ، عن أبي علي الجبائي " (2) .
____________
1- آل عمران : 159 .
2- مجمع البيان 2 / 428 .
|
الصفحة 62 |
|
وعن ابن عباس بسند حسن : لمّا نزلت : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ } ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : { أما أنّ الله ورسوله لغنيان عنها ، ولكن جعلها الله رحمة لأمّتي ، فمن استشار منهم لم يعدم رشداً ، ومن تركها لم يعدم غيّاً } (1) .
إنّ هذه الرواية تفيد : أنّ استشارته (صلى الله عليه وآله) أصحابه لا قيمة لها على صعيد اتخاذ القرار ، لأنّ الله ورسوله غنيان عنها ، لأنّهما يعرفان صواب الآراء من خطئها ، فلا تزيدهما الاستشارة علماً ، ولا ترفع جهلاً ، وإنّما هي أمر تعليمي أخلاقي للأُمّة ... ، وإذا كانت الاستشارة أمراً تعليمياً أخلاقياً ، فلا محذور على الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) فيها (2) .
( أحمد . السعودية . ... )
ليست مشروعة في تعيين الخليفة :
السؤال : هل يمكن أن تكون الشورى بديلاً عن النصوص الواردة في تحديد الخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟
الجواب : لاشكّ أنّ الشورى لا تصلح أن تكون بديلاً عن النصوص القاطعة في خصوص إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وذلك لأنّ ترك النصوص واللجوء إلى الشورى يعدّ رأياً واجتهاداً في مقابل النصّ ، وهو بلاشكّ غير صحيح لقولـه تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِينًا } (3) .
____________
1- الدرّ المنثور 2 / 90 ، فيض القدير 5 / 565 ، فتح القدير 1 / 395 .
2- الصحيح من سيرة النبيّ 6 / 90 .
3- الأحزاب : 36 .
|
الصفحة 63 |
|
فالموقف النهائي والقول الفصل يعود إلى الله تعالى ورسوله لا إلى من سواهما ، وليس لأحد الامتناع أو المخالفة في ذلك ، إلاّ أن يخرج عن دائرة الإيمان ، وهذا حكم عامّ لا استثناء فيه حتّى في تلك الموارد التي رخّص الله تعالى لرسوله الكريم مشورة الناس فيها .
قال تعالى : { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } (1) .
فمدار القرار ومحوره عزم الرسول وإقدامه في تحديد أيّ موقف ، ولا رأي للناس في ذلك ، ولم تكن مشورتهم إلاّ لتطيب خواطرهم ، وإشعارهم بشخصيتهم في ميدان العمل والتطبيق ، مضافاً إلى ما للمشورة من تأثير على تمسّكهم بأوامر النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، والتزامهم بما ألزموا به أنفسهم ، خصوصاً في مواطن الشدّة كالحرب .
هذا ، وإنّ الشورى لم تتحقّق بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) في سقيفة بني ساعدة ، فقد حضرها مجموعة قليلة من الأنصار والمهاجرين ، ولم يكونوا يمثّلون جميع أهل الحلّ والعقد ، خصوصاً وأنّ علياً (عليه السلام) قد أبدى اعتراضه على ما جرى في السقيفة ورفض البيعة ، كما اعترض كبار الصحابة : كالمقداد ، وسلمان ، والزبير ، وعمّار ، وعبد الله بن مسعود ، وسعد بن عبادة ، والعباس ابن عبد المطلب ، وأُسامة بن زيد ، وأُبي بن كعب ، وعثمان بن حنيف .
ولو تنزّلنا وقلنا : حصلت الشورى في انتخاب الخليفة الأوّل ، لكنّها لم تحصل في الخليفة الثاني ، حيث تمّ تعيينه مباشرة ومن دون مشورة أحد .
____________
1- آل عمران : 159 .
|
الصفحة 64 |
|
وهكذا لم تحصل في الخليفة الثالث ، حيث إنّ عمر رشّح ستة أشخاص ، ووضع لهم طريقة خاصّة في انتخاب الخليفة ، كما ورد في كتب التاريخ (1) .
ثمّ لو كانت الشورى مشروعة في تعيين الخليفة لبيّنها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورفع الغموض عنها ، مع أنّه لم يؤثر عنه (صلى الله عليه وآله) شيء في هذا المجال .
وهل يعقل أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) لم يهتمّ في مسألة الحاكم الذي يليه ، بينما يكون غيره ـ كأبي بكر وعمر ـ أكثر حرصاً منه (صلى الله عليه وآله) فيقدما على الوصاية من بعدهما ، ولا يقدم نبي الرحمة على ذلك ؟
والخلاصة : حيث إنّه لم يؤثر عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه تحدّث عن الشورى كأسلوب في تعيين الخليفة من بعده ، فلابدّ من الرجوع إلى النصوص المأثورة عنه (صلى الله عليه وآله) والدالّة على تنصيب الإمام علي (عليه السلام) كخليفة المسلمين .
( ... . السعودية . ... )
السؤال : حاول المتجدّدون من متكلّمي أهل السنّة ، صب صيغة الحكومة الإسلامية على أساس المشورة بجعله بمنزلة الاستفتاء الشعبي ، واستدلّوا على ذلك بقولـه تعالى : { وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } (2) ، فما هو ردّكم ؟
الجواب : إنّ الآية الشريفة حثّت على الشورى فيما يمت إلى شؤون المؤمنين بصلة ، لا فيما هو خارج عن حوزة أُمورهم ، وكون تعيين الإمام داخلاً في أُمورهم فهو أوّل الكلام ، إذ لا ندري ـ على الفرض ـ هل هو من شؤونهم أو من شؤون الله سبحانه ؟ ولا ندري ، هل هي إمرة وولاية إلهية تتمّ بنصبه
____________
1- تاريخ الأُمم والملوك 3 / 295 ، تاريخ المدينة 3 / 924 .
2- الشورى : 38 .
|
الصفحة 65 |
|
سبحانه وتعيينه ، أو إمرة وولاية شعبية يجوز للناس التدخّل فيها ؟ فما لم يحرز تعيين الإمام أمر مربوط بالمؤمنين لم يجز التمسّك بعموم الآية في أنّها تشمل تعيين الإمام .
الشيعة :
( فاطمة السنّية . سنّية . 25 سنة . طالبة )
السؤال : أرجو منكم الردّ عليّ فوراً يا شيعة : سئل الإمام مالك عن الشيعة ، فقال : لا تكلّمهم ، ولا ترو عنهم ، فإنّهم يكذبون .
وقال الشافعي : ما رأيت أهل الأهواء قوم أشهد بالزور من الرافضة .
وقال شيخ الإسلام : لا توجد فرقة تقدّس الكذب سوى الرافضة .
الجواب : إنّ البحث عن الحقائق لا يُؤخذ هكذا ، ولا يكون بالحكم على الأشياء سلفاً دون الاعتماد على تقصّي الوقائع ، ودون اللجوء إلى استماع الأقاويل ، وتقليد الآخرين في حكمهم ، فإنّ الله غداً سائلنا عن كُلّ ما نقوله، فماذا نعتذر غداً إذا لم نملك حجّة نعتذر بها عند الله تعالى ؟
قال تعالى : { إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } (1)، نحن مسؤولون عن كُلّ صغيرة وكبيرة ، عن ظلمنا لشخص واحد ، فكيف بظلمنا لطائفةٍ من المسلمين ؟
علينا أن نبحث أوّلاً عن نشوء مصطلح الرافضة ، ومن هم ؟ فاصطلاح الرافضة ليس من الضروري أن يطلق على الشيعة ، إلاّ أنّ الأنظمة السياسية عزّزت من فكرة استخدام هذا المصطلح على الشيعة ، وقلّدهم الآخرون في
____________
1- الإسراء : 36 .
|
الصفحة 67 |
|
ذلك ، فأطلقوا هذا المصطلح على كُلّ شيعي ، من هنا نشكّك في دعوى انتساب هذا المصطلح إلى التشيّع ، ومنه يمكننا إلغاء كُلّ ما تدّعينه في حقّ شيعة أهل البيت (عليهم السلام) ، وتنسبين أقوال هؤلاء العلماء في حقّهم ، وهذا الكلام يؤيّده ما قاله إمام الشافعية :
إذا نحن فضّلنا علياً فإنّنا |
روافضُ بالتفضيل عند ذوي الجهلِ |
وقال كذلك :
إذا فـي مجلس ذكـروا علياً |
وسـبطيه فاطمـة الزكية |
يقال تجاوزوا يا قـوم هـذا |
فهذا من حديث الرافضـية |
برئت إلى المهيمن من أُناسٍ |
يرون الرفض حبّ الفاطمية |
وقال كذلك :
قالوا ترفّضـت قلت كلاّ |
ما الرفض ديني ولا اعتقادي |
لكن تولّيـت غير شـكّ |
خير إمـامٍ وخيـر هـادي |
إن كان حبّ الولي رفضاً |
فإنّنـي أرفض العبـادِ (1) |
وهكذا فرّق الشافعي بين مصطلح التشيّع الذي هو ولاء علي وأولاده (عليهم السلام) وبين مصطلح الرافضة الذي أطلقه النظام السياسي الحاكم على معارضيه ، ومن هنا فإنّ الذي تذكرينه عن الشافعي لا يستقيم .
أمّا ما تذكرينه عن مالك في حقّ الشيعة ، فلم يثبت في مصدر يعوّل عليه ، ولم تذكرين لنا المصدر الذي تأخذين هذا القول عنه ، ويستحيل أن ينسب مالك هذا الكلام لشيعة أهل البيت (عليهم السلام) .
____________
1- نظم درر السمطين : 111 .
|
الصفحة 68 |
|
واعلمي أنّ الشيعة لم يضعوا الحديث ، ولم يكذّبوا فيه ، فإنّهم كانوا تحت رقابةٍ مشدّدة من التعديلات الرجالية ، بحيث كان الرجاليون يترقّبون كُلّ من وضع الحديث ، أو كذّب فيه ، فيسقطونه عن الاعتبار ، وكانوا يتحرّجون في ذلك أشدّ التحرّج ، ولو كان قد صدر منهم كذب في حديث لوجدتِ أنّ الأنظمة الحاكمة قد جعلت ذلك ذريعة للتشهير بهم ، ومحاربتهم بحجّة وضع الحديث وكذبهم فيه .
إلاّ أنّنا نعلمك : أنّ آفة وضع الحديث قد امتاز بها غير الشيعة ، وشهد لذلك ابن حجر الهيثمي وغيره لهذه المشكلة فقال : " وقد اغتر قوم من الجهلة ، فوضعوا أحاديث الترغيب والترهيب وقالوا : نحن لم نكذب عليه ـ أي على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ بل فعلنا ذلك لتأييد شريعته ... " (1) .
وأخرج البخاري في تاريخه عن عمر بن صبح ـ وهو من رواة أهل السنّة ـ يقول : أنا وضعت خطبة النبيّ (صلى الله عليه وآله) (2) .
قيل لأبي عصمة : من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضل سور القرآن سورة سورة ؟ فقال : إنّي رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن ، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ، ومغازي ابن إسحاق ، فوصفت هذا الحديث حسبة (3) .
وهكذا ، فإنّ الوضع لم يكن عند الشيعة كما تذكرين ، بل هؤلاء علماء أهل السنّة يعترفون بمشكلة الوضع عند رواة أهل السنّة ، وهي مشكلة تعمّ الكثير من الأحاديث ، وعليكِ متابعة الموضوع من مصادره ، ليتبيّن لكِ الحقّ والواقع .
____________
1- فتح الباري 1 / 178 .
2- التاريخ الصغير 2 / 192 .
3- الجامع لأحكام القرآن 1 / 78 ، البرهان في علوم القرآن 1 / 432 .
|
الصفحة 69 |
|
نسأل الله تعالى أن يكشف لكِ الكثير من الحقائق لتقفين بنفسكِ على كثيرٍ من الأُمور .
( خالد . الجزائر . 27 سنة . التاسعة أساسي )
لقد قرأت سؤال الأُخت فاطمة السنّية ، حيث نقلت عن بعض النواصب : إنّ الشيعة يكذبون ، وأردت أن أبيّن الحقيقة لكُلّ من يطلبها ، وأبيّن من هم الكذّابين ؟ وأرجو منكم أن تنشروا هذه الفقرات تبياناً للحقيقة ، وخدمة لأهل البيت (عليهم السلام) .
فأقول بعد الصلاة على محمّد وآل محمّد :
1ـ قال ابن الأثير في تاريخه : " فلمّا مات زياد عزم معاوية على البيعة لابنه يزيد ... ، ثمّ كتب معاوية بعد ذلك إلى مروان بن الحكم ... ، فقام مروان فيهم وقال : إنّ أمير المؤمنين قد اختار لكم فلم يألُ ، وقد استخلف ابنه يزيد بعده .
فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال : كذبت والله يا مروان وكذب معاوية ! ما الخيار أردتما لأُمّة محمّد ، ولكنّكم تريدون أن تجعلوها هرقلية كلّما مات هرقل قام هرقل ... .
فسمعت عائشة مقالته فقامت من وراء الحجاب وقالت : يا مروان ... كذبت ! ... ولكنّك أنت فضض من لعنه نبي الله " (1) .
لكن البخاري ذكر الحديث في باب : " والذي قال لوالديه أُفّ لكما ، فقال : كان مروان على الحجاز استعمله معاوية ، فخطب وجعل يذكر يزيد لكي يبايع لـه بعد أبيه ، فقال لـه عبد الرحمن بن أبي بكر شيئاً ، فقال : خذوه ، فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه ، فقال مروان : إنّ هذا الذي أنزل الله فيه
____________
1- الكامل في التاريخ 3 / 506 .
|
الصفحة 70 |
|
: والذي قال لوالديه أُفّ لكما أتعدانني ، فقالت عائشة من وراء الحجاب : ما أنزل الله فينا شيئاً من القرآن إلاّ أنّ الله أنزل عذري " (1) .
لاحظوا جيّداً كيف حذف الشيخ البخاري كلام عبد الرحمن عندما قال : كذبت والله يا مروان وكذب معاوية ! ما الخيار أردتما لأُمّة محمّد ، ولكنّكم تريدون أن تجعلوها هرقلية كُلّما مات هرقل قام هرقل ، وأبدلـه بعبارة : فقال لـه عبد الرحمن بن أبي بكر شيئاً ، وحذف قول عائشة لمروان : يا مروان ... كذبت ! ... ولكنّك أنت فضض من لعنه نبي الله .
2ـ روى الطبري في تاريخه في وصف مرض النبيّ (صلى الله عليه وآله) : " عن عائشة قالت : فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين رجلين من أهله ، أحدهما الفضل بن العباس ورجل آخر ... ، قال عبيد الله : فحدّثت هذا الحديث عنها عبد الله بن عباس فقال : هل تدري من الرجل ؟ قلت : لا ، قال : علي بن أبي طالب ، ولكنّها كانت لا تقدر على أن تذكره بخير وهي تستطيع " (2) .
ورواه أيضاً ابن سعد في طبقاته (3) .
3ـ أخذ ابن هشام من سيرة ابن إسحاق برواية البكائي ، وقال في ذكر منهجه في أوّل الكتاب ، وتارك بعض ما أورده ابن إسحاق في هذا الكتاب ، وأشياء يشنع الحديث به ويسوء الناس ذكره ، وكان ممّا يسوء الناس ذكره ممّا حذف : خبر دعوة النبيّ بني عبد المطلب حينما نزلت { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } (4) .
فقد روى الطبري في تاريخه : أنّه بعد نزول هذه الآية دعا النبيّ بني عبد المطلب وقال لعلي : " إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا لـه
____________
1- صحيح البخاري 6 / 42 .
2- تاريخ الأُمم والملوك 2 / 433 .
3- الطبقات الكبرى 2 / 218 .
4- الشعراء : 213 .
|
الصفحة 71 |
|
وأطيعوا " (1) ، وقد تدارك الطبري أهمّية هذا الحديث ، فتدارك في تفسيره ما غفل عنه في تاريخه ، فلمّا أورد الحديث بنفس الإسناد في تفسير الآية قال : فقال النبيّ لعلي : " إنّ هذا أخي وكذا وكذا ، فاسمعوا لـه وأطيعوا " (2) .
وكذلك فعل ابن كثير في تاريخه وتفسيره ، حيث حذف كلمة : أخي ووصيي ، وأبدلها بعبارة : كذا وكذا ، وكذلك محمّد حسين هيكل حيث ذكر الحديث بتمامه في الطبعة الأُولى من كتابه حياة محمّد ، لكنّه حذفه في الطبعة الثانية .
4ـ أورد الطبري وابن الأثير في تاريخهما خطبة الإمام الحسين (عليه السلام) فقالوا : قال الحسين : " أمّا بعد ، فانسبوني فانظروا من أنا ، ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها ، فانظروا هل يحلّ لكم قتلي وانتهاك حرمتي ؟! ألست ابن بنت نبيّكم ، وابن وصيّه ، وابن عمّه " ؟! (3) .
لكن ابن كثير ذكر الخبر وحذف عبارة : وابن وصيه وابن عمّه ! (4) .
5ـ ابن تيمية الذي يتهمّ الشيعة بالكذب ، فحسبنا أنّه أنكر حديث من كنت مولاه فعلي مولاه (5) .
ويقول الشيخ الألباني : " فزعم ـ ابن تيمية ـ أنّه كذب ! وهذا من مبالغاته الناتجة في تقديري من تسرّعه في تضعيف الأحاديث قبل أن يجمع طرقها ويدقّق النظر فيها " (6) .
____________
1- تاريخ الأُمم والملوك 2 / 63 .
2- جامع البيان 19 / 149 .
3- تاريخ الأُمم والملوك 4 / 322 ، الكامل في التاريخ 4 / 61 .
4- البداية والنهاية 8 / 193 .
5- منهاج السنّة 7 / 319 .
6- سلسلة الأحاديث الصحيحة 4 / 344 .
|
الصفحة 72 |
|
وبهذه الأمثلة من كتب أهل السنّة يتبيّن للأخوة القرّاء عامّة ، وللأخت فاطمة خاصّة ، من هم الكذّابين الحقّيقيين ؟!
وإنّ ما نسب للشيعة وعلمائنا الكبار أنّه محض افتراء ، وفي هذا بيان كافّ إن شاء الله تعالى .
( خالد . الجزائر . 27 سنة . التاسعة أساسي )